التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

هل يستطيع العراق أخيراً طرد الضيف غير المدعو 

سحبت أمريكا قواتها من العراق عام 2011، لكن ظهور تنظيم “داعش” في هذا البلد، أعطى واشنطن ذريعةً جديدةً للعودة إلى الأراضي العراقية عام 2014، وهذه المرة تحت عنوان جديد هو “التحالف الدولي لمحاربة داعش”.

في الوقت الحالي، لا يزال نحو 2500 جندي أمريكي متمركزين في العراق بحجة هزيمة تنظيم “داعش”، وتوجد 11 قاعدة أمريكية في هذا البلد.

وبالطبع لا يمكن تجاهل أنه بعد تدمير “داعش” في العراق على يد قوات المقاومة، قررت أمريكا مواصلة وجودها في العراق لمنع المزيد من النفوذ الإيراني في العراق، وأيضاً للتدخل في الشؤون السياسية لهذا البلد.

والنقطة المهمة الأخرى هي أن الولايات المتحدة تساعد الجماعات الإرهابية المتبقية في العراق بالأسلحة لزعزعة استقرار المنطقة، وضمان أمن حليفها الرئيسي، أي الکيان الصهيوني، ويمكن اعتبار هذه العوامل فعالةً في عدم خروج أمريكا من العراق.

ومع اندلاع أزمة غزة وتزايد الهجمات الأمريكية على مواقع فصائل المقاومة، ما أدى إلى استشهاد “أبو باقر الساعدي” أحد قادة هيئة الحشد الشعبي، و”أبو تقوي” النائب العسكري لحرکة النجباء ونائب قائد عمليات الحشد الشعبي؛ احتدم الصراع أخيراً بين جماعات المقاومة والولايات المتحدة في العراق.

وقد جعل هذا الوضع من جديد المطالبة بطرد القوات الأمريكية، أولويةً لدى الرأي العام والأجواء السياسية في العراق، وهي القضية التي اضطرت حكومة السوداني للرد عليها، وأعلنت بغداد أنها “ستتخذ كل الإجراءات القانونية اللازمة للرد على هذا العدوان، وستشتكي إلى مجلس الأمن من واشنطن”، وفي الآونة الأخيرة، زاد برلمان هذا البلد الضغط على الحكومة المركزية لتنفيذ هذا القرار في أسرع وقت ممكن.

وفي هذا الصدد، تم تشكيل لجنة مشتركة في العراق، وبدأت الجولة الأولى من المحادثات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، لإنهاء التحالف في العراق في فبراير من هذا العام، وقال العراق إن الغرض من هذه المفاوضات، هو إنهاء أنشطة التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة.

وجاء في جزء من هذا البيان: “سيراقب الخبراء العسكريون انتهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، بعد مرور عقد على انطلاقه، وبعد مهمتهم الناجحة بالشراكة مع القوات الأمنية والعسكرية العراقية”.

وفي مقال يشرح بالتفصيل محادثات بغداد وواشنطن، كتبت الجزيرة: أعلنت واشنطن أنها اتفقت مع بغداد على تشكيل “مجموعات عمل متخصصة تتألف من خبراء عسكريين وخبراء دفاعيين” كجزء من اللجنة المشتركة.

تتوقع بغداد أن تؤدي المحادثات إلى تحديد جدول زمني لتقليص الوجود الأمريكي، وفي الوقت نفسه، يقول البنتاغون إن الاجتماع الأخير للجنة العسكرية العليا للولايات المتحدة والعراق، ليس له علاقة بانسحاب القوات الأمريكية.

وفي عام 2020، وافق البرلمان العراقي على قرار يلزم الحكومة بإلغاء طلب المساعدة الأمنية من قوات التحالف الدولي، وبموجب هذا القرار، يتعين على الحكومة محاولة إنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد، ومنعها من استخدام أراضي البلاد براً وجواً وبحراً لأي سبب من الأسباب.

تأكيد فصائل المقاومة على تنفيذ قانون “انسحاب أمريكا من العراق”

لقد أكدت جماعات المقاومة العراقية مراراً وتكراراً أنه بموجب القانون الذي أقرّه برلمان هذا البلد، يجب على القوات الأمريكية مغادرة العراق، وحتی تتم تلبية هذا المطلب، ستستمر الهجمات العسكرية في مناطق مختلفة من العراق ضد مواقعها.

وتشدد جماعات المقاومة في العراق على ضرورة توقف الحكومة المركزية عن دعم الوجود الأمريكي في البلاد تحت عناوين مثل المساعدة الاستشارية؛ وأخذ الشرعية منهم حتى يمكن إنهاء هذا التحدي الخطير قريباً.

كما نقلت وسائل إعلام عربية عن قيس الخزعلي، الأمين العام لـ “عصائب أهل الحق” العراقية، في هذا الصدد قوله: “الأمريكيون يتطلعون إلى إنشاء منطقة على حدود العراق وسوريا، ولدينا معلومات مفصلة عن استبدال القوات الأمريكية بـ 2500 جندي إضافي”.

وفي هذه الأثناء، تسمع نقطة مثيرة للتفكير من وسائل الإعلام الغربية، على سبيل المثال، ذكرت صحيفة بوليتيكو أن الولايات المتحدة تخادع رجال الدولة العراقيين والسوريين، وكتبت: “أفاد خمسة مسؤولين حكوميين أمريكيين بأنه لا يوجد أمر وشيك من الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالانسحاب من العراق أو سوريا”.

إن الأمر الذي يتفق عليه المحللون والمراقبون السياسيون بشأن انسحاب أمريكا من العراق، هو أن انسحاب القوات الأمريكية من هذا البلد العربي لن يتم بشكل عاجل، ويرى خبراء إقليميون أن أمريكا لن تنسحب من العراق، بل تغيّر الواجهة فحسب وتقوم بطريقة ما بتغيير العنوان وذريعة وجودها في العراق.

على سبيل المثال، كانت ذريعة الوجود هي محاربة “داعش”، واليوم تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وفي كل الأحوال، فإن نية أمريكا ليست سوی البقاء في العراق.

بشكل عام، يمكن الاستنتاج أن أمريكا لن تتخلى عن العراق بسهولة لأسباب عديدة، مثل الموقع الجيوسياسي للعراق، واحتياطيات النفط واحتواء النفوذ الإيراني عسكرياً وسياسياً في هذا البلد، وكذلك إضعاف فصائل المقاومة في العراق وسوريا وفلسطين نتيجة الدعم اللوجستي من حلفاء تل أبيب مثل إقليم كردستان، الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز موقع الکيان الإسرائيلي، وزعزعة الأمن في دول غرب آسيا.

لدرجة أنه من الممکن أن إبرام الاتفاقيات والمفاوضات الثنائية التي يصر السوداني عليها من أجل انسحاب أمريكا من بلاده في أسرع وقت، لا يحدث في حكومته، ويجب أن تكون هذه القضية أيضًا على جدول أعمال الحكومات المستقبلية. ولعل استمرار الحرب في غزة، يضاعف حاجة واشنطن لمواجهة واحتواء قوى المقاومة في المنطقة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق