التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

نظرة تحليلية لنتيجة الانتخابات النيابية في الكويت 

مع انتهاء عملية الفرز، أعلنت النتائج الرسمية للانتخابات البرلمانية السابعة عشرة في الكويت في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة. وبإعلان نتائج التصويت، اتضح أن أحداثاً مفاجئة حدثت في هذه الجولة الانتخابية، وهي أقل توقعاً، مثل حصول قوى المعارضة على أكثر من 60٪ من مقاعد مجلس النواب. وحسب وسائل الإعلام العربية، فقد لقيت الانتخابات استحسانًا حيث شارك أكثر من 70٪ من المؤهلين في التصويت، ما أدى إلى تغيير كبير في تركيبة المرشحين لمجلس النواب. ولقد أفادت الأنباء عن تغيير بنسبة 54 في المئة عن البرلمان السابق، بما في ذلك 15 مرشحًا ليس لديهم خبرة برلمانية سابقة على الإطلاق.

كما جاءت نتائج مجلس النواب مفاجأة أخرى وهي فوز مرشحين في السجن المركزي أحدهما يقضي عامين في السجن والآخر رهن الاعتقال. ولقد عانت الكويت في السنوات الأخيرة من أزمة الحكومات غير المستقرة وحل البرلمان المتكرر نتيجة وجود خلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وخاصة حول برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي وعدم الموافقة على الإصدار السنوي. وتم حل البرلمان الكويتي 6 مرات في عهد الشيخ صباح الأحمد أمير البلاد الراحل، فيما كان آخر حل في عام 2016. ولكن هذا الحل الحالي هو المرة الأولى منذ تولي الشيخ نواف الأحمد الصباح رئاسة البلاد في 29 سبتمبر 2020.

ولقد استقالت الحكومة السابقة برئاسة صباح الخالد الحمد في 5 أبريل من العام الجاري بعد رفض أمر الإقالة النيابي، والذي اعتبره “اضطرابًا” في السلطة التنفيذية، وبعد ذلك أمر الشيخ نواف بتشكيل حكومة جديدة برئاسة احمد النواف وإجراء انتخابات نيابية جديدة. وحسب القانون، في حالة صدور قرار بحل المجلس، ستجرى انتخابات جديدة في مدة أقصاها شهرين من إعلان الحل.

برلمان غير حزبي

يعود تاريخ إنشاء مجلس الأمة في الكويت إلى يناير 1963 وبعد عامين من إنشاء دولة الكويت، والتي تعد من الناحية العملية أقدم هيئة تشريعية في دول الخليج الفارسي. والمدة القانونية لمجلس النواب أربع سنوات، ويتم انتخاب النواب من خمس دوائر انتخابية. ويتم انتخاب 10 أعضاء من كل دائرة ويحق لكل ناخب التصويت لمرشح واحد فقط. وكان لكل ناخب الحق في التصويت لأربعة مرشحين حتى نهاية عام 2012، ولكن بعد ذلك اقتصر حق التصويت على شخص واحد لكل كويتي.

ولمجلس الأمة في الكويت سلطة التشريع بموافقة أمير هذا البلد، وله أيضًا سلطة إقالة رئيس الوزراء والوزراء. وحسب الدستور، يعتبر الوزراء غير المنتخبين من بين أعضاء مجلس النواب أعضاء في مجلس النواب بحكم مناصبهم بشرط ألا يتجاوز عددهم ثلث عدد أعضاء مجلس النواب.

ويحق للمواطنين الذين تزيد أعمارهم على 21 عامًا التصويت والترشح للانتخابات. ولا يحق للعسكريين، باستثناء أفراد الحرس الوطني، التصويت. ولقد أدى هذا الشكل من نظام التصويت إلى حقيقة أن الفصائل البرلمانية لا تتشكل في الكويت بمعناها المعتاد في البلدان الأخرى ذات البرلمانات. وتتشكل الكتل النيابية بشكل أساسي في لوبيات مجلس الشورى، والتي لها أهداف سياسية قصيرة المدى وبالتالي قد تتفكك في أي موقف، مثل نواب المعارضة في مجلس الشورى 2012 أو الكتلة المكونة من 9 أشخاص في مجلس الشورى 2020. وأحزاب وتيارات سياسية خارج البرلمان ولا وجود لها في الكويت.

انتخابات في أجواء الأزمة السياسية

وجاءت الجولة الجديدة من الانتخابات الكويتية المبكرة نتيجة الأزمة السياسية التي عصفت بحكم هذا البلد منذ سنوات وأدت إلى انقسام النخب السياسية وفجوة بين الحكومة والشعب. وتريد الكويت، مثل جيرانها في الخليج الفارسي، تنويع اقتصادها والتخلص من الاعتماد على النفط، لكن البيروقراطية والفساد وعدم وجود برامج تحول اقتصادي فعالة تواجه أي حكومة تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة.

إن الحكومات غير المستقرة التي لم تتمكن من تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يريدها الرأي العام والجماعات السياسية المعارضة هي نتيجة استمرار الأزمة السياسية في هذا البلد. ومن ناحية أخرى، في الكويت، غالبًا ما يتم تشكيل الحكومات على أساس المحاصصة الطائفية والقبلية ويتم تشكيلها نتيجة للفصل السياسي لمراكز السلطة في العملية السياسية. وغالبًا ما يكون أولئك الذين يترأسون الحكومات من نفس أعضاء العائلة المالكة، على الرغم من النزاعات العديدة مع الجمعية الوطنية. ومن الأمثلة على ذلك رئاسة ناصر المحمد لسبع حكومات، على الرغم من علاقته المتوترة مع الشورى في معظم الفترات، ما خلق جوًا متضاربًا بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وأدى إلى عدم تمكنهما من الوصول إلى حل مشترك ورؤية أو خطة عمل واضحة لتحقيق الإصلاحات المنشودة للشعب.

ونتيجة لهذه الخلافات، تم حل معظم الحكومات التي تتمتع فيها المعارضة بالأغلبية قبل نهاية فترة ولايتها. ومن بينها 7 برلمانات فقط أنهت فترة ولايتها، والتي كانت في الغالب للأسباب الثلاثة التالية: 1 – لضعف وجود المعارضة فيها بسبب مقاطعة الانتخابات. 2- قدرة الحكومة على استقطاب رأي النواب بإعطاء المناصب والهدايا. 3- أو بتفريق المعارضة التي يوفرها نظام الصوت الواحد.

ولفد وجد تحقيق برلماني في عام 2017 أن 79٪ من موظفي الخدمة المدنية قد أظهروا بأنهم ليس لديهم عمل. وفي الوقت نفسه، كشف التحقيق أن أكثر من 85٪ من السكان العاملين في الدولة هم موظفون حكوميون، و 15٪ فقط من القوى العاملة تعمل في القطاع الخاص. ويمكن رؤية إحدى علامات هذه الإحصائية في طريقة إنفاق الميزانية السنوية. وفي الكويت، تم تخصيص 71٪ من إجمالي الموازنة لعام 2020/2021 للرواتب والإعانات.

وقد تسبب هذا الوضع في تعثر حكومات الكويت في حلقة مفرغة وعدم قدرتها على تنفيذ الإصلاحات اللازمة في مواجهة تحديات كبيرة مثل عجز الموازنة الذي وصل إلى أعلى رقم في تاريخ هذا البلد وهو 10.8 مليارات دينار، أي ما يعادل 35.5 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، مع اعتماد 90٪، فإن الكويت هي الأكثر اعتمادًا على صادرات النفط في الخليج الفارسي والشرق الأوسط بعد العراق.

تحطيم الأرقام القياسية لدى الشيعة

يقال إن الجماعات الشيعية حققت في هذه الجولة تألقًا غير مسبوق بحصولها على 10 مقاعد. وهذا على الرغم من حقيقة فوز الشيعة بستة مقاعد في انتخابات 2020. ولقد فوجئ التحالف الإسلامي الوطني (الشيعي) بدخول ثلاثة من مرشحيه الأربعة إلى مجلس الأمة. وإضافة إلى ذلك، فاز “شعب العدل والسلام” (الشيعة) بمقعدين.

وفي هذه الجولة من الانتخابات، فاز أحمد عبد العزيز السعدون، رئيس مجلس النواب السابق، بالمركز الأول في عدد الأصوات في الدائرة الثالثة، الأمر الذي خلق توقع فوزه برئاسة مجلس النواب. لكن المشاركة العالية للشعب في الانتخابات، والتي أدت إلى تغيير 54٪ من تركيبة أعضاء البرلمان، وكذلك انتخاب شخصيات أصغر سنا مقارنة بالبرلمانات السابقة، تحتوي على رسالة مفادها بأن شعب الكويت وجد أن التصويت وسيلة للتغيير وأسلوبا للاحتجاج.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق