قوانين العزل السياسي في البحرين…استبداد بغطاء قانوني
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن حكومة البحرين تستخدم قوانين العزل السياسي وسلسلة من التكتيكات الأخرى لإبقاء النشطاء وأعضاء أحزاب المعارضة السابقين خارج المناصب العامة.
ووثقت المنظمة في تقرير يتكون من 33 صفحة حمل عنوان “لا يمكنك القول إن البحرين ديمقراطية: قوانين العزل السياسي في البحرين”، استخدام قوانين العزل السياسي لعام 2018 في البحرين لمنع المعارضين و النشطاء السياسيين و أعضاء أحزاب المعارضة من الترشح لمقاعد البرلمان أو حتى الخدمة في مجالس إدارة المنظمات المدنية
وقالت إن “تهميش الحكومة المستهدَف لشخصيات المعارضة من الحياة الاجتماعية والسياسية والمدنية والاقتصادية في البحرين أدى إلى مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى”، مشددة على أنه “ينبغي للحكومة البحرينية إلغاء قوانين العزل السياسي لعام 2018، وإنهاء ممارسة منع شهادات حسن السيرة لمعاقبة المعارضين المتصورين، وإعادة الحقوق القانونية والسياسية والمدنية الكاملة لجميع المواطنين البحرينيين”.
وطالبت المنظمة الحكومة البحرينية: “أن تعيد الجمعيات السياسية المنحلة سابقا، وأن ترفع جميع القيود المفروضة على شخصيات المعارضة فيما يتعلق بالترشح للانتخابات النيابية والبلدية، وإنهاء الإجراءات التقييدية التي تضر بالوظائف الأساسية للجمعيات المدنية، وإطلاق سراح أي شخص مسجون لمجرد نشاطه السياسي السلمي”، مشيرة إلى أنه “ينبغي للدول الأخرى، بمن فيهم الحلفاء المقربون للبحرين كالولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، الضغط على السلطات البحرينية لإنهاء قمعها للمعارضة السلمية والمجتمع المدني ورفض نتائج ما ستكون انتخابات برلمانية غير حرة وغير عادلة في نوفمبر إذا لم يفعلوا”.
من جانبها قالت جوي شيا، الباحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”: “أمضت البحرين العقد الماضي في قمع المعارضة السلمية، وقوانين العزل السياسي مثال آخر على توسع قمع الحكومة إلى مناح جديدة. هذه القوانين الجائرة جعلت من الانتخابات البرلمانية البحرينية مهزلة ولا يمكن أن تكون حرة أو نزيهة عندما تجعل أي معارضة سياسية غير قانونية بالأساس”.
واعتبرت المنظمة أن قوانين العزل السياسي والمدني 2018 في صميم الحرب القانونية التي تشنّها الدولة البحرينية على النشاط السلمي لمواطنيها، مشيرة إلى أن هذه القوانين تمنع أعضاء المعارضة السياسية سابقا من الترشح للبرلمان وحتى العمل كأعضاء في مجالس إدارة المنظمات المدنية
وخلال الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، منعت وزارة العدل البحرينية ما لا يقل عن 12 شخصية معارضة سابقة من الترشح. واعتقد كثيرون غيرهم أنهم سيكونون ضحايا للقانون وقاطعوا الانتخابات، وفق التقرير.
وإضافة إلى حالات منع الأشخاص من الترشح، وثّقت هيومن رايتس ووتش 3 حالات لمنظمات مجتمع مدني عانت لتشكيل مجلس إدارة ومتابعة أنشطتها بسبب تأثير هذه القوانين. هذه المنظمات هي: “الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان”، و”الاتحاد النسائي البحريني” (مجموعة من 13 منظمة تدافع عن حقوق المرأة في البحرين)، و”الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع” التي تعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقال الاتحاد النسائيّ البحرينيّ، في سلسلة تدويناتٍ عبر حسابه على «موقع تويتر»، إنّ العدول عن «المادة 43» في قانون الجمعيات مطلب نسائيّ ومدنيّ، لأنّه حرم الكثير من النّاشطين والنّاشطات من الترشّح لعضويّة مجالس إدارة مؤسّسات المجتمع المدنيّ، بسبب عضويّتهم السّابقة في جمعيات سياسيّة منحلّة.
فيما عملت السلطات البحرينية على توسيع الممارسات التي تقيّد الفرص الاقتصادية لأعضاء المعارضة والسجناء السابقين من خلال التأخير أو الحرمان الروتيني من “شهادة حسن السيرة”، وهي وثيقة مطلوبة من المواطنين والمقيمين في البحرين للحصول على عمل أو التقدّم للجامعة أو حتى الالتحاق بنادٍ رياضي أو اجتماعي، حسب التقرير. وأشار التقرير إلى أن جميع مرشحي حزب الوفاق الذي فاز بـ18 من أصل 40 مقعدا في انتخابات 2010، أي قبل قانون العزل، أصبحوا ممنوعين من المشاركة الكاملة في الحياة السياسية والمدنية في البحرين، دون وضع حدود زمنية لعمليات المنع.
إجبار البحرين على سحب ترشحها لعضوية أعلى هيئة لحقوق الانسان
أظهرت الموقع الالكتروني الخاص بانتخابات مجلس حقوق الإنسان و التابع للأمم المتحدة أن البحرين لن تخوض الانتخابات لعضوية أعلى هيئة لحقوق الإنسان في المنظمة الدولية والمقررة في وقت لاحق من هذا الشهر، بعدما لفت منتقدون الانتباه إلى انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان.
وأوضحت الصفحة الخاصة بانتخابات مجلس حقوق الإنسان أن البحرين سحبت في 26 سبتمبر أيلول ترشحها لشغل مقعد لمدة ثلاث سنوات في المجلس الذي يتخذ من جنيف مقرا له، دون ذكر تفاصيل. ولم تردّ البعثة الدبلوماسية للبحرين في جنيف ولا المكتب الإعلامي للحكومة البحرينية حتى الآن على طلب للتعليق.
وسجنت البحرين، التي تستضيف مقر الأسطول الخامس الأمريكي، الآلاف من المحتجين والصحفيين والنشطاء- بعضهم من خلال محاكمات جماعية- منذ الانتفاضة المناهضة للحكومة في عام 2011. وتقول البحرين إنها تحاكم فقط من ارتكبوا جرائم وإن المحاكمات جرت وفقا للقانون الدولي، وترفض أي انتقادات من الأمم المتحدة وغيرها بشأن سير المحاكمات وظروف الاحتجاز.
ولفتت مذكرة وزعها على أعضاء المجلس معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، ومقره لندن، الانتباه إلى مزاعم الاعتقال التعسفي والأعمال الانتقامية التي استهدفت أفرادا، وفقا لما ورد في تقرير للأمم المتحدة الشهر الماضي.
كما عقدت المنظمة غير الهادفة للربح سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين ودبلوماسيين في الأمم المتحدة في أغسطس آب لحث الدول على عدم دعم البحرين. وقال سيد أحمد الوداعي المدير في معهد البحرين “نشعر بارتياح شديد لانسحاب البحرين بعد حملتنا الفعالة في جنيف ضد ترشحهم”.
ولا يتخذ مجلس حقوق الإنسان قرارات ملزمة من الناحية القانونية لكنه يتمتع بثقل سياسي ويمكنه أن يعطي تفويضا بإجراء تحقيقات تساعد في بعض الأحيان في محاكمات دولية. ومن المقرر إجراء الانتخابات في وقت لاحق من الشهر الجاري في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
انتخابات بلا نزاهة
كانت قد أجمعت قوى المعارضة في البحرين بكامل أطيافها عن مقاطعتها الشاملة للانتخابات الأخيرة في البلاد. حيث قاطعت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية وجمعية العمل الإسلامي وتيار الوفاء الإسلامي وائتلاف ١٤ فبراير وحركة أحرار البحرين الإسلامية وحركة الحريات والديمقراطية (حق) مقاطعتها للانتخابات النيابية والبلدية
و من خلال بيان مشترك، وصفت قوى المعارضة الست الانتخابات بـ”العملية الصورية الفاقدة للمشروعية والتمثيل الشعبي”، وأكدت أن “النظام في البحرين يستثمر هذه العملية الانتخابية لمزيد من الاستبداد والتسلّط ومصادرة الإرادة الشعبية والاستحواذ على الثروة ونهب خيرات ومقدرات البلد وزيادة الضرائب على الناس ولمزيد من التطبيع مع الصهاينة والجرائم الماسة بحقوق الانسان وتغول الفساد”.
و أكدت قوى المعارضة من خلال بيانها المشترك على أن “جميع أبناء البحرين بلا استثناء متضررون ومستهدفون في معيشتهم وحرياتهم وأمنهم وكل حقوقهم بسبب هذه العملية الانتخابية التي يشكلها النظام من كل المناطق والمكونات الى مقاطعة العملية الانتخابية الهزلية من أجل الحفاظ على سيادة البلد وحمايته من الفساد والتهويد والقضاء على الهوية الوطنية وذلك رعايةً لمستقبل بلدنا ومستقبل جميع أبنائه.على مقاساته فقط”.
انتهاكات على مر الزمن
وعلى مدى السنوات الماضية، تحمل النشطاء والقادة السياسيون القسم الأكبر من القمع السياسي في البحرين، حيث واجهوا الاعتقال التعسفي والسجن لفترات طويلة، وفي بعض الحالات التعذيب، لمعارضتهم الحكومة. كما تم تجريد المئات منهم من الجنسية تعسفاً، بينما يتعرض النشطاء والصحفيون الذين يواصلون عملهم من المنفى لخطر الانتقام من أفراد عائلاتهم الذين بقوا داخل البحرين.
وفي هذا السياق أعلنت “لجنة حماية الصحفيين”، أن ستة صحفيين على الأقل هم مسجونون حالياً بسبب عملهم في البحرين، وتحتل البحرين المرتبة 169/180 في “التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2020” و الذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود”. كما سجلت البحرين مرتبة متدنية جداً للحقوق السياسية في تقرير “فريدم هاوس” للحريات في العالم لعام 2020.
المصدر/ الوقت