التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

لماذا لا يملك نتنياهو صلاحية إلغاء اتفاق الحدود مع لبنان 

مع عودة الأحزاب المتطرفة في إسرائيل إلى السلطة في الكيان الصهيوني، من المتوقع أن تكون هناك تغييرات في تنظير السياسات الداخلية والخارجية لهذا الكيان ، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا المهمة والحساسة. ويتوقع مراقبون أنه بسبب النهج المتطرف ومواقف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الأسبق في الكيان الصهيوني ورئيس حزب الليكود الذي تم تعيينه لتشكيل الحكومة بعد هزيمة رئيس الوزراء السابق لهذا الكيان، يائير لابيد في الانتخابات، سيتغير مصير بعض القضايا الداخلية والخارجية للكيان الاسرائيلي.

كانت إحدى القضايا الحساسة التي تعاملت معها حكومة يائير لبيد مؤخراً هي رسم الحدود البحرية مع لبنان، والتي بعد تطورات مختلفة ودخول حزب الله المباشر في هذه القضية ودفاعه عن الحقوق البحرية اللبنانية، تعرّضت السلطات السياسية للكيان الصهيوني لضغط الجيش والمؤسسات العسكرية، لتوقيع اتفاقية غير مباشرة مع وجود الولايات المتحدة وإشراف الأمم المتحدة، حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، لتجنب الدخول في حرب مع حزب الله. وقبل نحو اسبوعين تم توقيع هذا الاتفاق بشكل غير مباشر من قبل الرئيس ميشال عون رئيس لبنان الاسبق و “يائير لابيد” رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي الاسبق.

غير أن المباحثات والمفاوضات غير المباشرة بشأن تحديد الحدود البحرية للبنان وفلسطين المحتلة جرت عشية انتخابات الكنيست للكيان الصهيوني، وكانت هذه القضية فرصة جيدة للاستغلال السياسي والانتخابي لمسؤولي كيان الاحتلال للدعاية لأنفسهم. وبينما حاول لبيد وحلفاؤه إخبار الإسرائيليين بأن توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع لبنان كان إنجازًا أمنيًا مهمًا بالنسبة لهم، وبالتالي أنقذهم من الدخول في مواجهة عسكرية مع حزب الله، انتقد نتنياهو لبيد وحكومته بشأن توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع لبنان، وأنه كان يعني تسليم إسرائيل لحزب الله. كما أكد نتنياهو مرات عديدة خلال حملته الانتخابية أنه إذا عاد إلى السلطة، فإنه سيلغي اتفاق الحدود مع لبنان.

أثار هذا الموضوع تساؤلات حول مستقبل اتفاق الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة وما إذا كان نتنياهو سيلغي هذا الاتفاق بالفعل. للإجابة على هذا السؤال، يجب أولاً فحص الظروف المحيطة وكذلك العوامل التي أدت إلى إبرام الاتفاقية المذكورة أعلاه. أولا وقبل كل شيء، تؤخذ الأوضاع الأمنية في الكيان الصهيوني بعين الاعتبار. حيث نتيجة لتهديدات حزب الله لهذا الكيان إذا أضر بحقوق لبنان البحرية، ضغطت المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على حكومة يائير لبيد لإلغاء خيار المواجهة العسكرية مع حزب الله من خلال تنفيذ اتفاقية الترسيم.

وبناءً على ذلك، فإن نتنياهو وغيره من الأحزاب المتطرفة في إسرائيل يعرفون جيدًا أن عواقب تجاوز اتفاقية الحدود مع لبنان ستكون ثقيلة للغاية، ومن المؤكد أن حكومة نتنياهو لا تنوي بدء عملها من خلال تصعيد التوترات مع حزب مثل حزب الله. يتذكر نتنياهو أنه إلى أي مدى تعرض لانتقادات في الساحتين الداخلية والخارجية لإسرائيل نتيجة حرب مايو 2021 مع قطاع غزة، وكان لذلك أثر كبير على هزيمته في الانتخابات السابقة. لذلك، في المرحلة الحالية، لن يسعى إلى أي مواجهة عسكرية خاصة مع حزب الله.

كما أن أداء نتنياهو في فترات سابقة يظهر أن سياسته كانت دائما قائمة على التهديدات وليس على الحرب، وأن تهديداته أو تلك الصادرة عن حلفائه فيما يتعلق بالحرب مع فصائل المقاومة، وخاصة حزب الله، لا تنفذ أبدا.

في الموضع التالي، كانت أمريكا وأوروبا حريصون للغاية على تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. لأنه نتيجة لأزمة الطاقة التي سببتها الحرب بين أوكرانيا وروسيا، يشعر الأمريكيون والأوروبيون بالحاجة الشديدة لمصادر الطاقة لتحل محل الغاز الروسي، وفي هذا السياق، يتطلعون إلى الثروات المدفونة في البحر الأبيض المتوسط​​؛ الثروات التي استلزم استغلالها تحديد الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة ليتمكن الكيان الصهيوني من استخراج الغاز وتصديره إلى أوروبا بعيداً عن تهديدات حزب الله.

من ناحية أخرى، يرى الأمريكيون – الديموقراطيون والجمهوريون – مصالحهم الفضلى في توقيع هذه الاتفاقية، وأي حكومة تتولى مهامها في الولايات المتحدة ستلتزم بدعم اتفاقية الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. كما يعلم الأمريكيون أن أي تعطيل في تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود يمكن أن يؤدي إلى توترات عسكرية على حدود فلسطين المحتلة ولبنان، وفي ظل الجمود الكبير الذي تعيشه الولايات المتحدة في الحرب بين أوكرانيا وروسيا، ليس لدى الأمريكيين مجال للدخول في حرب أخرى. وفي هذا الصدد، وجه الوسيط الأمريكي “عاموس هوشستين” في قضية رسم الحدود الساحلية بين الكيان الصهيوني ولبنان رسالة إلى كبار المسؤولين اللبنانيين وأكد لهم أن هذا الاتفاق لن يتأثر بنتائج الانتخابات الإسرائيلية وأن واشنطن قد قدمت بالفعل الضمانات اللازمة للجانب اللبناني في تنفيذ هذا الاتفاق.

وبناءً على ذلك، يبدو أن اللبنانيين غير قلقين من التبعات السلبية لنفور نتنياهو من سلطة الكيان الصهيوني على اتفاقية الترسيم، ويعتقدون أن مزاعمه بإلغاء الاتفاقية المذكورة هي فقط في إطار مناورات دعائية ولن يتم تنفيذها.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق