التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

أزمة العملة العراقية وإجراءات حكومة السوداني الوقائية 

تسبب تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار في مشاكل اقتصادية في العراق. بدأ هذا الانخفاض في قيمة العملة العراقية مقابل الدولار قبل نحو أسبوعين، وأصبح التعامل مع أسبابه الشغل الشاغل للإعلام العراقي ورجال الدولة في البلاد.

وحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية، بلغ سعر الصرف اليوم الثلاثاء 1580 ديناراً للدولار الواحد، فيما بلغ سعر الصرف الذي حدده البنك المركزي 1460 ديناراً للدولار الواحد.

وتسبب ارتفاع سعر الدولار بدوره في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وحذر الخبراء من آثاره التضخمية على اقتصاد البلاد. وبينما يعتمد الاقتصاد العراقي على بيع النفط وواردات معظم السلع الاستهلاكية، يعتمد العراقيون بشكل كامل على الدولار في الاستيراد، مثلما يعتمد سوق العقارات على الدولار في تسعير الوحدات السكنية، إضافة إلى سوق السيارات.

في غضون ذلك، أكد مسؤولون في هذا البلد الغني بالنفط أن تراجع قيمة الدينار مؤقت، وخاصة أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي وصلت إلى مستوى غير مسبوق.

قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر صالح، الأحد، إن احتياطيات النقد الأجنبي هي حالياً “الأقوى في تاريخ العراق المالي، وقد يتجاوز رصيده 100 مليار دولار”.

في غضون ذلك، أعلن البنك المركزي أيضا، الثلاثاء، أن هذه الزيادة في سعر الدولار ترجع إلى “ضغوط مؤقتة ناتجة عن عوامل داخلية وخارجية بسبب اعتماد آليات لدعم القطاع المصرفي والعملاء والنظام المالي”.

كما أعلن اتحاد المصارف العراقية في بيان أن ارتفاع سعر الصرف يرجع إلى “تصحيح آلية نافذة بيع العملة في البنك المركزي العراقي وبناء على متطلبات التعاملات الدولية”.

في محاولة للسيطرة على الارتفاع، أطلق المسؤولون الحكوميون سلسلة من الإجراءات التي لم تؤد إلى نتيجة حتى الآن، بما في ذلك تسهيل تمويل تجارة القطاع الخاص بالدولار من خلال البنوك العراقية وفتح منافذ بيع العملات الأجنبية للجمهور في البنوك المملوكة للدولة لتحقيق التوازن المالي في سوق العرض والطلب.

كما أصدر البنك المركزي العراقي يوم الاثنين قرارا جديدا ينص على أنه وفقا للمادة 16 رابعا من قانون الموازنة الاتحادية للسنة المالية 2021، لا يجوز تحصيل الرسوم الجمركية والضرائب مقدما.

جاءت هذه الإجراءات بعد أن طلب رئيس الوزراء محمد شيعي السوداني من البنك المركزي اتخاذ خطوات لبيع العملة للمواطنين بالأسعار الرسمية.

وحسب إعلان ديوان رئيس الوزراء العراقي، دعا السوداني، في لقاء مع مصطفى غالب مخيف، رئيس البنك المركزي العراقي، إلى تفعيل عملية بيع العملات الأجنبية بالأسعار الرسمية للمواطنين من خلال الشراء ببطاقات الكترونية، و فتح مراكز بيع للمسافرين او العملاء خارج العراق او توفير تمويل للتجارة الخارجية وفقا للقوانين.

من تهريب العملات إلى الضغط الأمريكي

في الأيام الماضية، أجرى الإعلام العراقي والسلطات تحليلات مختلفة حول أسباب تذبذب سوق العملات. وقالت ابتسام الهلالي ممثلة تحالف “المنتج الوطني النيابية” في بيان صحفي: “سعر الدولار في ارتفاع مستمر وقد يصل إلى 165 ألف دينار نهاية الأسبوع أو عشية العام الجديد.”

وأضاف الهلالي: بعض البنوك والمتعاملين في القطاع الخاص، بدعم من بعض الأحزاب السياسية، بعد شراء العملة بالسعر الرسمي من نقطة بيع العملة في البنك المركزي العراقي، يقومون بتهريب العملة إلى الخارج عبر مراكز غير رسمية، والسبب الرئيسي هو ارتفاع معدل التكافؤ بين الدولار والدينار العراقي.

كانت قضية تهريب العملات من المحاور الرئيسية للفساد الاقتصادي في العراق على مدى العقدين الماضيين، حتى أن الحكومات المختلفة قدمت برامج لمكافحة هذه الظاهرة.

ويحتل الاقتصاد العراقي، الذي عانى الكثير من الفساد وغسيل الأموال، المرتبة 157 (من 180) في مؤشر الفساد، وفقًا لمنظمة الشفافية الدولية.

نشر عضو مجلس النواب العراقي سوران عمر مؤخرًا تدوينة على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك وأعلن: في عام 2022، غادر العراق نحو 40 مليار دولار بعمليات غسيل للأموال.

وأعلن عمر: البنك المركزي باع 49 مليار دولار في عام 2022 منها 9 مليارات دولار تم تحويلها محليا و40 مليار دولار في الخارج.

وتأتي هذه الإحصائية على الرغم من حقيقة أن حكومة السوداني أعلنت الشهر الماضي عن فساد مالي كبير قيمته أكثر من 2.5 مليار دولار، وهو ما عُرف بسرقة القرن في الإعلام العراقي. وحسب معلومات الحكومة العراقية، فقد شاركت مصارف عامة وخاصة في تهريبه.

في غضون ذلك، كانت أسباب أزمة العملة العراقية لا تقتصر على المكونات الاقتصادية فحسب، بل إن الكشف عن محاولة أمريكا حصر المعاملات التجارية والمالية بين بغداد وطهران تسبب أيضًا في قلق النشطاء الاقتصاديين بشأن الأسابيع المقبلة واستقرار أوضاع سعر الصرف في العراق. ويسعى البيت الأبيض إلى فرض شروط على الحكومة العراقية وبنوك البلاد حيث تقتصر التجارة مع إيران على الدينار فقط.

يودع العراق عائدات مبيعاته من النفط في بنك الاحتياطي الفيدرالي للولايات المتحدة، والذي بدوره يرسل تحويلات إلى وزارة المالية العراقية من خلال حسابه في البنك. هذه الآلية التي استمرت لسنوات، تعرضت لانتقادات من بعض التيارات السياسية، و لا سيما في إطار التنسيق الشيعي، بحجة تحرير الحكومة العراقية من هذا التقييد والسيطرة الخارجية.

إن أهمية التخلص من هذا الوضع مفهومة بشكل أكبر من خلال اشتداد المنافسة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين ورغبة دول المنطقة في تطوير التعاون مع بكين، حيث ستفقد الولايات المتحدة سيطرتها بالتأكيد على البنك المركزي العراقي في السنوات المقبلة. ومن أجل الحيلولة دون تعزيز العلاقات الاقتصادية بين بغداد وبكين، أعلن البيت الأبيض عن استعداده لفرض عقوبات على عدة بنوك عراقية بسبب علاقاتها المالية غير القانونية مع جمهورية إيران الإسلامية، على الرغم من كونها أكبر شريك تجاري للعراق وأهم مصدر للكهرباء والغاز في البلاد.

في هذا الموقف أعلن نائب مجلس النواب العراقي ضرغام المالكي بدوره عن وجود اجراءات للتفاوض مع الجانب الامريكي لتنظيم عملية التعامل بالدولار وتنفيذ الاجراءات المناسبة في هذا المجال.

وقال المالكي في بيان صحفي: أولا علينا أن ننظم أنفسنا من الداخل، لأن العراق متهم بأنه بلد يتم من خلاله تهريب العملة، لذا تجري مفاوضات مع الجانب الأمريكي لتنفيذ الشروط المناسبة للصفقة والتي في نهاية المطاف سيؤدي الى انخفاض تدريجي في سعر الدولار”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق