“مجلس الشراكة” مع الكيان الصهيوني.. نفاق أوروبي و شيك على بياض
على الرغم من معارضة عددٍ من النواب الأوروبيين ونحو 60 منظمة غير حكومية أوروبية وفلسطينية وبعد قطيعة دامت نحو 10 سنوات، استأنفت تل أبيب اجتماعات “مجلس الشراكة” مع الاتحاد الأوروبي، من خلال لقاء عُقد أمس الإثنين، بمشاركة رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلي يئير لبيد، والممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزراء خارجية 27 دولة أعضاء في التكتل الأوروبي.
وأفادت صحيفة “يسرائيل هيوم” بأن لبيد شارك عبر الإنترنت في اجتماع “مجلس الشراكة” المعني بتسوية العلاقات والتعاون بين الاحتلال الإسرائيلي والاتحاد الأوروبي.
وقالت إن “المجلس عُقد لأول مرة منذ عشر سنوات، وذلك بعد أن ألغت إسرائيل مشاركتها في مجلس الشراكة عام 2012 احتجاجا على سياسة الاتحاد الأوروبي وتمييزه بين إسرائيل والمستوطنات في الضفة الغربية”.
وأكدت “يسرائيل هيوم” أن لبيد سعى كوزير خارجية لتجديد المنتدى الذي يلتئم على مستوى وزراء خارجية، مشيرة إلى أنه “يعتبر ركيزة مهمة في علاقة إسرائيل والاتحاد الأوروبي”.
وأضافت الصحيفة “مارست إسرائيل ضغوطا سياسية لتجديد نشاط المنتدى في السنوات الأخيرة، مع تشكيل الحكومة البديلة، بعد أن انتاب العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل توتر خلال فترة رئاسة بنيامين نتنياهو الحكومة”.
وزعمت أن قرار الاتحاد الأوروبي يعتبر “تقديرا” للبيد والحكومة الحالية، بعد قطيعة دامت لسنوات واتسمت بالتوتر.
ووصف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، في بيان لوسائل الإعلام، الاجتماع بأنه “تاريخي” واعتبره “شق طريق سياسي يعزز مكانة إسرائيل، ويعترف بأهميتها وممتلكاتها على المستويين الإقليمي والعالمي”.
وأضاف البيان إن “الاجتماع يساهم في توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، ولاستمرار تطوير التعاون الثنائي في مجالات التجارة والمناخ والطاقة وتكنلوجيا المياه والرقمنة والسايبر والصحة. هذه الخطوات ستعود بالفائدة على مواطني إسرائيل، مثل خفض غلاء المعيشة وتقوية الاقتصاد والزراعة والسياحة”.
ويدفع المنتدى، حسب البيان، قُدما جملة من المشاريع الإسرائيلية الممولة أوروبيا، منها دعم شركات إسرائيلية وإشراكها في مبادرات بتمويل أوروبي، وتوقيع اتفاقية تجوال البيانات (Roaming) “التي ستخفض بشكل هائل تكاليف الاتصالات، واتفاقيات تتيح تصدير منتجات الزراعة العضوية إلى أوروبا واعتماد معايير من شأنها خفض تكلفة المنتجات”.
وأشار البيان إلى أن وزير المخابرات إليعزار شطيرن مثّل الحكومة الإسرائيلية في بروكسل، وسيواصل قيادة الوفد الإسرائيلي في باقي جلسات المنتدى.
وتبادلت الأطراف، خلال المنتدى، تصريحات سياسية بشأن عملية السلام وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث أكد المسؤول الأعلى لشؤون السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل أن موقف الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط “لم يتغير”.
وأضاف بوريل إن الاتحاد يواصل دعم “حل الدولتين” وإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. واستدرك “نحن على علم بأن الوضع في الأراضي الفلسطينية ينحدر إلى الهاوية، وأعتقد أن مجلس الشراكة هذا سيكون مناسبة جيدة للتواصل مع إسرائيل بشأن هذه القضايا كما اتفق الوزراء”.
من جهته زعم لبيد على أن “إسرائيل ستبقى يهودية وديمقراطية، وأن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية”.
وكانت 60 منظمة في حركة مقاطعة إسرائيل وجمعيات مناصرة للقضية الفلسطينية، منتشرة في أنحاء أوروبا، قد دعت نهاية الشهر الماضي، كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، إلى عدم عقد منتدى “مجلس الشراكة” وتجديد المحادثات مع إسرائيل. وأوردت صحيفة “يسرائيل هيوم” اقتباسا من رسالة المنظمات “ندعو الاتحاد الأوروبي لفحص قراره تجديد اجتماعات مجلس الشراكة وفحص خطط التعاون مع إسرائيل في مجال الغاز، لأن إسرائيل مسؤولة عن جرائم مستمرة وعن انتهاكات حقوق الإنسان بحق الشعب الفلسطيني”.
هذا وشهدت العلاقات الإسرائيلية-الأوروبية خلال السنوات الماضية خلافات عديدة حول جملة من القضايا المرتبطة باحتلال الأراضي الفلسطينية ومنها خيار حل الدولتين، وتعزيز الاحتلال الإسرائيلي الاستيطان في القدس والضفة الغربية المحتلة، وسياسة هدم البيوت وتهجير القرى والأحياء الفلسطينية، فضلا عن رفض تل أبيب لقرار الاتحاد الأوروبي القاضي باستثناء منتجات المستوطنات من اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين ووسمها.
وعبّر فلسطينيون في قطاع غزة، الإثنين، عن رفضهم انعقاد لقاء يجمع الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين إسرائيليين في بروكسل.
جاء ذلك خلال وقفة نظّمتها فصائل فلسطينية، أمام مقر الاتحاد الأوروبي بمدينة غزة، ورفع المشاركون في الوقفة لافتات طالبت بعضها بـ”محاكمة مجرم الحرب لابيد بدلا من عقد شراكة معه في مؤتمر بروكسل اليوم”.
ودعا خضر حبيب، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، في كلمة نيابة عن الفصائل المشاركة “الجهات المعنية لممارسة ضغطها السياسي والإعلامي والشعبي لوقف لقاء بروكسل”.
وقال حبيب، خلال مشاركته في الوقفة: “نتوجه للرأي العام الأوروبي والعالمي والجاليات الإسلامية والعربية والفلسطينية، وحركات المقاطعة والتضامن مع الفلسطينيين، بالضغط لوقف لقاء بروكسل”.
وطالب الاتحاد الأوروبي بـ”عدم تفعيل مجلس الشراكة الأوروبي الإسرائيلي”. وأردف: “السياسات الأوروبية من شأنها أن تشجّع الاحتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم”.
كما وأعربت جامعة الدول العربية عن رفضها انعقاد مجلس الشراكة بين “الاتحاد الأوروبي وإسرائيل”.
ومن جانبه، قال الأمين العام المساعد، السفير سعيد أبو علي، إن هذا الاجتماع يعود للانعقاد بعد ما يُقارب من عشر سنوات على تجميد أعماله على خلفية احتجاج الاتحاد الأوروبي على سياسات إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) ومُعارضته للسياسات الاستيطانية التوسّعية والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تكرس فيه إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المُحتلة منذ عام 1967 ومواصلة انتهاكاتها وجرائمها وعدوانها المُستمر على كل أبناء الشعب الفلسطيني التي تتزايد بوتيرة مُتسارعة في الآونة الأخيرة دون اكتراث لمبادئ القانون الدولي وحقوق الانسان وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ودون احترام لإرادة المُجتمع الدولي بتحقيق السلام العادل والدائم والشامل القائم على رؤية حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
واعتبر أبو علي أن عودة المجلس المذكور للانعقاد تُمثّل تشجيعاً للاحتلال وآلته العسكرية العدوانية ومُكافأة لحكومته العُنصرية الاستيطانية على سياساتها مُمارساتها وجرائمها المُتواصلة والتي كان آخرها ليلة أمس استباحة وتدنيس الحرم الابراهيمي في الخليل، وصباح هذا اليوم بإعدام ميداني لشابين في رام الله ليرتفع بذلك عدد الشهداء منذ بداية العام إلى 170 شهيداً، وغيرها من جرائم تطهير عرقي وتشريد وهدم للبيوت ومنع حرية العبادة وتدنيس المُقدّسات الإسلامية والمسيحية وقتل الصحفيين الفلسطينيين وإغلاق مُنظمات المُجتمع المدني في إعتداءٍ صريح على حرية الرأي والتعبير التي تُمثّل ركيزةً أساسية للمبادئ والقيم التي قام على أساسها الاتحاد الأوروبي، والتي تستند إليها الشراكة الدولية على أساس احترام قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادئ وقيم الحرية والعدالة واحترام حقوق الانسان.
وطالب الاتحادَ الأوروبي ودولَه الأعضاء عدم الكيل بمكيالين والاعتراف بدولة فلسطين وإعادة النظر في مُجمل علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي والضغط عليها من أجل الانصياع لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية واحترام حقوق الانسان الفلسطيني والاستجابة الفعلية والحقيقية لمُطالبات ومُناشدات دول العالم بما فيها دول الاتحاد الأوروبي لاستئناف عملية سلام جادة وذات مصداقية وبإطار زمني مُحدد تُفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المُحتلة منذ الخامس من حزيران يونيو عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بما يُحقق السلام العادل ويُعزز قيم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان ومسارات التنمية والاستقرار في المنطقة.
ومن جانبها قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي) إن إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد) بحق الفلسطينيين، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى محاسبة قادة تل أبيب بدل التعاون معهم.
وقالت إيف غيدي مديرة مكتب الاتحاد الأوروبي في أمنستي “إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصري بحق الفلسطينيين، وإن هذه الجريمة تتطلب من الاتحاد محاسبة قادة إسرائيل، وضمان عدم توفيره أي دعم لنظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل. وينبغي أن يركز أي تعاون على تفكيك نظام القمع والهيمنة الإسرائيلي القاسي”.
وقالت أمنستي إن السلطات الإسرائيلية تستولي على أراضي الفلسطينيين قسرا وتمارس ضدهم القتل غير المشروع والنقل القسري، وتفرض قيودًا صارمة على حريتهم في التنقل، وتجردهم من إنسانيتهم وتحرمهم من المساواة بحقوق المواطنة.
وأضافت “لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يزعم وجود قاعدة مشتركة من الالتزامات المتعلّقة بحقوق الإنسان مع دولة تمارس الفصل العنصري، لقد أغلقت الأشهر الأخيرة مكاتب منظمات مجتمع مدني فلسطينية بارزة، وكثّفت هدم المنازل في الضفة الغربية المحتلة، ونفذت ما يبدو أنها هجمات غير قانونية في قطاع غزة”.
وشددت المنظمة على أنه “من خلال تشدق الاتحاد الأوروبي بالحديث عن حقوق الإنسان مع إعطاء الأولوية للعلاقات السياسية وإمدادات الطاقة، فإنه يخاطر بزيادة ترسيخ الإفلات من العقاب على الجرائم بموجب القانون الدولي ونظام القمع والهيمنة الإسرائيلي القاسي ضد الفلسطينيين”.
المصدر/ الوقت