التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا 

في الوقت الذي جذبت فيه التطورات السياسية الجديدة في العلاقات بين تركيا وسوريا انتباه دول المنطقة في الأشهر الأخيرة، عادت هاتان الدولتان مرة أخرى إلى بؤرة الاهتمام العالمي. في الساعة 4:17 من صباح يوم الاثنين، ضرب زلزال بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر مناطق في تركيا وسوريا، ما تسبب في أضرار جسيمة لهذين البلدين. ووقع هذا الزلزال في مدينة بازارجيك بمحافظة قهرمان مرعش جنوب تركيا وعلى عمق 24.1 مترا.

وشعرت محافظات اللاذقية وحلب وحمص وصولاً إلى دمشق في سوريا ولبنان وأيضًا في العراق بهذا الزلزال، ونزل عدد كبير من سكان دمشق ومحافظات اللاذقية وحلب وحمص إلى الشوارع خوفًا من انهيار المباني.

وحسب الإعلان الرسمي لإدارة الطوارئ التركية، حتى لحظة كتابة هذا التقرير، ارتفع عدد قتلى الزلزال في تركيا إلى أكثر من 3381 قتيلا و20426 جريحًا. وحسب حجم الدمار، هناك احتمال لزيادة عدد الضحايا، لأن آلاف الأشخاص ما زالوا تحت الأنقاض، وقدرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية أن عدد الضحايا في تركيا وسوريا قد يصل إلى أكثر من 10.000 شخص.

أعلنت الإدارة العامة للأحداث غير المتوقعة في تركيا، وقوع أكثر من 120 هزة ارتدادية بمقاييس مختلفة حول مركز الزلزال، ما تسبب في أضرار لبعض المباني. وبسبب احتمال حدوث تبعات، طلبت الحكومة التركية من الناس مغادرة منازلهم.

وفوراً بدأت عملية تقديم المساعدات لضحايا الحادث، وأعلن وزير الداخلية التركي أن فرق الإنقاذ من جميع أنحاء البلاد توجهت إلى المناطق المنكوبة بزلزال هاتاي وغازي عنتاب. حيث أعلنت المديرية العامة للأحداث غير المتوقعة في تركيا أننا تمكنا من الوصول إلى جميع المدن المتضررة من الزلزال. تظهر الصور ومقاطع الفيديو المنشورة أن فرق البحث والإنقاذ تقوم بإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض، وتم إنقاذ أكثر من 3000 شخص من تحت الأنقاض حتى الآن. بينما تسبب تساقط الثلوج في مناطق الزلزال في تركيا في تعطيل عملية الإغاثة وضاعف من معاناة ضحايا الزلزال.

وأثناء إعلانه عن تشكيل ممر جوي خاص لإرسال المساعدات إلى المناطق المتضررة من الزلزال، قال وزير الدفاع التركي، إن جميع طائرات هذا البلد في وضع الاستعداد. والفرق الطبية في حالة تأهب منذ الساعات الأولى لمساعدة ضحايا الزلزال. على الرغم من أن السبب الرئيسي للزلازل لم يتم تحديده بعد، فقد ادعت بعض المصادر أن إنشاء بحيرات صناعية حول المناطق كان السبب المحتمل لهذه الزلازل الرهيبة.

اعلان حالة الطوارئ في تركيا

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر صحفي حول هذا الزلزال: “هذا الصباح شهدنا أكبر كارثة منذ زلزال أرزنجان عام 1939. منذ وقوع الزلزال، اتخذت حكومتنا إجراءات مع جميع مؤسساتها وحشدت محافظاتنا جميع المرافق. وأوضح أردوغان أنه تم تعيين 10 محافظين آخرين للتعاون مع سلطات المقاطعات العشر المتضررة من الزلزال: “حاليا، 9000 فرد يجرون عمليات بحث وإنقاذ، وهذا العدد يتزايد باستمرار مع وصول الوافدين إلى المنطقة من الخارج. تتواصل أنشطة البحث والإنقاذ لمواطنينا العالقين تحت المباني المنهارة في المحافظات المتضررة من الزلزال دون انقطاع.

كما أعلن أردوغان الحداد العام لمدة 7 أيام في جميع أنحاء البلاد. بسبب الكارثة الإنسانية الواسعة، وأعلنت الحكومة التركية حالة الطوارئ القصوى. وقال وزير التعليم التركي أيضًا إن المدارس في جميع أنحاء البلاد مغلقة حتى 13 فبراير. في سياق متصل، أعلن وزير الرياضة التركي، تعليق جميع المنظمات الرياضية في هذا البلد وكافة المسابقات الرياضية حتى تتوافر القدرة الرياضية لتركيا لمساعدة ضحايا الزلزال، وبهذه الطريقة تم أيضًا إغلاق مباريات الدوري الممتاز. كما أعلن اتحاد المصارف التركية عن تأجيل سداد أقساط القروض لسكان المناطق المتضررة من الزلزال لمدة 6 أشهر.

مقدار الأضرار في تركيا

في حين لم يتم حتى الآن تقدير حجم الأضرار التي لحقت بمدن الزلزال في تركيا، فإن مقدار الأضرار يظهر أن الزلزال تسبب في أضرار بمليارات الدولارات للبنية التحتية والمباني في هذا البلد. أعلنت وكالة إدارة الطوارئ التركية، أن عدد المباني التي دمرها الزلزال بلغ 6217. تروي الصور ومقاطع الفيديو التي تم نشرها من المدن المتضررة في تركيا المشاهد المروعة. حتى أن عددا من المباني انهار بعد ساعات من الزلزال، ما يدل على أن سطحها السفلي تضرر بشدة، وبسبب قوة الزلزال، هناك احتمال أن يتم تدمير المزيد من المباني.

أعلن مسؤولون أتراك أن ميناء الإسكندرونة تضرر نتيجة الزلزال وأن النشاط في الموانئ الأخرى مستمر. نشرت وكالة رويترز للأنباء صورا لألسنة اللهب المشتعلة وأعمدة الدخان في ميناء الإسكندرونة التركي. ووفقًا للسلطات التركية، فإن المدرج الرئيسي لمطار هاتاي غير صالح للاستخدام أيضًا بسبب الأضرار، تم إغلاق مطار أضنة للرحلات الجوية حتى إشعار آخر. كما انقطعت خدمات الإنترنت والكهرباء في بعض مناطق الزلزال في جنوب تركيا.

إضافة إلى تدمير أجزاء من الحصن التاريخي “غازيان تبه” وانهارت آثاره على الطريق. ونتيجة لهذا الحادث، انهارت الأسوار الحديدية حول القلعة في الممرات القريبة من هذا النصب التاريخي، كما انهار الجدار الاستنادي المجاور للقلعة، وكذلك القبة والجدار الشرقي لـ “مسجد الشرواني” الذي يقع بالقرب من هذه القلعة التي تم بناؤها في القرن 17.

وحسب تقارير إعلامية، أصبحت محافظة غازي عنتاب ومنطقة كلس، وكلاهما من المناطق الحدودية لتركيا، موقعًا لمخيمات اللاجئين السوريين في السنوات الأخيرة. النساء والأطفال الذين لجؤوا إلى هذه المنطقة من مناطق مثل كوباني خلال سنوات الحرب السورية والذين مشوا مسافات طويلة حافي القدمين للوصول إليها، وليس من الواضح مقدار الأضرار المالية والحياتية التي أحدثها الزلزال في هذه المناطق.

تعد تركيا واحدة من أكثر المناطق المعرضة للزلازل في العالم وقد شهدت العديد من الزلازل الرهيبة في العقود الأخيرة. في عام 1999 ضرب زلزال بقوة 7.4 درجات منطقة “دوزجي” في تركيا، ما أسفر عن مقتل أكثر من 17 ألف شخص. وفي عام 2020، ضرب زلزال قوته 6.8 درجات مدينة إليزداغ، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصًا. وقع زلزال قوته 7 درجات في بحر إيجه في أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل 114 شخصًا وإصابة أكثر من 1000 شخص.

أوضاع المناطق المتضررة من الزلزال في سوريا

على الرغم من أن عدد الضحايا والأضرار في سوريا ليس مرتفعًا مثل تركيا، إلا أن هذا البلد عانى كثيرًا من هذا الزلزال نظرًا لقربها من تركيا. وحسب آخر الإحصائيات التي أعلنتها مصادر سورية، بلغ عدد ضحايا الزلزال في عموم سوريا، التي تشمل مناطق سيطرة الحكومة والمعارضة، 1444 قتيلاً و3531 جريحًا.

أعلنت مصادر ميدانية عن تدمير بعض المباني السكنية حول اللاذقية شمال سوريا نتيجة هذا الزلزال القوي. وأعلن التلفزيون السوري أن الزلزال المدمر ألحق أضرارا بالعديد من المباني في مدينة حلب ومناطق أخرى من البلاد المجاورة لتركيا. وقالت وزارة الداخلية السورية إن جميع وحدات الشرطة وضعت على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة. كما عقد مجلس الوزراء السوري اجتماعا استثنائيا برئاسة الرئيس بشار الأسد لتسهيل عملية تقديم المساعدات للمناطق المتضررة من الزلزال.

وبسبب الأوضاع المتأزمة التي شهدتها سوريا في السنوات الأخيرة، وغياب الإعلام في المناطق التي يحتلها الإرهابيون، فإن المعلومات حول أوضاع ضحايا الزلزال في هذا البلد ضعيفة. كما أعلنت لجنة الإغاثة التابعة للمعارضة السورية أن حجم الدمار نتيجة شدة الزلزال التركي في شمال سوريا مرتفع للغاية، ومن بين المناطق التي دمرت فيها المباني نذكر فردوس وصلاح الدين وبستان القصر. وجاء في بيان نشرته وزارة النفط بعد الزلزال الذي ضرب سوريا، أن مصفاة “بانياس”، أكبر مصفاة نفط في البلاد، معطلة وستستغرق يومين على الأقل لتتمكن من العودة. وتقع هذه المصفاة بعيدًا عن مدينتي طرطوس واللاذقية على الساحل السوري.

استطاعت قناة الجزيرة، بعد ساعة من هذا الزلزال، أن تعكس بشكل مباشر صور الكارثة التي حدثت في مدينة عمار السلمو شمال سوريا، وهي الصور التي تدل على الدمار الكامل لهذه المدينة. كذلك، خلال الزلزال الذي ضرب سوريا، دُمرت معظم الآثار القديمة المسجلة في قائمة اليونيسكو في مدن حلب وحماة وطرطوس.

ردود الفعل العالمية على الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا

ونظرا لحجم الخسائر والأضرار الجسيمة التي سببها الزلزال، أعلن المجتمع الدولي عن استعداده لتقديم أي مساعدة لهذين البلدين. قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي، إنه بناءً على أوامر الرئيس المحترم، فإن منظمة الهلال الأحمر الإيراني مستعدة للتعاون الكامل مع تركيا وتقديم المساعدة اللازمة. بعد ذلك أعلن الرئيس التنفيذي لجمعية الهلال الأحمر بمحافظة أردبيل عن إرسال قوات إنقاذ إلى تركيا وتقديم الإغاثة لضحايا الحادث في هذا البلد. كما أجرى وزير الخارجية الإيراني محادثة هاتفية مع وزير خارجية البلاد في أعقاب الزلزال الذي ضرب سوريا وأبلغه باستعداد إيران لتقديم مساعدات إنسانية لسوريا وأعرب عن تعاطفه مع الحكومة السورية وشعبها.

أصدر رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف، في معرض إعرابه عن تعاطفه مع تركيا حكومةً وشعباً، أمراً بإرسال فريق من 420 شخصاً إلى تركيا. وأعلن وزير الدفاع الروسي، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي، استعداده للمساعدة في الحد من الأزمة التي سببها الزلزال.

كما تم، بأمر من رئيس روسيا، إرسال عدة فرق إغاثة إلى سوريا لمساعدة ضحايا الزلزال في هذا البلد.

كما أرسلت باكستان فرق بحث وإنقاذ إلى تركيا معربة عن تعاطفها مع الشعب التركي والحكومة التركية. كما أعلنت الصين أنها سترسل مساعدات عاجلة إلى تركيا. كما شددت الأُمم المتحدة في بيان على معربة عن تعاطفها مع ضحايا الزلزال وتركيزها على الجهود المبذولة للحد من آلامهم ومعاناتهم.

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في معرض إعرابه عن حزنه لمقتل عدد من المواطنين الأتراك إثر الزلزال الذي ضرب جنوب شرق البلاد، استعداده لتقديم المساعدات. وجه بايدن وكالة الإغاثة USAID وشركاء الحكومة الفيدرالية الآخرين لتقييم خيارات الاستجابة الأمريكية لمساعدة المتضررين. كما أعلن الناتو عن استعداده لإرسال فرق إغاثة إلى تركيا.

أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تعازيه للزلازل المميتة التي ضربت تركيا، وأعلن استعداد بلاده لمساعدة البلاد. أعلنت جمهورية التشيك أيضاً عن إرسال فريق إنقاذ مؤلف من 78 شخصًا إلى تركيا.

أعلن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر في رسالة أننا مع الشعبين الشقيقين التركي والسوري ونعلن عن توفيرنا كل الدعم اللازم.

أعرب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء السوري عن تعاطفه وتضامنه مع حكومة وشعب سوريا.

بعث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، برقية تعزية إلى رئيس هذا البلد إثر الزلزال الذي ضرب سوريا وأدى إلى مقتل وجرح المئات من الأشخاص.

وفي رسالة لأردوغان، أعرب إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عن تعازيه للزلزال الذي ضرب هذا البلد.

وأعرب ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان، في اتصال هاتفي مع أردوغان، عن تعازيه بوفاة عدد من المواطنين الأتراك في الزلزال، وتمنى للمصابين الشفاء العاجل.

أعلنت وزارة الإعلام الكويتية إنشاء جسر جوي بين الكويت وتركيا لتقديم المساعدات.

وأعرب هيثم بن طارق سلطان عمان، في رسائل منفصلة، عن تعازيه لرئيسي البلدين في الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.

أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عن تعازيه في وفاة المئات من ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا. أعرب رئيس المجلس السياسي الأعلى لحكومة الإنقاذ الوطني اليمنية عن تعازيه للزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا ومقتل عدد من مواطني البلدين في هذا الحادث.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق