التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

إعدام الشيخ باقر النمر جريمة عابرة للقارات و إرهاب دولة 

إن جريمة إعدام الشهيد نمر باقر النمر بهذا التوحش بقطع الرأس بالسيف، جريمة تتجاوز الزمان والمكان جريمة عابرة للقارات وتنتهتك حرمة الإنسانية و الأديان . إن السبب الحقيقي الذي دفع السلطات السعودية إلى الحكم بإعدام الشيخ النمر هو أنه صدح بالحق وجهر بالصواب وطالب بالحقوق المهدورة لأبناء شعب مظلوم، محكوم بالاستبداد والجهل، ومسلوب الحقوق والثروات، من قبل مجموعة فاسدة .

و في الذكرى السابعة لاستشهاد الشيخ النمر يواصل أحرار العالم رفض و استنكار هذه الجريمة النكراء معتبرين أن إعدام العالم الديني البارز الشهيد الشيخ نمر باقر النمر فضح الوجه السعودي الاستبدادي و الإجرامي للعالم.

و في هذا السياق أدان ‘جولزار نعيمي’ احد علماء السنة البارزين في باكستان، وبأشد العبارات تنفيذ السلطات السعودية حكم الاعدام ضد الشيخ نمر باقر النمر؛ واصفا ذلك بانه نموذج واضح على ‘ارهاب الدولة’ في هذا البلد.

وقال نعيمي من العاصمة الباكستانية اسلام اباد، ان حكام السعودية يقمعون زعماء المعارضة والنشطاء السياسيين لأنهم ليسوا مستعدين لتقبل الرأي الآخر ذلك انهم يرون في هذه الاصوات المعارضة تهديدا لأركان النظام الملكي الحاكم في هذا البلد. وشدد العالم الباكستاني البارز قائلا، ان اعدام الشيخ النمر لن يخدم عمليات مكافحة الارهاب فحسب انما يدعم ظاهرة التمذهب والارهاب على صعيد العالم الاسلامي خاصة. وتابع ان السعودية تنفخ في نار الارهاب في العالم الاسلامي وهي ماضية في تقديم الدعم والمساندة للجماعات الارهابية منذ عدة اعوام.

من جانبه اعتبر الناشط السعودي محمد القطيفي أن رسالة إعدام الشهيد الشيخ نمر النمر تقدم وجه السعودية الحقيقي للعالم أي الوجه الإستبدادي والإجرامي والإرهابي والتكفيري والرسالة مفادها بأن من ينتقدنا سنسفك دمه. فإما ان تعيشوا في مملكتنا كالعبيد أو تذبحوا كالغنم.

فيما اعتبر القيادي في تيار العمل الإسلامي “أمل”، الدكتور راشد الراشد الشهيد آية الله الشهيد الشيخ النمر أنه يمثل رمزية دينية مقدسة في عالمنا وإعدامه بهذه الطريقة يمس حرية الأديان وانتهاك صارخ للرموز الدينية المقدسة عند كل البشر.

أضاف الراشد، إن “هذه الجريمة الوحشية كشفت قسوة ما تعيشه شعوبنا في المنطقة الخليجية من ظلم يصل إلى حد قطع الرقاب بحد السيوف لمجرد التعبير عن الآراء وعن المواقف وعن وجهات النظر المختلفة.

و أوضح أن إعدام آية الله الشهيد شيخ نمر باقر النمر يعطى صورة لطبيعة ما يعيشه أبناء الجزيرة العربية وما يعيشه أبناء المنطقة في ظل الديكتاتوريات والنظم المستبدة التي تتعامل مع نخب المجتمع و مع رموز المجتمع من الفقهاء والعلماء بهذه الطريقة المتوحشة لإسكات الأمة ولإخضاع شعوب المنطقة بحد السيف، صورة متوحشة قاسية مؤلمة تعيشها شعوب تلك المنطقة .

و أكد أن النظم المستبدة في المنطقة عبر هذه الجرائم تريد ان تقول إن خطر القتل بحد السيف قائم ومشهر لكل من يعبر عن رأيه ووجهة نظره و هذه هي طبيعة الأوضاع التي يعيشها أبناء الجزيرة ومنطقة الخليج الفارسي.

من الجدير بالذكر أن اعتقال رجال الدين الشيعة وإعدامهم هو سياسة شائعة للنظام السعودي لقمع هذا المكون الطائفي، الذي لطالما واجه صمت المنظمات الدولية والحقوقية. والشيخ “توفيق العامر” هو أحد رجال الدين الشيعة البارزين في السعودية ، والذي اعتقل عدة مرات وأفرج عنه عدة مرات منذ عام 2005 بسبب مشاركته في أنشطة دينية وانتقاده لانتهاك وسلب الحريات الدينية للشيعة.

و من أبرز رجال الدين الشيعة في السعودية الذين اعتقلوا ضمن حملات مختلفة للنظام القمعي ولا يزالون في السجن. الشيخ “حسين الرازي” ، والشيخ “حبيب الخز” ، والشيخ “حسن الزايد” ، والشيخ “بدر الطالب” ، والشيخ “محمد حسن زين الدين” ، والشيخ “محمد العطية” ، والشيخ “جلال”. الجمل ، وسيد “جعفر العلوي” ، والشيخ “عبد الجليل الإيثان” ، والشيخ “محمد حسن الحبيب”

مخالفة حكم إعدام الشيخ النمر للمواثيق الدولية والقوانين الوطنية

إن حكم الإعدام الصادر بحق الشيخ نمر باقر النمر مخالف للمواثيق الدولية التي تعد قواعد إلزامية لمختلف دول المجتمع الدولي، وكذلك ينطوي هذا الحكم على مخالفات جوهرية للدساتير والقوانين الوطنية وبالخصوص أحكام النظام الجزائي السعودي، وقبل التطرق إلى هذه المخالفات لابد أولاً من بيان التهم الموجهة للشيخ النمر، ومن ثم تلخيص المخالفات التي تضمنها الحكم وكما يأتي:

أولاً: التهم الزائفة الموجهة للشيخ النمر:

ان الاتهامات الباطلة الموجهة للشيخ النمر ليست قضائية وإنما هي طائفية بامتياز، ولعل الدليل البارز على عدم ارتكاب الشيخ نشاطاً محظوراً هو تخبط الأجهزة الأمنية السعودية وارتباكها في مجال لصق التهم بالشيخ المظلوم، فمن المتعارف عليه أن التهمة يجب أن تكون محددة وواضحة يحاط بها المتهم علماً وعلى أساسها تتخذ الإجراءات الجنائية في الدعوى الجزائية، وهذا ما لا نجده في قضية الشيخ النمر، ويتبين ذلك من خلال التهم الموجهة إليه بموجب نص الحكم ومن أهمها:

الخروج على ولي الأمر، الإفساد في الأرض، استحلال الدماء، إشعال الفتنة الطائفية، حمل السلاح ضد رجال الأمن، التحريض على التظاهر، دعم ثورة البحرين، الطعن في الصحابة، المطالبة بولاية الفقيه، سب رجال الدولة، جلب التدخل الخارجي، الإساءة لسمعة البلاد والانضمام إلى خلية إرهابية.

وما يثير الاستغراب أن التهم الموجهة من قبل السلطات السعودية للشيخ النمر تستند إلى مجرد تصريحات وخطب لا تستوجب توجيه تهم بهذا الحجم، وخصوصاً أن الشيخ النمر هو إمام جامع، يتحدث في خطبه عن الإصلاحات وعن الحريات الواجبة للشباب، على وفق مناخ الحرية الذي طرح نفسه بقوة على دول المنطقة، ولعل تهمة الخروج على الحاكم تعد أخطر التهم الموجهة للشيخ النمر.

كما أن ما قدّمته النيابة العامة لتأكيد هذه التهم متناقض في جملته، فمثلاً إن الزعم باستخدام الشيخ النمر للسلاح تكذبه التقارير الطبية، وكذلك الواقعة بحد ذاتها، فلائحة الاتهام أشارت إلى أن إطلاق النار على الشيخ النمر كان أثناء فراره بسيارته، في حين إن الرصاصات الأربع التي أصيب بها الشيخ أتت من الجهة الأمامية.

ثانياً: مخالفة الحكم للمواثيق الدولية:

ومن أهم هذه المخالفات ما يأتي:

1// إن اعتقال الشيخ النمر من دون ارتكابه فعلاً مجرماً ومن دون توجيه تهمة محددة إليه، يتعارض مع أحكام المادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 التي تنص على أن: (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً)، كما يخالف أحكام المادة (6) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966 التي تنص على أن: (…لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن تحكم بهذه العقوبة إلا جزاءً على أشد الجرائم خطورةً وفقاً للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد).

2- مخالفة الحكم للضمانات التي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراره رقم 50 لسنة 1984 المؤرخ في 25 أيار/ مايو 1984 ومنها:

أ. لا يجوز أن تفرض عقوبة الإعدام إلا في أخطر الجرائم على أن يكون مفهوما أن نطاقها ينبغي ألا يتعدى الجرائم المتعمدة التي تسفر نتائج مميتة أو غير ذلك من النتائج البالغة الخطورة.

ب. لا يجوز أن تفرض عقوبة الإعدام إلا في حالة جريمة ينص القانون، وقت ارتكابها، على عقوبة الموت فيها.

ج. لا يجوز فرض عقوبة الإعدام إلا حينما يكون ذنب الشخص المتهم قائما على دليل واضح ومقنع لا يدع مجالا لأي تفسير بديل للوقائع.

د. لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بموجب حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة بعد إجراءات قانونية توفر كل الضمانات الممكنة لتأمين محاكمة عادلة، مماثلة على الأقل للضمانات الواردة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك حق أي شخص مشتبه في ارتكابه جريمة يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام أو متهم بارتكابها في الحصول على مساعدة قانونية كافية في كل مراحل المحاكمة.

3- على فرض أن ما صدر عن سماحة الشيخ فعلاً مجرماً وهو ليس كذلك فإن الجريمة تصنف كجريمة سياسية لا يجوز فيها إيقاع عقوبة الإعدام وهذا المبدأ مستقر في المواثيق الدولية والدساتير والقوانين الوطنية.

ثالثاً: مخالفة الحكم للقوانين الوطنية

ومن أهم هذه المخالفات ما يأتي:

1- تضمن الحكم مخالفة كبيرة لمبدأ الشرعية الجنائية المعبر عنه بمبدأ (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) إذ لم تسند لسماحة الشيخ تهمة محددة تؤسس عليها إجراءات التحقيق والمحاكمة وإنما تخبطت السلطات في إسناد التهم إليه وفي كل يوم تتبدل التهمة وهو منهج يعكس رغبة النظام السعودي في الانتقام. إذ لا يتفق الحكم مع مبدأ الشرعية الجنائية الذي يقتضي أن تكون الجريمة محددة بالقانون والعقوبة محددة أيضاً وهو سبب أساس لبطلان الحكم المشار إليه.

2- لم تكفل الأجهزة الأمنية والقضائية السعودية حق الدفاع لسماحة الشيخ على الوجه المقرر في المادة (4) من نظام الإجراءات الجزائية إذ إنها لم تسمح لمحاميه بالحضور أثناء الاستجواب، كما لم تستجب المحكمة لطلب الدفاع بإحضار عناصر الأمن الذين ألقوا القبض على سماحة الشيخ ببلدة العوامية للاستماع إلى إفاداتهم على الرغم من أنها منتجة في الدعوى، وفي هذا الرفض دلالة واضحة على عدم حيادية المحكمة ومهنيتها ورغبتها في إدانة العلامة النمر تحت أي مسمى.

3- لقد كانت إجراءات المحاكمة مشوبة بخلل جوهري يوجب بطلانها وهو أن الادعاء العام باشر الدعوى الجزائية أمام المحكمة وفقاً للمادة (16) من نظام الإجراءات الجزائية عن جريمة الحرابة وكان المقتضى أن تتم المحاكمة عنها فحسب إلا أن المحكمة أسقطت حد الحرابة بشكل مفاجئ وفي الجلسة الأخيرة وحكمت بالإعدام تعزيراً وهذا مناقض لأبجديات الإجراءات الجزائية.

4- تعارض الحكم مع نص المادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم 39 لسنة 1992 التي تنص على أن: (لايجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور ومعاقب عليه شرعاً أو نظاماً) إلا أن ما حصل مع الشيخ النمر كان خلاف هذه القاعدة، فالشيخ لم يرتكب فعلاً مجرماً في الشرائع الإلهية أو في القوانين الوضعية، إذ إن كل ما صدر عنه قول كلمة الحق والحرية والإصلاح والعدل من موقعه كزعيم بارز للطائفة الشيعية، فقد كانت مطالبه تتجسد في ضرورة إلغاء التمييز الطائفي ضد المواطنين الشيعة والسماح ببناء المقامات الدينية في البقيع وكفالة الحد الأدنى من الحقوق المدنية والسياسية وكل هذه المطالبات تندرج ضمن ممارسة حرية التعبير عن الرأي، فالنشاط الوحيد الذي صدر عن سماحة الشيخ المحكوم عليه هو النشاط القولي تعبيراً عن حرية الرأي المكفولة دستورياً وقانونياً.

ختام القول، تُذهل السعودية العالم بكمية الإرهاب و الإجرام الذي تمارسه ضد مواطني البلاد في الداخل و الخارج من انتهاكات و إعدام بتهم التعبير عن الرأي إلى الاعتقالات التعسفية و الإخفاء القسري كما يحصل مع أعداد كبيرة من المتعقلين داخل السجون السعودية إلى تقطيع أجساد كما حصل مع جمال خاشقجي و الكثير الكثير من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية. وهذا باختصار مايعرف بإرهاب الدولةَ !

و كل ذلك يجري على مرأى و مسمع من العالم بأسره لكن آل سعود قاموا بتهميش المطالبين بحقوق الإنسان من خلال دبلوماسية البترودولار.

المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق