التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 21, 2024

الشهيد هنية… من معسكر الشاطئ إلى الاستشهاد في طهران 

بينما يطالب المجتمع الدولي بوقف الحرب في غزة لمنع الإبادة الجماعية ومنع تفاقم الأوضاع، يبدو أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني وأصدقاءه المتطرفين في الحكومة، لا يظهرون أي رغبة في تهدئة التوترات.

إن قادة تل أبيب المتشددين، الذين تكبدوا هزائم كبيرة أمام فصائل المقاومة في المنطقة، لجؤوا إلى تنفيذ اغتيالات عشوائية لقادة المقاومة للهروب من هذه الأوضاع الصعبة، وفي هذا السياق، وبعد ساعات من فشل الطائرات المسيرة والمقاتلات الصهيونية في اغتيال “فؤاد شكر”، أحد قادة حزب الله اللبناني في جنوب بيروت، قام الکيان الإسرائيلي بعمل جبان وجنائي باغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في الساعة الثانية صباح الأربعاء في طهران.

وقد أعلنت العلاقات العامة لحرس الثورة في إيران في بيان لها، أن إسماعيل هنية وأحد مرافقيه استشهدا نتيجة استهداف مكان إقامتهم في طهران.

وکان هنية قد سافر إلى طهران يوم الثلاثاء الماضي، لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الدكتور مسعود بزشکيان، لكن يبدو أن القدر أراد أن يقضي اليوم الأخير من حياته في بلد كان الداعم الأكبر للشعب الفلسطيني ودون أي طموح سياسي على مدى السنوات الـ 46 الماضية، ووقف بكل قوته إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية ضد محتلي القدس.

من كان إسماعيل هنية؟

“إسماعيل هنية”، المعروف بـ “أبو العبد”، هو رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأحد القادة المحبوبين في صفوف المقاومة.

بعد عملية طوفان الأقصى، أصبح هنية شخصيةً معروفةً على الساحة العالمية، وقد وضعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اسمه في قائمة الاغتيالات.

وُلِد إسماعيل هنية عام 1963 في مخيم الشاطئ في غزة، ومنذ صغره عاش تجربة الفقر والجوع الناتجين عن الاحتلال الإسرائيلي، وقد عايش هنية أيضًا السيطرة الكاملة للاحتلال عندما احتلت “إسرائيل” قطاع غزة والضفة الغربية في حرب 1967.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة، أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية في مدارس الأونروا في مخيم الشاطئ، ثم درس في معهد الأزهر الديني في غزة، حيث حصل على شهادة الثانوية العامة.

وفي عام 1981، التحق بالجامعة الإسلامية في غزة، حيث أصبح عضوًا في الجمعية الإسلامية، كما شغل منصب عضو في مجلس الطلاب من عام 1983 إلى 1984، ورئاسة المجلس من عام 1985 إلى 1986.

وفي عام 1997، تم تعيينه رئيسًا لمكتب حماس، وفي عام 2006، فاز في الانتخابات الفلسطينية ليصبح عاشر رئيس وزراء لفلسطين، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2007.

تخرج هنية تقريبًا مع بداية الانتفاضة الأولى، وشارك في مظاهراتها، ما أدى إلى الحكم عليه بالسجن من قبل المحكمة العسكرية الإسرائيلية، وفي عام 1989، قضى ثلاث سنوات في السجن، وبعد الإفراج عنه، في عام 1992، نُفي مع عدد من قادة حماس، مثل “عبد العزيز الرنتيسي” و”محمود الزهار”، إلى لبنان.

مكث هؤلاء الناشطون في “مرج الزهور” جنوب لبنان لأكثر من عام، حيث حصلت حماس على تغطية إعلامية غير مسبوقة، وأصبحت معروفةً على مستوى العالم، عاد إسماعيل هنية إلى غزة بعد عام، وعيِّن في رئاسة الجامعة الإسلامية.

حاول الکيان الصهيوني أيضاً اغتيال هنية في عام 2003، لكنه فشل، وخلال هجمات الکيان الصهيوني على غزة، استشهد ثلاثة من أبنائه وثلاثة من أحفاده في غارة جوية يوم 10 أبريل 2024، وعندما أعلن له خبر استشهاد أبنائه، قال هنية بهدوء: أشكر الله على ما شرّفنا به باستشهاد أبنائي الثلاثة وعدد من أحفادي، وبهذا الألم والدم نصنع الأمل والمستقبل والحرية لشعبنا وقضيتنا وأمتنا.

رد فعل فصائل المقاومة

أدى خبر اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، إلى ردود فعل واسعة بين جماعات المقاومة، حيث أدان محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، هذا الاغتيال، داعيًا الشعب الفلسطيني وقواته إلى التوحد والثبات.

في الوقت نفسه، أكد موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحماس، أن اغتيال إسماعيل هنية هو عمل جبان لن يمر دون عقاب، كما قال سامي أبو زهري، أحد قادة حماس: “نحن في صراع علني من أجل تحرير القدس، ومستعدون لتحمل كل التكاليف”.

من جهته، قال ماهر الطاهر، مسؤول العلاقات الدولية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: “الشهيد إسماعيل هنية قدّم أغلى ما لديه من أجل فلسطين”، وأشار الطاهر إلى أن محور المقاومة جاهز تمامًا للمواجهة، محذرًا من أن الحكومة المحتلة ستندم على جريمتها باغتيال هنية واعتداءها على سيادة إيران، وأضاف إن الکيان الإسرائيلي قد تجاوز جميع الخطوط الحمراء، ما يقود نحو حرب شاملة مع محور المقاومة.

بدوره أكد محمد الهندي، نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن استشهاد المجاهد إسماعيل هنية يشكّل خسارةً كبيرةً للشعب الفلسطيني.

كما شدّد رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، على أن اغتيال هنية هو جريمة تعزز عزيمة الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه.

وأعلنت لجان المقاومة في فلسطين أنها ستبقى وفيةً لعهودها مع الشهيد إسماعيل هنية، وجميع الشهداء الذين ضحوا في سبيل الدفاع عن مقدساتنا وأهدافنا، وأكدت أن عملية اغتيال القائد الكبير ورمز الشعب الفلسطيني ومقاومته، لن تضعف من دعم المقاومة.

وأوضحت هذه المجموعة من المقاومة الفلسطينية أن الکيان الصهيوني لا يتعلم من الأحداث التي جرت خلال هذه المواجهة، حيث إن سياسة الاغتيال تعزز من قوة وصمود المقاومة في جميع المجالات.

كما أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حزنها لفقدان هنية، مشيرةً إلى أنه كان يسير على درب الشهداء في الدفاع عن وجود فلسطين ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية، ودعت الجبهة الشعب الفلسطيني وأبناء الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم، إلى النهوض في مواجهة الکيان الإسرائيلي الذي يواصل ارتكاب جرائمه، مهدداً بإشعال المنطقة والعالم.

وفي الوقت نفسه، تم تداول دعوات شعبية لإجراء إضراب شامل في جميع أنحاء فلسطين، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس.

ردود الفعل العالمية على اغتيال الشهيد هنية

بالإضافة إلى الجماعات المقاومة، أدانت بعض الدول أيضًا اغتيال الشهيد هنية.

حيث أشار ناصر كنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إلى استمرار دراسة أبعاد وتفاصيل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس من قبل الجهات المعنية الإيرانية، قائلاً: “استشهاد إسماعيل هنية سيعزز الروابط الثابتة بين إيران وفلسطين والمقاومة”.

كما أعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان لها: “ندين اغتيال هنية باعتباره جريمة كراهية في طهران، وقد تبيّن مرًة أخرى أن حكومة نتنياهو لا تسعى للسلام”.

من جهة أخرى، اعتبرت وزارة الخارجية الروسية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس جريمةً سياسيةً غير مقبولة تمامًا، حيث صرح ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن هذه الجريمة السياسية ستؤدي إلى تصاعد التوترات.

وفي تعليقه على الهجمات التي استهدفت بيروت وطهران، قال قسطنطين كوساتشيف، نائب رئيس مجلس الفيدرالية الروسي: “من المتوقع أن تتصاعد مشاعر الكراهية المتبادلة في الشرق الأوسط”.

وكتب كوساتشيف في قناته على تلغرام: “الهجمات الإسرائيلية على مواقع حزب الله وحماس في بيروت وطهران، والتي أدت على ما يبدو إلى مقتل قادة بارزين في الحركتين، ستعزز بلا شك صفوف المقاومة ضد إسرائيل في العالم”.

كما أصدرت وزارة الخارجية الصينية بيانًا جاء فيه: “نحن نعارض بشدة اغتيال إسماعيل هنية وندينه”.

من جانبها أعلنت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها، أن اغتيال إسماعيل هنية يعدّ جريمةً فظيعةً، ويشكّل تصعيدًا خطيرًا وانتهاكًا واضحًا للقوانين الدولية والإنسانية.

كما أدانت وزارة الخارجية الأردنية بشدة هذا الاغتيال، مشيرةً إلى أنه انتهاك للحقوق والقوانين الإنسانية الدولية، وجريمة تعزز من التوتر والفوضى في المنطقة.

وفي سياق ردود الفعل، كتب كارل بيلت، السياسي ورئيس الوزراء السابق في السويد، في رسالة عبر منصة إكس بعد استشهاد إسماعيل هنية: “انسوا وقف إطلاق النار، فالأعمال الانتقامية وتفاقم التوترات ستصبح محور الاهتمام، أعتقد أنه ينبغي علينا شد الأحزمة”.

من جانبه، قال مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن: “استشهاد القائد إسماعيل هنية يمثّل خسارةً كبيرةً للشعب الفلسطيني وللأمة الإسلامية بأسرها، نحن ندين الجريمة الشنيعة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، الذي يعاني من فشله منذ ال 7 من أكتوبر على جميع الأصعدة، يجب على الأعداء الصهاينة والأمريكيين أن يتحملوا مسؤولية توسيع ساحة الحرب والمواجهة وموجة اغتيال قادة المقاومة”، كما أعلن المشاط الحداد العام لثلاثة أيام وتنکيس الأعلام في اليمن، حدادًا على استشهاد هنية.

وأكّد محمد علي الحوثي، أحد قادة حركة أنصار الله في اليمن، في إدانته لاغتيال هنية، أن هذا الاغتيال هو جريمة إرهابية وانتهاك صارخ للقوانين، مشددًا على تصميمهم على الوقوف بجانب حماس وجميع فصائل المقاومة، في مواجهة العدوان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة.

وقال ضیف ‌الله الشامي، وزير الإعلام في حكومة صنعاء: “نتقدم بالتعازي إلى الأمة الإسلامية ومحور المقاومة في استشهاد إسماعيل هنية، إن الاعتداء على بيروت وطهران، هو رسالة بضرورة الوقوف خلف محور المقاومة”.

كما أكدت رابطة علماء اليمن أن “اغتيال قائد هنية وقادة محور الجهاد والمقاومة، لن يؤدي إلا إلى تعزيز قوة وثبات هذا المحور في طريق القدس”.

من جهته، أدان نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بشدة اغتيال إسماعيل هنية، مشيراً إلى أن هذا الفعل يمثّل خطراً جدياً في توسيع دائرة القلق.

وقال حزب الله اللبناني في بيان أدان فيه اغتيال الشهيد هنية في طهران: “إننا وإخواننا في حماس نشعر بالفخر بأن قادة حركاتنا يستشهدون، وهم على ثقة بالوعد الإلهي بالنصر”، وأكد حزب الله: “استشهاد هنية سيزيد من إصرار المجاهدين في كل ساحات المقاومة، على مواصلة طريق الجهاد، وسيزيد من إصرارهم في مواجهة العدو.

کما علّقت الجماعة الإسلامية في لبنان علی هذه الجريمة، حيث أعلنت في رسالة تعزية أن إسماعيل هنية شهيد في معركة تحرير فلسطين، كما عبّر عمار الحكيم، رئيس حركة الحكمة في العراق، في رسالة له عن حزنه وتعازيه للشعب الفلسطيني الصابر والمظلوم وحركات المقاومة بمناسبة استشهاد إسماعيل هنية، مؤكدًا أن هذه الأعمال الإجرامية من جانب الکيان الإسرائيلي أضعف من أن تمنع الشعب الفلسطيني من الاستمرار في طريقه نحو النصر لقضيته العادلة.

من جانبها، أكدت الحكومة المؤقتة لطالبان في أفغانستان، أن استشهاد هنية يمثّل خسارةً كبيرةً للأمة، وأن استمرار جرائم الکيان الصهيوني سيزيد من اضطراب المنطقة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق