التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

احتمال هش لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب 

بالتوازي مع الإشارات المتزايدة لاتجاه الحكومة التركية لاختيار طريق الدبلوماسية مع دمشق في الأسابيع الأخيرة، ازدادت أيضًا صراعات وتحركات القوات العسكرية في إدلب، باعتبارها آخر معقل متبقٍ في أيدي الإرهابيين المدعومين من دول أجنبية في شمال غرب سوريا.

في الأيام الأخيرة فقط، أفادت مصادر إعلامية بقصف المقاتلات الروسية لمواقع الإرهابيين في إدلب عدة مرات. وحسب تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش السورية في 22 آب/أغسطس، شن الطيران الحربي الروسي عدة غارات جوية في الريف الغربي لمدينة إدلب، استهدفت مواقع عسكرية للإرهابيين.

كما نقل موقع المونيتور عن مصادره قولها، إن طائرات روسية من طراز سوخوي 34 استهدفت الريف الغربي لمدينة إدلب، في العاشر من سبتمبر 13 مرة.

وفي هذا الصدد، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية(سانا) عن نائب رئيس مركز التنسيق العسكري الروسي في حميميم بسوريا قوله: “في الثامن من الشهر الجاري، قُتل 20 قياديًا في جماعة جبهة النصرة الإرهابية، ودُمرت نقاط المراقبة والطائرات المسيرة وراجمات الصواريخ، في عملية استهدفت ثكنة الإرهابيين في منطقة الشيخ يوسف بمحافظة إدلب.”

وأضافت: في هذه الغارة قتل “سراج الدين مختاروف” الملقب بـ “أبو صلوح” قائد كتيبة “التوحيد والجهاد” في جبهة النصرة، إلى جانب عدد آخر من قادة هذه المجموعة الإرهابية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، مساء الخميس الماضي، استهدافها وتدميرها لمعسكر جبهة النصرة في محافظة إدلب بالكامل، بغارة جوية أسفرت عن مقتل 120 إرهابياً. وكانت هذه الضربات الجوية واحدةً من أعنف الهجمات على الإرهابيين في إدلب، منذ بداية العمليات العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا.

وجاءت الضربات الجوية الروسية الجديدة بعد أن انتهك إرهابيو جبهة النصرة وقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد شمال شرقي سوريا، من خلال هجومين بالمدفعية على إدلب واللاذقية منتصف الأسبوع الماضي. وأسفر هذا القصف المدفعي عن مقتل جندي سوري وإصابة جنديين آخرين.

إرهابيو جبهة النصرة، وفي هذا الهجوم المدفعي من قرية كنصفرة في محافظة إدلب، استهدفوا مواقع للجيش السوري في مدينة كفرنبل.

صمت تركيا وقلق الإرهابيين من تحرکات أردوغان

خلال الاجتماع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي في مايو 2017، تقرر إنشاء أربع مناطق خفض تصعيد في سوريا. وكانت إدلب واحدةً من هذه المناطق.

خلال الفترة التي انقضت منذ هذا الاتفاق، وعلى الرغم من التزاماتها، لم تستطع أنقرة التمييز بين ما تسمى المجموعات المعتدلة التي تدعمها والجماعات الإرهابية لدى الأمم المتحدة، مثل هيئة تحرير الشام، وتوفير الأرضية اللازمة لقمع الإرهابيين.

والآن، وبسبب فشل السياسات السابقة وضرورة تغيير النهج تجاه التطورات في سوريا، وميل حكومة أردوغان إلى فتح باب الدبلوماسية والحوار مع دمشق، هذه الجماعات الإرهابية التي ترى بقاءها في خطر، تسعى إلى زعزعة أجواء الحوار بين أنقرة ودمشق من خلال تصعيد التوترات، وهي قضية يبدو أنها أحد أهداف موسكو لتسريع عملية المحادثات بين تركيا وسوريا، من خلال قمع إرهابيي المعارضة في إدلب.

إضافة إلى ذلك، لطالما كانت مدن شمال حماة، التابعة لمنطقة خفض التصعيد الرابعة، المنصة الرئيسية للطائرات المسيرة التي يستخدمها الإرهابيون، لمهاجمة قاعدة حميميم التابعة للجيش الروسي في ريف اللاذقية. وبالتالي، للتخلص من هذا التهديد والاقتراب من المناطق الحدودية، يجب على موسكو التحرك نحو إدلب.

أيضًا، لا يمكن تجاهل حقيقة أن استمرار الوضع المستقر للحكم غير الشرعي للإرهابيين في إدلب، يمنحهم عملياً إمكانية اللجوء إلى إرسال مقاتلين إلى أوكرانيا من أجل الحصول على دعم الغرب. وهي قضية أثارتها روسيا مرارًا وتكرارًا في الأشهر الماضية.

لذلك، فإن تحديد مصير إدلب يمكن أن يؤدي إلى تجنب إرسال إرهابيي إدلب إلى أوكرانيا، وجعل روسيا تركز أكثر على وضع الحرب في أوكرانيا.

في غضون ذلك، تشعر المعارضة السورية المدعومة من تركيا وجماعات إرهابية أخرى، بالقلق من استخدام أردوغان لإدلب كورقة لعب على طاولة المفاوضات مع دمشق، بسبب انشغاله بالانتخابات الرئاسية التركية التي ستجرى الصيف المقبل.

من القضايا الرئيسية التي يهتم بها أردوغان بشأن التطورات في إدلب وبشكل عام تغيير النهج تجاه سوريا، هي قضية اللاجئين. وقد نصّ اتفاق “سوتشي” الذي تم توقيعه في أيلول 2018، على إعادة عشرات الآلاف من النازحين المقيمين في الشريط الحدودي إلى مناطقهم.

الآن أيضًا، وعشية انتخابات العام المقبل وفي ظل الظروف الاقتصادية السيئة في ترکيا، يتعرض أردوغان لضغوط شديدة من المعارضة لتسريع عملية إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وبالتالي، وسط معارضة موسكو وطهران لإجراء عمليات عسكرية جديدة في سوريا، من الضروري الحصول على تعاون دمشق فيما يتعلق بإعادة توطين اللاجئين في الشريط الحدودي الشمالي. وجذب هذا التعاون هو ما سيدفع بالعامل الثاني المحدِّد لموقف أنقرة في إدلب، وهو “إضعاف الحزام الكردي” على الحدود الشمالية لسوريا.

وبالنظر إلى هذه الظروف، لم تقابل الهجمات الروسية الجديدة على إدلب برد جاد من أنقرة، الأمر الذي جعل الإرهابيين متشائمين من وجود تركيا في الجولة الأخيرة من محادثات عملية أستانا في طهران.

في غضون ذلك، يمرّ الإرهابيون حاليًا بفترة توتر على الجبهة الداخلية أيضًا. فعلى الرغم من الانتقادات الموجهة لمواقف أنقرة الجديدة، لا يزال بعضهم يعتبرون أنفسهم موالين لتركيا، لكن البعض الآخر يراهن أيضًا على دور قطر في الاقتراب من الغرب.

وبالنظر إلى هذه التطورات السياسية، يبدو أن اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة بين تركيا وروسيا تخضع لتغييرات ومراجعات، يمكن أن تغير وجه أزمة إدلب بشكل عام.
المصدر: الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق