التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

هل يدخل الجوع والبرد فرنسا في الفوضى 

تظاهر آلاف الفرنسيين الأحد بالعاصمة باريس احتجاجا على غلاء المعيشة، بالتزامن مع استمرار عمال مصافي التكرير في إضرابهم عن العمل للمطالبة بزيادة الأجور، وهو ما تسبب في وقوف طوابير طويلة من السيارات أمام محطات الوقود.

وقد دعا إلى المظاهرات ، التي تأتي أيضا للتنديد بعجز الحكومة عن معالجة ملف تغير المناخ، تيار اليسار المعارض لحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون.

وكانت الشرطة قد أعلنت، في وقت سابق، أنها تتوقع أن يشارك في هذه الاحتجاجات ما يصل إلى 30 ألف شخص من جميع أنحاء فرنسا بالاحتجاجات.

وقال منظمو مسيرة الاحد إنها تشكل استكمالا لجهود الاتحاد العمالي العام، ومن جانبها عبرت الشرطة عن مخاوف من “قدوم أشخاص عنيفين من اليسار المتطرف ومن ذوي السترات الصفراء المتطرفين الذين يرغبون في الإخلال بالمظاهرة”. وقال مسؤول أمني “تم تحذير المنظمين من هذه المخاوف”.

وتتلخص مطالب متظاهري مسيرة الأحد في 5 نقاط هي التقاعد في سن الستين، زيادة الأجور، مساعدة للاستقلال المادي تبلغ 1100 يورو للشباب، تجميد الأسعار، فرض ضرائب على الأرباح الفائقة والتحول البيئي.

وقالت مانون أوبري، النائبة عن حزب “فرنسا الأبية”، وهو حزب أقصى اليسار، “الارتفاع في الأسعار لا يطاق. إنه أكبر خسارة في القوة الشرائية منذ 40 عاما.. حان الوقت لإعادة توزيع المليارات التي تتراكم في قمة الصناديق الكبيرة، على أولئك الذين يكدحون”.

وقد سار زعيم تيار أقصى اليسار جون لوك ميلونشون (وزعيم حزب “فرنسا الأبية”) رافعا قبضته إلى جانب آني إرنو الحائزة على جائزة نوبل للأدب على رأس المظاهرة التي بدأت بتأخير طفيف عن موعدها.

وقالت النائبة عن “فرنسا الأبية” كليمانس غيتي “هناك شيء ما يستيقظ وهذه إشارة جيدة جدا” مشيرة إلى أن المظاهرات بمثابة “استعراض للقوة”.

ورفعت خلال المسيرة لافتات كتب على إحداها “موجة حر اجتماعي، الشعب متعطش للعدالة” بينما حذرت أخرى من أن “التقاعد جيد لكن الهجوم أفضل” في إشارة إلى إصلاح نظام التقاعد الذي تريده الحكومة ويرفضه اليسار.

وتأتي احتجاجات باريس في وقت يواصل فيه عمال مصافي التكرير إضرابهم إثر الإخفاق في التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة الأجور مع نقابة العمال المضربين.

وتوقفت عن العمل 4 مصاف من أصل المصافي السبع، فضلا عن مستودع للوقود جراء إضراب العمال. كما لوحت بعض النقابات المضربة بالمنشآت النووية التابعة لشركة الكهرباء بتصعيد إضرابها وتوسيعه، ليشمل الإبطاء في وتيرة عمل المفاعلات المستغلة حاليا في إنتاج الكهرباء.

وسيتبع هذه المظاهرات مظاهرات أخرى لنقابات العمال مصحوبة بإضراب عام وشامل، بسبب عدم توصل نقابات العمال إلى أي اتفاق مع الحكومة بخصوص فض الإضرابات في القطاع النفطي. كما ويبدو أن هذا الشتاء سيكون قاسيا لناحية العلاقة بين الحكومات من جهة، والنقابات من جهة أخرى.

صحيفة “لي زيكو” الفرنسية، نقلت هذا الأسبوع عن المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية قوله، إن تراجع القدرة الشرائية للمواطن الفرنسي ستستمر العام المقبل أيضا، كما أن ارتفاع المداخيل خلال النصف الثاني من هذا العام لا يمكن أن يسد الثغرات التي تسببت فيها الخسارات المسجلة خلال الشهور الأولى من عام 2022. واعترف المرصد بأن الوضع سيزداد سوءا خلال عام 2023، وتوقّع تقلصا للقدرة الشرائية بنسبة 0.3 بالمئة.

إن ما يحصل “جلطة قلبية”، حسب تعبير صحيفة “الفيغارو”. وفي رأي صحيفة “لوموند”، فإنّها “حرب داخلية”، لكن التوصيفات ربما ستعجز عن ابتكار مصطلحات جديدة أكثر تعبيراً عن الواقع يوم الثلاثاء المقبل، مع الإضراب العام الذي تنضم إليه المزيد من النقابات والمنظمات الشبابية والجامعية والطبية.

ومن المقرر أن يمثل الإضراب تحولاً فاصلاً في إيجاد تسوية أو دخول البلاد في الفوضى التي لا تزال معالمها تضرب مفاصل الإنتاج والحياة المعيشية للفرنسيين، فيما تدفع الحكومة إلى مأزق عميق قد يكون الخروج منه تلبية لدعوات المتظاهرين في ساحات باريس بالاستقالة، على الرغم من استحالة خطوة مماثلة، لما تعنيه من هزيمة ساحقة لإيمانويل ماكرون.

وتكمن الأزمة، في رأي اليسار، في السياسات المتهورة التي يقودها إيمانويل ماكرون منذ ولايته الأولى، والتي ألحقت فرنسا بالولايات المتحدة، ما ورطها في حرب أوكرانيا وتهور حلف الناتو، اللذين قصما ظهر البعير، ونقلا فرنسا وأوروبا عموماً إلى كارثة تتسع مع الأيام.

وكشف استطلاع رأي أجرته صحيفة “لوبوان” الفرنسية، أن 66.2 بالمئة من المشاركين في التصويت يخافون من حدوث “انفجار اجتماعي” في البلاد خلال الأسابيع القادمة.

حسب الاستطلاع، الذي ظهرت نتائجه على موقع الصحيفة، فإن 33.8 بالمئة فقط من المصوتين أجابوا بالنفي عن السؤال الذي طرحته لوبوان، وكان “هل تخشى وقوع انفجار اجتماعي في فرنسا خلال الأسابيع القادمة؟”.

بالتالي، من المرجح أن تعكس نتيجة استطلاع الرأي تخوفا لدى الرأي العام الفرنسي من اشتداد وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، في حين تواصل بعض المركزيات النقابية البارزة الإضرابات التي بدأتها منذ نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، احتجاجا على عدم رفع الأجور، وارتفاع الأسعار، وتفاقم أزمة الطاقة مع اقتراب دخول فصل الشتاء القارس.

هذا ويبدو أن الحرب في أوكرانيا فرضت واقعا صعبا على العديد من الدول في العالم، حيث باتت الدول الأوروبية تعاني بشكل متفاوت من أزمة الطاقة، الناتجة عن قطع روسيا عبر خط “نورد ستريم 2” الطاقة عن الاتحاد الأوروبي، كما يشير المحللون إلى أن دولا مثل ألمانيا وفرنسا من أكثر الدول تضررا.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق