التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

السلطة الفلسطينية.. لا عين رأت ولا أُذن سمعت 

يبدو أن موقف السلطة الفلسطينية، الذي وُصِف عمومًا بأنه “ضعيف” تجاه الأحداث الدموية داخل قطاع غزة والحرب الإسرائيلية المستمرة لأكثر من شهر والتي لم ترحم أي مكون من مكونات البيئة، بدأ يثير غضب واستياء بين قيادات وأعضاء حركة “فتح” في الضفة الغربية المحتلة، وعلى الرغم من أن المسيرات الغاضبة التي نظمها المواطنون في مختلف مدن الضفة احتجاجًا على الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بشكل مروع في قطاع غزة، إلا أن الجميع اتفق على أنها لم تصل إلى المستوى المأمول.

ولكن اللافت كان غياب الدور القوي لحركة “فتح” سواء على الصعيدين الشعبي والقيادي، ما أثار تساؤلات كثيرة حول مكانتها ودورها في هذا السياق، وبدأت بعض وسائل الإعلام تتناقل تقارير تشير إلى وجود “تململ وخلافات” داخل حركة “فتح” نتيجة لموقفها وموقف السلطة، اللذين وُصِفا بأنهما “ضعيفين” تجاه الحرب في قطاع غزة.

يتم التركيز على وجود ضغوط داخلية وخارجية على السلطة وحركة “فتح” تقيدهما من التعامل بشكل فعّال مع الأحداث في غزة.

حركة فتح والشلل أمام الاحتلال

من الناحية السياسية، لم تتخطَ البيانات الرسمية الصادرة عن السلطة الدائرة المسموح بها، واقتصرت على التنديد والتهديد والتحذير ونداءات للمجتمع الدولي للتدخل وإنقاذ غزة، وتجري أيضًا محاولات من جانب الولايات المتحدة و”إسرائيل” لفرض حلول تستند إلى إعادة السيطرة الفلسطينية على قطاع غزة بعد “إنهاء حكم حماس”، وفي بيان مفاجئ وغريب، قام أفراد يُنسبون للأجهزة الأمنية الفلسطينية بإصدار إعلان يمهلون الرئيس الفلسطيني محمود عباس 24 ساعة للإعلان عن موقف شامل من المواجهة مع الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة نتيجة استمرار مجازر الاحتلال في غزة.

ويتعين على الرئيس أبو مازن إعلان موقف واضح ومحدد تجاه المواجهة الشاملة مع الاحتلال، والتبرؤ من تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، إذا لم يحدث ذلك، فإنهم يعلنون في البيان عدم الطاعة لأي جهة وعدم تنفيذ أي تعليمات، وأنهم لن يكونوا ملتزمين بأي ولاء تجاه أي جهاز.

وهذا البيان يعكس التوترات الفلسطينية في ضوء الأحداث الجارية ومجزرة غزة، ويضيف البيان إن عددًا من أفراد الأجهزة الأمنية سيقومون بإعلان تمردهم على هذه الأجهزة غدًا وسيكشفون عن هوياتهم إذا لم يصدر الرئيس عباس قرارًا واضحًا بشأن المواجهة الشاملة مع الاحتلال، تُظهر هذه الخطوة تصاعد الغضب والاستياء داخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية تجاه موقف السلطة.

من ناحية أخرى، انتقد القيادي في حركة “حماس”، سامي أبو زهري، موقف الرئيس عباس من الهجوم الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، ويعكس هذا التصريح التوترات والخلافات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية في هذا السياق الصعب.

وإن تعليق سامي أبو زهري على زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ولقائه مع الرئيس عباس يُظهر تهكمًا واستياءً من تصريحات الأخير التي أثنى فيها على مساهمة السلطة الفلسطينية في الحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية، هذا التصريح يُظهر التوترات الداخلية والانقسامات داخل الفصائل الفلسطينية حيال موقف السلطة وزيارة بلينكن.

والتصريحات للقادة في حركة “حماس” تكشف عن التوترات والانقسامات الداخلية في البيت الفلسطيني، حيث تتباين وجهات النظر والتوجهات بشأن التعامل مع الأحداث في قطاع غزة وموقف السلطة الفلسطينية.

هذه الانقسامات تعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الفلسطينيين في مجال السياسة والحكم، وقد تؤثر على الجهود المشتركة لمواجهة التحديات الإسرائيلية وتحقيق الوحدة والاستقلال.

كما أن التناقضات والانقسامات في تصريحات الرئيس عباس وبعض القيادات في حركة “فتح” تظهر الصعوبات التي تواجه السلطة الفلسطينية وحركة “فتح” في التوصل إلى موقف موحد وتحقيق الوحدة والتضامن أمام التحديات الإسرائيلية.

هذه التوترات تعكس الضغوطات الداخلية والخارجية التي تواجه الفلسطينيين وتشمل التوترات بين الجهات الفلسطينية المختلفة والتأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الأراضي الفلسطينية.

وتعكس هذه المشاركات والمنشورات الغضب الشعبي والاستياء من عدم تبني السلطة الفلسطينية موقفًا قويًا وواضحًا في مواجهة العدوان الإسرائيلي.

يتساءل الناس عن دور القيادة الفلسطينية والتأخر في التحرك لحماية الحقوق الفلسطينية ومواجهة الاحتلال، وهذا يشير إلى الضغوط والتوترات السياسية التي تحيط بالقضية الفلسطينية وتأثيرها على العلاقة بين السلطة والشعب، وتحتم على القيادة البحث عن استراتيجيات تعزز الوحدة وتواجه التحديات بفعالية.

هناك خطوات يمكن أن تتخذها السلطة الفلسطينية للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني ومواجهة الاحتلال.

ومن بين هذه الخطوات الوقف الفوري للتنسيق الأمني مع الاحتلال والانسحاب من الاتفاقيات المرتبطة به، إضافة إلى توجيه جهود دبلوماسية دولية تتضمن استغلال ممثليات وسفارات فلسطين في العالم لتسليط الضوء على جرائم الاحتلال وحشد الدعم الدولي.

هذه الإجراءات يمكن أن تسهم في تكفير الفترة السابقة من التنسيق الأمني وتحقيق تقدم نحو تحقيق الوحدة والدعم للقضية الفلسطينية.

كذلك، فإن السلطة الفلسطينية لم تقم بإجراءات للتعامل مع الوضع الراهن، وإن هذه الإجراءات قد تكون مخفية وغير معلنة لكن غير مؤثرة، وذلك منذ البداية ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي.

يشدد التابعون للسلطة على أن القيادة الفلسطينية قامت بالاتصال مع مختلف الأطراف والجهات الدولية للتعبير عن التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني نتيجة للعدوان الإسرائيلي، وهذا يشير إلى أن السلطة الفلسطينية تدعي أنها تعمل على مستوى الدبلوماسية والعلاقات الدولية لمواجهة التحديات الحالية.

مسؤولون في فتح يشيرون إلى أن القيادة الفلسطينية تقف بقوة مع قطاع غزة وتقدم الدعم والتضامن، وتعمل أيضًا على مستوى الجهود الدبلوماسية والدعوة لفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية.

ومع ذلك، يشيرون إلى أن الوضع في غزة خارج نطاق سيطرة السلطة الفلسطينية بسبب التحديات الكبيرة المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي وإغلاق المعابر.

مع وجود تساؤلات حول موقف حركة “فتح” والسلطة الفلسطينية في مواجهة العدوان وتحدثها الرئيس عباس، تلك التساؤلات تشير إلى الاستياء والقلق من تأثير هذا الموقف على الشعب الفلسطيني ومستقبل القضية الفلسطينية.

مصدر الخلاف بين الفلسطينيين

من المؤكد أن التعاون والاتفاقات الأمنية بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” يعدان مصدر توتر واحتقان بين الفصائل الفلسطينية، ما يعيق تحقيق الوحدة الوطنية بين الفلسطينيين، وهذا التعاون يركز بشكل أساسي على تبادل المعلومات والتنسيق الأمني لمكافحة المقاومة ضد الاحتلال.

يُعتَقَد من قبل بعض الأفراد أن هذا التعاون يخدم مصالح “إسرائيل” بحماية أمنها، ويضع السلطة الفلسطينية في مواجهة شعب الضفة الغربية.

والتعاون والاتفاقات الأمنية بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” تُعتبر من قبل الفلسطينيين عمومًا خيانة للقضية الفلسطينية، ويُعتقد أن هذا التعاون يسهم في استمرار الاحتلال وقمع المقاومة الفلسطينية.

تؤكد الفصائل الفلسطينية على أن التعاون الأمني يمنح الاحتلال غطاء دوليًا لأفعاله ضد الفلسطينيين، هذه التنسيقات والاتفاقات تزيد من التوتر بين الفصائل الفلسطينية المختلفة وتجعل من الصعب تحقيق التوافق والوحدة بينها في مواجهة القضايا الوطنية المهمة، الانقسام داخل الساحة الفلسطينية يعود جزئيًا إلى هذا التوتر والانقسام حول موقف التعاون مع الاحتلال.

وفي ضوء تدهور شرعية السلطة الفلسطينية وتصاعد التوترات الداخلية، يبدو أن القيادة الفلسطينية تشعر بالعزلة والانقسام عن طموحات وآمال الشعب الفلسطيني، على الرغم من استمرار الأدوار الحكومية في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية، إلا أن التنسيق الأمني مع الكيان والانقسامات الداخلية والغياب عن مآسي غزة تثير استياء الفلسطينيين.

السلطة تواجه تحديات في السيطرة على المناطق الفلسطينية المتزايدة وتعبئة الشعب لدعم قضاياهم، وبالتالي، تتطلب الوحدة الوطنية وتوجيه تركيز أكبر نحو تحقيق تطلعات الشعب ومواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني.

في الختام، يمكن القول إن زيادة الدعم لفصائل المقاومة في فلسطين، مثل حماس والجهاد الإسلامي، يعكس استجابة الشعب الفلسطيني لمسار المقاومة نظرًا لعدم فعالية السلطة الفلسطينية ورفض “إسرائيل” التفاوض معها، إضافة إلى ذلك، تتزايد هجمات الصهاينة ضد المدنيين ومنازل الفلسطينيين في غزة بينما تراقب السلطة هذا العنف دون التصدي له، وهذا يجعل الشعب الفلسطيني يرى أن المقاومة هي الوسيلة الوحيدة لمواجهة الظلم الذي يتعرضون له من قبل الاحتلال.

وفي هذا السياق، تصبح الهجمات ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين ردًا شعبيًا على هذا الظلم وتعبيرًا عن رفض الفلسطينيين لقبول مصيرهم كسجناء في وطنهم، ويُظهر هذا أن الشباب الفلسطيني ليسوا على استعداد للعيش كمجرد سجناء في وطنهم، وخاصة مع تعاون السلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية في تقديم الدعم لـ”إسرائيل” ضد المقاومة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق