التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, أكتوبر 28, 2024

معارضة الکيان الصهيوني لإرسال القبة الحديدية لأوكرانيا… الأسباب والنتائج 

أثارت الحرب في أوكرانيا، أزمةً في السياسة الخارجية للکيان الصهيوني.

الكيان الصهيوني الذي يعيش الأزمات الداخلية والتهديدات الخارجية الكبرى، ويری حياته وموته يعتمدان على الدعم الدولي، وخاصةً من القوى العالمية، أكثر من أي وقت مضى، الآن خلال الحرب في أوكرانيا، وبسبب مرافقة مواقف الغرب، فقد إمكانية الحفاظ على جبهتي روسيا والغرب في نفس الوقت، وهو يبحث عن حل يمكن أن يخفف من حدة غضب الروس.

في الأشهر الأخيرة، أصبحت مواقف الکيان الصهيوني من الحرب في أوكرانيا، قضيةً مثيرةً للتوتر في العلاقات بين موسكو وتل أبيب، واتخذ الكرملين إجراءات عقابية تدريجية ضد الصهاينة في الأسابيع الماضية.

فبعد أن قدمت الحكومة الروسية مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي في حزيران(يونيو)، يدين الهجوم الإسرائيلي على مطار دمشق، وعززت الموقف الدفاعي لسوريا ضد الهجمات الجوية التي يشنها الکيان الصهيوني، حظرت في تموز/يوليو أنشطة الوكالة اليهودية في روسيا.

بعد ذلك بقليل، في سبتمبر، انتقدت السفارة الروسية في مصر تل أبيب “لتجاهلها الكامل لحياة الفلسطينيين”، ودعا الكرملين قادة حماس لزيارة موسكو. وفي خطوة أخرى، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نهاية تشرين الأول(أكتوبر) الماضي، ليُظهر أن موسكو تتطلع إلى زيادة دورها في التطورات الفلسطينية بسبب تنامي انعدام الثقة لدی العرب في المنطقة، وخاصةً تيار التسوية الفلسطيني، تجاه الولايات المتحدة، وهذا يعني رسالة تحذير للصهاينة.

لقد دفعت هذه التحذيرات الروسية القادة الصهاينة إلى التصرف بحذر أكبر في إجراءات دعم أوكرانيا، الأمر الذي سيزيد من غضب الكرملين. ولهذا السبب، فإنهم يعارضون طلبات كييف للحصول على معدات عسكرية وأسلحة ثقيلة ومتطورة.

فبينما طلب وزير خارجية أوكرانيا، الخميس الماضي، في محادثة مع يائير لابيد، رئيس وزراء الکيان الصهيوني، نظام الدفاع الجوي والصاروخي والتكنولوجيا، حسب وسائل الإعلام أكد بيني غانتس، وزير الحرب في الکيان الصهيوني، في محادثة هاتفية يوم الثلاثاء مع أوليكسي ريزنيكوف، وزير الدفاع الأوكراني، أنه بسبب القيود العملياتية التي يواجهها الکيان الصهيوني، فإنه لا يمكنه إعطاء أسلحة لأوكرانيا.

هذه القضية دفعت كييف إلى التعبير عن استيائها من تل أبيب، وذلك في الوضع الذي يحاول فيه الکيان الصهيوني جاهدًا جذب وتشجيع اليهود الأوكرانيين للهجرة إلى الأراضي المحتلة بسبب الحرب في أوكرانيا، ولهذا الغرض يحتاج إلى دعم الحكومة الأوكرانية.

بالطبع، هناك الكثير من الشبهات في هذه الأثناء. فمن ناحية، لا يمكن التحقق من عدم وجود مساعدات تسليحية من الکيان الصهيوني لأوكرانيا، بينما يسمح استمرار الحرب بجذب المزيد من اليهود المشردين إلى الأراضي المحتلة.

ومن ناحية أخرى، يعتقد البعض أن خوف الصهاينة من عدم إرسال أنظمة دفاعية، يعود إلى الكشف عن ضعف هذه الأنظمة في الحرب وخسارة جزء مهم من عائدات تصدير السلاح للکيان إلى الدول العربية، وبالنتيجة تقليل جاذبية التطبيع في قطاعي الدفاع والأمن للعرب.

التناقض بين تعزيز الوجود الروسي في تطورات غرب آسيا ومصالح الکيان الصهيوني

لا شك أن أحد أهم مخاوف الکيان الصهيوني من اتخاذ الاحتياطات والحذر لدعم مواقف أوكرانيا والسياسات الغربية في هذه الأزمة، هو تعزيز موطئ قدم روسيا وتأثيرها في تطورات غرب آسيا وشمال إفريقيا في السنوات الأخيرة.

إن تطورات الربيع العربي، التي رافقتها محاولة الغرب للإطاحة بالحكومات التي كانت تربطها تقليديًا علاقات جيدة مع موسكو(وخاصةً سوريا وليبيا)، وبعد ذلك تطور عقيدة السياسة الخارجية الروسية للعب دور أكبر في مجالات النفوذ التقليدي للاتحاد السوفييتي السابق في الشرق الأوسط العربي، وأخيرًا العقوبات الواسعة التي فرضها الغرب على موسكو بسبب ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 ثم الحرب في أوكرانيا عام 2022، هي ثلاثة مكونات رئيسية في توجه روسيا لتوسيع العلاقات مع الدول العربية والإسلامية.

وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في لقائه مع حسين إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إن “التعاون بين روسيا والحضارة الإسلامية في مجال الأمن والاستقرار والقضايا الاقتصادية قديم وموثوق. نحن ملتزمون بتعزيز التعاون مع منظمة التعاون الإسلامي في جميع الاتجاهات، مع مراعاة نظامكم الاجتماعي والسياسي والقيم الروحية والأخلاقية.”

ولهذا الغرض، إضافة إلى تعزيز علاقاتها مع إيران ومحور المقاومة بشكل كبير، اقتربت موسكو في الوقت نفسه من الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، وقد تجلى ذلك بوضوح في تعاون السعودية والإمارات مع مصالح موسكو في “أوبك بلس” لخفض مليوني برميل من النفط يومياً، الأمر الذي أثار غضب الولايات المتحدة من السعودية.

واستمرار هذا النهج هو ما يدفع الروس إلى الدخول بجدية متزايدة في قضية فلسطين، باعتبارها القضية المركزية للعالم الإسلامي ومنطقة غرب آسيا، وهو نهج لا يتوافق مع مصالح الكيان الصهيوني بأي شكل من الأشكال.

ورغم أن موسكو لم تعارض عملية تطبيع العلاقات بين الدول العربية والکيان الإسرائيلي، لكن محاولة تحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال خلق التوازن بين إيران والسعودية، وتخفيف عبء التوتر بين هاتين القوتين الإقليميتين، يتعارضان تمامًا مع المصالح الأمنية للکيان الصهيوني، الذي يری أن تقدم التطبيع يعتمد علی توسع الفجوة الناتجة عن التنافس الإقليمي بين طهران والرياض.

کذلك، فيما يتعلق بفلسطين، لدى روسيا رؤية متوازنة للدعم الثابت للولايات المتحدة والغرب للکيان الصهيوني، ولا يرغب الصهاينة، على عكس الفلسطينيين، في أن تلعب موسكو دورًا في هذا الصراع التاريخي.

الاستنتاج

لذلك، بشكل عام يمكن القول إنه على الرغم من جهود قادة الکيان الصهيوني لمواصلة اللعب علی جميع الحبال في الصراع بين روسيا والغرب حول القضية الأوكرانية، فإن هذه السياسة لم تؤد فقط إلى منع التوتر في العلاقات مع موسكو، بل في الأساس أدى نهج السياسة الخارجية لبوتين تجاه التطورات في منطقة غرب آسيا والعالم العربي، إلى التغيير في طبيعة العلاقات بين تل أبيب وموسكو.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق