التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 21, 2024

طريق إيران الصعب من العضو المراقب إلى العضوية الدائمة في منظمة شنغهاي 

على عكس الدعاية الغربية التي تحاول إظهار أن إيران معزولة في العالم ولا توجد دولة مستعدة للتعاون معها، لكن الاجتماع الثاني والعشرين لمنظمة شنغهاي الذي عقد في سمرقند بأوزبكستان حقق إنجازًا مهمًا لإيران، والذي يمكن اعتباره نقطة تحول في علاقات إيران الخارجية خلال العقود الأربعة الماضية.

نجحت إيران، التي كانت عضوًا مراقبًا في منظمة شنغهاي لما يقرب من عقدين، أخيرًا في جهودها لتصبح عضوًا دائمًا في قمة سمرقند، وأعلن أعضاء آخرون موافقتهم على العضوية الدائمة لهذا البلد في هذه المنظمة الإقليمية.

وبينما أكدت السلطات الإيرانية في الأسابيع الأخيرة على قبول عضوية إيران الدائمة في سمرقند، يوم الأربعاء 23 سبتمبر، وبناءً على اتفاق الأمين العام لمنظمة شنغهاي للتعاون والسلطات الإيرانية، تم تأكيد هذا الأمر رسميًا.

وأعلن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الذي رافق الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي في زيارته إلى أوزبكستان، نبأ عضوية إيران الدائمة في شنغهاي.

حيث أعلن أمير عبد اللهيان، مساء الأربعاء الماضي، في تقرير على موقع تويتر، عن توقيع مذكرة التزام إيران بالعضوية الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون مع الأمين العام لهذه المنظمة، وقال: لقد دخلنا الآن مرحلةً جديدةً من التعاون الاقتصادي والتجاري والترانزيتي والطاقة، إلخ.

وأكد وزير الخارجية الإيراني أن الأمين العام للمنظمة هنأ إيران على الانضمام الدائم والتوقيع على الوثيقة، ووصف ذلك بأنه تطور مهم.

على الرغم من توقيع تفاهمات العضوية الدائمة بين إيران ومنظمة شنغهاي، فمن المحتمل أن تستغرق عملية العضوية الكاملة لطهران وقبولها لوثائق وقوانين العضوية بعض الوقت، وربما تستمر حتى عام 2023.

وبناءً على ذلك، من أجل رفع مستوى المشاركة في هذه المنظمة من عضوية مراقب إلى عضوية دائمة، يجب على طهران التوقيع على ما يقرب من 50 وثيقة، من أهمها وثيقة الالتزامات والترتيبات التنفيذية للانضمام. وفي وقت سابق، مرت الهند وباكستان أيضًا بمثل هذه العملية التي تستغرق وقتًا طويلاً.

من المفترض أن تتم مراجعة وثائق الالتزام في مجلس الشوری الإسلامي في إيران، وستقوم الدول الأخرى أيضًا بمراجعة هذه المذكرات، وفي النهاية سيتم الإعلان رسميًا عن عضوية إيران الدائمة من قبل جميع أعضاء المنظمة.

طريق طويل للحصول على العضوية الدائمة

على الرغم من حصول إيران على عضوية دائمة في منظمة شنغهاي، إلا أن هذا البرنامج قد مرّ بعملية طويلة حتى انضمت إيران إلى الدول التسع دائمة العضوية في هذه المنظمة.

حاليًا، هناك 9 دول حاضرة كأعضاء دائمين في منظمة شنغهاي، والعديد من الدول الأخرى تشارك كمراقبين وشركاء في المناقشة في هذه المنظمة الدولية.

إيران التي تربطها علاقات جيدة مع جميع الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي منذ عقود، لكنها حاولت الدخول في الأطر الإقليمية ومواصلة هذه العلاقات بشكل مختلف منذ سنوات.

في عام 2005، وهو العام الخامس لتأسيس منظمة شنغهاي، تمت دعوة إيران لحضور اجتماع هذه المنظمة في موسكو لأول مرة. وفي نفس العام، أصبحت إيران عضوًا مراقبًا في هذه المنظمة، وبعد ذلك في عام 2006 تقدمت بطلب للحصول على العضوية الدائمة في هذه المنظمة في اجتماع طاجيكستان، لكن الأمر استغرق 16 عامًا للحصول على العضوية الدائمة في هذه المنظمة الإقليمية.

وعلى الرغم من قبول إيران كعضو رئيسي تاسع في هذه المنظمة في اجتماع 2021 في طاجيكستان، لکن تم توقيع التزامات العضوية الدائمة رسميًا في اجتماع سمرقند.

منذ عضوية إيران کمراقب في شنغهاي، تم تغيير ثلاثة رؤساء في إيران، وبدأت عضوية المراقب في الحكومة التاسعة لإيران، وخلال هذه الفترة، طلب كبار المسؤولين الإيرانيين مرارًا وتكرارًا من الأعضاء الآخرين الموافقة على العضوية الدائمة لهذا البلد. وأخيراً، في الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة، التي ركزت على تعزيز العلاقات مع الجيران عبر سياسة التحوُّل شرقاً، وصل هذا الموضوع إلی محطته الأخيرة.

المعوقات الإقليمية والدولية لعضوية إيران

على الرغم من حصول بعض الدول على العضوية الدائمة في منظمة شنغهاي في وقت أبكر مما كان متوقعًا، إلا أن هذه المسألة لم تكن سهلةً بالنسبة لإيران واستغرقت وقتًا طويلاً، وفي هذا الطريق اجتمعت بعض العقبات الإقليمية والدولية لتقطع هذه العملية شوطاً طويلاً.

وكان أحد العوامل الرئيسية التي جعلت عضوية إيران تستغرق فترةً أطول، هو الرأي السلبي الذي كان لدى بعض أعضاء المنظمة تجاه إيران. وإحدى هذه الدول كانت طاجيكستان، التي قد وضعت عقبةً كبيرةً أمام إيران في السنوات القليلة الماضية، وبعض سوء التفاهم الذي نشأ في هذا الصدد دفع سلطات دوشانبي إلى تأخير وصول طهران إلى شنغهاي قليلاً.

بعض دول آسيا الوسطى الأخرى لديها أيضًا طريقة التفكير نفسها التي كانت لدى طاجيكستان بشأن إيران. لقد أدرجت هذه الدول بعض الأقليات الدينية في المنطقة في قائمة الجماعات الراديكالية والمتطرفة، لكن إيران لديها وجهة نظر مختلفة عن هذه الحركات الدينية، وكانت هذه القضية من القضايا الخلافية التي ظلت قائمةً بين الجانبين منذ سنوات.

زعمت طاجيكستان مرارًا وتكرارًا في السنوات الماضية أن إيران تدعم حزب النهضة الإسلامية في طاجكستان، وحتى في عام 2015، عندما دعت طهران زعيم هذا الحزب للمشاركة في مؤتمر الوحدة الإسلامية الدولي في طهران، زادت التوترات بين إيران وطاجيكستان. لأن مسؤولي دوشانبي حظروا أنشطة هذا الحزب بتهمة محاولة الإخلال بالنظام والأمن الداخليين، واعتبروا أي دعم أجنبي له تهديدًا لمصالحهم الوطنية.

وعلى الرغم من أن سلطات طاجيكستان لم تذكر بوضوح أن سبب معارضتها لعضوية إيران في شنغهاي كان بسبب هذه القضايا، إلا أن هذه الخلافات في الرأي عملياً ألقت بظلالها على العلاقات بين البلدين في إطار التعاون الإقليمي، وقد تمّ حل حالات سوء التفاهم هذه في العام الماضي.

وبما أن قبول عضو جديد مرهون بموافقة جميع الأعضاء الدائمين، فإن معارضة عضو واحد، وإن كان ضعيفًا اقتصاديًا وعسكريًا، يمكن أن تكون عقبةً كبيرةً أمام الدول الأخرى حتى لا تتمكن من الحصول على العضوية في هذه المنظمة.

ومن القضايا المهمة الأخرى هي توترات إيران مع الغرب بشأن برنامجها النووي، والعقوبات التي ألقت بظلالها على علاقات طهران مع جيرانها في العقد الماضي. حيث تعرضت دول آسيا الوسطى التي كانت قلقةً من هذه التوترات، وبعضها استضافت قواعد أمريكية في المنطقة، لضغوط مسؤولي واشنطن لتطوير علاقاتها مع إيران.

كما أن خطر اندلاع حرب بين إيران والولايات المتحدة والکيان الصهيوني في السنوات الماضية، واحتمال امتداد هذه الأزمة إلى منظمة شنغهاي التي لا تريد مواجهة الغرب ومواجهة مجلس الأمن الدولي الذي يصدر بين الحين والآخر قرارات مناهضة لإيران، جعل أعضاء المنظمة يترددون في قبول إيران رسميًا.

وبالنظر إلی أن إيران كانت خاضعةً لأكبر عقوبات الولايات المتحدة ومجلس الأمن، فقد طرح أعضاء شنغهاي شروطًا جديدةً من أجل عرقلة الطريق أمام طهران، والتي كانت تستهدف طهران عمليًا فقط.

كما أعلن فلاديمير بوتين، في اجتماع شنغهاي في عام 2010، عندما كان رئيس وزراء روسيا، أن أي عقوبات من قبل مجلس الأمن الدولي تشكل عقبةً أمام عضوية الدول الأخرى في هذه المنظمة، وهو الأمر الذي كان في الواقع رسالةً غير مباشرة لإيران.

وعلى الرغم من أنه بعد التوقيع علی الاتفاق النووي في عام 2015، كان هناك أمل في إزالة شرط وذريعة عدم خضوع إيران للعقوبات للحصول على العضوية الدائمة في شنغهاي، لكن حتی تدرس الدول الأعضاء هذه القضية، حدثت تطورات أخرى داخل الولايات المتحدة لم تسمح بدراسة هذا الموضوع.

مع تنصيب دونالد ترامب وانسحاب هذا البلد من الاتفاق النووي، ازدادت حدة التوترات بين واشنطن وطهران، وكان أعضاء منظمة شنغهاي قلقين للغاية بشأن هذه القضية، ولهذا السبب قاموا بتأجيل موضوع عضوية إيران حتى يتضح الموقف بشأن العقوبات والاتفاق النووي.

كما يعتقد بعض المحللين أن سياسة الصين في التعايش السلمي مع الولايات المتحدة، جعلت بكين تتردد في عضوية إيران. فبالنظر إلى موقف إيران وأمريكا المتشدد ضد بعضهما البعض، كانت الصين قلقةً من أن عضوية إيران الكاملة ستجعل حلف شنغهاي يبدو وكأنه منظمة ضد مصالح أمريكا، وبالتالي كانت الصين تنتظر تحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية لتأكيد عضوية إيران الكاملة.

من ناحية أخرى، حاول الکيان الصهيوني، الذي دائمًا ما يستخدم لوبيه القوي في الساحة العالمية لمعارضة إيران، منع انضمام إيران إليها من خلال الضغط على بعض الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي.

وبسبب العلاقات الواسعة بين روسيا والصين مع الكيان الصهيوني، حاول الصهاينة استقطاب هاتين الدولتين المؤثرتين في المنظمة، اللتين تربطهما علاقات جيدة مع طهران، وإقناعهما أنهما في حال موافقتهما على عضوية إيران في شنغهاي، فإن هذه القضية قد تؤثر على مستوى علاقاتهم مع الکيان الإسرائيلي، وکان لدى سلطات موسكو وبكين تحفظات تجاه هذه القضية أيضاً.

ولكن الآن وبعد أن تغيرت الظروف العالمية، واشتبكت روسيا والصين، باعتبارهما القوى الرئيسية لمنظمة شنغهاي، مع الولايات المتحدة وأوروبا وحتى الکيان الصهيوني، فقد أضافوا إيران إلى معسكرهم لبناء تحالف واسع مع حلفائهم في المنطقة، من أجل زيادة ثقلهم ضد الغرب.

لأن إيران وبسبب احتياطياتها الهائلة من الطاقة ومكانتها الجيوسياسية ونفوذها الإقليمي الكبير، يمكن أن تكون فعالةً لمنظمة شنغهاي وتحل جزءًا من مشاكل الدول الأعضاء بقدراتها في مجال التجارة والترانزيت.

وسيلعب ممر “شمال – جنوب”، الذي تم إطلاقه مؤخرًا ويمرّ جزء كبير منه عبر الأراضي الإيرانية، دورًا مهمًا في المستقبل في إطار التعاون بين أعضاء شنغهاي، وسيجعل إيران محور العبور الرئيسي في المنطقة.

إن عضوية إيران الدائمة في منظمة شنغهاي، بالنظر إلى التعاون المكثف لأعضائها في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والعبور والطاقة، ستوفر بلا شك بيئةً ملائمةً أكثر لتفاعلات إيران الدولية، ومن المتوقع أن يصبح الوجود والعضوية الرسمية لإيران أساسًا لدور أكثر فاعليةً في الساحتين الإقليمية والدولية، وهو في هذه الحالة سيقوض مشروع الغرب لعزل إيران.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق