حقوقيون بريطانيون يطالبون بتسليم “ابن سلمان” للجنايات الدولية
کشفت العديد من التقارير الاخبارية أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سافر إلى لندن اليوم الأحد -17 سبتمبر/أيلول- لتقديم تعازي بلاده للعائلة المالكة البريطانية بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، لكن لم يؤكد إذا كان سيحضر مراسم الجنازة في دير وستمنستر. وستكون هذه الزيارة الأولى لولي العهد السعودي إلى المملكة المتحدة منذ مقتل الصحفي بواشنطن بوست جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018 وما تلاه من فرض بريطاني لعقوبات، وشمل ذلك حظر السفر على مجموعة من الحاشية المقربة من ولي العهد بسبب تورطهم المزعوم في القتل داخل القنصلية السعودية في اسطنبول.
وظل الأمير محمد بن سلمان في عزلة دولية بسبب اغتيال خاشقجي وغيرها من الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية التي لا يتوقف نظامه عن ارتكابها، لكن مع الغزو الروسي لأوكرانيا وارتفاع أسعار النفط، تراجع العديد من قادة الدول عن موقفهم المعادي له، وبدؤوا بإعادة العلاقات معه من جديد. والفترة الماضية شهدت زيارات مختلفة لرؤساء ودبلوماسيين كبار للمملكة، مثل الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل، ورئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، حيث التقوا الأمير الشاب لبحث زيادة إنتاج النفط للمساعدة في رفع أسعار الطاقة.
وكشف تقرير نُشر سابقاً لوكالة الاستخبارات الأميريكية، أن محمد بن سلمان وافق على قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في السفارة السعودية في اسطنبول عام 2018. ونفى ولي العهد السعودي وحكومته هذه المزاعم، لكن ينظر إليه على أنه شخص منبوذ في الغرب، ولم يزر بريطانيا منذ ذلك الحين حتى الآن. وقالت خديجة جنكيز، خطيبة جمال خاشقجي، إن دعوة ابن سلمان تمثّل وصمة عار في ذكرى الملكة إليزابث الثانية. ودعت إلى توقيفه عند وصوله إلى لندن، رغم أنها شكّكت في إمكانية حدوث ذلك. واتهمت “الحملة ضد تجارة الأسلحة”، السعودية وأنظمة ملكية أخرى في الدول الخليجية، باستخدام جنازة الملكة، كطريقة “لتبييض” سجلاتهم في حقوق الإنسان، وفق ما ذكرت مجموعة الضغط.
أما المعارض والباحث السعودي عبد الله العودة، ابن الداعية الوسطي المعتقل سلمان العودة، قال إن الرحلة المخطط لها تأتي في وقت تتزايد فيه وتيرة الأحكام المتشددة والجائرة ضد المعارضين، مثل ما حدث لسلمى الشهاب طالبة جامعة الليدز، والتي حكم عليها بالسجن 34 عاماً لاستخدام تويتر، مضيفاً إن هذه الجرأة حصل عليها ابن سلمان بسبب زيارات عدد من قادة العالم له بصورة رسمية، في إشارة إلى زيارة جو بايدن وبوريس جونسون. يُذكر أن المملكة المتحدة فرضت عام 2020 عقوبات على ستة سعوديين لاتهامهم بقتل خاشقجي، وكان بعضهم من كبار مستشاري ولي العهد، وهم: أحمد العسيري نائب رئيس المخابرات السعودية، وسعود بن عبد الله القحطاني مستشار ولي العهد في الديوان الملكي، وصلاح محمد الطبيقي طبيب شرعي بوزارة الداخلية السعودية، ومصطفى المدني عميد وضابط مخابرات في السعودية، ونايف حسن العريفي ملازم أول بالمخابرات، واللواء منصور عثمان اباحسين.
وقال ناشط آخر، وهو سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية المقيم في المملكة المتحدة: “يجب على الطغاة المستبدين ألا يستغلوا وفاة الملكة كفرصة لمحاولة إعادة تأهيل صورتهم أثناء تصعيدهم للحملات القمعية في بلادهم”. من جانبها، قالت أنييس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، التي حققت سابقًا في مقتل خاشقجي، إن خطة الأمير محمد لإبداء احترامه للملكة، أعادت إلى ذهنها مقتل الصحفي السعودي، وكيف حرمت عائلته من تخصيص جنازة محترمة له.
وتقدر التقارير أن بريطانيا باعت أسلحة تفوق قيمتها 23 مليار دولار، إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، منذ بدء الحرب هناك. كما اختفت الحريات السياسية تمامًا منذ أن أصبح محمد بن سلمان وليًا للعهد عام 2017. إضافة إلى صدور أحكام مشدّدة بالسجن ضدّ منتقدي الحكومة، وإن كانت بسبب مجرّد منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. ونشر الناشطون ملصقات في لندن ضد زيارة محمد بن سلمان للتعزية في الملكة إليزابيث الثانية تضمنت وصفه القاتل المجرم وسط مطالب بمحاكمته على انتهاكاته لحقوق الإنسان. واتهم ناشطون حقوقيون في لندن، محمد بن سلمان بارتكاب جرائم حرب في اليمن. وكان أقام الناشطون في وقت سابق معرض صور واعتصام أمام السفارة السعودية في لندن، وعرض الناشطون صورا من خلال «البروجيتكر» على حائط السفارة. وتضمنت الصور معاناة أطفال اليمن جراء الحرب إحداها حملت عنوان «السعودية تحاصر أطفال اليمن حتى الموت جوعا»، فيما حملت صورة لـ«ابن سلمان» عنوان «مجرم حرب». وتجمع العديد من الناشطين الحقوقيين والسياسيين والمدافعين عن حقوق الانسان وسلطوا الضوء على ما يجري في اليمن من انتهاكات جراء الحرب.
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة “الغارديان” أن مجموعة من المحامين سيقدمون ملف جرائم حرب ارتكبت في اليمن إلى شرطة بريطانيا. وأضافت الصحيفة في تقرير لمراسلها دان صباغ إن جماعات حقوق إنسان مع المحامين قدموا شكوى قانونية في بريطانيا اتهموا فيها رموزا مهمة في كل من السعودية والإمارات بالتورط في جرائم حرب في اليمن. وهم يخططون لتقديم الملف إلى الشرطة البريطانية والادعاء زاعمين أن 20 سياسيا وعسكريا في البلدين الخليجيين متورطون في جرائم ضد الإنسانية ودعوا إلى اعتقالهم السريع لو دخلوا بريطانيا. ولم تنشر مجموعة “غورنيكا 37” القائمة الكاملة بالأسماء ولكنها تضم اسمي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والإماراتي ومحمد بن زايد.
وتعتبر الإمارات والسعودية حليفتين مهمتين لبريطانيا ولديهما استثمارات واسعة هناك. وتملك الإمارات نادي مانشستر سيتي والأخرى اشترت نادي نيوكاسل يونايتد بمبلغ 350 مليون جنيه إسترليني. وقال توبي كادمان، المحامي الذي يقود الشكوى إنه يأمل في قيام وحدة جرائم الحرب في الشرطة بتجاهل الضغوط السياسية من الحكومة البريطانية والتعامل مع الموضوع بنزاهة. وأضاف: “نحن نتحدث عن جرائم شنيعة ونعتقد ألا حصانة منها”. وقدمت “غورينكا” 37 شكوى أخرى ضد أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري وتقوم الشرطة البريطانية بالنظر فيها. ويدرس الضباط توجيه تهم ممارسة الإرهاب ونزع الجنسية منها في أعقاب اتهامها بارتكاب جرائم.
وقضت المجموعة الحقوقية حوالي العام تقريبا لتقديم قضية جديدة ضد القيادة السعودية والإماراتية، وستقدم ملفا من 200 صفحة للشرطة ولمكتب المدعي العام يشتمل على أدلة من عائلات مدنيين قتلوا بسبب الغارات التي قام بها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وسيركز على الملفات التي أثارت جدلا مثل الغارة الجوية التي استهدفت حافلة تلاميذ مدرسة في شمال اليمن عام 2018 وقتلت 26 طفلا وجرحت 19 آخرين. أما الحادث الثاني فهو الغارة على مجلس عزاء بالعاصمة صنعاء في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 والتي قتل فيها 140 شخصا وجرح 600 آخرون، واعترفت قوات التحالف في ذلك الوقت بالمسؤولية عن الحادث.
المصدر/ الوقت