التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

العلاقات المتوترة بين مصر وقطر.. التعانق بعد معارك دامية 

بعد سنوات من التوتر، أظهرت مصر وقطر في الأشهر الأخيرة أنهما تتطلعان إلى نسيان الماضي تمامًا وبدء فصل جديد في العلاقات الثنائية. وبعد اتفاق العلا في يناير 2019 لإنهاء الحصار المفروض على قطر، اتخذت مصر، التي كانت متأخرة عن السعودية والبحرين والإمارات، خطوة نحو وقف كامل للتصعيد مع الدوحة، منذ يوليو من هذا العام، ومع دعوة اللواء السيسي للشيخ تميم بن حمد أمير قطر للحضور في القاهرة، بدأت العلاقة بين البلدين بالذوبان التام. كما التقى السيسي بالأمير في نوفمبر 2021، على هامش قمة التغير المناخي في جلاسكو، وفي فبراير 2022، التقى به في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين.

وفي هذا الصدد، تتناقل وسائل الإعلام العربية الآن عن الزيارة لعبد الفتاح السيسي إلى الدوحة، والتي تعتبر أول زيارة للسيسي خلال فترة رئاسته. وانقطعت العلاقات بين مصر وقطر تمامًا في عام 2013، عندما أطاح الجيش المصري بالرئيس الإسلامي المدعوم من قطر محمد مرسي وقمع جماعة الإخوان المسلمين. وبعد ذلك، اتهمت الحكومة المصرية الجديدة الدوحة بإيواء قيادات الإخوان والتدخل في الأوضاع الداخلية لهذا البلد من خلال قناة الجزيرة التلفزيونية. وبلغت الخلافات ذروتها أخيرًا في عام 2017، عندما انضمت مصر إلى السعودية والإمارات والبحرين في مقاطعة قطر.

الجدير بالذكر أن أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، نفى يوم الأربعاء الماضي، أن تكون لبلاده أي علاقة مع تنظيم الإخوان المسلمين، مؤكدا أن الدوحة تتعامل مع الدول والحكومات وليس مع الأحزاب السياسية. وفي حوار مع صحيفة “لوبوان” الفرنسية: قال تميم “ليس لدنيا مثل هذه العلاقات”. كما نفى الأمير القطري وجود أعضاء من تنظيم “الإخوان” أو أي عضو من التنظيمات التابعة له، في بلاده، وقال: “نحن دولة ولسنا حزبا، نتعامل مع الدول والحكومات الشرعية وليس مع التنظيمات السياسية”. وأضاف: “نحن بلد منفتح، شخصيات عديدة تحمل آراء مختلفة، تأتي إلينا وتذهب، لكننا دولة لا نتعامل مع الأحزاب”.

وبخصوص الملف السوري والدول العربية التي تعمل على إعادة قنوات التواصل مع سوريا، أكد الأمير تميم أن لكل دولة سياستها. وصرح الشيخ تميم: “سبق وقلت إنه يحق لكل دولة أن تقيم علاقات مع أي دولة تختارها، لكن جامعة الدول العربية قررت استبعاد سوريا لسبب وجيه، وهذا السبب ما زال موجودا ولم يتغير”. وتابع قائلا: “أنا مستعد للمشاركة في أي محادثات في حال كان لدينا عملية سلام حول مستقبل سوريا ومطالب شعبها، لكن هذا ليس هو الحال في هذه اللحظة”. وأفاد بأنه يتعين عليهم أن يتصرفوا بجدية ووضع حد للمشكلة من أساسها في سوريا، وينطبق الأمر ذاته على ليبيا، مشيرا إلى أنهم إذا لم يتوخوا الحذر سيواجهون عواقب وخيمة.

حسابات السيسي الاقتصادية

إن حقيقة أن أول وفد قطري رسمي إلى مصر منذ قمة العلا بقيادة وزير المالية القطري لافتتاح فندق فاخر بقيمة 1.3 مليار دولار في القاهرة هو رمز للحسابات الاقتصادية لمصر في تحسين العلاقات مع الدوحة. وكان الاستثمار الأجنبي أحد الركائز الأساسية لجهود الحكومة المصرية لتحقيق الاستقرار والنمو في اقتصاد البلاد في خضم المشاكل الاقتصادية الهيكلية في البلاد. ومع الانخفاض الكبير في الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بعد تفشي كورونا عام 2020، ضاعف السيسي جهوده لجذب الاستثمار الأجنبي من بين الدول العربية في الخليج الفارسي، ووفقًا للخبراء، كان ذلك أحد الأسباب الرئيسية لإنهاء التهدئة مع قطر، لأن قطر ومصر من أفضل دول الخليج الفارسي لتلبية الاحتياجات الاقتصادية.

ويعمل حوالي 350 ألف مصري في قطر ويرسلون مئات الملايين من الدولارات في شكل تحويلات إلى البلاد كل عام، وهي أموال تحتاجها مصر بشدة، وخاصة الآن بعد أن ألحقت الحرب في أوكرانيا خسائر فادحة باقتصاد البلاد. كما وعدت الدوحة خلال زيارة الشيخ تميم للقاهرة في يوليو / تموز باستثمار 5 مليارات دولار في مصر، ووفقًا لعلي شريف العمادي وزير المالية القطري السابق، فإن قطر ستقدم 5 مليارات دولار أخرى لمصر في السنوات القليلة القادمة لخلق فرص عمل في مصر وتنمية البلاد وتشجيع القطاع الخاص القطري على الاستثمار.

ومن ناحية أخرى، ستسعى الشركات القطرية إلى زيادة الاستثمارات في مصر سعيا لتحسين العلاقات بين البلدين، حيث اتجهت قطر للبترول في عام 2019 نحو إنشاء شركة مصفاة في مصر برأسمال 4.4 مليار دولار. والآن، وفقًا للخبراء، مع حل أزمة قطر، تم فتح الطريق أمام الزيادة المحتملة لهذا الاستثمار.

الطريق لحل النزاعات الإقليمية

على الرغم من أن مصر وقطر قد أظهرتا بكثافة الزيارات الدبلوماسية في الأشهر الأخيرة وأن لديهما العزيمة اللازمة لحل الخلافات، إلا أن طريق المصالحة الكاملة بين القاهرة والدوحة له بعض العقبات التي تتعلق في الغالب بقضايا المنطقة والقاهرة والدوحة.

إحدى هذه الحالات الإقليمية تتعلق بقطاع غزة، حيث تلعب مصر وقطر دورًا مهمًا في تطوراته. ولمصر مصالح استراتيجية وأمنية في غزة، التي تشترك في الحدود مع شبه جزيرة سيناء في شمال شرق مصر، وتلعب قطر أيضًا دورًا مهمًا في إعادة إعمار غزة. ويرى المصريون أن دور قطر في دعم جماعة الإخوان “حماس” يحد من موقفهم في التطورات الفلسطينية ويرحبون حتما بالدعم المالي الذي تقدمه الدوحة لغزة لمنع تصعيد الأزمة في هذه المنطقة. ومن ناحية أخرى، هناك خلاف بين مصر وقطر حول عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، التي طُردت منها عام 2011. فمصر تريد عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وقطر لديها تحفظات في هذا الصدد.

وكان دور قطر في دول شمال إفريقيا ومصر المجاورة أيضًا أحد القضايا المتنازع عليها بين البلدين في السنوات الأخيرة. وفي ليبيا، بينما دعمت قطر القوى السياسية التي تسيطر على غرب ليبيا، دعمت مصر قوات خليفة حفتر في شرق ليبيا. وأيضًا، في السودان وإثيوبيا، لم يكن الوجود النشط للقطريين في السنوات الماضية ممتعًا لمصر لأن قطر، على سبيل المثال، كانت الراعي المالي لمشروع سد النهضة على النيل. ومع ذلك، ما يبدو أنه وسط خلافات إقليمية واسعة النطاق بين قطر ومصر، فإن أجواء التهدئة في البلدين سهلت تخليص خيال السيسي من القمع الكامل للإخوان في الداخل وإبعادهم عن الساحة السياسية للبلاد.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق