التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 22, 2024

انتهاء موسم العلاقات الباردة بين الرياض ودمشق 

عندما بدأت الأزمة في سوريا في آذار (مارس) 2011 واصطفت الجبهة العبرية – العربية – الغربية أمام الحكومة السورية، ربما قلة من الناس کانوا يتصورون أنه بعد 12 عامًا، سيعود دعاة الحرب أنفسهم إلى دمشق ويستأنفون العلاقات مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، لكن هذا الحلم أصبح الآن حقيقةً واقعةً.

وفي هذا السياق، بعد اجتماعات المسؤولين العرب مع المسؤولين السوريين، قام وزير الخارجية السوري فيصل المقداد هذه المرة بزيارة السعودية بدعوة من نظيره السعودي.

يوم الأربعاء الماضي، التقى المقداد وتحدث مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في جدة. واتفقت سوريا والسعودية في بيان مشترك على استئناف الخدمات القنصلية وإعادة فتح السفارات والرحلات الجوية، بعد سنوات من قطع العلاقات الثنائية. وحسب وزارة الخارجية السورية، اتفق الجانبان أيضًا على تعزيز الجهود الأمنية ومكافحة الإرهاب.

وبحث الجانبان الخطوات اللازمة لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة السورية ينهي كل تداعياتها، وتحقيق المصالحة الوطنية وعودة اللاجئين السوريين، ومساعدة سوريا على العودة إلى البيئات العربية واستئناف دورها الطبيعي في الدول العربية. كما اتفق الوزيران على حل القضايا الإنسانية، وتوفير بيئة مواتية للمساعدات للوصول إلى جميع أنحاء سوريا.

هذه هي الزيارة الأولى لدبلوماسي سوري رفيع المستوى إلى السعودية بعد أكثر من عقد. وتمت زيارة المقداد للسعودية في وقت تسير فيه العلاقات بين البلدين على طريق العودة، وفي الأسابيع الأخيرة أعلنت السعودية موافقتها على إعادة فتح سفارتها في دمشق.

لقد حصل التقارب في العلاقات السعودية السورية، بعد الاتفاق الأخير بين طهران والرياض، بسرعة أكثر، وقريبًا سيستأنف البلدان العلاقات السابقة، الأمر الذي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على إرساء السلام والاستقرار في المنطقة.

إضافة إلى ذلك، فإن تحسين العلاقات بين السعودية وسوريا يمكن أن يكون فعالاً في الحد من فعالية العقوبات الأمريكية ضد دمشق، وسيقوم شيوخ الخليج الفارسي الأثرياء بالمساعدة في إعادة إعمار سوريا والحد من الأزمة الاقتصادية في هذا البلد.

مقدمة لحضور الأسد في اجتماع جامعة الدول العربية

رغم أن زيارة وزير الخارجية السوري إلى السعودية كانت في الظاهر لتحسين العلاقات الثنائية، إلا أن وراء هذه الزيارة أهداف إقليمية يمكن أن تمهد الطريق لدمشق للعودة إلى جامعة الدول العربية.

ويأتي لقاء فيصل المقداد مع المسؤولين السعوديين بينما عقد وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون اجتماعاً في جدة يوم الجمعة، يقال إن إحدی القضايا الرئيسية فيه هي عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

نوقشت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية على أجندة بعض الدول العربية منذ عام، ولكن بسبب معارضة السعودية وقطر، لم يتم التوصل إلى نتيجة ملموسة حتى الآن، لكن يبدو أن هناك بصيص أمل في هذا الصدد في الأسابيع الأخيرة.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى مؤخراً مع ولي العهد السعودي وبحث معه خلال زيارته للرياض عدة مواضيع، وكان موضوع عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية من أهم محاور هذه المحادثات.

وكانت الحكومة العراقية قد أجرت في الأسابيع الماضية مشاورات مع السلطات السعودية ودول عربية أخرى في المنطقة، وكل شيء جاهز لتحقيق هذه الخطة.

كما ذكرت بعض المصادر المطلعة أن السعوديين يخططون لدعوة بشار الأسد لحضور اجتماع الجامعة العربية الذي سيعقد في 19 مايو في السعودية، وستنهي مشاركة الأسد في هذا الاجتماع رسميًا العزلة الإقليمية لدمشق بعد 12 عامًا.

بعد بدء الأزمة في سوريا في عام 2011، قطعت الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية، لكن في السنوات الأخيرة ومع توطيد سيطرة الحكومة السورية على معظم أجزاء البلاد، اتخذ جيران سوريا خطوات للاقتراب من دمشق، وبعد الزلزال الأخير في شمال سوريا، توفرت مساحة للعرب للعودة إلى سوريا.

وفي الأيام الماضية أيضًا، أعيد فتح السفارة السورية في تونس، وكان ذلك تمهيداً لإعادة فتح سفارة دمشق في عواصم عربية أخرى.

خلال فترة الأزمة، اكتسبت الحكومة السورية خبرةً كبيرةً في مجال هزيمة الجماعات الإرهابية، ومع عودة هذا البلد إلى جامعة الدول العربية، يمكن للعرب استخدام تجربتها في التعامل مع الإرهابيين. وكانت عودة الدول العربية إلى دمشق تأكيداً لشرعية الحكومة السورية في مواجهة جبهة الإرهابيين والدول المعادية، وقد أدرك الجميع هذه الحقيقة.

قلق أمريكا من تضاؤل وجودها في سوريا

أمريكا التي لا تزال أهم لاعب ضد انتهاء الأزمة في سوريا، قلقة الآن من عودة الدول العربية إلى حضن دمشق وتحاول منع هذه العلاقات بأي طريقة ممكنة.

وفي هذا الصدد، حذرت واشنطن الغاضبة من عودة العلاقات بين دمشق والدول العربية، من زيارة وزير الخارجية السوري للسعودية بعد 12 عاماً.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ردًا على هذه الزيارة: “على الدول أن تحصل على نتائج ملموسة من هذا التطبيع للعلاقات مع سوريا، من شأنها تحسين الوضع الإنساني والأمني ​​للشعب السوري، وفي الوقت نفسه الضغط على الحكومة السورية للتعاون في العملية السياسية لهذا البلد بناءً على قرارات الأمم المتحدة”.

كما قال مسؤول في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض: “موقفنا واضح، لن نقوم بتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية دون تقدم حقيقي نحو حل سياسي للصراع الرئيسي. وقد أكدت واشنطن للدول العربية التي تتواصل مع الحكومة السورية، أن الخطوات الموثوقة لتحسين الوضع الإنساني والأمني ​​للسوريين يجب أن تكون في قلب كل تفاعل”.

وزعم هذا المسؤول في البيت الأبيض: “لقد أوضحنا أيضًا بشکل جلي أن الهيكل الرئيسي لعقوباتنا ضد سوريا لا يزال ساريًا”. وكانت واشنطن قد أعلنت في وقت سابق شروط عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

يعتبر التقارب في المواقف السياسية للعرب وسوريا خطراً جسيماً على مصالح واشنطن، لأن الأمريكيين في هذه الحالة لا يستطيعون تنفيذ مخططاتهم الشريرة ضد دمشق.

إن إحلال السلام والصداقة في المنطقة ليس في مصلحة واشنطن والکيان الصهيوني، وهما يريدان استمرار انعدام الأمن وعدم الاستقرار في سوريا والمنطقة لوجودهما غير الشرعي.

لذلك، فإن عودة الدول المعادية لسوريا ستعزز قوة الرئيس بشار الأسد على الساحة الدولية، وسيكون من الصعب على واشنطن التي استخدمت كل أدواتها للإطاحة بحكومته أن تستوعب ذلك.

الولايات المتحدة والکيان الصهيوني كانا يحاولان دفع الدول العربية إلى عملية تطبيع العلاقات، وتضييق دائرة التطويق ضد سوريا وإيران، لكن الآن تحول العرب إلى دمشق بدلاً من تل أبيب، ومع تقوية العلاقات بين الدول الإسلامية، لن يكون هناك مكان للاحتلال الأمريكي في سوريا، والأميركيون سيغادرون سوريا بخزي أسوأ من تجربة أفغانستان.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق