التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

مخيمات الوكالة اليهودية في أذربيجان… مكان مؤقت أم فرصة للحضور الدائم؟ 

قبل شهر تقريبًا، في 2 أكتوبر 2022، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها تخطط لإقامة مخيمات مؤقتة في أذربيجان، لنقل اليهود الروس الذين ينوون الهجرة إلى فلسطين المحتلة بعد الحرب في أوكرانيا.

نُشر هذا الخبر لأول مرة في صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية. وقالت الصحيفة الصهيونية إن مجلس وزراء الکيان الصهيوني خصص 25 مليون دولار لهذا الغرض.

أهداف الكيان الصهيوني من إنشاء مخيمات مؤقتة للاجئين

صرح الکيان الصهيوني أن الهدف الرئيسي من إنشاء مخيمات مؤقتة في أذربيجان، هو نقل المهاجرين اليهود من أصل روسي الذين لا يريدون الدخول في حرب مع أوكرانيا بزي الجيش الروسي، وينوون الهجرة إلى الأراضي المحتلة. لكن هذا جانب واحد من القضية، وهناك أهداف خفية وراء قرار الكيان الصهيوني هذا، وهي ليست واضحةً للجميع.

مساعدة غير مباشرة لأوكرانيا

الکيان الصهيوني تقليديًا هو العضو الرئيسي في معسكر الغرب والولايات المتحدة في التحالفات السياسية الإقليمية والعالمية، ولذلك كان التوقع العام للمعسكر الغربي أن يتحرك هذا الکيان لدعم أوكرانيا.

لكن القلق الشديد للکيان الإسرائيلي من أن يصبح مقيَّداً في هجماته على سوريا، والمركزية التي تتمتع بها روسيا في الأزمة السورية، أبقيا الکيان في موقف حذر في دعم أوكرانيا بعد هجوم موسكو على كييف، حتی لا يساعد أوكرانيا بشكل مباشر من أجل إبقاء روسيا راضيةً عنه.

منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، قدم الکيان الصهيوني بشكل غير مباشر موقفه الداعم لأوكرانيا ومساعدته لهذا البلد، والمواقف الرسمية للکيان لم تكن التنديد بروسيا مباشرةً.

والآن، فإن إنشاء مخيم لأولئك الذين لا يريدون خوض حرب ضد أوكرانيا بزي الجيش الروسي، هو مساعدة غير مباشرة لأوكرانيا، والتي يمكن أن تُبعد الکيان عن انتقاد الدول الغربية لعدم دعمه لأوكرانيا، ومن ناحية أخرى، هذا الإجراء ليس مساعدةً مباشرةً لأوكرانيا حتی يجبر روسيا على الرد بجدية وبشكل مباشر.

استغلال أزمة أوكرانيا لحل الأزمة السكانية

كانت الأزمة السكانية أهم مشكلة مدنية للکيان الصهيوني منذ احتلال فلسطين.

منذ احتلال فلسطين عام 1948، تبنى الکيان الصهيوني استراتيجية توطين اليهود المؤيدين للصهيونية كحل للأزمة السكانية، وهي استراتيجية اتبعها قادة الحركة الصهيونية قبل نصف قرن، لكن هذه الاستراتيجية، بعد أكثر من 74 عامًا من احتلال فلسطين، عقيمة منذ سنوات.

لقد انخفض عدد المهاجرين إلى الأراضي المحتلة – الذين وصلوا إلى أكثر من مليون شخص في ذروته أثناء انهيار الاتحاد السوفيتي – إلى أقل من 30 ألف شخص سنويًا. وأزمة أوكرانيا هي أفضل فرصة للصهاينة لجذب المهاجرين اليهود إلى الأراضي المحتلة.

وأظهرت تصريحات رئيس الوكالة اليهودية في الأراضي المحتلة في ربيع عام 2022، أنهم وضعوا خططاً جادةً لنقل هؤلاء المهاجرين والاحتفاظ بهم بعد انتهاء الأزمة في أوكرانيا.

إن إنشاء مخيمات مؤقتة حول الحدود الروسية سيسهل هذه الهجرة، وسيستفيد الصهاينة بشكل استثنائي من الأزمة الأوكرانية، وخاصةً أنهم اجتذبوا مهاجرين من أوكرانيا وروسيا في هذه العملية، وقد تم إنشاء مخيم مماثل في فنلندا من أجل جذب المهاجرين الأوكرانيين.

احتضان الوكالة اليهودية المطرودة من روسيا

أعلنت سفارة الکيان الصهيوني في باكو أن إنشاء مخيم مؤقت في أذربيجان هو مسؤولية الوكالة اليهودية، وهذه السفارة لا تعرف تفاصيل هذه القضية.

في صيف عام 2022، أعلنت المحكمة الروسية أن أنشطة الوكالة اليهودية في روسيا ضد المصالح الوطنية للبلاد وغير قانونية. وهذا القرار الروسي – الذي اتخذ بعد مواقف الحكومة الصهيونية برئاسة “يائير لبيد” – فاجأ كل الأوساط الصهيونية.

وعلى الرغم من أن الوكالة اليهودية ستواصل أنشطتها السرية في روسيا، إلا أن إضفاء الطابع غير الرسمي عليها سيجعل استمرار نشاط هذه المنظمة الإرهابية صعباً ومكلفاً.

والآن، فإن إنشاء مخيم مؤقت حول حدود روسيا سيسهِّل على الوكالة اليهودية مواصلة أنشطتها في أقرب نقطة من روسيا، والتقليل من تكاليف قرار موسكو في إعلان هذه الوكالة غير قانونية.

خلق موطئ قدم للبقاء في المنطقة

على الرغم من أن الکيان الصهيوني قد أوجد لنفسه موطئ قدم في أذربيجان ولديه سفارة في باكو، ولکن بسبب وجود أجواء معادية للصهيونية لدی شعوب المنطقة، فإن هذا الکيان يفتقر إلی الأجواء المناسبة للقيام بأنشطة غير سياسية.

إن تخصيص مخيم مؤقت لإسکان اليهود ونقلهم إلى الأراضي المحتلة، يخلق موطئ قدم جديد للکيان الصهيوني، وتظهر تجربة السنوات الماضية أن هذا الکيان سوف يستخدم هذا المخيم بشكل جيد، سواء أثناء تأسيسه أو بعد انتهاء هذه الفترة، من خلال الحفاظ عليه، حيث تصبح عملية استغلال هذا المخيم أكثر جديةً وسريةً.

کما أن إقامة هذا المخيم – حتى لو وصف بأنه مؤقت – يمنح الکيان الصهيوني منصةً لأنشطة غير رسمية، وتشير التجربة التاريخية والماضية للکيان الصهيوني إلى أنه ليس فقط سيستخدم هذا المكان كقاعدة لأي نوع من الأنشطة الرسمية وغير الرسمية، بل لن يغادره أبدًا، وسيعتبر تلك البقعة جزءًا من ممتلكاته، وسيبقى هناك إلى الأبد.

ويمكن أن نجد حالةً مماثلةً فيما يتعلق بوكالة الطاقة المتجددة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ففي عام 2015، أعطت أبوظبي، باعتبارها المقر الرئيسي لمنظمة الطاقة المتجددة، لجميع أعضاء هذه المنظمة مكتبًا للعمل فيما يخص أنشطة هذه المنظمة، لكن الکيان الصهيوني أعلن رسميًا أنه سيستخدم هذا المکتب لأغراض سياسية ولتطوير العلاقات.

واحتجاجات السلطات الإماراتية في ذلك الوقت، عندما كانت تحاول تبرئة نفسها من العلاقة مع الکيان الصهيوني، لم يكن لها أي تأثير، حيث واصل الصهاينة نشاطهم. واليوم، ذلك المكتب المجاور لسفارة الکيان الصهيوني وعشرات الأماكن الأخرى في الإمارات، تحت تصرف الصهاينة. وكان الظهور الأول للصهاينة في فلسطين أيضًا بذرائع مماثلة، ومع مرور الوقت شمل فلسطين بأكملها.

إن طبيعة الكيان الصهيوني طبيعة احتلال وغصب. حيث يستغل هذا الکيان أي بقعة صغيرة يجد فيها مجالاً للنشاط، للاستفادة في العديد من المجالات. کما يهدف وجود الكيان الصهيوني في كل منطقة إلی الهيمنة والنفوذ، وهذا هو المثل الأعلى للصهيونية.

والآن، تشكل المخيمات المؤقتة في جمهورية أذربيجان نقطة انطلاق خطيرة، ستهدد جمهورية أذربيجان وأمنها في المقام الأول ومنطقة القوقاز بأكملها في المقام الثاني. وخاصةً أن الحركة الصهيونية لديها نظرة تاريخية لهذه المنطقة، ومثل أكاذيبها التاريخية الأخرى، تدعي أن شعبًا يهوديًا يُدعى “الخزر” عاش في منطقة القوقاز، وتعتبر هذه المنطقة جزءًا من الممتلكات التاريخية لليهود.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق