التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

بطابع اسرائيلي.. الكونغرس الأمريكي يفرض عقوبات على الجزائر 

بعد أيام فقط من مطالبة السيناتور ماركو روبيو بمعاقبة الجزائر، في رسالة وجهها لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بدأت حملة جديدة داخل الكونغرس الأمريكي لدفع الخارجية إلى فرض عقوبات على الجزائر، وتقود الحملة الجديدة السيناتورة ليزا ماكلين، وبالحجة نفسها، وهي دعم الجزائر لنظام موسكو عبر مواصلة شرائها للسلاح من روسيا.

الحملة التي تلقى رواجا كبيرا من طرف أبواق النظام المغربي ووسائل إعلام الكيان الصهيوني، يفسرها مراقبون أنّ “جريمة” الجزائر، ليست علاقتها مع روسيا، ولكن مواقفها المساندة لفلسطين والرافضة لكل أشكال التطبيع مع الاحتلال الصهیوني.

وحسب الموقع الخاص للسيناتورة ماكلين، وهي ممثلة ولاية ميشيغان عن الحزب الجمهوري، فإنّها جمعت 27 توقيعا داخل الكونغرس، حول رسالتها الموجهة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، والتي تدعوه فيها إلى تطبيق قانون “معاداة أمريكا” على الجزائر، باعتبارها بلدا داعما لروسيا التي تشن “حربا بربرية على أوكرانيا وهي بحاجة لمزيد من الأموال عبر بيع الأسلحة” وفق تعبير ماكلين.

وعبر البرلمانيون الأمريكيون بقيادة عضو الكونغرس الجمهورية ليزا ماكلين، في رسالتهم، عن مخاوفهم بشأن ما وصفوه تنامي العلاقات الوثيقة بين الجزائر وروسيا.

وتحدثوا عن التقارير التي ذكرت أن الجزائر وقعت العام الماضي، صفقات أسلحة مع روسيا قيمتها أكثر من 7 مليارات دولار، وأن من بينها بيع روسيا للجزائر طائرات مقاتلة متطورة من طراز سوخوي Su-57، والتي لم تبعها روسيا لأي دولة أخرى.

وأكدوا على أن الصفقات تجعل الجزائر ثالث أكبر متلق للأسلحة من روسيا، وموسكو أكبر مورد للأسلحة للجزائر.

ودعا المشرعون الأمريكيون إلى تنفيذ قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA)، الذي أقره الكونغرس في عام 2017.

وقالوا إن هذا التشريع يوجه رئيس الولايات المتحدة لفرض عقوبات على الأفراد الذين ينخرطون عن عمد في معاملة مهمة مع شخص يمثل جزءا من أو يعمل لمصلحة أو نيابة عن قطاعات الدفاع أو الاستخبارات التابعة للحكومة الروسية.

وقد فوض الرئيس سلطة العقوبات إلى وزير الخارجية بالتشاور مع وزير الخزانة.

واعتبروا أن شراء الأسلحة بين الجزائر وروسيا سيكون من الواضح أن يتم تصنيفه على أنها “معاملة مهمة” بموجب قانون CAATSA، ومع ذلك، حسب النواب، لا توجد أي عقوبات متاحة ضد الجزائر من قبل وزارة الخارجية.

وذهب النواب الأمريكيون للقول “لذلك، نطلب منك البدء فورا في تنفيذ عقوبات كبيرة على من هم في الحكومة الجزائرية المتورطين في شراء الأسلحة الروسية”.

وجاءت رسالة هؤلاء البرلمانيين إلى وزير الخارجية الأمريكي، بعد دعوة مماثلة، مؤخرا، من ماركو روبيو، السيناتور الجمهوري، ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس، لبلينكن، لفرض عقوبات على الجزائر.

ويخشى متابعون في الجزائر، أن تكون دوافع معاقبة بلدهم بالنظر لطبيعة الأشخاص المطالبين بها، متعلقة بمواقفها المساندة لفلسطين والرافضة لكل أشكال التطبيع مع إسرائيل ونشاطها الأخير في استضافة الفصائل الفلسطينية ومحاولة التوفيق بينهى، بينما قضية السلاح الروسي قد لا تكون سوى حجة ظاهرية.

في المقابل، تواصل الجزائر تعزيز علاقاتها مع روسيا دون مشاكل، وانعقدت مؤخرا اللجنة الحكومية المشتركة بالجزائر العاصمة التي ترأسها وزيرا الفلاحة في البلدين. وفي آخر تصريحاته، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الطابع الاستراتيجي لعلاقة بلاده مع الجزائر، مجددا الدعوة للرئيس عبد المجيد تبون لزيارة موسكو.

وأشار بوتين إلى أن الجزائر هي ثاني أكبر شريك تجاري لروسيا في إفريقيا من حيث حجم التجارة، لافتا إلى أن التعاون التجاري والاقتصادي آخذ في التطور بنشاط كما هو في مجالات أخرى، بما في ذلك المجالات العسكرية- الفنية والإنسانية.

يبدو واضحا أنّ رسالة ماكلين خرجت من منبع واحد مع تلك التي وجهها السيناتور الجمهوري ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، قبل نحو 3 أسابيع، لوزير خارجية بلاده، يدعوه فيها إلى فرض عقوبات على الجزائر.

وأدت رسالة روبيو لتأويلات كثيرة، وخاصة أنها تزامنت مع لقاء أجراه رئيس أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة مع السفيرة الأمريكية في الجزائر، والذي لم يفصح عن مضمون ما دار فيه خارج الإشارات الدبلوماسية المعتادة حول التعاون بين البلدين.

ورغم التهليل الكبير الذي تلقاه هاتين الرسالتين في وسائل الإعلام المغربية والعبرية، الذين يستضيفون محللين، يظهرون ماكين وروبيو كانّهما من يقرر في البيت الأبيض، لجعل العقوبات واقعية، إلا أنّه على عكس ذلك يبدو الجانب الرسمي الأمريكي متجاهلا لهذه الدعوات حتى الآن. فقد أثنت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى السفيرة باربرا ليف، على الدبلوماسية الجزائرية وقالت إنّ الجزائر شريك قوي للسلام والاستقرار في المنطقة وفي القارة الإفريقية، وذلك خلال لقائها بوزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة التعاون بين الولايات المتحدة والجزائر بشأن الاستقرار الإقليمي والسلام وقمة جامعة الدول العربية المقبلة.

وبالمقابل لم تصدر السلطات الجزائرية أي تعليق على الحملة الموجهة ضدها من بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، وخاصة أنّ الجزائر ومنذ استقلالها تعتمد في تسليحها على روسيا دون أن تبدي واشنطن أي إزعاج، بل بالعكس كانت العلاقات الجزائرية الأمريكية، دائمة هادئة ومتزنة، وهذا ما يجعل التكهنات، بأنّ السعي لمعاقبة الجزائر، لاعلاقة له بصفقة الأسلحة، ولكن لدعمها الثابت للشعب الفلسطيني، وخاصة أنّ الرئيس عبد المجيد تبون رمى بثقل الجزائر الديبلوماسي والتاريخي من أجل المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وهو ما لا يرضي الكيان الصهيوني، ولا دول التطبيع وفي مقدمتها المخزن المغربي.

وحسب رأي أحد المحللين قد تكون إسرائيل وراء هذه المبادرة ضد الجزائر في الكونغرس الأمريكي، حيث انها لا ترغب في وجود قوة عسكرية جنوب البحر الأبيض المتوسط، وبالخصوص من دولة تعتبر مناهضة لها، وتوفر الدعم للفلسطينيين بينما تراجعت دول عربية أخرى عن دعمهم وقامت بالتطبيع مع إسرائيل، وتشهد تقارير دولية كيف تحولت الجزائر الى قوة عسكرية في المتوسط بفضل مشترياتها من الأسلحة الروسية المتقدمة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق