قوى الحرية والتغيير تطرح رؤيتها.. ما فرص نجاح التسوية السياسية بالسودان
قال تحالف قوى الحرية والتغيير إن المجلس المركزي للتحالف أجاز بالإجماع رؤية لإنهاء ما أسماه الانقلاب العسكري في البلاد، وحدد أن يتم اختيار رئيس الوزراء ورئيس الدولة من قبل من أطلق عليهم “القوى الثورية”.
وأقرت الرؤية التي طُرحت في مؤتمر صحفي، الاثنين، ضرورة إصلاح المنظومة العسكرية والأمنية وفق مصفوفة زمنية محددة، حسب التحالف، كما أقرت أهمية مراجعة اتفاق جوبا للسلام.
ووفق الرؤية فإنه سيتم تشكيل سلطة يقودها مدنيون بالكامل لقيادة الفترة الانتقالية وصولا إلى الانتخابات، بعد تكثيف الجهود لإنهاء الجمود المستمر منذ 11 شهرا بين الجيش الذي يحكم البلاد والقوى المؤيدة للديمقراطية.
وبموجب الرؤية، سيخرج الجيش من المشهد السياسي ومجلس الوزراء، في حين أن مجلس السيادة، الذي كان يمثل رأس الدولة، سيكون مؤلفا بالكامل من شخصيات مدنية تختارها “القوى الثورية”.
وأضاف التحالف إن البرلمان الانتقالي سيشمل جميع الأحزاب والجماعات باستثناء حزب الرئيس السابق عمر البشير، حزب المؤتمر الوطني، وسيستمر هذا الإجراء لمدة تصل إلى عامين قبل الانتخابات.
ووفقا للرؤية، فإن الاتفاق سيسمح أيضا بإصلاح قطاع الأمن وتشكيل “مجلس الأمن والدفاع” بقيادة مدنية برئاسة رئيس الوزراء ويضم ممثلين من الجيش وعناصر أخرى في قطاع الأمن.
وكان قادة الجيش قالوا في وقت سابق هذا الصيف إنهم يعتزمون الخروج من المشهد السياسي، وأفاد قادة قوى الحرية والتغيير بأنه تم إبلاغهم بأن الجيش وافق على مسودة دستور طرحتها نقابة المحامين السودانية من شأنها السماح بحكم مدني.
وفي السیاق، قال القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير السوداني خالد عمر يوسف إن التحالف والأطراف الموقعة على مسودة الدستور الانتقالي للجنة التسييرية لنقابة المحامين والحركات المسلحة ستكون جزءا من الحل السياسي.
ووصف عمر قبول المكون العسكري في السلطة بمسودة الدستور الانتقالي لنقابة المحامين التسييرية بالأمر الإيجابي.
من جهته عبر القيادي بقوى الحرية والتغيير السودانية محمد الصادق، الاثنين، عن أمله بأن تؤدي رؤية القوى لإسقاط” الانقلاب” واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي وتشكيل أجهزة السلطات الثلاثة من مدنيين وصولا لانتخابات حرة وشفافة.
وقال الصادق إن قوى الحرية والتغيير اعتمدت 3 مبادئ أساسية برؤيتها ، أولا الحراك الجماهيري والنضال الشعبي كأداة رئيسية لإسقاط الانقلاب وثانيا التضامن الدولي ، وثالثا الحل السياسي.
“الجميع يتفق على هذه الخطوات بما فيها حزب البعث وكل القوى الرافضة للانقلاب، من خلال هذا سنسلك مسارا يعزز وحدة قوى الثورة و يحفظ وحدة قوى الحرية والتغيير لأننا نريد أن نكون جسما واحدا لإسقاط هذا الانقلاب” حسب الصادق الذي بين أن الرؤيا أولا من ضمنها الدستور حيث اعتبرت مشروع الدستور الانتقالي المقترح أساسا لما سيتم من خطوات لإنهاء الانقلاب عبر أجهزة السلطة المدنية الثلاثة.
وتابع الصادق: “العلاقة بين المدنيين والعسكريين تشوبها شائبة كبيرة من العام 1958 يعني حوالي أكثر من 60 عاما هناك شوائب في هذه العلاقات المدنية العسكرية نحن نحاول أن نعالج الأزمة التاريخية للوصول إلى ما يريده شعبنا من إسقاط الانقلاب وأن يكون انقلاب الـ 25 من أكتوبر آخر الانقلابات في تاريخنا السياسي في السودان وأن نمضي قدما إلى الأمام في بناء دولة مدنية بأسس راسخة والآن أعتقد أن الباب يمكن أن يكون مفتوحا “.
من جهته رحب رئيس حركة تحرير السودان مناوي أركو مناوي الثلاثاء برؤية الحرية والتغيير التي طرحتها للتسوية مع قادة الجيش، فيما تخوف الحزب الشيوعي من أن تؤدي إلى هيمنة العسكر على السلطة.
وقال مناوي عبر حسابه على توتير، بعد اطلاعه على رؤية الحرية والتغيير “أرحب بها، لأول مرة خلال ثلاث سنوات أرى طرحا عقلانيا”.
وأبدى مناوي، وهو رئيس الاتصال بجماعة التوافق الوطني المتحالفة مع الحكم العسكري، تحفظه على توزيع حصص السلطة والحقوق الواردة في الرؤية، التي قال إنها “جهد يستحق الاحترام، ونحتاج إلى توفيق المواقف بأعجل ما يمكن لتكوين الحكومة”.
ويعد حديث مناوي، الذي يشغل منصب حاكم إقليم دارفور، تحولا كبيرا في مواقفه، حيث كان يرفض أي تقارب بين قادة الجيش والحرية والتغيير، وهذا أمر تشاركه فيه مكونات قوى التوافق الوطني.
وقال الحزب الشيوعي، في بيان الاثنين، إن التسوية هدفها “هيمنة العسكر على السلطة وحماية مصالح الرأسمالية الطفيلية بشقيها العسكري والمدني ومصالح القوى الإمبريالية والإقليمية في نهب ثروات البلاد”.
وأشار إلى أن التسوية المرتقبة لا “تخرج عن إعادة الشراكة وهيمنة العسكر على السلطة السيادية والتنفيذية تحت اسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة البرهان ونائبه حميدتي”.
ولم تتحدث رؤية الحرية والتغيير عن هذا المجلس الذي لاحظ قادة الجيش عدم ذكره في مسودة الدستور الانتقالي، وهو ضمن الملاحظات التي أرسلها إلى الحرية والتغيير، حيث يطمحون عبره إلى أخذ صلاحيات سيادية مثل الإشراف على الأمن والدفاع والبنك المركزي ووزارة الخارجية.
وفي بيان سابق صدر الأحد، انتقدت قوى الحرية والتغيير اعتقال العضو القيادي وجدي صالح، وقالت إن اعتقاله تم لأسباب سياسية بحتة.
ويرهن القيادي في تحالف الحرية والتغيير، سامر عبد اللطيف، نجاح العملية السياسية الجارية بمدى جدية العسكريين. ويقول إن تجربتهم مع العسكر تحملهم على عدم الثقة في تعهداتهم، إذ سبقت عملية استيلائهم على السلطة، أحاديث كثيرة عن كونهم يحترمون الشراكة، والوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية. مضيفاً إن العسكريين يحاولون حالياً الالتفاف على تعهداتهم بالخروج من المعادلة السياسية، بدعم شركاء سياسيين ينوبون عنهم في الحكم مستقبلاً.
ومع ذلك، عاد سامر ليبدى تفاؤله بالعملية الجارية، لما يراه تعلم الحرية والتغيير من درس 25 أكتوبر/ تشرين الأول بتحصين أي اتفاق من إمكانية خرقه، علاوة على كون المفاوضات مرعية من قبل كيانات دولية داعمة للتحول المدني، ولا ترغب في تحول السودان إلى دولة فاشلة تحت إمرة العسكر.
ويرى محللون أن نجاح اتفاق التسوية من عدمه، يعود بشكل رئيس إلى الشارع، وقدرة أطرافه على تسويق الاتفاق لعامة السودانيين. حيث إن رفض الشارع حمل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للاستقالة من منصبه، عقب إبرامه لاتفاق سياسي شبيه مع البرهان في 21 نوفمبر/تشرين الأول 2021، ولا يستبعد أن يتكرر هذا السيناريو في ظل استمرار لجان المقاومة في عمليات التصعيد. وبعد أسابيع في الإقامة الجبرية، ضمن الإجراءات التي اتخذها الجيش بعد استيلائه على السلطة، وقع البرهان وحمدوك على إطار سياسي بهدف إنهاء الأزمة السياسية، وهو ما رأت فيه قوى الاحتجاجات تسويقاً للانقلاب.
المصدر/ الوقت