المشهد الاقتصادي في الداخل الصهيوني.. واحدة من كل خمس عائلات تحت عتبة الفقر
“ربع سكان الكيان الصهيوني فقراء” هذه خلاصة تقرير الفقر السنوي الذي نشرته منظمة «لاتيت». ووفقه، فإن مليونين و450 ألف مستوطن يعيشون في فقر، بينهم مليون و118 ألف قاصر. في المقابل، كشف التقرير أن نسبة العائلات القريبة من خط الفقر ارتفعت من 14% قبل تفشّي فيروس «كورونا»، إلى 23.6%، حيث لا تزال إسرائيل أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة الإقتصادية في العالم الغربي.
كورونا فاقمت الأزمة المعيشية في الكيان الصهيوني
جائحة «كورونا» فاقمت انعدام الأمن الغذائي في الكيان؛ حيث اضطرت عائلات تعيش في فقر وضائقة، مواجهة ارتفاع استهلاك أولادهم للموادّ الغذائية أثناء مكوثهم في البيت خلال الإغلاقات، ومن دون أُطر تعليمية وفي ظل غياب مشاريع تقديم وجبات طعام في هذه الأُطر.
وأشارت منظمة لاتيت إلى أنه خلافاً للإنفاق على إيجار المسكن أو على الضرائب، فإن الإنفاق على المواد الغذائية أكثر ليونة (يمكن التحكّم فيه)، ولذلك، فإنه غالباً ما يتمّ تقليص الإنفاق على المواد الغذائية في فترة الضائقة الاقتصادية.
وقالت لاتيت إن “ارتفاع تكلفة المعيشة، إلى جانب تآكل الأجور وعدم وجود سياسة للعدالة التوزيعية، يقضون على الطبقة الوسطى، ويلحقون الأذى بالفئات السكانية المحرومة، ويقومون بتوسيع الفجوات والحد من احتمالات الحراك الاجتماعي”.
ودعت المنظمة الحكومة إلى تضمين 225 مليون شيكل (69 مليون دولار) على الأقل في ميزانية الدولة الأساسية، كخطوة أولى، لمساعدة حوالي خُمس العائلات التي تعيش في ظروف انعدام أمن غذائي حاد.
وحسب معطيات المنظمة، فإن 633 ألف عائلة تعاني من انعدام أمن غذائي، بينها 292 ألفا تعاني من انعدام أمن غذائي شديد. ويعاني 744 ألف قاصر من انعدام أمن غذائي، بينهم 402 ألف يعانون من انعدام أمن غذائي شديد.
وأفاد 77% من الذين يتلقون مساعدات بأن الطعام الذي اشتروه لم يكن كافيا وأنه لم يكن بحوزتهم مالا كافيا لشراء المزيد من الطعام. كذلك افاد 52% من الذين يتلقون مساعدات بأنهم قلصوا حجم وجبات الطعام أو أنهم تنازلوا عن وجبات بسبب عدم توافر المال لشرائه.
وقال 8.5% من الذين يتلقون مساعدات كهذه أنهم بدؤوا بالتسول في أعقاب جائحة كورونا، وقال 8.1% إنهم صاموا يوما كاملا، فيما قال 4.4% إنهم بدؤوا يسرقون طعاما، و3.7% أكدوا أنهم بدؤوا يبحثون عن الطعام في حاويات النفايات.
و كان تقرير الفقر البديل” حول الفقراء وانعدام الأمن الغذائي الذي أصدرته منظمة “لتيت” غير الحكومية قد أظهر أن الفقر يكلف الناتج القومي الإجمالي في إسرائيل 48 مليار شيكل سنويا.
ويمنح الجمهور الغفير علامة سيئة جدا للحكومة في كل ما يتعلق بمعالجتها لتقليص الفوارق الاجتماعية. وعكست هذه الفوارق بقوة أكبر في جدول الامتحانات الدولية في التعليم، والتي منحت اسرائيل المرتبة الاولى في الغرب في الفوارق بين التلاميذ الاقوياء والضعفاء، وكذا في معطيات وزارة الصحة عن الفوارق في معدلات الوفيات والمرض بين بلدات المحيط ومركز البلاد.
في الوقت نفسه ، أعلنت صحيفة ديماركر الاقتصادية في ملاحظة انتقادية أن قضية التعامل مع التكلفة المذهلة للمعيشة في إسرائيل أصبحت شعارًا فارغًا للسياسيين الإسرائيليين.
وفقًا لهذه الصحيفة العبرية ، على الرغم من أن استطلاعات الرأي تظهر أن هذه القضية ذات أهمية كبيرة للناخبين الإسرائيليين ، فإن الأحزاب التقليدية لا تولي أي اهتمام لتكلفة المعيشة الباهظة ، أو على الأقل لا تضعها على رأس أولوياتها.
ورد في جزء من هذا المقال: على الرغم من أن المجتمع الإسرائيلي اليوم يؤكد أن التكلفة الباهظة للمعيشة في إسرائيل قد وضعتهم في حالة يرثى لها ، إلا أن السياسيين عمليًا ليس لديهم مخرج من هذه المشكلة.
شكاوى واحتجاجات
تزداد الشكاوى الإسرائيلية بشأن ارتفاع الأسعار المتزايد بشكل “جنوني”، تزامنا مع الاحتجاج على السياسة المالية والاقتصادية التي يتبعها وزير المالية أفيغدور ليبرمان بدعم من رئيس الحكومة يائير لابيد، ما أسفر عن انهيار اقتصادي تحت وطأة تسونامي غلاء الأسعار.
وتتعلق الاحتجاجات الإسرائيلية بارتفاع تكلفة المعيشة، بما في ذلك رسوم التعليم والصحة والمواصلات، فضلا عن الزيادة الحادة في أسعار المواد الغذائية، واتهام الحكومة ووزرائها بأنهم في حالة من إظهار اللامبالاة تجاه الإسرائيليين، إضافة لإنكار الواقع الكارثي الذي يعيشونه.
وفي النتيجة فإن الواقع الاقتصادي الذي تم الكشف عنه لكل إسرائيلي في الأشهر الأخيرة يوصف بأنه كئيب ومكلف وباهظ الثمن، وفقا لوسائل إعلام عبرية.
كما ذكر تقرير لموقع “ميدا” الإسرائيلي آخر تطورات معدلات غلاء المعيشة في دولة الاحتلال، حيث “ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل ستة بالمئة عن العام الماضي 2021، بتسجيل بعض المنتجات الأساسية زيادات بلغت عشرات بالمئة مقارنة بسعرها”.
وعلى سبيل المثال، فقد “ارتفعت أسعار الأرز بنسبة 14 بالمئة، والخضروات بنسبة 7 بالمئة، والمعكرونة بنسبة 10 بالمئة، ومنتجات الدجاج بنسبة 6 بالمئة، والزيت بما لا يقل عن 28 بالمئة، وسجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك زيادة بنسبة 60 بالمئة، وهي أكبر زيادة مسجلة منذ عقد”.
وأضاف الموقع العبري إنه “بشكل إجمالي كان هناك زيادة بنسبة 4.1 بالمئة في المؤشر عن ذات الفترة من العام الماضي، حيث قفزت أسعار المساكن في الكيان الإسرائيلي أكثر من 16 بالمئة، ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع”.
كما ارتفع سعر الوقود مرة أخرى إلى مستوى مرتفع جديد، كما أنه سيرتفع سعر الكهرباء الشهر المقبل بنسبة 9.6 في المئة.
ومن المتوقع قريباً زيادات أخرى في أسعار المياه والحليب والبيض والفواكه، وسيشهد سعر الخبز ارتفاعا بنسبة 20 بالمئة.
ولفت الموقع العبري إلى أن هذه الزيادات تأتي “دون أن تقدم الحكومة على فعل شيء لمواجهة تسونامي الأسعار الذي ينهار على الإسرائيليين كل يوم”.
وتتذرع حكومة الاحتلال للإسرائيليين بالحرب الأوكرانية وما رافقها من أسعار القمح في العالم، إضافة إلى التضخم العالمي، ومشاكل العرض، وفيروس كورونا، وإرث الحكومات السابقة، لكن المعارضة الإسرائيلية من جهتها تعتبر هذه الأعذار مجموعة من الأكاذيب التي لا تقنع أحدا.
ولا تكتفي المعارضة الإسرائيلية بتكذيب مبررات الحكومة بسبب ارتفاع الأسعار الفاحش، بل إنها تتهم وزراءها بالانشغال عن التعامل مع تكلفة المعيشة بالتركيز على تسليم الوظائف لأصدقائهم، في حكومة تعتبر الأكثر تضخمًا وإهدارًا.
وبدا لافتا أن نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة كشفت أن الغالبية العظمى من المستوطنين الإسرائيليين لا يؤمنون بقدرة حكومة لابيد-ليبرمان على تحمل تكاليف المعيشة، ولا يبدو أن الوضع الاقتصادي سيتغير للأفضل في أي وقت قريب، بل إنه قد يزداد سوءًا، حسب الموقع العبري.
من جانبها تناولت صحيفة “إسرائيل هيوم” قضية غلاء الأسعار لدى الاحتلال الإسرائيلي، الذي يهدد بتحطيم أرقام قياسية إضافية، وتذمّر المستوطنين منه، حتى إنّه بات سبباً لخروجهم من المدن الفلسطينية التي احتلوها إلى الولايات المتحدة الأميركية، “بحثاً عن حياة أفضل”.
وجاء في الصحيفة أن الواقع الاقتصادي القاتم يُجبر عدداً غير قليلٍ من العائلات على التفكير من جديد في مسار حياتها: “ليس قدراً حتمياً العيش هنا”، حتى أولئك الذين سعوا لسنواتٍ طويلة إلى الهجرة إلى الكيان الإسرائيلي غيّروا رأيهم: “لن نعيش في دولة فيها غلاء إلى هذا الحد”.
إنها إحدى أكثر المعضلات التي تكتنف عدداً غير قليلٍ من الإسرائيليين، وتحديداً في الكيان الإسرائيلي نسخة 2022 أصبحت جوهرية وتشغل عدداً غير قليلٍ من العائلات التي يمكنها القيام بالخطوة: “هل تبقى في إسرائيل أم تحاول تحسين حياتها في بلدٍ آخر؟”.
لا مجال للبقاء في “اسرائيل”
الواقع الاقتصادي، ولا سيما في العام الأخير، وغلاء المعيشة الذي يهدد بتحطيم أرقام قياسية إضافية، يؤديان ويقودان المزيد والمزيد من العائلات إلى إدراكٍ حتمي بأنه لا يوجد مجال للبقاء في اسرائيل بعد هذا الوضع وبتنا نرى أن مقومات انهيار الكيان من الداخل بدأت تتهيأ شيئاً فشيئاً وبدأت الهجرة العكسية بالظهور وهذا ربما يسبب القلق للكيان الذي قام بجذب اليهود من أقصى نقاط الأرض ووعدهم بقيام الدولة الموعودة وبأنهم شعب الله المختار ولكن اليوم بدأ اليهود بالمغادرة ولن يبقى منهم سوى الصهاينة الذين سيرحلون أيضاً ولكن بالقوة العسكرية وبالمقاومة.
المصدر / الوقت