التطبيع الإماراتيّ في أوجه.. ماذا عن مقاتلات F35 الأمريكيّة؟
على الرغم من أنّ الإمارات حاولت جاهدة تخفيف قلق الكيان الصهيونيّ من حصولها على طائرات أمريكية متطورة، عقب توقيع ما أسموه “اتفاق السلام” بينهما منذ عامين، إلا أنّ المقاتلات الأمريكيّة من طراز F35 يستخدمها الجيش الأمريكيّ وحده، وفي العالم تمّ “بيعها” لكيان الاحتلال الإسرائيلي لضمان تفوّق سلاح الجوّ لديه، وحتى الآن فشلت جميع الدول التي تعتبر نفسها صديقة لواشنطن في الحصول على هذه الطائرات الأكثر تقدمًا في العالم، لأنّ الكونغرس سنّ قانونًا يمنع الإدارة الأمريكيّة من بيع المقاتلة المذكورة لعدم مسّ بتفوّق “إسرائيل” العسكريّ، وقد رفضت تل أبيب منذ بداية التطبيع الذي قام على هذه الصفقة بيع واشنطن مقاتلات “إف-35” لأبو ظبي.
صفقة خائبة
منذ لحظة توقيعها على اتفاق الخيانة الذي لم تقرأ بنداً منه،هرعت الإمارات بتقديم مقترحاتها لأمريكا والكيان الصهيونيّ، لتمرير صفقة المقاتلات الأمريكية “أف 35” الخائبة، وراعت بشدّة مخاوف تل أبيب فيما يتعلق بالحفاظ على التفوق العسكريّ النوعي لها في المنطقة، حيث اقترحت أبوظبي إشراف طيارين صهاينة على قيادة المقاتلات الأمريكية لمصلحة الإمارات، خلال فترة زمنية محددة، على أن يتولى هؤلاء الطيارون بعد ذلك تدريب نظرائهم من الإماراتيين، لكن كشف مسؤولون إسرائيليون أنّه وبعد سنتين على اتفاقات “ابراهام” التي وقعت في 15 أيلول (سبتمبر) 2020 وأدت إلى تطبيع بعض الدول العربية مع الكيان، لم تتحقق بعد أيّ صفقة من الصفقات الجانبية الرئيسية، ويبدو أنّها غير قريبة من ذلك باعتقادهم، حيث إن الصفقة التي تضمنت بيع طائرات حربية متطورة للإمارات عالقة منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي بسبب مخاوف أمريكية تتعلق بالتفوق النوعي العسكري للصهاينة والمحمي بتشريع في الولايات المتحدة، وبسبب علاقات الإمارات مع الصين، على حدّ زعم الأمريكيين.
وفي هذا الصدد، لم يمنح الصهاينة في أي وقت من الأوقات موافقة كيانهم على بيع أسلحة متطورة إلى أبو ظبي، حتى خلال المحادثات مع أمريكا، والتي نتج عنها توقيع اتفاق الخيانة الإماراتيّة، وقد بينت مصادر صحفية أنّه في الأشهر الأخيرة لإدارة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، أجرت واشنطن والإمارات مفاوضات لبيع حتى 50 طائرة من نوع إف 35 ومسيرات هجومية متقدمة، وبيع سلاح أمريكي متطور بمبلغ 10 مليارات دولار، وكانت التكلفة الشاملة للصفقة حوالي 23 مليار دولار، موضحةً أنّ هذه الصفقة الضخمة كانت ستجعل من الإمارات الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تشتري طائرات اف 35 وطائرات دون طيار من نوع “ام.كيو9″.
ووفقاً للإعلام العبريّ، فضلت إدارة الرئيس الأمريكيّ بايدن منذ دخولها إجراء فحص رسمي للصفقة مثل كل شيء في سياسة ترامب، وعمليًا أجلّت تطبيقها حتى نيسان (أبريل) 2021، حينها بدأت تُسمع في أميركا مخاوف، تم تسريبها لوسائل الإعلام، حول علاقات متطورة للصين مع الإمارات، التي تحولت إلى الشريكة التجارية الرئيسية لبكين في منطقة الخليج، وإن المواجهة مع الصين تقف في مركز السياسة الخارجية لإدارة بايدن، وبعد تشخيص طائرات شحن صينية في الإمارات، قلقت واشنطن من نية بكين إقامة قاعدة لوجستية أمامية في الإمارات، كما اتفقت الصين والإمارات في 2019 على وضع تكنولوجيا اتصالات للجيل الخامس من إنتاج (هواوي) الصينية في البلاد، وخشيت واشنطن من أنّ تركيب مئات اللواقط الصينية للهواتف الخلوية قرب قواعد طائرات إف 35 سيساعد الصين على التجسس على الطائرة هذه، كما واصلت الصين إرسال سفن إلى الموانئ الإماراتية وعرضت عليها تكنولوجيا عسكرية حساسة، ما وضع الأمريكيين في موقف حرج.
ومنذ وقت طويل، قدمت الإمارات مقترحاً للالتفاف على الرفض الصهيوني، تضمّن إشراف طيارين إسرائيليين على برامج تشغيل تلك المقاتلات، عقب تدريب الطيارين الإماراتيين في ضوء العلاقات المتقدمة بينهما، فيما لقي المقترح في ذلك الحين قبولاً مبدئياً لدى الجانبين الأمريكي والصهيوني، بشكل من شأنه تحقيق تقدم ملموس على صعيد تنفيذ الصفقة، فيما سعى الكيان الصهيونيّ بقوة للضغط على الكونغرس الأمريكيّ لمنع بيع أيّ سلاح متطور للإمارات رغم كل مزاعم السلام الإعلاميّة الصادرة عن الطرفين، حيث أكد رئيس استخبارات العدو، إيلي كوهين، في وقت سابق، أنّ حكومة الاحتلال يجب أن تحافظ على ما أسماه “التفوق الأمنيّ الإسرائيليّ” في المنطقة، لذا من الضروريّ أن تمنع وصول طائرات مقاتلات إف-35 لأبو ظبي، حسب الإعلام العبريّ، ووعدت أميركا بتفوق العدو الصهيونيّ العسكريّ في المنطقة واعتبرته “حجر الزاوية” في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، مشددة على أنّه لا يوجد “حليف بديل” عن الكيان الصهيونيّ لأمريكا هناك.
سياسة أمريكيّة قذرة
أدهش المسؤولون الإماراتيون حتى العدو الصهيونيّ نفسه بحجم خيانتهم وعمالتهم، كما يقول بعض المغردين، حيث تصاعدت خيانة أبو ظبي عبر ما يعرف بالتطبيع مع الكيان المجرم، بعد أن تحالف حكام الإمارات مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كل القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، في ظل تعزيز العلاقات مع محتل الأرض العربيّة في كل المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيّة والطبيّة والثقافيّة والدينيّة والإعلاميّة والاستخباراتيّة والسياحيّة، لكنّهم لم يحصلوا على مرادهم من السلاح الأمريكيّ، بسبب السياسة الأمريكيّة القذرة وفقاً لمحللين، حيث أُدخلت الإمارات بالتحديد في معمعة التطبيع لتحصل على الطائرات الأمريكيّة المتطورة لكنّها لم تنل شيئاً سوى الخذلان.
ويتحدث الإعلام التابع للعدو، أنّ إدارة الرئيس بايدن طلبت من الإمارات التعهد بألّا تنقل أيّ شيء يرتبط بالتكنولوجيا الأمريكية للصين أو أي دولة أخرى، لضمان الحفاظ على التفوق النوعي العسكري للكيان الصهيونيّ، والتعهد بألّا تستخدم الإمارات منظومات السلاح التي ستباع في اليمن أو ليبيا، وقد استمرت المفاوضات لفترة أبعد من نيسان (أبريل)، حتى صيف 2021، حينها بدأت أبو ظبي بالتذمر من الإملاءات الأمريكية حول طبيعة استخدام السلاح إلى درجة خرق سيادة الدولة، وفي تشرين الثاني (نوفمبر)، أعلنت أمريكا نيتها الدفع قدمًا بالصفقة طبقاً للتعهدات الإماراتيّة، لكن الإمارات أعلنت بعد شهر بأنها ستعلق المفاوضات في ضوء قيود على سيادتها واعتبارات التكلفة/ الفائدة.
بعد ذلك، وقّعت أبو ظبي على الفور على صفقة لشراء 80 طائرة من نوع (رافال) الفرنسية بمبلغ 19 مليار دولار، وهذه الطائرات لا تعتبر بديلاً للطائرة الأمريكية، لكن الحديث حينها كان يدور حول رسالة بشأن نفاد الصبر تجاه إدارة بايدن وعدم اليقين بخصوص سياسته غير الواضحة في الشرق الأوسط، وتؤكّد مصادر إسرائيليّة مُطلعة للإعلام العبريّ أنّ أعضاء من الحزبين الديمقراطيّ والجمهوريّ في واشنطن ضغطوا على بايدن لتنفيذ وعوده حول حقوق الإنسان عند فحص الاعتبارات لبيع السلاح، وخاصة في ظل انخراط الإمارات في حرب اليمن، وأنّه في حالة طرح الصفقة على الأجندة مرة أخرى فمن المتوقع أنْ يضغطوا أيضًا في موضوع التفوق النوعي للصهاينة المحتلين.
وفي هذا الشأن، من المرجح أنْ تطلب إدارة بايدن معرفة ما هي برامج التسلح المستقبلية للإمارات قبل أيّ تقدم آخر في تلك المسألة، هكذا بالضبط منعت الولايات المتحدة بيع طائرات اف 35 لتركيا بعد أنْ تبيّن أنها تريد استخدامها مقابل شراء منظومات دفاع جوية من نوع إس 400 من روسيا، وأوضح الإعلام العبريّ أنّ بايدن ونظيره محمد بن زايد أكّدا التزامهما بتعميق التعاون الأمنيّ الذي ساهم في ما أسماه “أمن المنطقة واستقرارها”، وتعهدت أبو ظبي بأن الولايات المتحدة هي الشريكة الأمنية الرئيسية، هذا ما تم الإعلان عنه بعد اللقاء، ونوهّت صحيفة “هاآرتس” العبريّة إلى أنّ مجلس الأمن القوميّ في البيت الأبيض لم يرد على طلبها بخصوص وضع صفقة طائرات اف 35، فيما رفضت سفارة الإمارات في واشنطن الرد على الطلب.
خلاصة القول، لم تحصل الإمارات على ما طبّعت لأجله، على الرغم من أنّ النظام الإماراتي ذهب لأكثر من حد التعاون الشامل مع العدو، ومنحه السيطرة الكاملة على بعض المجالات الحيويّة والحساسة في البلاد ما أدى إلى تغلغله فيها رغم خطورة ذلك، وقد أرسل الجانبان الإماراتيّ والصهيونيّ رسالة واضحة للجميع بأنهما “جسد واحد”، وذلك استكمالاً لنهج التعاون الكبير بين الإمارات والعدو الصهيونيّ الباغي، بعد الخيانة العظمى التي ارتكبتها أبو ظبي بحق فلسطين والعرب، وقد مهدت العلاقة المتناميّة بشدّة بين الإمارات والعدو الصهيونيّ لتعاون خطير ومكثف، بعد أن شكلا تحالفاً جديداً ازداد نمواً بشكل سريع للغاية، لكن الانخراط الإماراتيّ غير المسبوق في المشاريع الصهيونيّة الإجراميّة، لم يرضِ الأمريكيين عن الخانعين الجدد في حظيرة التطبيع.
المصدر/ الوقت