بدء الانتخابات الشکلية في البحرين وسط مقاطعة شعبية واسعة
تجري الانتخابات البرلمانية في البحرين اليوم 12 نوفمبر 2022، وفي غضون ذلك يتوجه المواطنون البحرينيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس النواب، في حين لم يترك منع المعارضة من الترشح أثراً للحماسة الانتخاباتية في هذا البلد.
الجماعات المعارضة لنظام آل خليفة طالبت جميع البحرينيين، من الشيعة والسنة وأتباع الديانات والمذاهب الأخرى، وكذلك جميع الجماعات والنقابات، بمقاطعة هذه الانتخابات من أجل الدفاع عن المصالح الوطنية ومحاربة الفساد والتهويد والاعتداء على الهوية الوطنية، لأن دعم مستقبل الوطن والأمة مستهدف بهذه الانتخابات.
تحاول الجماعات البحرينية مقاطعة الانتخابات المزيفة لنظام آل خليفة منذ شهور. وفي الشهر الماضي، تزايدت الدعوات الشعبية والحزبية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية في البحرين، وشددت الجماعات المعارضة لنظام آل خليفة، من الشيعة والسنة وأتباع الديانات والمذاهب الأخرى، وكذلك الجماعات والنقابات، على مقاطعة الانتخابات.
كانت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في البحرين في عام 2018 بعيدةً كل البعد عن الشفافية، وكانت مساحة المجتمع المدني البحريني محدودةً للغاية، وحُرم الشعب من حقه في تقرير المصير.
تأسس برلمان البحرين في عام 2002 بموجب الدستور، ويتألف من 40 نائباً منتخباً بشكل مباشر. وتجري الانتخابات البلدية بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية في البحرين.
إذا تم تمديد الانتخابات إلى الجولة الثانية، فستجرى بعد أسبوع من يوم السبت 19 نوفمبر، كما ستجرى الانتخابات خارج البلاد في السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج يوم الثلاثاء 8 نوفمبر، وفي حال إجراء الجولة الثانية ستجری يوم 15 نوفمبر.
إن عدم مشاركة الشيعة، الذين يشكلون أكثر من 60٪ من سكان البحرين، في هيكل السلطة وإدارتها، نوع الهيكل الدستوري الذي لا يكون للشعب على أساسه دور في تحديد الحاكم أو رئيس الوزراء في هذا البلد، وغياب الانتخابات الحرة ووجود ملكية مطلقة، من أهم أسباب استياء الجماعات المعارضة لنظام آل خليفة وشعب البحرين.
يعدّ قانون “العزلة السياسية” في البحرين من أخطر انتقادات الأحزاب والمنظمات الحقوقية، حيث يحرم هذا القانون المواطنين الذين يدعمون أحزاب المعارضة أو المجتمعات المنحلة، من حقوقهم المدنية والسياسية ويمنعهم من التصويت في الانتخابات.
كما أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخرًا، أن الحكومة البحرينية تستخدم قوانين العزل السياسي وسلسلة من التكتيكات الأخرى، لإبعاد النشطاء والأعضاء السابقين في أحزاب المعارضة عن المناصب الحكومية.
وقد أدى العمل الهادف الذي قامت به حكومة البحرين لعزل منتقديها وخصومها في الحياة الاجتماعية والسياسية والمدنية والاقتصادية، إلى تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد. ويجب على آل خليفة إلغاء قوانين العزل السياسي لعام 2018، واستعادة الحقوق السياسية والمدنية والقانونية الكاملة لجميع المواطنين البحرينيين.
لن يشارك جزء كبير من الشعب البحريني في انتخابات آل خليفة لأسباب سياسية وقانونية. والواقع أن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين قاطعوا الانتخابات السابقة ولم يصوتوا، قد شُطبوا من قائمة الناخبين ولا يمكنهم المشاركة في انتخابات المجالس النيابية والبلدية المقبلة. بينما وفقًا لقانون الحقوق السياسية، فإن عدم التصويت ليس سببًا لاستبعاد الناخبين أو شطبهم من قائمة الناخبين.
وبينما قاطعت المعارضة البحرينية الانتخابات البرلمانية في البلاد على نطاق واسع، اخترقت مجموعة قراصنة تدعى “الطوفان” موقع البرلمان البحريني يوم الجمعة.
قامت مجموعة الهاكرز هذه بوضع صورة الشهيد “رضا عبد الله الغسرة” بحجم كبير على الصفحة الأولى لموقع برلمان البحرين، كما شوهدت صور شهداء بحرينيين آخرين بحجم صغير على هذه الصفحة.
على الرغم من تحذيرات وتهديدات نظام آل خليفة، قاطعت المعارضة الانتخابات على نطاق واسع. وأعلن آية الله الشيخ “عيسى قاسم”، زعيم شيعة البحرين، أمس، أن مقاطعة الانتخابات النيابية في هذا البلد واجب على البحرينيين، والمشاركة بأي شكل من الأشكال تعتبر تأييداً للسياسات القمعية لنظام آل خليفة.
وفي وقت سابق، أكد آية الله الشيخ عيسى قاسم، زعيم الشيعة البحرينيين، في رسالة وجهها إلى شعب وشباب البحرين، أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في هذا البلد تنفع مصالح الظالمين وتضرّ بمصالح الشعب.
كما أعلنت جمعية الوفاق البحرينية عن 139 سببًا لمقاطعة انتخابات آل خليفة الصورية، والذي يشمل “عيوبًا قانونيةً ودستوريةً، وعدم وجود عملية انتخابية تستند إلى الحد الأدنى من معايير العدل والهيكل، وضعف الأساس للتعبير عن إرادة المواطنين البحرينيين بطريقة علمية “.
كما طلب المكتب السياسي لحركة شباب ثورة 14 فبراير من المرشحين لهذه الانتخابات سحب ترشيحهم، حتى لا تكون مشاركتهم وصمة عار عليهم. لأن أي تواجد لهم في هذه الانتخابات، هو خيانة لدماء الشهداء ونظرة شعب البحرين إلی حكومة آل خليفة.
من جهة أخرى، أكد الشيخ “حسين الديهي” نائب الأمين العام لجمعية الوفاق البحرينية، أن إن قوى المعارضة البحرينية في الخارج والداخل والناشطين السياسيين الاجتماعيين في سجون هذا البلد، واستناداً إلی الوضع الخانق والديكتاتوري لنظام آل خليفة وتجاهل إرادة الشعب وانتهاك حق اتخاذ القرارات وتقرير مصير الأمة، قرروا مقاطعة هذه الانتخابات.
هذا فيما تستمر مظاهرات شعب البحرين ضد مقاطعة الانتخابات الوهمية لنظام آل خليفة. كما دعا عدد من أهالي بلدة “أبو صبيع” شرقي المنامة إلى جانب سكان مناطق أخرى في البحرين، الليلة الماضية، إلى مقاطعة الانتخابات من خلال المشاركة في مظاهرات ليلية ورفع الأعلام البحرينية وصور قادة المعارضة.
عقب مقاطعة الانتخابات من قبل مجموعات بارزة من النشطاء، وكذلك اختراق موقع البرلمان البحريني، نشر نشطاء حقوقيون بحرينيون وسعوديون وثائق تظهر أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وافق على طلب الحكومة البحرينية إرسال قوات إلى هذا البلد عشية الانتخابات البرلمانية.
في هذه الوثيقة، يقول محمد بن سلمان في رسالة إلى وزير الداخلية السعودي في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، إنه وافق على طلب الحكومة البحرينية إرسال قوات الرد السريع إلى هذا البلد، وعلى هذه الوزارة التنسيق مع وزارة الداخلية البحرينية.
وتظهر الأخبار والأدلة أنه لن يكون هناك تغيير في مناصب آل خليفة الإدارية والسياسية والقمع مستمر. لذلك، من الواضح تمامًا أن آل خليفة يسعى لإضفاء الشرعية على نظامه غير الشرعي، من خلال إجراء هذه الانتخابات تحت ستار الديمقراطية.
وعليه، تجري الانتخابات البحرينية في بيئة غير ديمقراطية تمامًا، خاصة أنه منذ بداية الأزمة السياسية في هذا البلد في عام 2011، لم تتخذ حكومة البحرين أي إجراء لمعالجة هذه الأزمة وإصلاح الهيكل القضائي في البحرين، على الرغم من الوعود الخادعة التي قدمتها لمؤسسات حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، يستمر قمع النشطاء واعتقالهم وإعدامهم بموجة أقوى.
المصدر / الوقت