التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

“طوفان الأقصى” في الأراضي المحتلة…المتطرفون الصهاينة زرعوا الريح فحصدوا العاصفة 

بينما ترددت في الأسابيع الأخيرة داخل الأوساط الصهيونية والغربية أنباء عن تطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني، وأشارت التقارير إلى أن توقيع التسوية أصبح وشيكاً، انقلبت فجأةً اللعبة رأساً على عقب، وحوّلت مجموعات المقاومة، بعملية مفاجئة ضد المحتلين، الأنظار إلى اتجاه آخر.

رداً على جرائم الکيان الصهيوني في الضفة الغربية وتدنيس باحات المسجد الأقصى، بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، السبت، عملية واسعة النطاق ضد الأراضي المحتلة لمحاسبة الکيان.

وقال محمد الضيف، قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في كلمة له: “نعلن بدء عملية طوفان الأقصى، ونعلن أن الضربة الأولى والتي استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصيناته العسكرية قد تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة، قيادة “القسام” قررت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب”.

وأكد محمد الضيف: “العدو دنس المسجد الأقصى وتجرأ على مسرى الرسول محمد، واعتدى على المرابطات، وسبق وأن حذرناه من قبل، الاحتلال ارتكب مئات المجازر بحق المدنيين، واليوم يتفجر غضب الأقصى، وغضب أمتنا، ومجاهدونا الأبرار، وهذا يومكم لتفهموا العدو أن زمنه قد انتهى”.

ثم دعا قائد القسام إلى الجهاد ضد الصهاينة، وقال: “بدءًا من اليوم ينتهي التنسيق الأمني، وكل من عنده بندقية فليخرجها فقد آن أوانها، ابدؤوا بالزحف الآن نحو فلسطين، ولا تجعلوا حدوداً ولا أنظمةً ولا قيودًا تحرمكم شرف الجهاد والمشاركة في تحرير المسجد الأقصى”.

وكانت عمليات مجموعات المقاومة شرسةً للغاية، لدرجة أن الصهاينة اعترفوا بها أيضًا، ونقلت إذاعة الکيان الإسرائيلي عن المتحدث باسم الجيش الصهيوني قوله، إن حركة حماس نفذت عمليةً مشتركةً شملت إطلاق صواريخ وتسلل مجموعات المقاومة إلى الأراضي المحتلة.

ومن المفاجئات في هذه الجولة من عمليات فصائل المقاومة، التسلل إلى عمق المستوطنات المحتلة، الأمر الذي أثار الذعر والارتباك بين المستوطنين والجيش الصهيوني.

وحسب وسائل الإعلام، فقد هبط أيضًا عدد من رجال المقاومة في بعض مناطق الأراضي المحتلة باستخدام الطائرات الشراعية واشتبكوا مع الکيان الصهيوني، ويقال إن مقاتلين فلسطينيين استولوا على مركز للشرطة.

وهذه هي المرة الأولى التي تتسلل فيها قوات المقاومة إلى المستوطنات الصهيونية في محيط غزة وتشتبك مع عناصر الجيش الصهيوني، وأعلنت بعض المصادر أن زوارق صغيرة تابعة لحركة حماس تخطط أيضاً للتسلل إلى الأراضي المحتلة عبر البحر، وتدور اشتباكات متقطعة بين المقاومة والقوات الصهيونية.

إن العملية المناهضة للصهيونية تنفذ بكل أبعادها، وقال الخبير العسكري أحمد عبد الرحمن في حديث لـ”الميادين” إن هناك معلومات عن هجوم سيبراني لقوى المقاومة ضد منظومة القبة الحديدية، وإذا تم تعطيل القبة الحديدية، فسيكون من الصعب اعتراض صواريخ المقاومة ويمكنها توجيه ضربات واسعة النطاق للکيان.

أخذ الغنائم من الكيان الإسرائيلي

بالتزامن مع التسلل إلى المناطق الصهيونية، تمكنت مجموعات المقاومة أيضًا من أخذ الغنائم من المحتلين، وذكرت شبكة فلسطين اليوم أن قوات المقاومة تمكنت من السيطرة على شوارع المستوطنات المجاورة لقطاع غزة.

كما أفادت بعض المصادر الإخبارية بأن قوات المقاومة تمكنت من أسر بعض الجنود الصهاينة، وحسب وسائل إعلام صهيونية فإن عددهم 35 جندياً.

کذلك، تظهر الصور التي نشرتها مصادر فلسطينية قيام الفلسطينيين باغتنام دبابة ميركافا وإضرام النار في دبابة أخرى، كما تشير الفيديوهات المنشورة إلى أن قوات المقاومة تمكنت من الاستيلاء على جيب عسكري للجيش الصهيوني، ونقله إلى قطاع غزة.

تنفذ هجمات المقاومة رداً على السياسات العدائية للکيان الصهيوني في غزة والضفة الغربية، وفي الأيام الأخيرة، هاجمت قوات الاحتلال شابين فلسطينيين في منطقة طولكرم بالضفة الغربية، ما أدى إلى استشهادهما.

وخلال مراسم تشييع هذين الشهيدين، وقعت مواجهات بين قوات الاحتلال والفلسطينيين، أصيب فيها عدد من الأشخاص، وأثارت هذه القضية غضب فصائل المقاومة.

من جهة أخرى، وبالتزامن مع الأعياد اليهودية، هاجم مئات المستوطنين المسجد الأقصى لعدة أيام متتالية لأداء شعائرهم الدينية، الأمر الذي أثار غضب الشعب الفلسطيني.

وفي الأشهر الأخيرة قامت فصائل المقاومة بمهادنة الکيان الصهيوني حتى تخمد نار فتنة المتطرفين، لكن الصهاينة لم يقدروا هذا اللطف، وأخيراً انتهى صبر الفلسطينيين.

وتعدّ “عملية الأقصى” أخطر هجوم منذ معركة “سيف القدس” التي استمرت أحد عشر يومًا بين الکيان الإسرائيلي وحماس في مايو 2021. ومجاهدي غزة، الذين كانوا يقاتلون عدوهم المدجج بالسلاح بالأسلحة الخفيفة فقط حتى وقت قريب، حققوا الآن تقدماً كبيراً في جميع المجالات البرية والبحرية والجوية، ولأول مرة فاجؤوا الغزاة في عملية مشتركة.

إن استخدام القوة الصاروخية والبحرية والطائرات دون طيار من قبل حماس والجهاد الإسلامي، سيجعل البيئة الأمنية في الأراضي المحتلة أكثر التهاباً.

ورغم أن زعماء المعارضة الإسرائيلية قالوا إنهم يقفون إلى جانب الحكومة في هذا الوضع لمواجهة الفلسطينيين، لكن قوة جيش هذا الکيان ضعفت في الأشهر الأخيرة بسبب سياسات حكومة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني المتطرفة، وحسب المسؤولين فإن هذا الکيان لا يملك القدرة على القتال على عدة جبهات.

الوضع في الأراضي المحتلة حرج

لقد أدت البداية المفاجئة والسريعة لعملية المقاومة، إلى إغراق الأراضي المحتلة في حالة من الرعب، ومع دق ناقوس الخطر في جنوب ووسط الأراضي المحتلة ومدينة القدس، أعلن الجيش الصهيوني أنه في حالة حرب، ودعا نتنياهو إلى اجتماع طارئ للمسؤولين الأمنيين.

وأعلن يوآف غالانت، وزير الحرب الصهيوني، حالة الطوارئ حتى دائرة نصف قطرها 80 كيلومترًا من المستوطنات المحيطة بغزة، كما دعا غالانت إلى استدعاء مكثف لقوات الاحتياط لمحاربة حماس.

هذا على الرغم من حقيقة أنه في الأشهر الأخيرة، عصى أكثر من 10 آلاف من قوات الاحتياط وطيارين الجيش أوامر المسؤولين الحكوميين، ما زاد المخاوف بشأن الفجوة في الجيش.

من ناحية أخرى، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أيضًا بأن ما يحدث في قطاع غزة لا يزال غير واضح، وما حدث هو مفاجأة كبيرة، وقد تمكنوا من مفاجأة الجيش الإسرائيلي من البر والبحر والجو.

وتظهر الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي سيارات محترقة وأضراراً في بعض المباني، وحسب تقارير إعلامية عبرية، فقد قُتل حتى الآن أربعة أشخاص وأصيب العشرات، وحالة اثنين من الجرحى حرجة.

وصرح مسؤول صهيوني بأن عدد القتلى في المستوطنات الصهيونية بقطاع غزة مرتفع، ولا نستطيع إعطاء رقم دقيق للقتلى، کذلك، قطع الصهاينة خدمة الإنترنت عن جنوب فلسطين المحتلة، لمنع نشر المزيد من الصور والفيديوهات لجرحى عمليات المقاومة.

وأفادت وسائل الإعلام الصهيونية بإغلاق مطار بن غوريون وتعليق الرحلات الجوية حتى إشعار آخر، وتظهر الصور ومقاطع الفيديو المنشورة الهروب الجماعي للصهاينة من مناطق الصراع، كما اقتحم آلاف الأشخاص الملاجئ هرباً من صواريخ المقاومة.

ولم يتخذ الجيش الصهيوني حتى الآن أي إجراء متماسك ومحدد بسبب الهجوم المفاجئ للمقاومة الفلسطينية، وقد فاجأت هذه الهجمات السلطات الصهيونية التي فقدت زمام المبادرة.

ورغم أن الجيش الصهيوني، ومن أجل إظهار دعمه للصهاينة، قام بشن غارات جوية على مناطق في غزة، وادعى أن حماس ستدفع ثمناً باهظاً، ولكن بالنظر إلى موجة هجمات فصائل المقاومة وأسر العشرات من الجنود الصهاينة، لا يبدو أن المتشددين في الحكومة سيبدؤون عمليةً كبيرةً في مثل هذا الوضع السيء في الأراضي المحتلة.

إن إطلاق 5000 صاروخ في 20 دقيقة يظهر مدى جاهزية وقدرة فصائل المقاومة، وخلافاً لادعاءات سلطات تل أبيب، فإن ترسانة غزة من الأسلحة لا تزال في طور التطور، في معركة سيف القدس تم إطلاق أكثر من 4000 صاروخ خلال أحد عشر يوماً، أما في مواجهات اليوم فقد تم إطلاق 5000 صاروخ على الأراضي المحتلة.

أطراف المقاومة كافة ضد العدو

مع تصاعد الجرائم الإسرائيلية، يتصاعد التلاحم والتنسيق بين فصائل المقاومة الفلسطينية.

وفي هذا الصدد، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أيضاً دعمها لعمليات حماس، وقالت: “نحن جزء من هذه الحرب، وسيقف مقاتلونا جنباً إلى جنب مع إخواننا في حماس حتى النصر”.

كما أكد زياد النخالة أمين عام الجهاد الإسلامي في بيان له: “رغم كل التحديات فإن الجهاد الإسلامي مستمر في طريق الجهاد والمقاومة، والمعركة مع العدو ستستمر حتى النصر عليه، إننا وحركة حماس وقوى المقاومة في فلسطين سنبقى متحدين حتى تحقيق أهداف الحرية والتحرر لشعبنا”.

من ناحية أخری، بدأت المجموعات التي تعيش في الضفة الغربية، مع إخوانها في قطاع غزة، الجبهة الثانية للعمليات ضد الأراضي المحتلة، وقالت جماعة “عرين الأسود” في بيان لها: “نعلن حالة الاستنفار العام وبدء الهجوم الفوري من أي مكان على قوات الاحتلال ومستوطنيه”.

ودعت هذه المجموعة المقاومة الفلسطينيين إلى النزول إلى الشوارع، وقالت: “على جميع المواطنين الأحرار والشرفاء الخروج في مسيرات ضخمة وموسعة ورفع صوت الله في كل مكان، وعلى جميع أصحاب المحال التجارية والمنازل الواقعة بالقرب من الحواجز والمستوطنات المحتلة إخراج أجهزة التسجيل الخاصة بهم وإطفاء الكاميرات فوراً”، كما طلبت عرين الأسود من كل من لديه سلاح أن يظهر كرجل ويقوم بواجب الشرف والرجولة.

من جانبه أعلن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في إشارة إلى هجمات المقاومة واسعة النطاق على الأراضي المحتلة، أن هذه العاصفة بدأت من قطاع غزة وستمتد إلى كل الأماكن.

لقد أصبحت جماعات المقاومة في الضفة الغربية الكابوس الأكبر لسلطات تل أبيب في العام الماضي، وهي تخشى بشدة من فتح الجبهة الثانية في الضفة الغربية، ونظراً لقرب الضفة الغربية من المستوطنات الصهيونية، تستطيع هذه الجماعات توجيه ضربات قوية للکيان الإسرائيلي، وهذا هو الوعد الذي قطعه قادة المقاومة في وقت سابق بقتال العدو في جبهة واحدة.

ويبدو أن غرفة العمليات المشتركة التي أنشئت بين الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، ستثبت نفسها جيداً في هذه المعركة، كما أعلنت بعض المصادر أن المعطيات تشير إلى أن حزب الله اللبناني ومحور المقاومة بأكمله سيدخلون المعركة مع الاحتلال خلال ساعات قليلة.

لقد حذرت سلطات قطاع غزة مراراً وتكراراً المتطرفين الصهاينة من أي اعتداء على المسجد الأقصى والمعاملة القاسية للأسرى الفلسطينيين، واعتبرتها خطاً أحمر لها، وأكدت حركة الجهاد الإسلامي، الثلاثاء الماضي، رداً على الجرائم الصهيونية في القدس المحتلة والخليل، أن الرد على جرائم الکيان الصهيوني لن يستغرق وقتاً طويلاً، إلا أن الوزراء المتطرفين، مثل إيتمار بن غفير وزير الأمن الداخلي، وبتسلئيل سموتريتش وزير مالية الکيان الصهيوني، لم يلتفتوا إلى هذه التحذيرات.

ولذلك، فإن تساقط صواريخ المقاومة على الصهاينة هو نتيجة الأعمال الاستفزازية التي يقوم بها متطرفو حكومة نتنياهو، الذين زرعوا الريح في الضفة الغربية باحتلالهم وجرائمهم، والآن يحصدون العاصفة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق