التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

أراضي الـ48 تؤرق “إسرائيل”.. استنفارٌ كبير ومقاومة متصاعدة 

مع تصاعد جرائم قوات الاحتلال الإسرائيليّ ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابها أبشع الجنايات الإرهابيّة في قتلهم وإعدامهم بالأخص في الضفة الغربيّة المحتلة التي شهدت تفعيل وسائل المقاومة والمواجهة، بسبب مواصلة قوات العدو جرائم الإعدام بدم بارد بحق الفلسطينيين بعد تعنت العدو بعقليته الإجراميّة والإرهابيّة، تعيش أجهزة الأمن التابعة للكيان ارباكاً كبيراً بعثر كل أوراق المسؤولين الأمنيين، نظرًا لكثافة العمليات ونجاحها في إنجاز ضرباتها الموجعة، بدأت تل أبيب تتحدث عن تفاصيل السيناريو الأخطر الذي تخشى حدوثه خلال الفترة المقبلة، بعد أن أقرّت مؤخراً بـ”الخطر المحتمل” في الضفّة الغربيّة المُحتلّة واعترافها أنّه “أعلى من الخطر من جهة قطاع غزّة المحاصر”، باعتبارها ترزح تحت الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة والمتصاعدة منذ عام 1967، ما يعني أنها ستكون قريبا وفقاً لمراقبين ومحللين كُثر ومنهم إسرائيليون رداً حقيقياً وعملياً على الاحتلال الصهيوني.

مخاوف إسرائيليّة

بشكل كبير، تزداد احتمالات أن تنفجر الأوضاع في الضفة الغربية أي لحظة بسبب التمادي الإسرائيليّ الذي بات ملموساً لأبعد حد وعلى كل المستويات، على الرغم من أن الكيان يتحدث دائما أن الأوضاع في الضفة “تحت السيطرة”، وأن ما يجري من عمليات مقاومة رغم خطورتها، إلا أنها “حالة فردية” يمكن تجاوزها، لكن هذه المرة كان الوضع مُغايرًا فالضفة لم تعد كالسابق والمقاومة تتطور كمًا ونوعًا ككرة ثلج تتدحرج من شاهق منحدر، وفي الفترة أشار مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة “هاآرتس” العبريّة، عاموس هارئيل، نقلاً عن مصادر بالمؤسسة الأمنيّة قولها: “إنّ الصعوبة المفصليّة التي تُواجهها الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة تتعلّق بعدم القدرة على وقف عبور منفذي عمليات من خلال ثغرات في جدار الفصل العنصريّ، أوْ بين طرفيْ ما يُطلَق عليه بالخّط الأخضر”، وذلك في الوقت الذي تقوم فيه قوّات الاحتلال بحملات تنفيذ اعتقالاتٍ في قلب المنطقة، وعلى نحوٍ خاصٍّ في مدينتيْ نابلس وجنين ومحيطيهما، والتي تترافق عادةً باشتباكاتٍ مسلحةٍ مع فدائيين فلسطينيين.

وفي ظل عودة المقاومة بشدّة إلى هذه المنطقة، ترتفع المخاوف من انتقال تلك العمليات الفدائية وكرة اللهب والغضب الفلسطينية إلى الداخل المحتل أو ما يعرف بـ”أراضي48″، وهذا ما تخشاه القيادة الإسرائيلية، حيث عززت شرطة العدو وبشكل مفاجئ خلال يوم أمس من عناصرها ودورياتها المنتشرة في المدن والبلدات الواقعة في أراضي 48، نتيجة المخاوف لدى المسؤولين في الجهاز الأمني من اتساع رقعة عمليات إطلاق النار التي تشهدها الضفة لتمتد إلى “داخل الخط الأخضر”، رغم أن العاصمة الفلسطينية القدس بالنسبة “لإسرائيل” كالضفة كانت تشكل دوما نقطة أمنية ساخنة جدًا ويتم التعامل معهما بحذر شديد للغاية.

ووفقاً للإعلام العبريّ، فإن مخاوف انتقال عمليات إطلاق النار من شمال الضفة إلى داخل “الخط الأخضر”، وإقدام خلايا المقاومة التي تنشط في جنين ونابلس، بتنفيذ عمليات داخل المدن التي تعج بالمستوطنين، وخاصة في ظل اعترافات مصادر أمنية بأن المسؤولين الصهاينة لا يملكون حلولا كبيرة لمواجهة هذا التهديد الذي يتم التعامل معه كما يجري التعامل مع تهديد عمليات الطعن والدهس، وذلك عن طريق زيادة أعداد القوات في مراكز المدن في أراضي 48، وتسعى شرطة العدو لمنع تنفيذ عمليات إطلاق نار على غرار تلك التي وقعت نهاية آذار/ مارس ومطلع نيسان/ أبريل الفائتين، خلال فترة ما يسمى “يوم الغفران” و”عيد العرش اليهوديّ”، في الأيام القريبة القادمة.

ووسط تصعيد عمليات المقاومة من إطلاق النار ومحاولات الدهس ضد قوات الاحتلال وعصابات مستوطنيه، تتزايد اعتداءات العدو على محافظتي نابلس وجنين، وفي مدينة القدس، وقد وجه رئيس ما يسمى “المجلس الإقليمي لمستوطنات غوش عتصيون، شلومو نئمان”، انتقادات لاذعة لسياسة حكومة العدو في الضفة المحتلة، وأوضح أنّ رئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات بالضفة، يوسي داغان، كان مستهدفا في العملية، خلال مشاركته في مسيرة المستوطنين، مضيفاً” “إنّ العمليات أصبحت شيئًا يوميًا والقيادة السياسية ووزارة الأمن قد أهملوا أمننا”.

وفي الوقت الذي تُجمع فيه فصائل المقاومة الفلسطينية بكل تشكيلاتها على الوقوف صفاً واحداً في الدفاع عن الضفة الغربية، وتؤكّد أنّها لن تسمح للعدو بأن يستفرد بأبناء فلسطين هناك، بات واضحاً الآن أن المقاومة بالضفة المحتلة تأخذ منحى تصاعدي مختلف عن كل ما سبق وبوسائل مختلفة، فبينما يحاول العدو احتواء الوضع في شمال الضفة (جنين، ونابلس، وطولكرم) يزداد الأمر صعوبةً عليه بعد تصاعدها جنوبًا في الخليل وتكرار عمليات إطلاق النار ضد جنوده ومستوطنيه خلال اليومين الماضيين، فيما المخاوف تتصاعد من انتقالها داخل أراضي 48 المحتلة، فيما يدعو المقاومون بشكل مستمر إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم مدن الضفة الغربية المحتلة.

القيادة الإسرائيليّة عاجزة بالكامل

يجمع مراقبون للشأن الفلسطينيّ، على أنّ القيادة الأمنية والعسكرية في حكومة العدو باتت عاجزة بشكل كامل عن إدارة الأوضاع عقب التصعيد الخطير الذي قامت به في الفترة الماضية، على الرغم من التحذيرات التي لا حصر لها مع كل عدوان جديد تنفذه قوات العدو، وهو اقتراب تحول الضفة الغربيّة بكاملها إلى “غزة ثانية” لردع العدوان الهمجيّ الذي لا يتوقف عن قتل المدنيين وتدمير مقدساتهم وتهديد أرواحهم، بعد أوصل الصهاينة وآلتهم العسكريّة رسالة لهذا الشعب بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه، والتهم جاهزة كعادتها “إرهابيّ”، “قاتل”، “متشدد”، وخاصة أنّ المقاومين هناك يعتبرون “جمراً تحت الرماد” وأحد أساليب المقاومة والمواجهة في المنطقة المهددة من قوات المحتل العنصريّ.

وبناء على ذلك، استعملت “إسرائيل” القوة المفرطة للقضاء على حالة المقاومة بالضفة، لكن ازدياد وتيرة الجرائم الإسرائيليّة، جعل حسابات الكيان الخاطئة بشدّة في الضفة الغربية، سياسة صهيونيّة نتائجها ظهرت نتائجها حاليّاً حتى باعتراف الإعلام العبريّ والمحللين والقياديين العسكرين الصهاينة، مع إقدام العدو على خطوات تصعيديّة كثيرة بدءاً من عمليات الضم التي ستؤدي بلا محالة إلى انفجار الأوضاع، وليس انتهاءً بارتكاب أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين، وعلى الرغم من أن العدو نسب الاحتلال إخفاقاته المتكررة إلى أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينيّة، إلا أنّ سياسة الإجرام قلبت الطاولة على رؤوس المسؤولين الإسرائيليين.

“كلما زاد العدو ومستوطنوه من اعتداءاتهم وتدنيسهم للمقدسات كلما زادت المقاومة في الضفة الغربية”، لم تفهم “إسرائيل” هذه الحكمة بشكل جيد، حيث إنّ تصاعد المقاومة المسلحة في الضفة الغربية وصل إلى هذا الحد بعد أن شعر الأهالي بأنّ العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن لا يمكن أن تتغير، وأنّ سلطتهم لا تملك سوى “الهراء الإعلاميّ” و”التنديد والوعيد” بينما تفتح أحضانها لكل أنواع التعاون مع تل أبيب، وأنّ تصريحات فصائل المقاومة الفلسطينيّة حول أنّ الأحداث الجديدة تعني اتساع بقعة الرصاص الموجّه صوب رؤوس جنود العدو ومستوطنيه، وأنه واهمٌ إن ظنّ أنّ الفلسطينيّ يمكن أن يرفع أمامه الراية البيضاء، مهما بلغت التضحيات، خير برهان على صحة ذلك.

في النهاية، إنّ تطور أساليب المواجهة والمقاومة في الضفة الغربية، وتأكيد الوقائع أنّ الاحتلال بدأ يفقد السيطرة، يعني فشل “إسرائيل” في مواجهة المقاومة بشكل آني ومستقبليّ، كما أن العمليات المسلحة في الضفة تطورت وتصاعدت بشكل كبير وبصور متعددة، ، ولا يخفي أبطال المقاومة الفلسطينيّة أنهم لن يتوقفوا عن تنفيذ عمليات إطلاق النار التي تستهدف قوات الاحتلال والمستوطنين في مختلفة مناطق الضفة الغربية المحتلة، في ظل الرغبة الشعبيّة الكبيرة بطرد الاحتلال وتلقين العصابات الصهيونيّة درساً في التحرير، ما يدل على تجذر المقاومة في نفوس أبناء الشعب الفلسطينيّ، وإيمانهم العميق بها خيارًا استراتيجيًّا للخلاص والانعتاق من الاحتلال العسكريّ وعنصريّته المقيتة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق