التشيع اللندني أداة الغربيين لإضعاف محور المقاومة
يعمل أعداء شعبي إيران والعراق منذ سنوات على تدمير تحالف الشيعة من خلال خلق الخلافات والانقسامات بين الشعبين، من أجل إزالة هذا السلاح القوي لمحور المقاومة من طريقهم.
الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، التي ترى اقتدار العالم الإسلامي تهديدًا لدفع خططها الشريرة في المنطقة، تستخدم إمبراطوريتها الإعلامية لمحاولة خلق العداء بين الدول الإسلامية، واستغلال هذه الاضطرابات لمصلحتها الخاصة.
وبما أن إيران والعراق أفشلا مخططات ومؤامرات الغرب في المنطقة في إطار محور المقاومة، لهذا السبب تحاول الجبهة العبرية – العربية – الغربية ضرب العلاقات بين البلدين، من خلال خلق الانقسام بين الشيعة الإيرانيين والعراقيين ووضعهم في مواجهة رجال الدولة في البلدين.
إن إطلاق بعض الشعارات المثيرة للانقسام في الاحتجاجات الأخيرة في العراق، من قبل بعض العناصر المتسللة التي ليس لها هدف سوى خلق البلبلة وانعدام الأمن، هو جزء من المشروع الذي ينفذه هذا المثلث الشرير لضرب العلاقات بين طهران وبغداد.
وجهود الولايات المتحدة وبريطانيا لاستفزاز الرأي العام للشيعة العراقيين، تستند إلى التلميح للعراقيين بأن وجود إيران في العراق ليس لمساعدة بلدهم، بل للسيطرة على بغداد لتأمين مصالحها الخاصة.
وهذا السيناريو، الذي وضعه أعداء الشعبين على جدول الأعمال عدة مرات في السنوات الأخيرة، هذه الأيام مع بدء الاحتجاجات المتفرقة في العراق وإيران، برز إلی الساحة مرةً أخرى من أجل تحقيق أهدافهم من خلال تأجيج الخلافات بين الشعبين.
هذا بينما تتعزز العلاقات بين شعبي البلدين الجارين يومًا بعد يوم، والمثال على ذلك هو زيارة الأربعين مشياً على الأقدام، حيث يذهب في كل عام الملايين من عشاق ومحبي أهل بيت الرسول( صلى الله عليه وآله وسلم) من إيران إلى كربلاء، والترحيب الحار من شيعة العراق بالإيرانيين.
من ناحية أخرى، تستضيف إيران آلاف الزوار العراقيين كل عام، الذين يأتون لزيارة ضريح الإمام الرضا(عليه السلام) في مدينة مشهد المقدسة، ويعامل الإيرانيون العراقيين بكرم الضيافة.
وبسبب هذه العلاقات الحميمة بين الشيعة في البلدين، تحاول أمريكا وعملاؤها في المنطقة بثّ الفرقة والانقسام بين البلدين، ومنع هذين الشعبين اللذين يشكلان الأذرع القوية لمحور المقاومة في المنطقة، من أن يكونا في جبهة واحدة.
آثار أقدام التشيع اللندني
إن بث الانقسام بين شيعة إيران والعراق من قبل وسائل الإعلام التي تديرها مراكز الأبحاث في لندن، يهدف إلى تدمير المعتقدات التقليدية لدى الشيعة، والتي لا يستسيغها الغرب.
لذلك، مع الاستثمارات الضخمة التي قامت بها في هذا المجال، تحاول السلطات البريطانية فرض التشيع الذي تريده، والذي عُرف بـ “التشيع اللندني” منذ بضع سنوات، على شعوب المنطقة. وهو التشيع الذي يحمل أفكاراً غربيةً ويلعب دور جنود المشاة لبريطانيا مثل الماسونيين في القرن التاسع عشر، لتنفيذ الخطط الاستعمارية البريطانية في الدول الإسلامية، وخاصةً بين الدول الشيعية.
إن تيار التشيع اللندني يروِّج بين الشباب الابتعاد عن الإسلام السياسي والاقتراب من العالم الغربي والکيان الصهيوني، كأحد البرامج التي يمكن أن تحل مشاكل الشيعة. وبعبارة أخرى، فإن التشيع اللندني هو استمرار لنفس “الإسلام الأمريكي” الذي ذكره الإمام الخميني(رحمه الله تعالی) مرات عديدة، وهو الآن متجسد في هيکل ما يسمی “التشيع اللندني”.
الاستعمار البريطاني العجوز الذي حاول في القرون الماضية بثّ الفرقة بين الشيعة والسنة في المنطقة، من خلال خلق حركات وهابية وتكفيرية في أرض الحجاز ثم توسيعها إلى دول إسلامية أخرى، ولسوء الحظ حقّق أيضًا بعض النجاح في هذا البرنامج، استمراراً لهذه المؤامرات يحاول هذه المرة تطبيق هذا السيناريو بين شيعة المنطقة.
لأنه في العقدين الماضيين، وعلى الرغم من غزو الغرب بقيادة الولايات المتحدة لجغرافيا العالم الإسلامي ومحاولة تقسيم دول المنطقة وخلق شرق أوسط جديد، فإن القوى الموحدة لمحور المقاومة هي التي أحبطت المخططات المكلفة للغرب، وأفشلت بالكامل فتنة التكفيريين الكبرى في العراق وسوريا، والفوضى في لبنان، وحرب اليمن، وصفقة القرن في فلسطين.
وتأتي المحاولات اليائسة من الغرب وحلفائه لإحداث خلافات بين الشعبين الإيراني والعراق بإجراءات نمطية، فيما كان لهذين البلدين تعاون واسع النطاق في المنطقة في السنوات الأخيرة، ويصعب فصلهما عن بعضهما البعض.
حيث قاتل الشيعة في إيران والعراق جنبًا إلى جنب ضد الإرهابيين في سوريا والعراق في السنوات الماضية، وأظهروا وحدتهم القوية في ميدان المعركة للعالم.
يحاول الغربيون إبعاد العراق عن إيران، بينما وقفت إيران، باعتبارها أكبر دولة شيعية في العالم، إلى جانب شعوب المنطقة دائمًا دون أي مقابل، ولم تدخر أي جهد لمساعدتهم، وعلى عكس الممارسات الأمريكية، فهي لا تسعى إلى الاستعمار في العراق والدول الإسلامية الأخرى.
وهذا ما قاله السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، بوضوح لشعوب المنطقة في خطابه الأخير، وأقسم أن إيران لا تريد أي شيء منهم ولا تطمع في مواردهم.
تجنيد الإمبراطورية الإعلامية
إن انتشار الأخبار الكاذبة في الفضاء السيبراني من قبل وسائل الإعلام اللندنية والسعودية لتحريض العراقيين ضد إيران، يتم بهدف خلق الفتنة بين الشعبين من أجل زرع الفتنة في المنطقة، وتحريض الجانبين على بعضهما البعض.
کما أن إدارة وهندسة الرأي العام وتوجيهه نحو التوافق مع مخططات الغرب وحلفائه في الفضاء الافتراضي، هي حرب ناعمة يتم شنها لضرب محور المقاومة.
إن مثلث الشر العبري – الغربي – السعودي، الذي يخشى التحالف الاستراتيجي بين إيران والعراق حول محور الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيت النبي(صلی الله عليه وآله وسلم)، ويرى في هذه العلاقات القوية تهديدًا لتنفيذ مؤامراته، استخدم كل قوته الإعلامية لإحداث اضطراب في العلاقات القوية بين إيران والعراق، من أجل خلق الانقسام بين البلدين الجارين.
ومحاولة إبعاد الاقتصاد العراقي من التفاعل مع إيران وإحلال السعوديين محل ذلك، وسياسة تأجيج الصراع بين العرب والعجم، والأهم من ذلك تهميش مراسم الأربعين التي تعدّ أكبر تجمع عالمي ويجمع شيعة العالم بغض النظر عن عرقهم وقوميتهم، كلها خطط يتم اتباعها بجدية من قبل الأعداء.
لكن جهود جبهة المعاندين لإبعاد شعبي إيران والعراق عن بعضهما البعض، ستفشل مثل مشروع داعش، ومثلما حيَّد شيعة البلدين مؤامرات أمريكا وعملائها الإقليميين في مراسم الأربعين من خلال الاستلهام من الحركة الحسينية(عليه السلام)، فإنهم سيردون بشکل حاسم على محاولات أعداء الشعبين بث الانقسام في الحرب الناعمة والإعلامية.
المصدر/ الوقت