المُقاطعة الأكاديمية في أوجها.. العالم يعاقب الکیان الإسرائيلي
رحبت حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لـ”إسرائيل” (PACBI) بإضافة أربع جامعات نرويجية إلى قائمة الجامعات التي ترفض التعامل بانتظام مع الجامعات الإسرائيلية في الوقت الذي ترتكب فيه “إسرائيل” إبادة جماعية بحق 2،3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل والمحاصر، وفي أواخر العام الماضي، دعت 15 جامعة فلسطينية المجتمع الأكاديمي إلى التحرك لفرض عزلة دولية على الجامعات الإسرائيلية المتواطئة في الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وخاصة في قطاع غزة المحتل والمحاصر، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية التي أقرت محكمة العدل الدولية أنها جريمة واضحة ترتكبها “إسرائيل”، ودعا المجتمع الأكاديمي إلى اتخاذ إجراءات لفرض عزلة دولية، في ظل تصاعد الاتهامات والضغوط الدولية على تل أبيب التي كشفت عن وجهها الحقيقي للعالم بعد سنوات طويلة من الأكاذيب.
مقاطعة أكاديمية مهمة
كصفعة على وجه الكيان جاء إعلان جامعة أوسلوميت في النرويج أنها جمدت اتفاقية التبادل مع جامعة حيفا في “إسرائيل”، وقررت كذلك عدم إبرام أي اتفاقيات تعاون مستقبلية مع أي جامعة إسرائيلية، كما أعلنت جامعة جنوب شرق النرويج أنها قررت إنهاء اتفاقيتي تعاون مع جامعة حيفا والكلية الأكاديمية هداسا، وقالت الجامعة إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والوضع الإنساني المأساوي في قطاع غزة وتجاهل “إسرائيل” لإجراءات محكمة العدل الدولية كانت أسباب هذا القرار، وقال متحدث باسم الجامعة إن هذه رسالة مفادها بأنه “لا يمكن التسامح مع العدوان الإسرائيلي”.
من ناحية أخرى، جامعة بيرغن وجامعة بيرغن للتكنولوجيا أعلنتا أنهما قررتا إنهاء اتفاقيتي تعاون مع أكاديمية بتسلئيل للفنون في “إسرائيل”، ويعود السبب في ذلك إلى أن أكاديمية بتسلئيل للفنون مرتبطة بقوات الاحتلال الإسرائيلي وتشارك في مشاريع لإصلاح وتصميم الزي العسكري والمعدات العسكرية لجنودها، بعد أن خلصت محكمة العدل الدولية إلى أن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها “إسرائيل” في قطاع غزة كانت صريحة، فإن الحظر العسكري ضد “إسرائيل” وعزل الأوساط الأكاديمية والثقافية والفنية والرياضية الدولية ليس التزامًا أخلاقيًا بل قانونيًا.
وتدعو الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لـ”إسرائيل” جميع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية واتحادات العاملين في الجامعات واتحادات الطلبة والخريجين إلى إنهاء علاقاتها مع الجامعات الإسرائيلية، وإن المواقف المعادية لـ”إسرائيل” في الجامعات الأمريكية تحول دون دعوة الباحثين الإسرائيليين إلى المؤتمرات والحصول على تمويل الأبحاث، ويمكن أن تضر بالأنشطة الأكاديمية الإسرائيلية التي تعتمد على التعاون الدولي، فيما يخشى الباحثون الإسرائيليون من أن يؤثر موقف المجتمع الأكاديمي سلبًا على أبحاثهم في الخارج، ويعيق تقدمهم المهني، ويضر لاحقًا بالبحث الأكاديمي الإسرائيلي ككل، ويدرك كبار المسؤولين البحثيين الإسرائيليين بالفعل بدايات هذه الظاهرة التي أدت إلى إقصاء الباحثين الإسرائيليين في الأوساط الأكاديمية.
وهناك بالفعل حالات لباحثين إسرائيليين يتم إبلاغهم من قبل زملائهم في الخارج بأن تعاونهم قد تم إنهاؤه أو رفض أوراقهم دون تفسير، وهناك خوف من أن يتم إقصاء الأبحاث في “إسرائيل”، ونقلت معلومات عن البروفيسورة ريفكا كارمي، رئيسة منظمة العلوم في الخارج، وهي منظمة تدعم العلماء الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم، قولها إنه “تم رفض قبول أو مراجعة منشورات الباحثين الإسرائيليين أو مراجعتها من قبل الأقران، ورفض عروض حضور مؤتمرات في إسرائيل، ووقف الدعوات للباحثين الإسرائيليين”، وقالت البروفيسور راشيل ألترمان، المحاضرة في التخطيط الحضري والقانون في التخنيون في حيفا وعضو الأكاديمية الوطنية الإسرائيلية للعلوم، إن فرص حصول الباحث الإسرائيلي على درجة الدكتوراه في الخارج قد انخفضت بنسبة 10%، وإنه “فجأة، لا يتم التعامل مع الباحثين على أساس إنجازاتهم, فهم يعاملون الآن بناءً على ما إذا كانوا إسرائيليين أو يهودًا”، لا أرى كيف يمكن للعلوم الإنسانية أو العلوم الاجتماعية أن تكسر هذا الوضع الراهن.
وتضيف: “أنا أتعامل مع ظاهرة المقاطعة منذ سنوات، وحتى قبل الحرب كانت هناك حالات لم تنشر فيها أبحاث إسرائيلية في المجلات، لكن الآن هذه الموجة أكثر سوادًا من السواد، وحول حركة المقاطعة في الأوساط الأكاديمية، قالت: “على مدى سنوات، تغلغلت حركة المقاطعة دون عوائق وأضرت بالباحثين الإسرائيليين، ولكن كان من الصعب إثبات ذلك، اليوم، الضرر واضح، وكل الجمعيات العلمية في مجال البحث العلمي ترفض إصدار بيانات دعم لإسرائيل أو بيانات محايدة”.
الكيان بدأ يدفع الثمن
لا شك أن المقاطعة تعني إجماعاً دولياً قوياً وصحيحاً على نضال الشعب الفلسطيني ومعاناته تحت الاحتلال العسكري الصهيوني وسياساته الاستعمارية والقمعية، وأن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته الإنسانية تجاه فلسطين أولاً ومحاسبة تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطيني وهذا يعني أنه يجب عليه ذلك، وإن المقاطعة هي مقاطعة قوية للكيان الغاصب واستمرار سرطانه داخل الجسم الفلسطيني والعربي والإسلامي، حيث إن الموقف الدولي هو اتخاذ إجراءات عقابية واضحة وعملية وفضح الأعمال العدوانية الإسرائيلية التي طالما حظيت بدعم أمريكي غير محدود لضمان استمرار خنقها، ويمكن اعتباره تذكيرًا مهمًا ومؤثرًا للدول بالتزامها القانوني والأخلاقي بموجب القانون الدولي.
اليوم “إسرائيل” ستدفع ثمن الفصل العنصري، وسيكون للجهود الفلسطينية لفضح إجرام “إسرائيل” نتائجها الكبيرة، ولا أحد يجهل أن الصهاينة يبذلون كل ما في وسعهم لإخفاء الجرائم الصهيونية، ولا سيما جرائم الحرب التي ترتكبها المنظمات القمعية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، وهذا بالفعل “تهديد مباشر” لتل أبيب الدموية، فسلطاتها لا تدخر جهدا في عرقلة أو إلغاء التحقيقات وتوصيف جرائم الحرب الموثقة التي ترتكبها العصابات الصهيونية، وخاصة حالات العدوان على المستوطنات والأسرى والعزل.
الخوف في نفوس الصهاينة نابع من حقيقة أن الاحتلال الغاشم وداعميه يخشون من مقاطعة طفيفة ضدهم نتيجة انتهاكاتهم البشعة للقانون الدولي والإنساني، لأنه رغم الشرعية التي يحاولون إضفاءها على كيانهم، ورغم المبالغ المالية الفلكية التي تقدم لتل أبيب من واشنطن وغيرها، وما ينهب من الأرض الفلسطينية وينفق لخلق شرعية للمحتلين، فإن كلمة الحق هي أن أصوات العنصريين القتلة ليست مسموعة ومرهوبة مهما علت أصواتهم؛ لأنهم يعلمون جيداً أن الحق الذي يدعونه له شرعية زائفة تتبدد في كل لحظة.
ختاماً، فإن عزلة الصهاينة تتعمق يوماً بعد يوم، ومع ذلك فإن الصهاينة يبذلون قصارى جهدهم للتغطية على جرائمهم من خلال وسائل الإعلام العالمية التي يدير الكثير منها يهود، كما أن التزايد الكبير في حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات يؤتي ثماره في عدة اتجاهات، وهو ما يعتبره العدو تهديداً إستراتيجياً لاحتلال الأراضي الفلسطينية، وقد اعترفت قوات الاحتلال مراراً وتكراراً بفشل وزارة الاستراتيجية في حكومة العدو في مساعيها للقضاء على حملة المقاطعة العالمية ضد منظمتهم العنصرية، ومن شأن هذه التحركات أن تقطع شوطاً كبيراً في فضح قذارة ودموية المنظمة الصهيونية، ولا سيما على الصعيد الأكاديمي والثقافي والسياسي.
المصدر / الوقت