المشروع الصهيوني لتحويل البحرين إلى فلسطين أخری
بينما يكثّف الکيان الصهيوني جرائمه بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، ما أثار حفيظة منظمات حقوق الإنسان الغربية، لكن أنظمة التسوية العربية التي تغمض عيونها عن هذه الجرائم تماشياً مع سياسة التطبيع، تعزز علاقاتها مع هذا الکيان كل يوم.
ولهذا الغرض، أعلن رئيس الكيان الصهيوني، إسحاق هرتسوغ، عزمه السفر إلى البحرين، والتي ستكون أول زيارة رسمية لرئيس الكيان الصهيوني إلى المنامة. وقال هرتسوغ إنه سيلتقي خلال رحلته إلى البحرين مع حاكم هذا البلد، حمد بن عيسى، لاستكشاف سبل جديدة لتوسيع العلاقات بين الجانبين.
تأتي هذه الزيارة بعد عامين من اتفاق تطبيع العلاقات بين تل أبيب والمنامة، وخلال هذه الفترة تحركت سلطات النظامين بشكل أسرع من الحكومات المطبِّعة الأخرى نحو توسيع العلاقات في جميع المجالات، وخاصةً الأمنية. يذکر أنه في فبراير من العام الماضي، زار نفتالي بينيت، رئيس الوزراء السابق للکيان الصهيوني، البحرين أيضًا.
لقد أحرزت سلطات آل خليفة قصب السبق من دول عربية أخرى لها علاقات سرية مع الكيان الصهيوني، من أجل تحقيق أكبر فائدة ممكنة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية والأمنية. وفي الواقع، كان الحصول على الدعم المالي أحد الدوافع الرئيسية للحكومة البحرينية للاستسلام لضغوط الولايات المتحدة والسعودية.
إن تحديات البحرين الاقتصادية في عام 2020، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية وانتشار فيروس كورونا وعدم كفاءة الحكومة في حل الأزمة الاقتصادية، جعلت المنامة بحاجة إلى اجتذاب الوعود الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية والإمارات والسعودية والکيان الإسرائيلي.
هذا على الرغم من أنه بعد مرور عامين على توقيع اتفاقية التطبيع والزيارات المتكررة للمسؤولين والوفود من كلا الجانبين، ولكن لا يوجد تأثير واضح للنتائج المثمرة لهذا العمل الغادر والمكلف على الوضع الاقتصادي والموقع الإقليمي للحكومة البحرينية، ما يدل على التقدير الخاطئ والخطأ الاستراتيجي لقادة آل خليفة في توقعاتهم بشأن مستقبل التطبيع.
نظام آل خليفة، الذي عهد باستقرار عرشه المهتز للولايات المتحدة، وفي السنوات الأخيرة للکيان الصهيوني، عندما وقع اتفاقية التطبيع، اعتقد أنه بهذا العمل سيفتح الباب للصهاينة للقدوم إلی البحرين، وفي فترة وجيزة يستطيع حل مشاكله الاقتصادية باستخدام تجارب الصهاينة، لكن من الناحية العملية لم يحقق حكام المنامة أي نتيجة إيجابية من هذه الاتفاقيات.
لأن هذه العلاقات أحادية الجانب صممت لمصلحة الصهاينة، حتى يتمكنوا من تمهيد الطريق لنفوذهم في الخليج الفارسي، وهو ما حققوه، وکانت خطة التطبيع خدعةً انطلت علی سلطات آل خليفة، الذين يجب أن يعيشوا مع هذا العار إلى الأبد.
السعي لتهويد البحرين
مع تطور العلاقات مع الکيان الصهيوني، يكثف نظام آل خليفة، بضوء أخضر من الولايات المتحدة، الضغوط الأمنية لإسكات صوت المعارضة الشعبية في البحرين، ولكن كلما زادت قوة العلاقات بين النظامين، ازداد الغضب العام والكراهية بين البحرينيين ضد تل أبيب.
وقد أظهرت ردود أفعال الشعب والجماعات المدنية في البحرين على زيارة الصهاينة إلى هذا البلد في العامين الماضيين، أن البحرينيين يختلفون عن حكامهم المطبِّعين.
وعلى الرغم من أن سلطات آل خليفة لم تستفد شيئاً من إقامة العلاقات مع الصهاينة، ولم يخطر ببالهم حتى تحديد أهداف لأنفسهم في الأراضي المحتلة، لكن الصهاينة، على عكس العرب، يتابعون سياسات کلية من خلال الاقتراب من المشيخات العربية.
ومؤخراً، حذر الشيخ عيسى قاسم، الزعيم الشيعي في البحرين، في بيان له من تهويد البحرين، وطلب من البحرينيين توخي الحذر من المؤامرة الصهيونية التي تتم من خلال شراء الأراضي کمقدمة.
وقال الشيخ عيسى قاسم إن بناء حي يهودي في المنامة يعني تشويه تاريخ الوطن ومحو وثائق وإثباتات أصالة المواطنين الأصليين، وكذلك فتح الأبواب للاحتلال الإسرائيلي بالتواطؤ مع السياسة الداخلية.
وجاءت تحذيرات الزعيم الشيعي البحريني في حين أن آل خليفة، ومن أجل الحصول على رضی الصهاينة، أسس “جمعية الأقلية اليهودية في الخليج (الفارسي)”، والتي تعتبر أول منظمة يهودية رسمية في البحرين.
الغرض من إنشاء هذه الجمعية هو التوسع في الدول الخليجية، وإنشاء مجتمعات يهودية تضم يهود الإمارات والبحرين وعمان والسعودية وقطر والكويت.
إن سياسة التسلل السري إلی الدول الإسلامية هي استمرار لنفس السياسة التي بدأت قبل 100 عام في فلسطين، ووفرت الأرضية للاحتلال بإرسال اليهود إلى الأراضي الفلسطينية وشراء جزء من أراضيهم، وهذه المرة يحاولون تنفيذ هذه الخطة في مجتمعات عربية أخرى أيضًا، وأصبحت البحرين والإمارات خدمًا وبوابةً للصهاينة إلى الخليج الفارسي.
ترك أمن آل خليفة في مهب الريح
تأتي خدمات آل خليفة المتميزة للصهاينة في الوقت الذي يحرم فيه هذا النظام شيعة البحرين، الذين يشكلون غالبية سكان البحرين، من العديد من الأنشطة الدينية والثقافية، لكن من ناحية أخرى، يتمتع اليهود في هذا البلد بجميع أنواع الحريات، ويمكنهم إقامة احتفالاتهم وتقاليدهم دون أي إزعاج.
أصبح قمع الشيعة على نطاق واسع الآن هدفًا مهمًا للتعاون الأمني لنظام آل خليفة مع الصهاينة، حتی تقوي المساعدة الأمنية للصهاينة الدعم الخارجي لآل خليفة، في ظل ضعف الشرعية السياسية وهشاشة الركائز الأساسية الداعمة لنظام آل خليفة.
ولذلك، يمكن ملاحظة أنه في العامين الماضيين، وبعد بدء عملية التطبيع، اشتدت السياسة القمعية ضد الاحتجاجات المدنية الشيعية، وکذلك الضغوط على النشطاء السياسيين وقادة الشيعة في البحرين.
وبالنظر إلى أنه في العقدين الأخيرين نقل آل خليفة مئات الآلاف من الأشخاص من الدول الإسلامية إلى البحرين ومنحهم الجنسية، من أجل تغيير ديمغرافية هذا البلد وتقليل عدد السكان الشيعة، لهذا يمكن للصهاينة أيضًا الحصول على الجنسية البحرينية دون أي مشاكل، وقد راهن زعماء تل أبيب علی هذا الموضوع بشکل خاص، لأن البحرين يمكن أن تكون فلسطين أخرى للصهاينة.
إن نظام آل خليفة، الذي لا مكان له بين أبناء البحرين، ويُطلق عليه بأنه نظام مستورد، من أجل الحفاظ على دعائم عرشه المهزوزة لبضعة أيام أخرى، لجأ إلی الصهاينة العاجزين حتى عن توفير الأمن لمواطنيهم، وعليه أن يعلم أن الدخول في المخططات الإقليمية لتل أبيب التي يتم تنفيذها بهدف ضرب محور المقاومة، لن تکون نتيجته سوی الهزيمة والزوال.
المصدر/ الوقت