التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 3, 2024

مشروع زعزعة استقرار لبنان من “عين الحلوة” 

قتل 6 فلسطينيين – بينهم قائد عسكري في حركة فتح- في اشتباكات اندلعت سابقاً واستؤنفت يوم الأحد الماضي بمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا جنوب لبنان، وقتل القائد العسكري في فتح مع 4 من رفاقه في كمين، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن القيادي في الحركة منير مقدح، وذلك بعد معارك ليلية داخل المخيم بين عناصر من فتح وآخرين من مجموعات إسلامية، ونعت حركة فتح في بيان لها “القائد اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه الشهداء مهند قاسم وطارق خلف وموسى فندي وبلال عبيد الذين اغتالتهم أيادي الغدر والإجرام والإرهاب بعملية آثمة جبانة”، في حين اعتبر بيان صادر عن الرئاسة الفلسطينية أن ما حدث بالمخيم “تجاوز لكل الخطوط الحمراء وعبث بالأمن اللبناني”.

وتسببت الاشتباكات في نزوح عدد من العائلات باتجاه منطقة الفيلات المجاورة، كما تجري عدة فصائل فلسطينية اتصالات مكثفة لوقف إطلاق النار وإعادة الأمور إلى طبيعتها.

من جهته، قال الجيش اللبناني في بيان إنه وإثر الاشتباكات داخل مخيم عين الحلوة، سقطت قذيفة في أحد مراكزه العسكرية، وأشار إلى أن مراكز ونقاط مراقبة تابعة له تعرضت لإطلاق نار، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين بجروح، وحذر الجيش اللبناني من مغبة تعريض مراكزه العسكرية وعناصره للخطر، وقال إنه سيرد على مصادر النيران بالمثل.

وعلى صعيد متصل، قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إن “عين الحلوة” هو مخيم من أكبر المخيمات الفلسطينية وأهمها في الشتات وحافظ المخيم طوال عقود من اللجوء على طابعه الوطني والاجتماعي المتماسك”.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ “سبوتنيك”، إنه “كما هو معلوم تتولى منظمة التحرير الفلسطينية إدارة ورعاية المخيمات وحمايتها بوضع قوات الأمن الوطني الفلسطيني التي تشكلت لحماية المخيمات الفلسطينية في لبنان، بالتنسيق والتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية”، ومن جهة أخرى، حسب شعث: “تواجه الدولة اللبنانية العديد من المجموعات المتشددة التكفيرية الخارجة عن القانون التي لجأت إلى المخيمات الفلسطينية، وهذه المجموعات لا علاقة لها أساسا بفلسطين وتسمي نفسها بأسماء عديدة منها “جند الشام” و”فتح الإسلام” و”الشباب المسلم” و”النصرة” وغيرها”.

وضع حجر في طريق حل الأزمة السياسية في لبنان

شهدت الساحة اللبنانية حالة من التوتر والقلق بعد التحذيرات الأمنية لمواطني دول الخليج الفارسي والتي بدأت ببيان من السفارة السعودية في لبنان دعت فيه المواطنين السعوديين إلى مغادرة لبنان، وامتدت إلى سائر السفارات الخليجية ولا سيما سفارات دولة الإمارات والبحرين والكويت ، وصولا إلى بيانات من سفارتي دولة قطر وسلطنة عمان إلى مواطنيها في لبنان باتخاذ الحيطة والحذر في تحركاتهم.

وقد أثارت هذه البيانات تساؤلات كثيرة لدى عامة اللبنانيين أولا ، ولدى المسؤولين والجهات السياسية في لبنان ثانيا ، واللافت في الأمر هو ترافق صدور هذه البيانات مع موجة شائعات أمنية لعل أبرزها أن الجيش اللبناني سوف يقوم بهجوم على مراكز القوى الإسلامية في عين الحلوة بالتعاون والتنسيق مع حركة فتح ، وأن الجيش اللبناني سمح بدخول الرجال والأسلحة إلى مخيم عين الحلوة من أجل دعم حركة فتح في هجومها المرتقب على معاقل القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة ، وهذا الأمر دعا قيادة الجيش اللبناني إلى إصدار بيان تنفي فيه صحة هذه الأخبار وقالت القيادة في بيانها : “تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي معلومات نقلًا عن مصدر عسكري حول تحضير الجيش لتنفيذ عملية عسكرية في مخيم عين الحلوة”.

ولفت البيان، إلى أنّه “يهم قيادة الجيش أن تنفي صحة هذه المعلومات، وتؤكد أنها تتابع بدقة الوضع الأمني في المخيم”.

وختم البيان، “كما تشدد على ضرورة العودة إلى بياناتها الرسمية حصرًا للحصول على المعلومات”، واللافت أن موجة التحذيرات الأمنية للسفارات الخليجية وللسفارة الألمانية في بيروت لرعاياهم والتي ترافقت مع موجة الشائعات، هو أنها أتت بعد أن أثمرت الجهود التي بذلتها هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان ، وسائر القوى السياسية وخصوصا “حزب الله” وحركة أمل، والتي أدت إلى تثبيت حالة الهدوء في عين الحلوة وأيضا عودة سكان المخيم إلى منازلهم وهو ما يترك أكثر من علامة استفهام حول الحملة التي تستهدف الوضع الأمني في لبنان عموما على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة .

والسؤال الذي يطرح هو : هل لبنان مقبل على أحداث أمنية تهدد استقراره بعد أحداث مخيم عين الحلوة ؟

تدور تساؤلات كثيرة في لبنان حول خلفيات الحملة الأمنية التي تستهدف الساحة اللبنانية وخصوصا أن الأجواء الإقليمية بعد عودة التواصل بين المملكة العربية السعودية وإيران مؤخرا أشاعت جوا من الارتياح على الساحة اللبنانية وهو ما عبرت عنه المواقف الصادرة عن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري بعد لقائهما في عين التينة حيث قال جنبلاط بعد اللقاء: “لم نفهم معاً، أنا والرئيس بري، لماذا هذا التخوف لبيانات السفارات، يبدو هناك أمور نجهلها لكن في موضوع مخيم عين الحلوة يبدو أن الأمور محصورة إلى حد ما والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدي إلى حل”.

ومن جهته، استغرب بري في حديث متلفز بيانات السفارات مؤكدا أن “لا شيء أمنياً يستدعي ذلك”، وأشار إلى أن “حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهمه ولكن الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة”، وقال: “الوضع في عين الحلوة هادئ منذ 3 أيام فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟”.

إلى ذلك كشف مصدر ديبلوماسي غربي كبير معلومات على جانب كبير من الأهمية والخطورة تشرح بدقة ما يجري من اشتباك أمني – سياسي على الساحتين الدولية والإقليمية ومدى تأثيره الكبير على لبنان والمنطقة في المرحلة الراهنة، وفي التفاصيل، حسب المصدر نفسه، إنّ الأسباب التي أدت إلى فرملة تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية وإيران برعاية الصين ودفعت المملكة إلى وقف إجراءاتها لفتح السفارتين بين الرياض وطهران تعود إلى وقوع المنطقة تحت تأثيرات مستجدات الحرب الأوكرانية.

وإذا صحت هذه المعلومات التي تحدث عنها الديبلوماسي الغربي فهذا يعني أن الساحة اللبنانية ستكون مرشحة خلال الفترة المقبلة لتكون ساحة اشتباك فاعلة ومؤثرة في الصراع الإقليمي والدولي القائم في أوكرانيا والمنطقة، وهذا مؤشر خطير لما يمكن أن يحدث في لبنان تحت مسميات مختلفة سواء في مخيم عين الحلوة أو في سائر المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث تكون هذا الأحداث المتنقلة في المخيمات الفلسطينية منطلقا لتفجير الساحة اللبنانية بالكامل.

بالخلاصة يمكن القول، لبنان نتيجة حالة الفوضى التي تعمه سياسيا واقتصاديا، قد يكون مرشحا في المرحلة المقبلة للدخول في الفوضى الامنية خدمة لمصالح الدول الإقليمية والدولية ، وهذا ما لا نتمناه للبنان واللبنانيين في هذا الظرف العصيب الذي لا يسر عدواً ولا صديقاً.

محاولة الزج بـ”حزب الله”

نفى الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله أي مسؤولية لجماعته عن الاشتباكات التي وقعت بمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، وقال نصرالله في كلمة متلفزة إن “القناة التلفزيونية التي اتهمت حزب الله بانفجار المرفأ هي نفسها تقول إن ما يحصل في مخيم عين الحلوة سببه حزب الله، وهذه تفاهة”، والاثنين الماضي، اتهمت قناة “إم تي في” المحلية خلال نشرة الأخبار، فريق “الممانعة” (في إشارة إلى حزب الله) بالمسؤولية عما يحصل في عين الحلوة، دون ذكر أدلة.

وأضاف نصر الله: “نحن لسنا مسؤولين عن معركة مخيم عين الحلوة لا من قريب أو من بعيد، ونحن ضد هذا الاقتتال ونعمل على حله”، وأردف: “أناشد جميع الأطراف المعنية وقف الاقتتال في مخيم عين الحلوة”.

ودعا نصرالله في خطاب متلفز إلى الوقف “الفوري” للاشتباكات في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان، معتبرا ما يحصل “أمرا مؤلما”، وكانت اندلعت اشتباكات مسلحة بين حركة “فتح” وفصائل “إسلامية”، تخللتها فترات هدنة، أدت إلى مقتل 12 شخصا وإصابة أكثر من 60 آخرين، وفق مصادر طبية بمدينة صيدا.

وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن “توقيت الاشتباكات في الظرف الإقليمي والدولي الراهن مشبوه”، معتبرا أنه “تزامن مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية”.

وفي وقت سابق، أعرب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في اتصال هاتفي مع ميقاتي عن أمله في أن يبذل لبنان “مزيدا من الجهد” لتثبيت وقف إطلاق النار في المخيم، حسب بيان لـ”حماس”, كما أجرى هنية اتصالا هاتفيا مع مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان، ودعاه إلى “إعطاء توجيهات لخطباء وأئمة المساجد للحديث عن أحداث المخيم، والتأكيد على حرمة الدم وترويع الآمنين”، كما وجه هنية رسالة إلى نصر الله، أعرب فيها أيضا عن “أمنياته في أن يبذل نصر الله جهودا لإيقاف الاشتباكات الدائرة في المخيم، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه”، وفقا لبيان الحركة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق