عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية… الکيان الإسرائيلي الخاسر الأكبر في التطورات الإقليمية
بينما يتواصل قلق الصهاينة وخاصةً قادة الکيان الإسرائيلي بشأن التطورات الأخيرة في المنطقة بعد الاتفاق بين إيران والسعودية، كانت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد 12 عامًا من العقوبات والحصار صدمةً أخرى للاحتلال، وكان لهذا النبأ انعكاس كبير في وسائل الإعلام والدوائر الصهيونية.
عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية خطيرة على الکيان الإسرائيلي
في هذا الصدد، أعلن خبراء صهاينة أن التطورات الأخيرة في المنطقة، وكذلك استعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية، ليست في مصلحة “إسرائيل” على الإطلاق.
كما عبرت وسائل الإعلام العبرية عن قلقها واستيائها من تقارب الدول العربية مع سوريا وعودة هذا البلد إلى الجامعة العربية، وأعلنت أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية يشكل خطورةً على الکيان الإسرائيلي، وخاصةً بعد أن عوّلت تل أبيب على الدول التي تعيد الآن علاقاتها مع سوريا لتوسيع مشروع التطبيع.
بشكل عام، يتعامل الكيان الصهيوني مع كل التطورات الإقليمية والدولية باهتمام بالغ في المرحلة الحالية. وعلى وجه الخصوص، فإن إعادة العلاقات بين سوريا والدول العربية وعودتها إلى جامعة الدول العربية، ستقلل بشكل كبير من تأثير الحصار والعقوبات الغربية الأمريكية على دمشق.
كما يمكن للحكومة السورية بالتنسيق مع حلفائها وفي الوقت الذي تخرج فيه من العزلة السياسية والاقتصادية الخانقة بعد عقد من الزمان، أن ترسم معادلةً محسوبةً للرد على الاعتداءات الجوية للکيان الصهيوني.
يُظهر تقييم الدوائر والمراكز الدراسية في الكيان الصهيوني، أن هذا الکيان أدرك أن طبيعة الخريطة الجديدة للمنطقة تتعارض تمامًا مع مصالح “إسرائيل”، والدول العربية التي تحاول إعادة العلاقات مع سوريا وتقويتها تدرك جيداً الأوضاع الأخيرة في العالم والمنطقة، ولم تعد متأثرةً بالإملاءات والسياسات الأمريكية كما في الماضي.
تعزيز الجبهة المناوئة للکيان الإسرائيلي في المنطقة
أشار نير دوري، مراسل الشؤون العسكرية على القناة الـ 12 التابعة للکيان الصهيوني، إلى أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا تهدف إلى تعزيز تحالف طهران ودمشق وحزب الله، وشدد على أن تعزيز الجبهة المناوئة للکيان الإسرائيلي في المنطقة أمر خطير للغاية.
وكتبت صحيفة هآرتس العبرية في مقال عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، أن عودة دمشق إلى أحضان الدول العربية ليست في مصلحة “إسرائيل” على الإطلاق، بل تقوي وتوحد الجبهات ضد الکيان في منطقة.
وقال “أليف صباغ” المحلل السياسي المختص بشؤون الکيان الصهيوني، في حديث مع قناة الميادين اللبنانية، إن الصهاينة يتابعون بقلق التطورات الأخيرة في المنطقة، ولا سيما موضوع عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. کما أن ردود فعل الإسرائيليين وتصريحاتهم فور إعلان عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تظهر عمق قلقهم من الأحداث في المنطقة.
وأضاف إن وسائل الإعلام الإسرائيلية تابعت اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذي عقد في الأردن الأسبوع الماضي، وهي تحاول القول إن عودة سوريا إلى الجامعة العربية ستكون عمليةً تدريجيةً وتعتمد على سلوك هذا البلد في المستقبل.
لكن بعد الإعلان عن قرار الجامعة العربية بإعادة مقعد سوريا إلى هذا البلد، من السهل رؤية خيبة أمل الإسرائيليين من تحليلات وآراء وسائل الإعلام وخبرائهم. وخاصةً أن وزير الخارجية المصري أكد بوضوح أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، ليست مشروطةً بما سيحدث لاحقًا في اللجان العربية المسؤولة عن متابعة تسوية الوضع في سوريا.
وتابع أليف صباغ إن الخبراء الإسرائيليين يولون اهتمامًا خاصًا بكل التطورات الأخيرة في المنطقة، ولا سيما الاتفاق بين إيران والسعودية، ويعتبرون أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية هي نتيجة هذه التطورات التي لا تصبّ في مصلحة “إسرائيل” إطلاقاً.
في غضون ذلك، يری معارضو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التطورات الأخيرة فشلاً لحكومته، ويعتقدون أن هذه الأحداث هي نتيجة أخطاء نتنياهو الاستراتيجية واهتمامه بمصالحه الشخصية، ما تسبب في أزمة داخلية معقدة للکيان الإسرائيلي.
تعزيز التحالف بين إيران وسوريا
وأشار أليف صباغ إلى تصريحات الخبير الصهيوني روعي كيس الذي قال: “من يظن أن إعادة العلاقات بين الدول العربية مع سوريا ستبعد هذا البلد عن إيران، فهو مخطئ بشكل خطير. لقد تابعنا زيارة الرئيس الايراني لسوريا ونتائجها، وهذا يکشف كل شيء”.
لكن الدكتور “مهند الضاهر” عضو لجنة الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، قال بدوره عن التطورات الأخيرة في المنطقة وقلق الصهاينة من هذه التطورات: “كانت الخطة الأمريكية الإسرائيلية هي عزل سوريا في المنطقة العربية، بسبب مواقفها الداعمة للمقاومة. ولا تزال سوريا الدولة العربية الأولى التي ترفض أي تطبيع مع الکيان الصهيوني، وخطة “صفقة القرن” المناهضة للفلسطينيين”.
وأضاف: لذلك، استخدم الأمريكيون والصهاينة كل جهودهم لتدمير فاعلية سوريا في العالم العربي. وفي هذه المرحلة، قد يكون هناك هجوم إعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي ضد عودة سوريا إلى الجامعة العربية، لأن الصهاينة لا يمكنهم التسامح مع أحداث خارج فلسطين المحتلة تؤثر بشكل مباشر على ساحتهم الداخلية.
تكثيف ضربات المقاومة ضد الکيان الإسرائيلي
وتابع الدكتور الضاهر إن الصهاينة توصلوا إلى استنتاج مفاده، بأن التطورات الأخيرة في المنطقة ستؤدي إلى زيادة ضربات المقاومة ضد الکيان الإسرائيلي. لكن لا يبدو أن الکيان الصهيوني سيوقف غاراته الجوية على سوريا في الوقت الحالي، ما لم يكن هناك قرار حاسم بالرد على هذه الاعتداءات، وهذا يعتمد على النظام الجوي المتقدم الذي من المحتمل أن يكون متاحًا لسوريا.
وشدد هذا الخبير البارز في الشؤون الإقليمية والدولية، على أن الهدف من عدوان الکيان الصهيوني على سوريا هو استهداف مناطق لن تؤدي إلى صراع كبير، وهو يسعى في الغالب لاستخدامها في وسائل الإعلام. لكن في المرحلة الحالية، نرجح أن نشهد إدانة وسائل الإعلام لهذه الاعتداءات من قبل الاحتلال لصالح سوريا.
وحسب الدكتور الضاهر، فإن الهدف الأساسي للکيان الصهيوني منذ بداية احتلاله للأراضي العربية، كان تقسيم المنطقة إلى دول ومناطق صغيرة تکون في حالة حرب مع بعضها من الناحية العرقية والطائفية والسياسية، وكلها تحت تصرف سياسات وإملاءات أمريكا والکيان الإسرائيلي. لكن صمود سوريا طوال هذه السنوات وهزيمة كل المؤامرات التي فُرضت على هذا البلد ثم عودته إلى الجامعة العربية، دليل واضح على فشل هذه الخطة الصهيونية.
يرى المراقبون أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضربة كبيرة للکيان وأمريكا، ولكل مؤامراتهما ومشاريعهما في المنطقة، وخاصةً المشروع الذي صُمم قبل 12 عامًا لقلب الحكومة السورية وتقسيم هذا البلد.
وحسب وسائل الإعلام الأمريكية، فإن هذا الحدث يظهر أيضًا التراجع الواضح لنفوذ الولايات المتحدة في المنطقة؛ وهي قضية تؤثر نتائجها السلبية بالدرجة الأولى على الکيان الإسرائيلي.
المصدر/ الوقت