التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

التحقيقات الأوروبية تتجاوز ملف سلامة إلى ملف انفجار مرفأ بيروت 

وكالات ـ الرأي ـ
كتبت صحيفة الاخبار اليوم الاثنين يشهد لبنان، بدءاً من اليوم، فصلاً جديداً من الخطوات التي تعكس الانهيار الذي أصاب مؤسساته كافة، وتشير إلى نوع الوصاية التي يريد الغرب ممارستها على اللبنانيين، بحجة عدم أهلية مؤسساتهم الرسمية ومسؤوليهم. والأكثر خطورة هو أن التدخل يتم من خلال بوابة القضاء.

منذ الإعلان عن نية وفود قضائية أوروبية القدوم إلى لبنان للتحقيق في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، برزت مواقف داخلية متضاربة. قسم غير قليل من الجمهور وبعض النخب رحب بالتدخل الخارجي، لا بل هلّل له، مبررين ذلك بتواطؤ القضاء اللبناني أو عجزه، وبأن القضاء الأوروبي أكثر جدية، وسيحقق نتائج عملانية لا يمكن القضاء اللبناني الوصول إليها.

من جهة أخرى، برزت أصوات، ليست كثيرة كما تظهر المؤشرات الإعلامية والعملانية، تحذر من خطورة فتح الباب أمام هذا النوع من الوصاية الغربية، خصوصاً أن لبنان سبق أن تعرض منذ سنوات طويلة، وخصوصاً منذ 17 تشرين الأول 2019، لأبشع أنواع التدخل من العواصم الأوروبية والغربية بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا. كما أن مشكلة القضاء اللبناني لا تبرر تسليم البلاد وقضائها إلى جهات خارجية بمعزل عن هويتها، وهو ما يفترض أن يكون موقفاً مبدئياً، خصوصاً لدى أدعياء السيادة.

لكن واقع الحال أن من بيدهم الأمر لم يتصرفوا على هذا النحو. الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى بوصفه أعلى سلطة قضائية والنيابة العامة التمييزية المعنية مباشرة بالأمر، ومن خلفهم الحكومة والقوى السياسية والمجلس النيابي، والنقابات المهنية والمراكز البحثية القانونية… كل هؤلاء لم يبادروا إلى أي موقف لمنع استغلال المشاكل اللبنانية الداخلية لفرض وصاية خارجية على القضاء. لا بل على العكس، سمح هؤلاء للسفراء الأجانب في لبنان بممارسة الضغوط والترهيب، وإلا كيف يمكن للسفير الألماني السيئ الذكر أندرياس كيندل التنقل بين مكاتب وزير العدل ورئيس مجلس القضاء والمدعي العام التمييزي لإعطاء أوامر مهدداً بعقوبات أوروبية ضد كل قاض أو موظف يعرقل التحقيقات في لبنان. والتهويل نفسه مارسه الفرنسيون وغيرهم، ما أدى إلى حال من الذعر في أوساط سياسيين وقضاة وحتى إعلاميين، وانتهت إلى «مخرج» لا يعطل الوصاية الخارجية على لبنان، ويعطيها شكلاً لطيفاً عبر وجود ممثل عن السلطات اللبنانية المعنية.

ولا يبدو أن الوصاية الآتية ستتوقف عند ملف رياض سلامة. إذ إن مراسلات الجهات الأوروبية تضمنت أسماء قضاة تحقيق لا يعملون في ملف حاكم مصرف لبنان، خصوصاً في المراسلة الفرنسية التي تضمنت اسم قاضي التحقيق الفرنسي في جريمة تفجير مرفأ بيروت، والذي طلب تحديد موعد له (في 24 الجاري) مع المحامي العام التمييزي صبوح سليمان المكلف من النيابة العامة الإشراف على ملف التحقيقات في المرفأ. ولم يعرف ما إذا كان القاضي الفرنسي قد طلب أيضاً موعداً للاجتماع مع القاضي طارق البيطار، علماً أن الأخير استقبله في 27 أيار الماضي برفقة مندوب عن النيابة العامة الفرنسية. وطلب الفرنسيون يومها الاطلاع على تحقيقات البيطار الذي رفض التجاوب، وأبلغهم بأن التحقيقات سرية وعندما ينتهي منها ويعدّ قراره الظني يحق لهم الاطلاع عليها من خلال النيابة العامة.

الوقائع لا تشير بالتحديد إلى ما يريد القاضي الفرنسي، لكن منطق الأمور يشير إلى أنه يقوم بعملية جس نبض، في ضوء موافقة لبنان على فتح الأبواب أمام تدخل كبير للقضاء الأوروبي في قضية سلامة. وهو هنا يجرب حظه، فربما يحصل أيضاً على تغطية لتولي تحقيقات إضافية في ملف المرفأ من دون أن يعرف لبنان شيئاً عما يقوم به.

عملياً، يبدو وكأن الجانب الأوروبي يريد إضفاء شرعية على عمله في لبنان بطريقة ملتوية. برر البعض في بيروت فتح الأبواب بأن الوفود ستعمل تحت إطار المعاهدة التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2003 ودخلت حيز التنفيذ عام 2005، والتي انضم إليها لبنان عام 2008 بموجب القانون الرقم 33 الذي صدقه مجلس النواب عام 2008. وباتت ملزمة للبنان. لكن المعاهدة المذكورة تقول بأنه في حالة كالتي أمامنا اليوم، فإن أي طلب تعاون قضائي من دولة أوروبية إلى لبنان، يفترض أن يقوم وفقاً للقوانين اللبنانية وبما لا يتعارض معها. كما تجيز المعاهدة للبنان أن يرفض الطلب الأوروبي طالما أنه يقوم بالتحقيقات في الجريمة نفسها. وبالتالي نعود إلى أصل المشكلة. انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق