التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 21, 2024

“يونيفيل”… عنوان متكرر للمشروع الأمريكي الصهيوني التدميري ضد لبنان 

سجال سياسي ومعركة دبلوماسية جديدة يدخلها لبنان مع مجلس الأمن، بسبب التجديد لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، وذلك وسط الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.

الأزمة تأتي في ظل إعلان وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، عبد الله بوحبيب، رفض بلاده للصيغة المطروحة حاليا في مجلس الأمن لمسودة مشروع قرار التجديد لـ “اليونيفيل”، لأنها لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق عملياتها مع الحكومة اللبنانية، ممثلة في الجيش اللبناني، وفقًا لاتفاقية عمل الـ”يونيفيل” المعروفة بـ “SOFA”، حسبما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام.

وأشار بو حبيب إلى أن “تجديد ولاية القوة الدولية في الجنوب، يأتي بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية”، مشددا على “رفض لبنان لنقل ولاية الـ”يونيفيل” من الفصل السادس، وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الصادر عام 2006، الذي يدعو إلى حل النزاع بالطرق السلمية، إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على “فرض القرار بالقوة”، وطرح البعض تساؤلات بشأن أزمة التجديد لقوات اليونيفيل، وإمكانية أن تقود لأزمة جديدة بين لبنان والأمم المتحدة، ومدى انعكاس ذلك وتداعياته على الداخل اللبناني.

ما هو دور قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان؟

منذ عام 1978 وقوات “اليونيفيل” موجودة في جنوب لبنان بموجب قراري مجلس الأمن الدولي 425 و426 الصادرين في 19 مارس (آذار) 1978، يزداد عددها أحياناً وينخفض في أحيان أخرى، وفي بعض الأوقات تتسع مهماتها ومرات تضيق، وذلك حسب حجم التوتر في جنوب لبنان.

مرت 40 سنة على وجود قوات اليونيفيل بجنوب لبنان، في البداية انتشرت شمال نهر الليطاني حتى “الشريط الحدودي”، وبعد انتهاء حرب يوليو (تموز) 2006، انتشرت القوات في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني بأكملها حتى الحدود مع “إسرائيل”، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والذي أذن فيه بزيادة حجم تلك القوات إلى 15 ألف جندياً يتوزعون على 40 جنسية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من عام 2000، تلقى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي أنان إخطاراً رسمياً من الحكومة الإسرائيلية يفيد بأنها ستسحب قواتها من الأراضي اللبنانية في شهر يوليو من العام ذاته، وسرعان ما بدأ فريق دولي منتدب من مجلس الأمن برسم الخرائط لتحديد “خط حدودي”، سُمي “الخط الأزرق”، سيُعتمد لأغراض عملانية للتأكد من الانسحاب الإسرائيلي من كامل الأراضي اللبنانية، وبعد الانسحاب، ظلت الحالة في منطقة عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان هادئة بشكل عام، وراقبت قوات “اليونيفيل” خط الانسحاب يومياً، عن طريق الدوريات البرية والجوية، وبحثت في الانتهاكات المحتملة للخط، وخصوصاً أن مناطق عدة لم يكن ممكناً الوصول إليها إلا من الجانب الإسرائيلي، بسبب الألغام والذخائر غير المنفجرة الموجودة في الجانب اللبناني من الحدود، والتي خلفتها 20 سنة من الاحتلال.

واصفاً البيئة السياسية والأمنية بالهشاشة، أشار كوفي أنان بشكل خاص إلى ما جرى من تبادل عنيف لإطلاق النار بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي عبر الخط الأزرق في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2005.

وكان من شأن حوادث إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان أن تؤدي إلى التصعيد العسكري، وكذلك الانتهاكات الجوية الإسرائيلية المتكررة للأجواء اللبنانية، ثم تجدد القتال على الحدود اللبنانية في 12 يوليو 2006، وأدت الأعمال القتالية التي اندلعت في ذلك العام إلى إحداث تغيير جذري في سياق عمل القوة الدولية، التي لم تتمكن من أداء عملها فيما تواجه قيوداً على قيامها بأنشطة أساسية، مثل إمداد مواقعها وإجراء عمليات بحث وإنقاذ لمصلحة أفرادها.

الوجود العسكري المتزايد لتلك القوات، لم يمنع من أن تكون هناك سيطرة فعلية على “المنطقة المحررة” لـ”حزب الله”، فعمل القوات الدولية مقيد نظراً لوجود عناصر “الحزب” في المنطقة، باعتبار أن تلك القوات لا يمكنها القيام بأي عمل داخل المناطق السكنية إلا بعد التشاور والتوافق مع مسؤولي الحزب المحليين، في غياب القوات الأمنية اللبنانية من جيش وقوات أمن في حينه، قبل انتشارها في جنوب لبنان إثر ضغط دولي وداخلي، فالصيغة المطروحة هي أنه ما دام ليس هناك سلام شامل مع “إسرائيل”، فإن الجيش لن يتصرف كحرس للحدود ولن يُنشر عليها.

معركة دبلوماسية

قال الخبير الأمني اللبناني، ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، العميد خالد حمادة، إن لبنان يقود معركة دبلوماسية في الأمم المتحدة لمحاولة تغيير تعديلات العام السابق الخاصة بقواعد الاشتباك، والتي أعطت لقوات اليونيفيل حرية الحركة دون أخذ موافقة الجيش اللبناني، وحسب حديثه، هذه التعديلات التي تمت جاءت استنادا لمجموعة من التقارير التي امتدت لسنوات على خلفية عدم تمكين قوات اليونيفيل القيام بمهمتها طبقا للقرار 1701.

واستبعد حمادة أن يتراجع مجلس الأمن عن التعديلات التي أجراها، حيث يبدو أن الإدارة الأمريكية ذاهبة باتجاه الإبقاء على هذا التعديل، لأن المجتمع الدولي يشعر بأن القرار الأممي لا يطبق، وأن تجاوزات البعض في الجنوب قد تؤدي إلى إشعال الجبهة الجنوبية على خلفية محاولة تكريس وضع سياسي وأمني ما، والاستفادة مما يمكن أن ينتج عن تجاوز القرار الأممي.

ويرى أن مجلس الأمن سيجدد القرار كما كان، وربما يؤدي ذلك إلى نوع من التوترات مع قوات اليونيفيل، وقد يكون خطوة أولى على طريق محاولة المجلس استعادة المبادرة وتطبيق القرار 1701 كما يجب أن يطبق.

رغبة أمريكية وإسرائيلية

بدوره، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن هذه مسألة قديمة جديدة، وكل عام يكون هناك محاولة لتمديد وتعديل صلاحيات قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل”، وحسب حديثه، هذا التوجه للتعديل يأتي لمحاولة إعطاء دور أقوى لهذه القوات، وسط رغبة لنشرها على الحدود السورية اللبنانية، وأن يكون لها قدرة على الدخول للمخيمات الفلسطينية، ومناطق وجود “حزب الله” اللبناني، وأكد أن الدولة اللبنانية تريد أن يكون هناك تنسيق بين القوات الدولية والجيش، حتى لا يكون هناك تضارب ومشاكل، ولا سيما في ظل مخاوف البعض من أن تؤدي هذه التعديلات وتدخل قوات اليونيفيل من دون تنسيق مع الجيش إلى صدام بينها وبين الأهالي، وهذا ربما يؤدي إلى تطوير الوضع اللبناني بشكل غير مستحب.

وقال أبو زيد إن هناك محاولات وشد حبال وتجاذب بين الدول اللبنانية والأمم المتحدة، حيث يطالب لبنان بعدم تعديل مهام تلك القوات، في مقابل الرغبة الأممية بتطوير هذه المهام، الأمر الذي سيكون له تداعيات على الساحة اللبنانية، وربما يقود إلى مواجهة وتصادم بين الأهالي وقوات اليونيفيل، وأوضح أن الوضع حساس وخطير وسيكون له آثار وانعكاسات، حيث يراهن البعض بأنه قد يؤسس لحالة دولية جديدة يمكن الرهان عليها في أن تكون مدخلا لتدويل المسألة اللبنانية، مشددًا على ضرورة انتظار تطور الأوضاع.

يذكر أنه، في منتصف أغسطس/ آب الجاري، التقى ممثلون عن الجيشين الإسرائيلي واللبناني وقائد قوات حفظ السلام الدولية “يونيفيل”، بشأن نصب خيمة “حزب الله” على الحدود المشتركة بين البلدين.

وأكدت هيئة البث الإسرائيلية، أن “اللقاء الثلاثي عقد في مقر الأمم المتحدة في مدينة رأس الناقورة”، ونظم اللقاء على خلفية التوترات بين الجيش الإسرائيلي وعناصر “حزب الله” اللبناني على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ونصب الحزب لخيمة على تلك الحدود، ومنذ نهاية الحرب الإسرائيلية الثانية على لبنان، عام 2006، تجرى الاجتماعات الثلاثية المنتظمة تحت رعاية قوات “يونيفيل” باعتبارها آلية أساسية لإدارة النزاع وبناء الثقة.

لبنان يرفض تحركات “يونيفيل” دون التنسيق مع جيشه

أعلن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، الجمعة الماضية، رفض بلاده مسودة مشروع في مجلس الأمن الدولي يمنح قوات الأمم المتحدة المؤقتة في بلاده “يونيفيل” حق تنفيذ عمليات من دون التنسيق مع الجيش، جاء ذلك في بيان للخارجية اللبنانية، أشارت فيه إلى أن الوزير بوحبيب اطلع على مسودة مشروع القرار المطروحة حاليا في مجلس الأمن والمتعلقة بتجديد ولاية “يونيفيل” في جنوب البلاد.

وأكد بوحبيب “رفض لبنان للصيغة المتداولة لكونها لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق اليونيفيل في عملياتها مع الحكومة ممثلة بالجيش، كما تنص اتفاقية عمل اليونيفيل المعروفة”، وفق البيان ذاته، وتشمل عمليات اليونيفيل دوريات ليلية ونهارية، ووضع نقاط مراقبة، ورصد الخط الأزرق (حدودي)، وإزالة الذخائر غير المنفجرة والقنابل العنقودية، كما تشير “يونيفيل” إلى أن تعاونها الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانية هو المفتاح لتنفيذ قرار مجلس الأمن، حسب النص المنشور عبر موقعها الإلكتروني بشأن مهام عملياتها في لبنان.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق