التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

صندوق النقد الدولي… الاتحاد الأوروبي يغرق في خسائر الحرب الروسية – الأوكرانية 

نظرًا لأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا تسببت في خسائر متزايدة في اقتصادات الدول الأوروبية، على الرغم من أن النمو الاقتصادي يتحسن بشكل طفيف في القارة العجوز، فلا توجد علامة على تباطؤ التضخم، وفقًا لموقع صندوق النقد الدولي على الإنترنت.

وفقًا لهذا التقرير، ستنمو الاقتصادات الأوروبية المتقدمة بنسبة 0.6٪ فقط العام المقبل؛ بينما ستنمو الاقتصادات الناشئة (باستثناء تركيا وبيلاروسيا وأوكرانيا) بنسبة 1.7٪ وتظهر الأرقام الجديدة المعلنة انخفاضًا بنسبة 0.7 و 1.1 في المئة على التوالي، مقارنة بتوقعات يوليو.

كما يبدو أن أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي ستشهد ركودًا هذا الشتاء ولموسمين متتاليين على الأقل من انخفاض الإنتاج أيضًا، في العام المقبل سيكون إنتاج ودخل أوروبا أقل بنحو نصف تريليون يورو من توقعات صندوق النقد الدولي قبل الحرب، ما يعطي صورة واضحة للخسائر الاقتصادية الفادحة للقارة من الحرب.

في غضون ذلك، على الرغم من أنه من المتوقع أن ينخفض ​​التضخم بشكل طفيف، إلا أنه سيظل أعلى بكثير من أهداف البنك المركزي الأوروبي ويمكن أن يتحول كل من النمو الاقتصادي والتضخم إلى أسوأ من هذه التوقعات المقلقة.

استجاب صانعو السياسة الأوروبيون حتى الآن لأزمة الطاقة بسرعة وقاموا بتخزين ما يكفي من الغاز لموسم البرد لكن المزيد من الاضطرابات في إمدادات الطاقة يمكن أن تغذي المشاكل الاقتصادية مرة أخرى.

في غضون ذلك، تم النظر في السيناريوهات يذكر بعضهم أن الانقطاع الكامل للتدفق الصغير للغاز الروسي إلى أوروب ، إلى جانب الشتاء البارد، يمكن أن يؤدي إلى نقص وتقنين، وفي النهاية خسارة في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 3٪ في بعض المناطق الشرقية أو الوسطى من القارة الأوروبية. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي هذا النقص إلى زيادة التضخم ومع ذلك، حتى دون أي اضطرابات جديدة في إمدادات الطاقة، يمكن أن يظل التضخم مرتفعًا لفترة أطول.

خيارات صعبة للسلطات الأوروبية

في العام المقبل، سيواجه صانعو السياسة الأوروبيون خيارات سياسية صعبة بشأن وضع الميزانية حيث يواجهون مزيجًا من النمو الاقتصادي المنخفض والتضخم المرتفع. باختصار، يجب عليهم تشديد سياسات الاقتصاد الكلي لخفض التضخم مع مساعدة الأسر الضعيفة والشركات النشطة على التعامل مع أزمة الطاقة.

يجب على البنوك المركزية الآن أن تستمر في رفع أسعار الفائدة في العام المقبل، يجب أن تتبنى الاقتصادات المتقدمة سياسات مالية صارمة. وتظهر التحليلات أنه إذا زادت أجور الموظفين في البلدان الأوروبية المتقدمة بقدر تضخم العام الماضي بدلاً من الزيادة بناءً على أهداف البنك المركزي فسنشهد زيادة بنسبة 2٪ في التضخم في نهاية العام على العكس من ذلك، إذا انخفض الطلب سيؤدي إلى ركود أعمق وهبوط بنسبة 2٪ في الإنتاج، فقد ينخفض ​​التضخم أيضًا بنسبة 1.5٪.

مستقبل مجهول أمام الاتحاد الأوروبي

رفعت الحرب الروسية على أوكرانيا من تكاليف الأمن والدفاع في دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني زيادة التمويل عبر الاستدانة، فألمانيا تنوي تحديث جيوشها بنحو تريليون دولار، وهناك تكاليف استثمار في دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً الكبيرة، بزيادات كبيرة في ميزانية الدفاع، بسبب مستقبل الخطر الأمني والعسكري الروسي، حتى في حال انتهاء الحرب وموافقة موسكو على الانسحاب من أوكرانيا.

على صعيد الطاقة، رفعت الحرب وتداعيات اضطرابات الإمدادات الروسية أسعار الغاز الطبيعي والمشتقات البترولية إلى مستويات غير مسبوقة، وساهمت بشكل مباشر في ارتفاع معدل التضخم لأول مرة بنسبة أعلى من المعدل الأميركي.

وتشير بيانات “يوروستات” إلى أن التضخم بلغ 7.4% في منطقة اليورو، إذ قفزت أسعار الطاقة في المتوسط بنسبة 45% منذ بداية العام وحتى مارس/آذار، بينما من المتوقع أن يسفر أي حظر أوروبي على النفط الروسي عن رفع تكاليف المحروقات إلى مستويات أعلى خلال الأشهر المقبلة، خصوصاً أنّ روسيا في المقابل وسّعت من استخدام ورقة الغاز في الضغط على الأوروبيين.

وقبل الحرب في أوكرانيا، استورد الاتحاد 2.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام، و1.2 مليون برميل يومياً من المنتجات النفطية المكررة، حسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة.

وقد يصبح ملء خزان السيارة أكثر كلفة، إذ لا تستورد أوروبا النفط الخام من روسيا فحسب، بل تستورد أيضاً منتجات مكررة، مثل الديزل لتزويد سيارات الركاب وتلك المستخدمة في القطاع الصناعي بالوقود.

ومن شأن استيراد الديزل من مناطق أبعد من روسيا زيادة تكاليف الشحن، وبالتالي رفع الأسعار في محطات الوقود.

وفي ألمانيا على سبيل المثال، جاء 74% من واردات الديزل قبل الحرب من روسيا، وفقاً لبيانات من شركة إف.جي.إي إنرجي للاستشارات.

كما تُظهر البيانات الواردة من وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي شؤون الطاقة، أن العديد من الدول الأوروبية تعتمد بشكل حصري على الغاز الروسي، ويبرز في هذا الجانب: مقدونيا الشمالية، والبوسنة والهرسك، ومولدوفيا.

كما أنّ الاعتماد على إمدادات الغاز الروسي، بلغ نسبة تجاوزت الـ 90% بالنسبة لفنلندا ولاتفيا، بينما وصل إلى 89% بالنسبة إلى صربيا. أما بلجيكا فبلغت نسبة تبعيتها للغاز الروسي 77%، وألمانيا 49%، وإيطاليا 46%، وبولندا 40%، أما فرنسا فوصلت النسبة إلى 24%.

ويجري تسليم معظم الغاز الذي تشتريه أوروبا من روسيا لتزويد مرافقها الكهربائية بالطاقة عبر خطوط الأنابيب، براً أو تحت البحر، بينما الانتقال إلى موردين آخرين سيدفعها إلى التحول إلى الغاز المسال الذي يتكلف أكثر في عمليات نقله أو تحويله من صورته السائلة إلى الغازية.

كما أنّ الكثير من الدول لا تحظى بمرافق لإتمام عمليات التحويل التي لا تتمتع بها سوى دول قليلة مثل إسبانيا وإيطاليا وليتوانيا وفرنسا، وهي التي تقود دعوات التخلي عن الغاز الروسي.

وفي منتصف إبريل/نيسان الماضي، حذرت خمسة معاهد اقتصادية تقدم المشورة للحكومة الألمانية، في تقرير مشترك، من أنّ ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا ستتكبد وحدها خسائر تقدر بنحو 220 مليار يورو (240 مليار دولار) على مدى العامين المقبلين في حالة الوقف الفوري لإمدادات الطاقة الروسية.

وحسب التقرير، فإن توقف الإمدادات الروسية سيؤدي إلى انكماش، في بلد يعتبر قاطرة الاقتصاد الأوروبي، وعندها من المرجح أن يدخل الاقتصاد الألماني في ركود حاد العام المقبل 2023.

العقوبات على روسيا هدف عكسي في الاتحاد الأوروبي

كما أدت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أوروبا على روسيا لتجفيف منابع تمويل الحرب، إلى اضطراب سلاسل التوريد للمعادن والسلع الغذائية، فيما أثرت الحرب بالأساس على التجارة الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً بالنسبة للدول ذات الارتباط الوثيق مع الاقتصاد الروسي مثل دول البلطيق. وحسب البيانات الأوروبية، فإنّ صادرات دول البلطيق إلى روسيا تتراوح بين 5% و8.5% من إجمالي صادراتها.

ولا تقتصر الأثمان التي ستتحملها أوروبا على هذا الحد، وفق تقارير لمؤسسات مالية دولية، فهناك كلفة لإعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب. وقال مسؤولون ماليون، في ندوة على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن في إبريل/نيسان الماضي، إنّ أوكرانيا بحاجة إلى 5 مليارات دولار شهرياً لدعم ميزانيتها خلال الأشهر الستة المقبلة. أي نحو 30 مليار دولار على المدى القصير.

أما على المدى الطويل، فتحتاج البلاد إلى نحو 600 مليار دولار لإعادة إعمار ما دمره الغزو الروسي. في هذا الصدد، قالت رئيسة البنك الأوروبي للإنشاء والإعمار، أوديل ريناد باسو، في تعليقات نقلتها صحيفة وول ستريت جورنال أخيراً: “هناك حديث حول خطة إعادة إعمار لأوكرانيا شبيهة بخطة مارشال التي نفذت في أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق