علاقات العراق مع الصين خلال حكومة السوداني والعقبة الأمريكية
على الرغم من أن الجهات الداعمة لرئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، تريد توسيع العلاقات بشكل كبير مع الصين، لكن هذه القضية تواجه تحديات داخل العراق وخارجه.
قام رئيس الوزراء العراقي منذ فترة برحلة إلى السعودية للمشاركة في اجتماع الدول العربية مع الصين، وخلال الاجتماع العربي الصيني في السعودية، ناقش العراق موضوع توسيع العلاقات مع الصين واستخدام هذا الاجتماع في هذا الاتجاه.
وهنا يجب الانتباه إلى حقيقة أنه لا شك في مبدأ إقامة وتوسيع العلاقات مع الصين بين مختلف القوى السياسية العراقية. علاوة على ذلك، تعد الصين حاليًا من أكبر الدول المستوردة للنفط من العراق، ويبلغ حجم التجارة السنوية بين البلدين 30 مليار دولار. لكن النقطة المهمة هنا أن معظم هذه التبادلات التجارية تتم في مجال النفط والطاقة، لكن وجود شركات النفط الصينية في العراق، وفي المجالات الاقتصادية الأخرى، يجعل وجود الصين في العراق ضعيفًا. لكن بشكل عام، فإن القوى السياسية في العراق تميل إلى ان تكون علاقاتها مع الشرق على المستوى الاقتصادي فقط.
استعراض تاريخ علاقات العراق مع الصين
وفي هذا السياق، ينبغي القول إن نقطة التحول في هذه العلاقات كانت توقيع “الاتفاقية الاستراتيجية للنفط وإعادة الإعمار” بين الصين والعراق. لكن تجدر الإشارة إلى أن فكرة هذا الموضوع تعود إلى حكومة حيدر العبادي رئيس وزراء العراق الأسبق.
لكن في عهد حكومة عادل عبد المهدي، وصل هذا الأمر إلى مرحلة التوقيع الرسمي على مذكرات التفاهم، لكن في عهد هذه الحكومة، نظرت القوى السياسية التي دعمته إلى هذا الاتفاق الاستراتيجي كخطوة أولى نحو التوسع الشامل للعلاقات مع الصين، بما في ذلك في المجال الاقتصادي.
لكن بعد استقالة حكومة عبد المهدي، تم التخلي تماما عن موضوع توسيع العلاقات الشامل في عهد حكومة الكاظمي، ولم يول الاهتمام سوى لتطبيق هذه الاتفاقية في المجال الاقتصادي. وفي هذا الصدد، تم اتخاذ الخطوة الأولى من تنفيذ هذه الاتفاقية في عهد الحكومة السابقة والتعاون مع الشركات الصينية لبناء 1000 مدرسة في العراق.
ما هو مضمون الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والصين؟
أ- في الجزء الأول وبموجب هذه الاتفاقية سيوفر العراق مبلغ 100 ألف برميل في حساب مصرفي في الصين من 800 ألف برميل نفط يبيعها للصين يوميا وفي هذا السياق ستقوم الشركات الصينية بإعادة الإعمار وتنفيذ المشاريع، وهم يتنافسون مع بعضهم البعض في العراق وسيتم توفير جزء من الأموال لهذه المشاريع من المبالغ الموجودة في هذا الحساب المصرفي.
ب- الجزء الثاني يتكون من قروض ستمنحها الصين للعراق على مراحل لتحسين وضع إمدادات الكهرباء في العراق، والتي تصل قيمة هذه القروض إلى 10 مليارات دولار، ولا ينبغي أن تصل فترة السداد للصين إلى أكثر من 20 سنة.
وبالطبع يجد البعض مشكلة في هذه الاتفاقية وهي قضية سعر النفط. لأنه ليس من الواضح أن النفط المباع يقوم على سعر ثابت، فإذا ارتفع سعر النفط فإن العراق سيخسر، أما إذا كان السعر يعتمد على سعر السوق اليومي، فلن يخسر العراق، وهذه الآلية في هذا الاتفاق ليست واضحة للغاية.
اسباب وجود معوقات في علاقات العراق مع الصين
بشكل عام، ترى الأطراف الداعمة للحكومة العراقية الحالية أن أمريكا هي العقبة الأهم في هذا الاتجاه. وحسبهم، فإن أحد العوامل التي تسببت في احتجاجات “تشرين”، أو احتجاجات أكتوبر 2019، كان انتقام الولايات المتحدة من مساعي بعض الأحزاب السياسية للسماح للصين بدخول العراق قدر المستطاع ما سيتسبب بمشاكل للولايات المتحدة.
لذلك ورغم حقيقة أن محمد شياع السوداني منتخب من قبل هذه الأحزاب وهو في جبهتها إلا أنه يحاول أخذ هذا التحدي بعين الاعتبار، وكأحد الأسباب فقد التقى بالسفير الأمريكي في العراق أكثر من 6 مرات في هذه الفترة القصيرة من الزمن.. حيث كان السوداني ولا يزال حريصاً للغاية على عدم إغضاب أمريكا في مسالة توسيع العلاقات مع الصين. لهذا السبب، يبدو أن علاقات حكومة السوداني مع الصين على المدى القصير على الأقل تقتصر على القضايا الاقتصادية ولا تتجاوز ذلك.
المصدر / الوقت