التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

عقب صفعة المنتخب المغربيّ.. سقطة دبلوماسيّة ومستقبليّة لـ”إسرائيل” 

عقب صدمة الكيان الصهيونيّ الغاصب للأراضي العربيّة والعدو الأول للعرب والمسلمين والأحرار في العالم من ردّة الفعل الشعبيّة للعرب في مونديال قطر لكرة القدم، ومؤخراً بعد أن رفرف لاعبو المنتخب المغربيّ، العلم الفلسطينيّ وسط الملعب فور فوزهم في المباراة على البرتغاليين، تسعى تل أبيب بكل ما أوتيت من قوّة إلى الترويج لأخبار متعددة حول قضيّة المنتخب المغربي “أسود الأطلس”، والتي كان أهمّها الادعاء بأن حمل العلم الفلسطيني من طرف أفراد المنتخب هو بادرة من “لاعب مغربيّ يلعب في الدوري السعوديّ”، وليس من سياسة الملك محمد السادس وفقاً لتقارير إعلاميّة عبريّة، في الوقت الذي يشدّد فيه المغاربة بمختلف أطيافهم على أن التطبيع الحكوميّ مع “إسرائيل” بمثابة جريمة بحق الفلسطينيين والشعب المغربيّ والإنسانية جمعاء، وهذا يندرج في إطار مواقف الشعوب العربيّة التي تعارض بالمطلق “اتفاقات العار” أو ما يُعرف بالتطبيع، والذي ضم كلاً من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع العدو.

صفعات متتاليّة لتل أبيب

صفعات متتاليّة تلقاها الكيان الصهيوني في مونديال قطر، كان آخرها تزيين الملعب القطريّ – العربيّ من قبل لاعبي المنتخب المغربيّ بعلم فلسطين السليبة وذلك عقب فوزهم المتميز على لاعبي المنتخب البرتغاليّ، ولأن تل أبيب لم تعد تحتمل ما يجري هناك من تمسك شعبيّ مذهل بقضية فلسطين الأشهر عالميّاً نتيجة الظلم الذي يحل بهذا الشعب، إضافة إلى ردود أفعال المشجعين واللاعبين داخل وخارج الملاعب، تحدث نائب سفير الاحتلال في الرباط إيال ديفيد في لقاء مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة، أنّ المسؤولين في الحكومة المغربية أوضحوا أنّ ذلك لا يمثل إرادة الملك محمد السادس، في إشارة إلى رفع لاعبي المنتخب المغربي، العلم الفلسطيني في المونديال، ولا يعلم أحد فائدة تلك التصريحات التي وصفها البعض بـ “السخيفة”، عقب ردود الأفعال العربيّة في المونديال، والتي أوصلت رسالة واضحة للإسرائيليين بأن الشعوب العربية ليست كبعض أنظمتها الخائنة، كما أن السلام المُصطنع والمُبتذل مع من يقتل العرب ويسلب أرضهم هو سراب وخيانة.

وعلى ما يبدو، فإنّ الدبلوماسيّ الإسرائيليّ تناسى وجهة نظر الشعب المغربيّ تجاه الصهاينة ومن يتعاون معهم، في خطوة اعتبرت استهزاء بحكومة المغرب واستفزازاً فاشلاً لمشاعر المغاربة المرتبطة قلوبهم في فلسطين، حيث يعلم الجميع أنّ المغاربة عبروا في مناسبات كثيرة للغاية عن رفضهم العارم لإقامة علاقات مع الكيان الصهيونيّ المجرم، وقد صفعت المواقف الشعبية للعرب وبالأخص المغربيّة “إسرائيل ومن طبّع معها”، ما دفع قيادات الاحتلال للفشل الدبلوماسيّ كما الفشل الإعلاميّ العبريّ الذي ضج به العالم، بعد حالة الصدمة في مجتمع الاحتلال والإرباك الشديد في حكومة العدو من “الثمار المصابة” لاتفاقيات التطبيع التي لم تتخط بعض الدوائر الحكومية العربية، وقد ظهر هذا الأمر جليّاً من خلال طريقة تعاطي الجماهير العربية مع الصهاينة، في ظل تفاخر واهٍ من قبل الكيان بخيانة بعض الدول العربيّة والخليجيّة التي وقّعت اتفاقية للاستسلام مع العدو الفاشيّ.

وعلى هذا الأساس، تشعر تل أبيب والتيار الحكوميّ المؤيد لها في المغرب، بالقلق العارم لأن مباريات المونديال الكرويّ أظهرت كم تعني القضية الفلسطينية بالنسبة الشارع المغربي الذي كبُر على مشاهد الجرائم الإسرائيليّة، فحاول بعض التابعين للنظام التطبيعيّ في المغرب بيع أوهام من قبيل سفر الصهاينة إلى قطر لتشجيع المنتخب المغربيّ، واحتفالات وسط الأراضي الفلسطينيّة المسلوبة من العدو بفوز المغرب، وتبيّن كيف كانت تلك الأنباء محض هراء وكذب، كما ظهرت مُجنّدات إسرائيليات في مقاطع فيديو حاول ترويجها جيش العدو، وهن يشجعن المنتخب المغربيّ، في حين كان جيش الاحتلال العسكريّ نفسه يمنع الفلسطينيين –أصحاب الأرض والمقدسات-من الاحتفال ورفع علم المغرب الشقيق.

ومن الجدير بالذكر أنّ الصحافة العالميّة قد كتبت أنّ 32 دولة تشارك في المباريات، لكنّ دولة فلسطين رقم 33 كانت حاضرة في كل الملاعب، بأعلامها والتعاطف الكبير الذي تحظى به، ما دفع بالصحافة التابعة للعدو إلى القول بأن مونديال قطر أظهر فشل “اتفاقيات أبراهام”، لكنّ الحقيقة أنّ ما حدث في المونديال كان بمثابة المسمار الأخير في نعش “المطبعين والمطبع معهم” بسبب اتساع الفجوة بين الحكومات العميلة وشعوبها المقاومة، وخاصة أن الوقوف مع فلسطين ضد الاحتلال الصهيونيّ ليس من أجل الدفاع عن فلسطين فقط، بل من أجل الدفاع عن بلاد العرب بأكملها من الاختراق التطبيعيّ، الذي يسعى الكيان من خلاله إلى التسلل للمنظومة الحكوميّة في بعض الدول العربيّة لتزييف الوعيّ وجعل الرواية الصهيونيّة المخادعة هي السائدة، ومحاولة دفن القضية الفلسطينية وإرغام الشعوب والأجيال على القبول بهذا الظلم التاريخيّ غير المسبوق، لكنّ الشعوب العربيّة وقفت وقفة رجل واحد لدعم أهمّ قضيّة بالنسبة لهم.

وبالتالي، إنّ تصريحات الدبلوماسيّ التابع للعدو يمثل إساءة كبيرة للحكومة المغربيّة والملك في ظل التعاطف العربيّ والإسلاميّ مع المنتخب المغربيّ الذي أعاد ألق وحدة العرب من جديد، والذين صفّقوا له وشجعوه وكأنه منتخبهم وحملوا الأعلام المغربية للاحتفال بـ”أسود الأطلس” المُتأهّلين إلى مربع الذهب، والذين سيلعبون ضد بطل النسخة الماضية لمونديال روسيا 2018 “الديوك الفرنسيّة” اليوم الأربعاء، فيما يغص الإسرائيليون الذين لم يجدوا مكاناً لهم بين العرب من نتائج التطبيع الهزيلة شعبيّاً –على مستوى العالم العربيّ- كما هو في الواقع.

غضبٌ واعتراف إسرائيليّ

شنّ الكثير من الصهاينة حملات ضد العرب والمسلمين على مواقع التواصل الاجتماعيّ في الفترة الماضية، نتيجة الموقف الشعبيّ العربيّ الصلب تجاه فلسطين، لدرجة أنّ المؤرخ الإسرائيليّ إيال زيسر، اعترف أنّ الاستفزاز ضد الكيان الصهيونيّ “أصبح مُعديا والعداء يتصاعد”، مهاجماً منتخب المغرب لكرة القدم والذي يمثل الأمّة العربيّة بأكملها، وذلك بعد أن علقت جميع الأطراف الإسرائيلية الكثير من الآمال الواهية على الاتفاقيات التطبيعيّة ونتائجها في تغيير الصورة البشعة والدمويّة للكيان، لكنّها وباعتراف الاحتلال وإعلامه انحصرت بين حكومات لا أكثر، ولم تخترق بأي شكل من الأشكال المجتمعات العربيّة التي تنظر للعدو الإسرائيليّ ببغيضة واشمئزاز، وقد أثبت مونديال قطر تلك الحقيقة الدامغة للإسرائيليين.

“التمسك بالقضية الفلسطينية هو القاسم المشترك بين الشباب العربيّ”، هذا ما قاله أستاذ دراسات الشرق في جامعة “تل أبيب”، في مقال نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” مهاجماً بقوله” “اختار لاعبو منتخب المغرب أن يحتفلوا بفوزهم بصورة جماعية مع علم فلسطين في استعراض للازدواجيّة”، معبراً عن سخطه من رفع منتخب المغرب والجماهير في الملاعب بكأس العالم علم فلسطين، حي إنّ الشعوب العربية أثبتت أنّها لا يمكن أن تغير عقيدتها تجاه قاتل الأطفال ومشرد الملايين من العرب.

“رفع العلم الفلسطينيّ لا يكلف شيئا، وبالتأكيد لا ينطوي على خطر”، عبارة بمثابة سُقوط مدوٍ لمؤرخ تاريخيّ تابع للعدو، لأنّ الرفض الشعبيّ العربيّ لتقبل من يحتل أرضهم ويبيد إخوانهم كان ولا يزال وسيبقى قائماً، ليمنع تحقيق المخططات العدوانيّة للعصابات الصهيوني، ويقف في وجهها على الدوام وبالتالي نهاية مؤكدة للوجود السرطاني للصهاينة الذي يحاولون خلق الشرعيّة لكيانهم اللقيط، والتوسع في معركة التقسيم والتفتيت والنفوذ ونهب الثروات، وضرب الوحدة الداخليّة في دولنا التي ما يزال بعضها محتلاً إلى اليوم من الآلة العسكريّة الصهيونيّة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق