السعودية في عهد ابن سلمان… من وجهة المسلمين الأولى إلى المركز الأول في تجارة المخدرات!
يبدو أن تعاطي المخدرات في السعودية أصبح من ركائر سياسة الانفتاح التي ينتهجها بن سلمان في البلاد، فبحسب تقرير نشره موقع جيوبولتيكال فيوتشرز الأميركي أن السعودية باتت مركز تجارة المخدرات في منطقة الشرق الأوسط. وأن إلقاء المسؤولية على جهات خارجية ما هو إلا غطاء لإخفاء تورط أمراء من العائلة الحاكمة في تجارة المخدرات. و على الرغم من أنه لا يخلو أي بلد تقريبًا من بلاء المخدرات غير المشروعة لكن السعودية – الوصية على أقدس الأماكن الإسلامية – تبرز اليوم كواحدة من أكبر الوجهات في العالم للمواد غير المشروعة. وتعد السعودية ثالث أكبر مستهلك للمخدرات في العالم والأكبر في الشرق الأوسط، ويعتبر الوضع الاقتصادي و ثقله على المواطن و الوعي المجتمعي و الالتزام الديني إلى و قوة الحكومة و إجراءاتها لمحاربة هذه الظاهرة من أهم المعايير المحددة لانتشار هذه الآفة و من هنا أن تتبوأ دولة ما موقع الصدارة كأحد مراكز المخدرات، فهذا يعني أن ناقوس الخطر قد دق إذ تؤكد كل الأرقام والإحصاءات التزايد المخيف لتعاطي وتهريب المخدرات في المملكة في الأعوام الماضي. ورغم أن القانون يعاقب على تعاطي المخدرات وتهريبها بالإعدام، لكنه يُنفذ بحق المواطنين والمغتربين فقط، ولا يشمل أفراد العائلة المالكة المعفيين من الملاحقة القضائية. وفي تقرير سابق كشفت مجلة ذي إيكونوميست (Economist ) الإنجليزية العام المنصرم عن تورط أمراء سعوديين بتهريب المخدرات من سوريا من أجل بيعها في المملكة ودول الخليج. وقالت المجلة حينها إن “بعض الأمراء السعوديين يستخدمون طائراتهم الخاصة لتهريب حبوب المخدرات التي يصل هامش ربحها 50 ضعفا عن تكلفتها في سوريا.
تطور تجارة المخدرات في السعودية
حسب دراسة تناولها تقرير موقع جيوبولتيكال ، فإن ظاهرة انتشار المخدرات في السعودية تزايدت بشكل كبير جداً فقط خلال العقد الماضي، حيث إن مخدرات الكبتاغون في المملكة بين عام 2015 – 2019؛ كانت تشكل أكثر من 45% من المضبوطات على مستوى العالم. وأكد التقرير على تورّط أفرادٍ من العائلة المالكة وقوات الأمن في عمليات انتشار المخدرات، لافتاً إلى أنّ الطفرة النفطية في منتصف السبعينات، وزيادة الثروة، ووصول مئات الآلاف من العمال من الدول المجاورة، قد أدت إلى تحولات كبيرة في المجتمع السعودي، مما ساعد في زيادة تعاطي المخدرات في المملكة. وعلى الرغم من المزاعم السعودية حول التدخل الأجنبي، فإن الشخصيات البارزة في تجارة المخدرات – الممولين والمشغلين المحليين وشبكات التوزيع – هم سعوديون.
اليد الخفية لأمراء آل سعود في تجارة المخدرات
وجود و تعاطي المخدرات ليس بالأمر الغريب فلا يمكن لدولة أن تخلو من هذا الوباء و لكن الامر يصبح غريباً عندما يتعلق الأمر بتورط القائمين على هذه الدولة بتحويل البلاد لعاصمة المخدرات.
لنبدأ من عام 1999، عندما قام أمير سعودي بارز بتهريب 2 طن من الكوكايين من فنزويلا إلى فرنسا وتم اعتقاله وفضح أمره وصدر حكم بحقّه غيابيًا بالسَّجن 10 سنوات في عام 2007، ودفع غرامة قدرها 100 مليون دولار. كما اتهمته السلطات الأمريكية بالتآمر لتوزيع مخدرات داخل الولايات المتحدة. و في عام 2015 أوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية في (26 تشرين الأول/أكتوبر 2015) أميرا سعوديا وأربعة سعوديين آخرين كانوا برفقته. و ضبطت الأجهزة الأمنية اللبنانية حينها – في أكبر عملية بمطار بيروت الدولي، بحوزة الأمير السعودي طنين من الحبوب المخدرة على متن طائرة خاصة.
وحسب الوكالة الوطنية للإعلام، كانت الطائرة متجهة إلى الرياض، وعلى متنها كمية ضخمة من حبوب الكبتاغون “ضمن أربعين حقيبة”. والأمير السعودي هو عبد المحسن بن وليد بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود من العائلة الحاكمة وأصبح يعرف في لبنان بأمير الكبتاغون.
وفي نيسان/ أبريل 2021، أعلنت الرياض إحباط محاولة تهريب 2.4 مليون حبة مخدرات من لبنان، حاول المهربون إيصالها إلى المملكة داخل شحنة رمان.
وآنذاك، قررت السعوديّة منع دخول الخضراوات والفواكه اللبنانية إلى أراضيها أو عبرها، بسبب “استغلالها في تهريب مواد مخدّرة إلى المملكة”. وفي 15 يونيو أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان عن إحباط عملية تهريب 250 ألف حبة كبتاغون إلى السعودية، كانت مخبأة في داخل مضخات مياه كهربائية صغيرة الحجم.
وبحسب سعودي ليكس فإن أمراء من العائلة المالكة متورطون بالتواصل مع شبكات المخدرات في لبنان. و تعتبر الجهة المسؤولة عن الاتفاق على كميات الحبوب المخدرة وتحويل الأموال هم أمراء من آل سعود، لكن الذين يقومون بالترويج والبيع هم من عامة الشعب والوافدين.
ومن جانب آخر كان مصدر سعودي قد كشف النقاب عن أهداف وصفها بـ”الخبيثة” وراء قرار منع المنتجات اللبنانية من دخول أراضي المملكة السعودية. وأوضح المصدر أن القرار السعودي ليس عشوائيا بل مخططا ومدروسا، لافتا إلى أن النظام السعودي طلب من عدة دول تنفيذه. و تمثلت الأهداف من وراء القرار الجديد بـ: حصار لبنان سياسيا واقتصاديا تحت مزاعم محاربة وتقويض مكانة حزب الله اللبناني، إضافة إلى أن هناك هدفا سعوديا آخرا وراء ذلك، وهو استيراد المنتجات الزراعية من دولة الاحتلال الاسرائيلي التي تصدرها إلى الإمارات ثم السعودية.
فساد آل سعود و تردي الوصع الاقتصادي اهم اسباب انتشار التعاطي بين الشباب
مع سوء الوضع الاقتصادي و ارتفاع الأسعار و تفاقم مشكلة السكن و ارتفاع معدلات البطالة تشير تقارير بأنّ نصفَ السعوديين الذين يتعاطون المخدرات، هم من العاطلين عن العمل. حيث يعد نقص الوظائف المتاحة برواتب مناسبة سببًا لتعاطي المخدرات بين الشباب، فمع ترسّخ أسلوب الحياة باهظ الثمن في المملكة، يواجه الشباب صعوبة في تلبية التوقعات، وخاصة فيما يتعلق بالزواج والسكن.
ويتزايد الضجر الاجتماعي من التحولات التي تمر بها المملكة مع تفاقم معدلات الإدمان. وقد أدى تسريع التغييرات الاجتماعية في السنوات الأخيرة، مثل: السماح للحفلات الموسيقية، و حفلات الهالويين و غيرها من فعاليات الترفيه، إلى اندلاع حرب ثقافية، كما خلق غموضاً بشأن معايير الصواب والخطأ. و عليه يعتبر وصول ابن سلمان إلى سدة الحكم قد لعب دوراً كبيراً في إغراق المملكة بالمخدرات، عبر سياسته الانفتاحية التي اتبعها منذ وصوله إلى السلطة، من خلال اتباع سياسة الإلهاء والحفلات، وما رافقها من اعتقالات للعلماء والإصلاحيين، بهدف منعهم من المطالبة بحقوقهم. كما أن العمالة الوافدة وخاصة من الدول التي لا تدين بالإسلام او تدين ببعض المعتقدات الأخرى التي لا تحرم الشراب أو الكحول أو المخدرات دور مهم في انتشار هذه الآفة ، فتنقل عاداتها وثقافتها وتقاليدها وسلوكياتها إلى السعودية ، وبالتالي يكون هناك شبه تلاق ثقافي وسلوكي مع السعوديين.
الأمر الأهم هو أن السلطة تمنع العمل الحزبي والنقابي والثقافي والترفيهي وتبعد الناس عن السياسة حتى تضمن بقاء عرشها واستمراريته، فتدفع هؤلاء الشباب نتيجة غياب الطموح في أن يكون فاعلاً في المجتمع أو في الحكومة فيتجه إلى تصريف كل هذا التعبئة الداخلية وهذا الحقد وهذا الاحتجاج الذي لا يستطيع أن ينفس عنه نتيجة القمع، فيذهب إلى الهروب من الواقع علّه يجد في المخدرات والإدمان نوعاً من التعويض النفسي عما يشعر به من ظلم ومن إحباط ومن حصار اجتماعي ومادي ومعيشي، حيث يرى خبراء في الشأن السعودي أن محاولات إبعاد الشباب السعودي عن العمل السياسي و قمع حرية التعبير والرأي في السعودية له شأن كبير في انتشار ظاهرة إدمان المخدرات، فالشباب السعودي يشعر بالإحباط حين يرى أن آل سعود و العائلة المالكة و أبناءهم و أحفادهم يصادرون البلاد و مقدراتها لمصالحهم الشخصية بالتالي لا طموح لهذا الشباب في بلاده حيث جعلت هذه الأمور مجتمعة المواطن السعودي معتقلا في مملكة اسمها المملكة السعودية ليس له مردود من الثروة الوطنية، ليس له طموح سياسي وليس له موقع اقتصادي. وقد تحدثت وسائل اعلامية عن جريمة شهدتها السعودية في نيسان الماضي حيث قام رجل في المنطقة الشرقية بإضرام النار في منزل عائلته قُبيل وجبة الإفطار في رمضان، ما أدى إلى مقتل 4 منهم. وحينها أكدت وسائل إعلام سعودية أن الجاني كان تحت تأثير جرعة زائدة من المخدرات.
وحسب الإحصاءات، فإن 90% من المدمنين هم سعوديون، في حين أنّ 10% المتبقية هم من المغتربين، الذين يمثلون 40% من سكان البلاد، (يبلغ تعداد السكان 35 مليون نسمة).
وتعَدّ حبوب الكبتاجون، التي يتمّ الترويج لها باعتبارها مفيدة في فقدان الوزن وزيادة التركيز، هي أكثر العقاقير انتشارًا في السعودية، ويستخدمها أكثر من 40% من المدمنين. وكشفت وكالة فورين بوليسي الاميركية ضمن تحقيق حول انتشار المخدرات في السعودية وترويجها وكيفية استهلاكها وانواعها اوضحت ان عمليات افراغ الكبتاغون اصبحت شأناً عادياً في السعودية نتيجة الطلب المتزايد عليه وكون هذه المادة تعد سوقاً مربحاً لتجار المخدرات الذين يقودهم أمراء ال سعود.
أرباح ضخمة وتخفٍ وراء نظرية المؤامرة
يحقّق المتاجرون في الكبتاجون أرباحاً هائلة، حيث تبلغ تكلفة تسليم شحنة واحدة 10 ملايين دولار -بما في ذلك تكلفة المواد الخام والتهريب والرشوة- ويمكن أن تحقق ربحًا قدره 180 مليون دولار. وحتى لو صادرت السلطات عدة شحنات، فإن عبور شحنة واحدة فقط يمكن أن يحقق ربحًا كبيرًا.
ولا تريد المملكة مواجهة القبائل التي تتلقى رشاوًى كبيرة من مهربي المخدرات، وبدلاً من ذلك تلجأ إلى نظريات المؤامرة لشرح المشكلة. وتزعم وسائل إعلام محلية، أن السعودية هدف لعصابات إجرامية دولية مرتبطة بكيانات معادية، تعمل على إغراق البلاد بالمخدرات، لتدمير نسيجها الاجتماعي وتقويض قيمها الإسلامية. فالمملكة -وفق وجهة النظر هذه- من أقوى دول المنطقة، وتسعى هذه الكيانات إلى عرقلة نجاح مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لكن الحقيقة أنّ الأمراء والضباط يشاركون بشكل كبير في شبكات التهريب المحلية. حتى إن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد اتهمت ضباطها بتلقي رشاوى من المهربين، لغضّ الطرف عن أنشطتهم غير المشروعة.
المصدر/ الوقت