كيان الاحتلال.. انتقادات أُمميّة وتجاهلٌ لتنفيذ القرارات
مرة جديدة يخرج مسؤول أُممي لينتقد كيان الاحتلال الإسرائيلي علانيّة، وهذه المرة كانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، التي أكدت أن كيان الاحتلال يتصرف بطريقة سيئة جدًا مع الشعب الفلسطيني، وأن ما يجري هو ممارسات للفصل العنصري من قِبل إسرائيل بحق الفلسطينيين. وانتقدت ألبانيز، تصريحات عضو الكنيست الصهيوني المتطرف ايتمار بن غفير في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، واعتبرت أنها تحريض على ارتكاب جريمة، لا سيّما لأسباب عنصرية، وأنها انتهاك واضح لإلتزامات كيان الاحتلال الدولية. كما وثقت ألبانيز استخدام القوة المميتة ضد الصحفيين والعاملين في المجال الإنساني الذين ينتقدون كيان الاحتلال وذلك إلى جانب اعتقال القادة السياسيين الفلسطينيين. وأوضحت أن الوقت قد حان لنقلة نوعية في علاقات إسرائيل مع المجتمع الدولي.
هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي ففي 16 حزيران/ يونيو لعام 2020 أعلن خبراء من الأمم المتحدة أنّ اتفاق حكومة الاحتلال الإسرائيلي على ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة ينتهك مبدأ أساسيًا من القانون الدولي ويجب أن يعارضه المجتمع الدولي بشكل حازم. وأضافوا انه منذ 53 عامًا وكيان الاحتلال هو مصدر انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان التي يتمتّع بها الشعب الفلسطيني. ومن بين هذه الانتهاكات مصادرة الأراضي، وعنف المستوطنين، وقوانين التخطيط التمييزية، ومصادرة الموارد الطبيعية، وهدم المنازل، والنقل القسري للسكان، والإستخدام المفرط للقوة والتعذيب، واستغلال العمال، والانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الخصوصيّة، والقيود المفروضة على وسائل الإعلام وحرية التعبير، واستهداف الناشطات والصحفيات، واحتجاز الأطفال، والتسميم بالتعريض للنفايات السامة، والإخلاء القسري والتشريد، والحرمان الاقتصادي والفقر المدقع، والاحتجاز التعسفي، وانعدام حرية التنقّل، وانعدام الأمن الغذائي، وإنفاذ القانون بطريقة تمييزية، وفرض نظام ينطوي على مستويين من الحقوق السياسية والقانونية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، متباينة على أساس العرق والجنسية. أمّا المدافعون الفلسطينيون والإسرائيليون عن حقوق الإنسان، الذين يلفتون انتباه الرأي العام سلميًا إلى هذه الانتهاكات، فيتعرضون للافتراء والتجريم والتصنيف على أنهم إرهابيون. بالإضافة إلى ذلك كلّه، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يعني حرمان الفلسطينيين من حقّ تقرير المصير.
كل هذه التُهم لا شيء أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في الحقيقة، ولكن ماذا حصد هذا الشعب على أرض الواقع غير بيانات الإدانة من قبل الأمم المتحدة؟ فعندما تؤكد هذه المنظمة الأممية ان الشعب الفلسطيني يتعرض للتجويع ولا تعطيه الطعام حتى يأكل ماذا يستفيد الشعب؟ عندما يؤكد الخبراء في الأمم المتحدة أن أميركا تقوم بدعم وتشجيع خطط كيان الاحتلال غير القانونية لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية على مدار العقود الماضية لأكثر من خمسة وسبعين مرة، فماذا يستفيد الشعب من هكذا بيان وإدانة ومعارضة؟
كثيرة هي القرارات التي خرجت من الأمم المتحدة ضد كيان الاحتلال منذ بداية الاحتلال عام 1948 وحتى اليوم، خصوصًا فيما يتعلق بالاستيطان والاعتقال والقدس ولكن على الاراض لا يوجد أي شيء، وذلك بسبب الدعم الأميركي ألا متناهي لكيان الاحتلال ماديًا وعسكريًا ولوجستيًا وأمنيًّا وحتى دوليًا، فأي قرار يصدر في مجلس الأمن ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي تقوم الولايات المتحدة بإستخدام حق النقض الفيتو بوجهه، بالمقابل تستخدم كل قوتها على جميع الصعد لاسيّما الحقوقية والدولية لاسكات الفلسطينيين وقمعهم ومنعهم من ممارسة حقهم في محاسبة كيان الاحتلال سواء في محكمة العفو الدولية أو في الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة بل وتمنع الدول من دعم الشعب الفلسطيني وتهددهم بالحصار والحرب والعقوبات إذا قاموا بنقل وجع الفلسطينيين.
تجاهل كيان الاحتلال لقرارات الأمم المتحدة ضده، وقيام المجتمع الدولي بدور المراقب وليس الفاعل بوجه هذا الكيان يجعل العالم ينظر بعين الرافض لهذه المؤسسة الأمميّة وهو ما ينذر بقرب سقوطها بسبب فقدانها للفاعلية والمصداقية لدى الدولة، خصوصًا وأن الأمم المتحدة ليس لديها اي قوة في إجبار كيان الاحتلال على تنفيذ القرارات الأممية. أما الشعب الفلسطيني قد فقد ثقته بهذه المؤسسة وبات يعول على نفسه ودعم حلفائه في محور المقاومة على تحرير نفسه من ظلم كيان الاحتلال وجرائمه وفرض سياسة الأمر الواقع عليه، فهذا الكيان لم ينسحب من جنوب لبنان بسبب القرارات الأممية ولم ينسحب من قطاع غزّة بسبب مواقف الأمم المتحدة، بل انسحب بسبب مقاومة الشعب اللبناني والفلسطيني، وبالتالي باتت المقاومة هي الخيار الأول والآخير لتنفيذ القرارات على الأرض.
المصدر/ الوقت