التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

الحرس الثوري الإيراني يطلق بنجاح صاروخاً يحمل قمراً صناعياً… الرسائل والتداعيات 

على الرغم من أن معظم الكفاءة والقيمة المضافة للأنشطة الفضائية تتلخص في الأقمار الصناعية ووظائفها، إلا أن حاملات الأقمار الصناعية هي أساس التطوير الفضائي، لأنه إذا لم يتمكن حامل الأقمار الصناعية من العمل بشكل صحيح، لن يتم إرسال أي قمر صناعي إلی المدار. لهذا السبب، يمكن اعتبار الصاروخ الحامل أهم قضية في مسألة الفضاء، كما أن الاستثمار فيه وتطويره أمر حيوي وضروري.

في إيران، بسبب سنوات الخبرة وتطوير القوة الصاروخية، هناك تراكم كبير للمعرفة والخبرة في هذا المجال. وبفضل هذه المعرفة والخبرة، تمكنت جمهورية إيران الإسلامية من الوصول إلى الفضاء في السنوات الماضية، وإطلاق الأقمار الصناعية التي صنعتها إلی مدار الأرض.

ومع ذلك، ليس هناك شك في أن تطوير الأنشطة الفضائية في إيران يتطلب تطوير منصات الإطلاق والصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية، لأن تطوير النشاط الفضائي الذي له قيمة مضافة، ويقدم من ناحية أخرى خدمات كبيرة لإيران، يعتمد على بناء أقمار صناعية أكبر وأثقل، ومن الطبيعي أن يتطلب وضع مثل هذه الأقمار الصناعية في المدار، وجود صواريخ حاملة للأقمار الصناعية ذات قدرة وموثوقية عالية.

دخول الحرس الثوري الإيراني القوي في صناعة حاملات الأقمار الصناعية

بدأت جمهورية إيران الإسلامية برنامجها الفضائي بحاملات الأقمار الصناعية التي تعمل بالوقود السائل، وكان “سفير” أول حامل للأقمار الصناعية في إيران، والذي خرج من الخدمة لاحقًا وتم استبداله بحامل الأقمار الصناعية “سيمرغ”.

تم إنشاء محرك المرحلة الأولى لـ “سيمرغ”، من تجميع أربعة محركات من المرحلة الأولى لحامل الأقمار الصناعية “سفير 1”. وهکذا، يتم الحصول على حوالي 128 طنًا من الطاقة من الجزء الرئيسي للمحرك، وحوالي 15 طنًا من الطاقة من إجمالي أربع غرف تحكم. وفي المرحلة الثانية، تم استخدام أربعة محركات مماثلة لمحركي المرحلة الثانية من “سفير 1”.

في الوقت نفسه، على الرغم من أن برنامج تطوير حاملات الأقمار الصناعية العاملة بالوقود السائل في وزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة الإيرانية، يتبع خارطة طريق تتكون من حاملات الأقمار الصناعية “سيمرغ” و”سرير” و”سروش”، قرر الحرس الثوري الإيراني تطوير حاملات أقمار صناعية تعمل بالوقود الصلب كمنصات منخفضة التكلفة وعالية الموثوقية لعمليات الإطلاق الفضائية، وتمكن من تطوير بعض التقنيات الجديدة في هذا المجال. واستطاع محرك “سلمان” الفضائي الوصول إلى السرعة المطلوبة لتفعيل المرحلة الثالثة من حامل الأقمار الصناعية بأداء لافت.

من أهم جهود الحرس الثوري الإيراني في هذا المجال، تطوير محركات فضائية تعمل بالوقود الصلب، والتي تم الكشف عن أول نموذج منها في فبراير 2019، وهو محرك “سلمان” الفضائي.

هناك سمتان مهمتان في “سلمان”، أولاً، إنه مزود بنظام تغيير اتجاه الدفع على أساس تحريك فوهة المحرك. في السابق، کانت صواريخ عائلة شهاب، قدر، قيام وسجيل، تستخدم طريقة التحكم في ناقلات الدفع، ولكن بناءً على الكتل المثبتة عند مخرج محرك الصاروخ.

في هذه الطريقة، يتم وضع أربع كتل مصنوعة من مواد شديدة المقاومة ومصنوعة بشكل عام من الجرافيت، عند مخرج المحرك وتؤدي مهمة تغيير اتجاه غازات العادم وخلق القوة اللازمة لتغيير الاتجاه.

محرك “رافع” الفضائي، خطوة کبيرة ومهمة

في ديسمبر 2021، أعلن العميد حاجي زاده، قائد قوات الجوفضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني، خلال خطاب ألقاه، عن اختبار أحدث محرك فضائي في إيران قادر على إنشاء 68 طنًا من الدفع. وبعد وقت قصير من خطاب العميد حاجي زاده، نشرت صور تتعلق باختبار هذا المحرك المسمى “رافع”.

من بين السمات البارزة لمحرك “رافع” أنه، مثل محرك “سلمان” الفضائي، له جسم مركب خفيف جدًا ونظام تحكم في ناقل الدفع(من نوع الفوهة المتحركة)، ويمكن استخدامه كمرحلة أولى من حاملات الأقمار الصناعية التي تنتجها قوة الجو فضاء في الحرس الثوري الإيراني.

قبل الحصول على محرك “رافع”، رأينا أنه تم استخدام محركات تعمل بالوقود السائل في المرحلة الأولى من عمليات الإطلاق الفضائية للحرس الثوري الإيراني، باستخدام حامل الأقمار الصناعية “قاصد”، واستخدام مثل هذا المحرك يخلق حدًا لوزن الحمولة التي يحملها القمر الصناعي، لأن قوة الدفع التي يخلقها محدودة مقارنةً بمحركات الوقود الصلب.

لكن قوة الدفع البالغة 65 طنًا التي يخلقها “رافع”، تسمح لحاملات الأقمار الصناعية للحرس الثوري الإيراني بوضع أقمار صناعية ذات أوزان أكبر في مدارات أعلى.

ويمكن القول إنه من بعض النواحي المهمة، يعدّ محرك “رافع” أكثر محركات الوقود الصلب تقدمًا على الإطلاق في إيران. تم تطوير محركات الوقود الصلب سابقًا من قبل وزارة الدفاع الإيرانية، والتي تنتج مزيدًا من الدفع، مثل محرك الوقود الصلب لحامل الأقمار الصناعية “ذو الجناح”، لكن الورقة الرابحة لمحرك “رافع”، والتي ترتبط فعليًا بالإحصاءات التكنولوجية، هي القدرة على الحصول على محرك يعمل بالوقود الصلب بفوهة متحركة.

في الواقع، مع حصول الحرس الثوري الإيراني على محرك “رافع” الفضائي الذي يعمل بالوقود الصلب والفوهة المتحركة، يمكن الادعاء بحزم أنه تم اجتياز المرحلة المتقدمة لحاملات الأقمار الصناعية في إيران، وستكون هذه القضية بحد ذاتها تمهيداً لزيادة عدد عمليات الإطلاق الفضائية الإيرانية سنويًا، وتطوير صناعة الأقمار الصناعية، وكذلك زيادة موثوقية قاذفات الفضاء الإيرانية للإطلاق بالنسبة للدول الأخرى.

ما هي مميزات حامل القمر الصناعي الجديد للحرس الثوري الإيراني؟

بحسب إعلان الحرس الثوري الإيراني، فإن حامل القمر الصناعي “قائم 100” الذي يعمل بالوقود الصلب، هو قمر صناعي بثلاث مراحل من الوقود الصلب، سيكون قادرًا على وضع أقمار صناعية تزن 80 كيلوجرامًا في مدار 500 كيلومتر من سطح الأرض.

في هذا الاختبار، خضع محرك المرحلة الأولى من حاملة القمر الصناعي “القائم 100″، وهو نفس محرك “رافع” الذي يعمل بالوقود الصلب، والذي اجتاز بنجاح الاختبار البري في يناير 2021، لاختبار طيران دون مداري.

وبعد اجتياز هذه المرحلة، في المستقبل القريب، سيتم وضع القمر الصناعي “ناهيد” التابع لمنظمة صناعات الفضاء الجوي التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيرانية في المدار، من قبل الحرس الثوري الإيراني باستخدام حامل الأقمار الصناعية ثلاثي المراحل “قائم 100”.

بعد أن أزالت القوة الجوفضائية للحرس الثوري الإيراني المشاكل التي اعترضت إرسال الأقمار الصناعية الإيرانية إلی الفضاء، وبعد ذلك، في يوليو من هذا العام، وعدت وزارة الدفاع الإيرانية ببداية جديدة وفعالة في هذا القطاع بالاختبار الثاني لحامل الأقمار الصناعية “ذو الجناح”، يعدّ الاختبار الناجح للطيران شبه المداري للمرحلة الأولى لمحرك “رافع” على حامل القمر الصناعي “قائم 100” بالوقود الصلب، هو أحدث خطوة للتغلب على التدهور والركود الناجم عن قرارات الحكومة الإيرانية السابقة.

إذا كنتم مهتمين بمناقشة وقود الصواريخ، فأنتم تعلمون بالتأكيد أن وقود الصواريخ السائل يحتوي على مركبات تجعل العمل بها حساساً ومحفوفاً بالمخاطر. بالطبع، من الضروري الإشارة إلى أن هذه الدوافع ستستمر في الخدمة في إيران والعالم، في مختلف القطاعات العسكرية أو المدنية في الفضاء وفي مجالات الصواريخ بشكل أساسي بسبب بعض المزايا، لكن من الواضح أنه إذا كان بالإمكان الذهاب إلى خيار الوقود الصلب، فسيكون بالتأكيد خيارًا أكثر أمانًا وأقل خطورةً.

والقضية التالية التي يجب ذكرها، هي سبب تحرك الحرس الثوري الإيراني نحو حاملات الأقمار الصناعية التي تعمل بالوقود الصلب بالكامل.

يبدو أن المزيد من تجارب القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني في مجال صواريخ الوقود الصلب، وانتقال هذه المعرفة إلى قطاع الفضاء، قد أديا إلى إيلاء خيار الوقود الصلب مزيدًا من الاهتمام.

على سبيل المثال، تجدر الإشارة إلى أن معظم عمليات الإطلاق الفضائية غير الناجحة كانت لحاملات الأقمار الصناعية التي تعمل بالوقود السائل، وتحركت منظمة الفضاء التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية نحو استخدام المزيد من الوقود الصلب في قاذفات الجيل الجديد التي يطلق عليها “ذو الجناح”.

في الجيل الجديد من حاملات الأقمار الصناعية للحرس الثوري الإيراني، بدلاً من استخدام الأجسام المعدنية التقليدية، يتم استخدام الصناديق المركبة، مما يقلل الوزن بشكل كبير؛ ونتيجةً لذلك، وبقوة أقل، يمكن حمل شحنات مساوية أو أثقل من حاملات الأقمار الصناعية العادية بقوة أكبر إلی المدار.

أي قمر صناعي سيُطلق إلى الفضاء بالصاروخ الجديد؟

بحسب إعلان منظمة الفضاء الإيرانية عام 2021، فإن قمرين صناعيين باسم “ناهيد” ينتظران إطلاقهما إلى الفضاء.

“ناهيد 1” لديه القدرة على التواصل في نطاق KU(جزء من الطيف الكهرومغناطيسي المستخدم للاتصالات الفضائية)، والقمر الصناعي “ناهيد 2” لديه إمكانية إجراء محادثة هاتفية متزامنة في نطاق KU، وهما من الأقمار الصناعية في مجال الاتصالات الفضائية، والتي كانت تستعد للإطلاق في ذلك الوقت.

وبحسب الإعلان الذي أشار إلی أن القمر الصناعي الجديد للحرس الثوري الإيراني المسمى “القائم” سيضع قمراً صناعياً اسمه “ناهيد” في المدار، لذلك على الرغم من أنه ليس من الواضح أي من هذين القمرين الصناعيين سيذهب إلى الفضاء قريبًا، إلا أنه من الواضح أن هذا القمر الصناعي سيفتح أبوابًا جديدةً لصناعة الفضاء الإيرانية، من بينها الاتصالات في نطاق KU.

الأقمار الصناعية التي تتمثل مهمتها في نقل المعلومات والبيانات(مثل الصوت والفيديو) إلى الأرض، تستخدم بشكل أساسي رابط الاتصالات ku. لذلك، فإن إحدى التقنيات التي يحتاجها الخبراء الإيرانيون لتصميم وبناء قمر صناعي في المدار الجغرافي، هي أن يكونوا بارعين في رابط الاتصالات ku.

في غضون ذلك، في أغسطس من عام 2019، أعلن مسؤول إيراني أنه بالإضافة إلى نطاق الاتصالات أعلاه، فإن أحد أهم الإنجازات والتقنيات لهذا المشروع هو تصميم وبناء واختبار “باين بولير” لإطلاق المصفوفات الشمسية، صنع الألواح الشمسية بخلايا زرنيخيد الغاليوم، تطوير معالجة بيانات الأقمار الصناعية مع القدرة على تكرار الأجهزة والبرامج، التصوير بسرعة عالية ومعدل ضغط حسب شروط رابط الاتصالات، وبرمجيات لتقدير معدل توسيع اللوحات.

كما تم الإعلان عن أن هيكل القمر الصناعي “ناهيد 1” مصنوع من الألمنيوم 7000، مما يوفر مساحةً مناسبةً لمختلف مكونات النظام الفرعي، ويوفر الدعم الهيكلي لأجزاء القمر الصناعي مقابل أحمال القاذفة.

يتم إرسال إشارة المنارة في النطاق S و UHF، وإرسال بيانات القياس عن بُعد والصور واستقبال الأوامر في النطاق S بطريقة ثنائية الاتجاه في هذا القمر الصناعي، دون الحاجة إلى إشارة.

والنقطة الأخرى المثيرة للاهتمام في هذا الصدد، هي أنه في يوم الجمعة 8 سبتمبر 2019، أحدثت وسائل الإعلام الغربية ضجةً إعلاميةً مکثفةً بشأن القمر الصناعي ناهيد 1، وادعت أن الصاروخ الذي أطلقه قد انفجر. بحيث انخدع دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت، بهذه الضجة الإعلامية، وأعلن فشل هذا المشروع في تغريدة. لذلك، فإن إطلاق هذا القمر الصناعي سيكون بمثابة تذكير بهذه الزلة الإعلامية والسياسية لرجال الدولة والإعلام الأمريكيين.

وفقًا لقادة وخبراء الحرس الثوري الإيراني في مجال الفضاء، فإن الهدف من القوة الجوفضائية هو تطوير قاذفات فضائية تعمل بالوقود الصلب. في الواقع، كان هذا برنامجًا تابعه الحرس الثوري الإيراني منذ سنوات بتوجيه من الشهيد اللواء حسن طهراني مقدم، وحقق في هذا الطريق نجاحًا كبيرًا، بما في ذلك محركات فضائية تعمل بالوقود الصلب الثقيل وفائق الثقل في مشروع “قائم”.

نجاحات الحرس الثوري الإيراني لم يتم الإعلان عن کثير منها في وسائل الإعلام حتى الآن، ولكن من وقت لآخر من خلال نشر الصور المتعلقة باختبارات هذه المحركات، يظهر أن هناك إصرارًا جادًا على تطوير محركات فضائية تعمل بالوقود الصلب في الحرس الثوري الإيراني، وثمة نتائج رائعة في هذا المجال.

ومن خلال خريطة الطريق هذه، يجب أن نتوقع قريبًا دخول جيل جديد من حاملات الأقمار الصناعية بالوقود الصلب في الخدمة من قبل الحرس الثوري الإيراني، والذي سيكون قادرًا على نقل الشحنات الثقيلة في مدارات أعلى. وهذا مسار يمكن من خلاله تسهيل تحرك إيران نحو مدار الأرض البالغ طوله 36 ألف كيلومتر.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق