الإمارات تتغنى بنشيد “إسرائيل”.. ماذا عن دماء الإبرياء
في الأيام الأخيرة، عبر الصهاينة عن تقديرهم وسعادتهم من الأداء الجيد للمطرب الإماراتي أحمد الحوسني الذي أدى نشيدهم، وذلك بالتزامن مع ذكرى المحرقة المزعومة إبان الحرب العالمية الثانية (الهولوكوست)، أثناء مشاركته في حفل لجمعية (معًا نكفل بعضنا البعض)، وهي جمعية تزعم بأنّ هدفها ردم الهوة بين اليهود والعرب، حيث أقامت السلطات الإماراتية احتفالا بتلك المناسبة، ولا يُخفي الإسرائيليون رغبتهم العارمة في جعل ذكرى المحرقة المزعومة “الهولوكوست” في متناول المجتمعات العربيّة وجعلها رواية مؤكّدة رغم كل الشكوك والتساؤلات التي حولها، باعتبارها إبادة جماعية وقعت خلال الفترة بين عامي 1939-1945 وقُتِل فيها حوالي ملايين اليهود الأوروبيين على يد ألمانيا النازية وحلفائها، حيث جرت عمليات القتل في جميع أنحاء ألمانيا النازية والمناطق المحتلة من قبل ألمانيا في أوروبا وكانت “الهولوكوست” مثالاً للإبادة الجماعية، التي تعني قتل مجموعات بشرية كبيرة فقط بسبب انتمائهم لجنسية أو عرق أو دين معين، واليوم يستغل الإسرائيليون هذا الحدث لجذب التعاطف نحوهم وتبرير جرائمهم منذ احتلال فلسطين عام 1948، ومؤخراً بات بعض المسؤولين العرب من الدول التي أدخلت إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع “إسرائيل” لتحقيق تلك الغاية.
دعم إعلاميّ قذر
أثار الدعم الإعلاميّ الحاليّ للإمارات في قضية “الهولوكوست” ضجة كبيرة أغضبت الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعيّ، معتبرين أنّ تلك الخطوة بمثابة دعم للاحتلال وآلته العسكريّة ومنهجه العنصريّ الدمويّ، ومشيرين إلى أنّ ذلك الدعم يجب أن یكون إلى الضفة الغربية المهدد أبناؤها والتي يرتكب المحتل فيها أبشع الجنايات، وغزة المدمرة والمحاصرة منذ ما يقارب 15 عاماً أو إلى القدس الذي يتعرض لعمليات التهويد والتدنيس، فيما أعرب المتحدث السابق باسم رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق عن تقديره لما قام به المغني الإماراتيّ، ونشر “أوفير جندلمان” مقطع فيديو للمغني الإماراتي وهو يؤدي هذه الأغنية على تويتر وكتب “يا له من مشهد مبهر!” أشكر هذا المطرب وجميع الإماراتيين الذين شاركوا في هذا الحدث فهذا البرنامج يعزز علاقتنا مع الإمارات ويوجه رسالة إنسانية مهمة إلى العالم العربي “.
وتسعى تل أبيب عبر المطبعين في العالم العربيّ، إلى تعزيز رواياتها لجعل السفاح ضحية، بعيداً عن مدى صحة المجزرة أو دقة أرقام ضحاياها، وقد بات واضحاً بالنسبة لكثيرين أن الصهاينة وآلتهم الإعلاميّة التي توصف بالقوية عالميّاً نجحوا خلال العقود الماضية في إلقاء الضوء على تلك القضية وعمدوا إلى تشويه الاحداث التاريخية للتطورات الميدانية على الساحة الفلسطينية وذلك بالاستعانة إلى حد كبير بهوليوود واليد الطولى في وسائل الإعلام المختلفة، أما حاليّاً فبات التركيز على المجتمع العربيّ والإسلاميّ لاختراقه عبر تلك الروايات المخادعة من ناحية إظهار القاتل على أنّه “حمل وديع”، والمقصود هنا “إسرائيل” التي سلبت الأرض وهجرت الملايين وارتكبت مجازر لا حصر لها والتاريخ والحاضر أكبر شاهد على الإجرام والاحتلال الصهيوني.
وبالتزامن مع تفاخر “إسرائيل” بخيانة الإمارات التي عبّدت طريق الرضوخ والخنوع من جديد في المنطقة، باعتبار أنّها كانت الدولة العربيّة الأولى التي توقع اتفاقية للاستسلام مع العدو العنصريّ، منذ أن وقع الأردن في عام 1994 معاهدة مماثلة، تحاول أبو ظبي برغبة إسرائيليّة عارمة جعل ذكرى المحرقة في متناول المجتمع العربي الإسرائيلي، لأن كل شخص يجب أن يكون على دراية بأفظع حدث في تاريخ البشرية وأن يتعلم عنه ومنه وبالتالي محاربة حقيرة الظواهر، من إنكار الهولوكوست إلى جميع أشكال التعبير عن العنصرية التي يتهم بها الكيان عالميّاً، رغم أن كيان الاحتلال اللقيط منذ ولادته غير الشرعية بني على مبدأ التطهير العرقيّ والتاريخيّ من خلال المجازر التي ارتكبتها عصابات الصهاينة ضد أصحاب الأرض ومقدساتهم إضافة إلى عمليات بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة كأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهيونيّة الاستعماريّة.
نفاق إماراتيّ أعمى
في ظل التصعيد الإسرائيلي الوحشيّ واتهامه من قبل المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، تحاول الإمارات جاهدة قلب صورة العدو الدموية وتشويهها بالزيف التاريخي، في الوقت الذي ترتكب فيه الآلة العسكريّة الصهيونيّة وعصاباتها التي جُمعت من شتات الأرض أشنع الجرائم ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وترتكب أقذر الجنايات الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الأبرياء، حيث تناسى المسؤولون الإماراتيون مواصلة قوات العدو حملاتها الدموية بحق أصحاب الأرض ما يُظهر “النفاق الأعمى” في أبهى صوره مع عدو العرب والمسلمين والأحرار الأول، لمساعدة الإسرائيليين في الوصول لتطلعاتهم التي يزعمون أنّها “شراكة حقيقية بين المجتمعات”، لأنّ المجتمع الإسرائيليّ إن صح التعبير هو مجتمع لقيط يسعى لفرض وجوده ضمن المجتمع الفلسطينيّ والعربي من خلال حرب ثقافية تسبقها غالباً الرشاشات والمدافع، رغم أنّ مشاركة عدة أشخاص في المحرقة المزعومة لا يعني أن “إسرائيل” في أي حال من الأحوال اخترقت الشعب العربيّ ذي المواقف العظيمة تجاه الفلسطينيين والعرب.
وفي هذا الإطار، كانت الرسالة من الجماهير العربية التي شاهدت وتابعت تلك الأخبار” إن لم تستحِ فاصنع ما شئت”، وخاصة مع تصاعد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بسبب الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية العدوانيّة في الضفة الغربية المحتلة، حيث استنكر نشطاء كُثر على مواقع التواصل الاجتماعي المشاركة في خداع الكيان ودعايته السوداء، مؤكدين أنّ تلك الخطوة تأتي لخدمة الصهاينة، ومشيرين إلى أن التعويل كان وما زال على الشرفاء والأحرار الذين اختاروا المقاومة نهجاً رابحاً مهما كثرت الضغوط، كُرمى عيون المظلومين والمقهورين في فلسطين المقدسة وغيرها.
ومن الجدير بالذكر أن أبو ظبي قامت بالتطبيع مع العدو الغاشم في 25 سبتمبر 2019، بمساعدة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كما زار “إسحاق هرتسوغ”، رئيس الكيان الصهيوني، أبوظبي في 14 ديسمبر /كانون الأول، ولاقى ترحيباً حاراً من قبل “محمد بن زايد” رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وبعد كل ذلك يسعى المحتل الأرعن بكل ما أوتيّ من قوة أو أدوات خانعة في المنطقة لحرف الأنظار عن جناياته وجرائمه التي لا عد لها، رغم الشهادة الدولية القويّة والمحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، والدليل جرائم القتل والاعتداء في الأيام الفائتة، فيما يغض حكام الإمارات الطرف عن مسؤولياتهم تجاه أمّتهم ودينهم، مقابل دعم أكبر كيان إرهابيّ على وجه الأرض، رغم أنّ تل أبيب مهما حاولت التنصل من جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ لن تفلح في ذلك لأنّ جرائمه أكبر وأشدّ دمويّة من أن تنسى.
في النهاية، إنّ الدعم الإماراتي المشؤوم لافتراءات وجرائم الصهاينة بحق الأبرياء، يُعد شهادة محقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة بدعم من بعض الدول التي تتعامى عن الحقيقة ودماء المظلومين، ويُعد شراكة واضحة في جرائم الصهاينة المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، وخاصة في ظل رغبة الكيان العارمة في قمع الفلسطينيين والسيطرة عليهم، حيث إنّ العالم بأسره بدأ يعي جيداً حجم الجرائم الإسرائيليّة المنقطعة النظير والعنصريّة الغريبة الوصف بحق الأبرياء، لإنشاء أغلبية يهوديّة عبر عمليات القتل المباشر، والقيود على الحركة، والتطهير العرقيّ وسياسات التهجير، والتمييز المؤسسي، والحرمان من الجنسية والوطنية، كجزء من نظام ممنهج للهيمنة والفصل العنصريّ.
المصدر/ الوقت