التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

وثائق تکشف ضحايا الهجوم الصاروخي للحرس الثوري الإيراني على “عين الأسد” 

قبل 3 سنوات في صباح يوم 3 يناير 2020، ورداً على اغتيال اللواء قاسم سليماني قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، أطلقت القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري عدة صواريخ دقيقة من غرب البلاد، مستهدفةً القاعدة المهمة لقوات الاحتلال الأمريكية “عين الأسد”.

نُفِّذت هذه العملية في الساعة 1:20 من الصباح، أي في الوقت نفسه الذي استُهدفت فيه سيارة اللواء قاسم ورفاقه، لتكون بداية الانتقام لمقتل القائد العسکري الإيراني.

وكما أعلن اللواء سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني في ذلك الوقت، فإن رد إيران على هذا العمل الإرهابي الأمريكي والهجوم على عين الأسد، كان عملاً “استراتيجياً” ولكنه “محدود” وكان له آثار عالمية، لأنه كان يجب على إيران أن توقف أمريكا في مكان ما، وأن تجعلها تفهم أن عليها مراجعة حساباتها في مواجهة إيران.

ما هي الصواريخ الإيرانية التي أطلقت على القاعدة الأمريكية؟

مثل عمليات الحرس الثوري الأخرى، كانت وحدات صواريخ أرض – أرض هي التي تنفذ العمليات، واستناداً إلى الصور، تبين أن نوعين من الصواريخ تم استخدامهما في هذا الهجوم، هما “قيام” ومنتج من عائلة “فاتح” يسمى “فاتح 313”.

تم الكشف عن فاتح 313 من قبل وزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة الإيرانية في أغسطس 2015، وكان في الواقع جيلًا جديدًا من عائلة صواريخ فاتح 110، وخصائص هذا الصاروخ مماثلة لجيله السابق، أي صاروخ فاتح 110، وقد تغير وزنه بشكل طفيف. والفارق الرئيسي لهذا النموذج، هو کونه دقيقاً ومداه يصل إلی 500 كم.

في تصميم هذا الصاروخ سطح – سطح، إضافة إلى تخفيف وزن الجسم، تم أيضًا استخدام جيل متقدم من الوقود الصلب والوقود المركب والمستشعر المصمم بمعرفة محلية.

كما يعدّ صاروخ “قيام” أول صاروخ باليستي إيراني مصمم من الفئة المتوسطة المدى، ويعتبر ثمرة 25 عامًا من جهود وخبرات البلاد في مجال الصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود السائل، والتي تم إنشاؤها من خلال الجمع بين الإبداع والابتكار والشجاعة في تنفيذ تصميمات جديدة، والتخلي عن التصاميم التقليدية حتى ذلك الوقت.

تم الكشف عن هذا الصاروخ، المصمم محليا بالكامل، في 29 أغسطس 2010. ووفقًا لمسؤولي الدفاع الإيرانيين، کان صاحب الفكرة الأولية لهذا الصاروخ هو “الشهيد حسن طهراني مقدم” لتطوير وبناء صاروخ متوسط ​​المدى مخصص للقواعد الأمريكية الموجودة حول إيران.

الفارق الرئيسي بين صاروخ “قيام” والصواريخ الباليستية الإيرانية الأخرى، هو إزالة المثبتات من نهاية الجسم. تلعب هذه المثبتات، التي تظهر على شكل شبه منحرف بزاوية قائمة في جميع صواريخ “شهاب وقدر وسجيل” الباليستية، وحتى حاملات الأقمار الصناعية “سفير وسيمرغ”، دورًا مهمًا في استقرار الصاروخ.

لكن في صاروخ قيام، دون الاعتماد على المثبتات المذكورة، فإن المهمة الكاملة لتحقيق الاستقرار هي مسؤولية أنظمة التحكم مع نفس المشغلات المثبتة عند مخرج محرك الوقود السائل.

في الواقع، مع الإنتاج الضخم لصاروخ قيام، ظهر صاروخ بأبعاد “شهاب 1 و 2″، ولكن بمدى أكبر بكثير والقدرة على الاستفادة من الرؤوس الحربية الجديدة والمتنوعة.

وذكرت بعض المصادر أن كمية الرأس الحربي لصاروخ قيام هي 645 كيلوجرامًا، وفي آخر الأخبار حول التطورات الصاروخية الإيرانية، تم الإعلان عن القدرة على حمل أنواع مختلفة من الرؤوس الحربية بالنسبة لصاروخ قيام. كما أن صاروخ قيام قادر على الانطلاق من الصوامع تحت الأرضية أيضًا. بالطبع، خلال الهجوم على داعش عام 2018، انطلق صاروخ قيام الإيراني بشكل جديد ومن منصة إطلاق متنقلة.

اهتمام المحللين العالميين المشهورين بدقة الصواريخ الإيرانية

من الأسئلة المهمة للرأي العام داخل إيران وخارجها بخصوص هذا الهجوم، هي نتيجته ومقدار الضرر الذي لحق بالأمريكيين.

أظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرت بعد هذا الهجوم الدقة العالية للصواريخ الإيرانية، وهذه الدقة كانت عاليةً ومثيرةً للإعجاب، لدرجة أنه حتى الخبراء ووسائل الإعلام الغربية لم يتمكنوا من تجاهلها.

قال يبين نارانج، الخبير الأمريكي في الشؤون العسكرية وأستاذ الدراسات الأمنية بجامعة إم آي تي​​، في هذا الصدد: “تظهر صور الأقمار الصناعية لآثار هجمات إيران على قاعدة “عين الأسد”، أن دقة الصواريخ الإيرانية زادت بشكل كبير.”

وكتب على تويتر: “من وجهة نظري، فإن أهم جانب في الهجوم الصاروخي الإيراني هو مدى دقة صواريخها الباليستية قصيرة المدى.” وقال نارانج إن هذا الأداء يرضي إيران، وأضاف: “إن ثورة الدقة (الصاروخية) أمر حقيقي، ولم يعد للولايات المتحدة احتكار هذا المجال. ولهذا الأمر آثار بعيدة المدى على الصراعات المعاصرة والحروب المحدودة.”

بدوره تطرق “جيفري لويس” أستاذ معهد الدراسات العليا “ميدلبوري للدراسات الدولية”،والمحلل في مركز أبحاث “جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار”، في حسابه على تويتر، إلی العملية الصاروخية الإيرانية واستهداف القاعدة العسكرية الأمريكية في عين الأسد.

لويس، وأثناء مشاركته صورةً للنقاط التي استهدفتها الصواريخ الباليستية الإيرانية ومقدار الأضرار التي لحقت بهذه القاعدة، قال: “الصواريخ الإيرانية دمرت عدة مبان/بنى تحتية في قاعدة عين الأسد الجوية”. وشدد في تغريدة أخرى على أن “الإيرانيين لم يستهدفوا خطأً، حيث تم استهداف هذه المباني بدقة عالية”.

وفي تقارير تلك الأيام، أوردت واشنطن بوست أيضًا تصريحات فابيان هينز، أحد خبراء معهد ميدلسبره للدراسات الدولية في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، والذي قال: “في السنوات القليلة الماضية، ما نراه في إيران هو تغيير من الصواريخ التي كانت في الأساس أسلحةً سياسيةً أو نفسيةً، إلى أسلحة هي أدوات حقيقية في ساحة المعركة، وهذا تغيير كمي. (التغيير الكمي يعني التغيير الكبير والمهم).”

وجزء مهم آخر من هذا التقرير في الواشنطن بوست، يتعلق بأوامر المرشد الأعلی للثورة في إيران فيما يتعلق بدقة الصواريخ الإيرانية. وفي هذا الصدد تقول هذه الصحيفة: “إن زيادة قدرة الصواريخ الإيرانية، هي نتيجة تغيير أوامر المرشد الإيراني الأعلی قبل نحو عقد من الزمان. ونتيجةً لهذه الأوامر، استثمرت إيران الكثير في قطاعها العلمي لتطوير أنظمة توجيه للصواريخ، وتسببت هذه المسألة في تحديث الصواريخ الإيرانية بشكل كبير، والتي كانت تعتمد في الغالب على سلسلة سكود التي تم استخدامها خلال الحرب مع العراق. لقد صنع الإيرانيون صواريخ جديدة وطوروا الطرازات القديمة أيضًا.”

وثائق لإثبات الخسائر البشرية الناجمة عن الهجوم الصاروخي للحرس الثوري الإيراني

على الرغم من أن الجيش الأمريكي ورجال الدولة في هذا البلد حاولوا إخفاء الخسائر في الأرواح والجرحى من قواتهم بشكل كامل في هذا الهجوم، ولم يسمحوا لأي وسيلة إعلامية بالدخول حتى الأيام التالية، لكن في الساعات الأولى من هجوم إيران على القاعدة الأمريكية في العراق، تم الكشف في وسائل الإعلام عن معلومات حول رحلة خاصة، أظهرت رحلة طيران استثنائية لطائرة نقل من طراز C-17 من العراق إلى ألمانيا في مهمة إسعاف جوي.

وحسب هذه المعلومات، فإنه بعد ساعات من الهجوم الصاروخي للحرس الثوري الإيراني، غادرت بغداد طائرة النقل الاستراتيجية الأمريكية C17 برقم الرحلة BNDGE53 ومع مهمة الإسعاف الجوي، وتوجهت إلى قاعدة رايمشتاين الجوية في جنوب ألمانيا وهبطت هناك.

تمتلك أمريكا مرافق طبية جيدة التجهيز في تلك المنطقة، حيث يتم نقل جزء كبير من القوات الأمريكية الذين يصابون خلال الصراع في غرب آسيا أو إفريقيا إلى هناك.

في الوقت نفسه، أظهر تشغيل طائرة ثقيلة الوزن وعالية السعة مثل C-17 في دور إسعاف جوي، أن هناك عددًا كبيرًا من الجرحى. من ناحية أخرى، بعد سنوات من الوجود في العراق، أنشأ الأمريكيون منشآت طبية كافية في هذا البلد لقواتهم، وبالتالي يُظهر نقل الجرحى إلى مكان مثل المركز الطبي للقوات الجوية الأمريكية في جنوب ألمانيا، أن حالة الجرحى خطيرة للغاية وأنهم بحاجة إلى خدمات طبية خاصة وعاجلة، أو أنهم لا يريدون إبلاغ الجانب العراقي أو دول المنطقة برد فعل إيران الصاروخي.

كما كشفت جريدة “القبس” في عددها الصادر في 19 كانون الثاني 2019، أن 16 جنديًا أمريكيًا أصيبوا بجروح خطيرة في الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة عين الأسد غربي العراق، نُقلوا إلى أحد المستشفيات العسكرية في منطقة “عريفجان” جنوب الكويت لتلقي العلاج والجراحة المتطورة قبل أيام.

تاريخ أمريكا الطويل في إخفاء الأضرار التي تلحق بجيشها

رغم أن البعض قد يعتقد أن الجيش الأمريكي سيكشف التفاصيل بعد أيام قليلة من كل حادث، إلا أن الأدلة والوثائق تظهر أن إخفاء الحقيقة أحيانًا استمر لعقود.

المعلومات المنشورة في الأيام الأخيرة عن مصير مقاتلة أمريكية شهيرة وباهظة الثمن، تظهر أنه كلما تم التشكيك في هيبة ومصداقية هذه القوة، سيبذل الأمريكيون قصارى جهدهم لإخفاء الواقع.

على سبيل المثال، سرت شائعات لسنوات بين الخبراء العسكريين، حول عدد طائرات F-117 الشهيرة التي تم استهدافها في غارات الناتو الجوية عام 1999 على يوغوسلافيا السابقة.. كم هو عددها؟

على مدار العشرين عامًا الماضية، كانت الإجابة على هذا السؤال، استنادًا إلى المعلومات الرسمية التي نشرها الجيش والإعلام الأمريكي، طائرة واحدة فقط، وهو أمر لا يمكن إنكاره لأنه تم إسقاطها على أرض ذلك البلد ووضعها في المتحف الوطني في بلغراد.

لكن في الأيام القليلة الماضية، أكد طيار متقاعد من سلاح الجو الأمريكي رسميًا، أنه إضافة إلى الطائرة الأولى التي تم إسقاطها في 27 مارس 1999، تم استهداف طائرة F-117 أخرى من قبل أنظمة الدفاع اليوغوسلافية في 30 أبريل من نفس العام، ولكن نظرًا لأن طيارها كان قادرًا على إحضار القاذفة إلى القاعدة الجوية على الأراضي الألمانية، فقد تم إخفاء الضرر الذي لحق بسمعة المشروع الأمريكي الشهير والمكلف للغاية لأكثر من عقدين.

وفي السابق أيضًا، في ربيع 2019، أرسلت 13 منظمة دولية خطابًا إلى “باتريك شاناهان”، القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، تطلب فيه من البنتاغون التوقف عن عدم نشر معلومات مهمة تتعلق بالوضع الأمني ​​في أفغانستان.

وحسب هذه المؤسسات الدولية، فإن معلومات الحرب ضرورية للشعب الأمريكي لفهم الوضع في أفغانستان. كما أعربت هذه المنظمات عن قلقها من قرار الجيش الأمريكي إخفاء معلومات عن حجم المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الأفغانية وطالبان.

وخلال حرب فيتنام عام 1968، ارتكب جنود وحدة استطلاع تابعة للجيش الأمريكي جريمةً كبرى في إحدى القرى، قُتل خلالها 347 إلى 504 مدنيين من جنوب فيتنام على يد جنود أمريكيين للاشتباه في تعاونهم مع فيت كونغ(الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام). وعُرف هذا الحدث باسم مذبحة “ماي لاي” في جميع أنحاء العالم.

كان معظم الضحايا المدنيين من النساء والأطفال. وقبل القتل، تعرض بعض الضحايا للتعذيب والتشويه. وبعد الكشف عن الحقيقة، برأت المحكمة جميع أفراد الوحدة الأمريكية المتورطين في الحادث، وكانت حجة المحكمة أنهم اتبعوا الأوامر. قائد الفرقة بالوكالة حكم عليه بالسجن فقط، وأفرج عنه بعد أن قضى ثلاث سنوات في السجن.

کذلك، كشفت وثائق السنوات الماضية إخفاء الجيش الأمريكي تقارير تتعلق بقتل بعض العائلات العراقية في العقد الماضي.

بعد الهجوم الصاروخي للحرس الثوري الإيراني على عين الأسد، أعلن البنتاغون أخيرًا، وبعد عدة أيام من إخفاء عدد الضحايا، أن 11 جنديًا أمريكيًا فقط أصيبوا “بارتجاج خفيف” نتيجة الهجوم الصاروخي، وحتى دونالد ترامب خفّف هذه الإصابات إلى صداع.

لكن فيما بعد، رفع مسؤولو الجيش الأمريكي عدد المصابين جراء الهجوم الصاروخي الإيراني على عين الأسد إلى 110 أشخاص. وفي الوقت نفسه، أقروا بأن بعض المصابين عانوا من نوع أكثر خطورةً من إصابات الدماغ يسمى TBI.

وهکذا، يجب أن ننتظر صدور وثائق ومعلومات جديدة حول نتائج الصواريخ الإيرانية الدقيقة التي أصابت عين الأسد على الأقل خلال العقدين المقبلين، رغم أن الانتقام من الجناة الرئيسيين لهذه الجريمة لا يزال على أجندة المؤسسات الأمنية والعسكرية الإيرانية، وسيتحقق عاجلاً أم آجلاً.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق