التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 30, 2024

عودة الحماس والأمل إلى الشعبين اللبناني والفلسطيني في أعقاب توجيهات “مرشد المقاومة” 

في خضم الأجواء المشحونة بالقلق التي خيّمت على اللبنانيين، والضغوط النفسية التي ألقت بظلالها على بعض مجاهدي حزب الله في أعقاب الهجمات الصهيونية الأخيرة على لبنان، برزت الحاجة الملحة لإعادة إحياء شعلة الأمل وتجديد الحافز في نفوس الشعبين اللبناني والفلسطيني، واستدعى الموقف إعادة صياغة استراتيجية للقوة على الصعيدين الميداني والسياسي من قبل قادة المقاومة، وذلك لإعادة بثّ روح الأمل في صفوف الشعب والمقاومة خلال هذا المنعطف التاريخي الحاسم، بهدف كبح جماح الكيان الصهيوني المتغطرس.

وعلى الرغم من أن الخطاب الملهم للشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، في أعقاب اغتيال السيد حسن نصر الله – والذي أكد فيه بكل حزم أن المقاومة ستواصل دعمها الراسخ لوحدة الأراضي اللبنانية، وأن محور المقاومة سيكون له النصر المؤزر في نهاية المطاف – قد أحيا جذوة الأمل في قلوب اللبنانيين، إلا أن هذا الموقف لم يكن كافياً بحد ذاته.

فلتعزيز العزيمة والإرادة الفولاذية للمقاومة وشعوب المنطقة، كانت هناك حاجة ماسة لكلمات تطمين أكثر عمقاً وتأثيراً من قائد المقاومة الأعلى، وهو ما تجسّد بكل جلاء في الخطاب التاريخي لآية الله السيد علي خامنئي، القائد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، في خطبة صلاة الجمعة المهيبة.

إن الجزء الحاسم من خطاب قائد الثورة، الذي ألقاه باللغة العربية مخاطباً الشعبين اللبناني والفلسطيني بكل حرارة وصدق، حمل رسالةً قويةً مفادها بأن الجمهورية الإسلامية لم ولن تتخلى عنهما أبداً مهما اشتدت المحن، وأنه إذا تمادى الكيان الصهيوني في جرائمه النكراء، فإن إيران ستردّ على العدو بكل حزم وقوة، في الزمان والمكان الأنسب، دون أدنى تردد أو تهاون.

في الفترة الأخيرة، عمدت السلطات الصهيونية إلى تصعيد ممنهج لأعمالها الإجرامية في لبنان، مقترنةً بحملة حرب نفسية مكثفة، وكان هدفها الأساسي زعزعة ثقة الشعب اللبناني ومجاهدي حزب الله، محاولةً إيهامهم بعجز الحزب عن توفير الحماية اللازمة، وبالتالي دفعهم للضغط على الحزب لوقف المواجهة في الجبهة الشمالية قبل تفاقم الأوضاع.

وسط هذا المناخ المشحون باليأس، جاءت كلمات المرشد الأعلى للثورة في إيران كبلسم يبثّ الطمأنينة في قلوب الشعبين الفلسطيني واللبناني، فأكدت هذه الكلمات أن الجمهورية الإسلامية لم تتخلَ عن قضيتهم، بل ستقف بكل قوة وعزم في الدفاع عنهم.

لقد ترسخت القناعة لدى الشعبين الفلسطيني واللبناني، بأن قائد محور المقاومة هو الداعم الثابت لهم في شتى الظروف، وأنه لن يسمح بأي حال للمحتلين بتنفيذ مخططاتهم الخبيثة ضد الأمة الإسلامية.

إن تصريح المرشد الإيراني الأعلى بأن الشعبين الفلسطيني واللبناني قد أوصلا الكيان الصهيوني إلى شفا الانهيار خلال العام المنصرم، حتى باتت أركان وجوده تتداعى، يؤكد على النجاحات الباهرة التي حققتها المقاومة، وهذا يدحض بشكل قاطع مزاعم قادة تل أبيب، إذ تمكنت المقاومة من إلحاق هزائم نكراء بالکيان المحتل.

ولقد كان لتصريحات الشيخ نعيم قاسم، بشأن قرب تعيين حزب الله لخليفة السيد حسن نصر الله، وتوسيع نطاق العمليات ضد الأراضي المحتلة، أثر بالغ على المشهد الميداني في غزة، فقد اضطرت السلطات الصهيونية يوم الجمعة الماضي للاعتراف باستئناف الهجمات الصاروخية من غزة على المستوطنات الصهيونية، بعد انقطاع دام شهرين.

وعليه، فإن كلمات المرشد الأعلى للثورة في إيران، بصفته الملهم الروحي لقادة المقاومة، ستترك بصمةً عميقةً على الساحة الميدانية، مرسخةً في وجدان الشعبين الفلسطيني واللبناني اليقين بحتمية النصر النهائي وقرب تحققه.

يُروى في أروقة المقاومة أن السيد حسن نصر الله، في لقاء ضمّ نخبةً من القادة الإيرانيين قبل سنوات، استحضر واقعةً جوهريةً جمعته بالمرشد الأعلى للثورة في إيران في عام 1996، في تلك اللحظة التاريخية، بثّ المرشد الإيراني الأعلی في نفوس المقاومة اللبنانية بشائر نصر وشيك، متنبئاً بأن حزب الله سيحقق انتصاراً مدوياً على الكيان الصهيوني.

آنذاك، بدت هذه الرؤية الاستشرافية للمرشد عصيةً على الإدراك بالنسبة للسيد نصر الله، غير أنه عقب تحرير جنوب لبنان في عام 2000، صرّح نصر الله بقوله: الآن تجلت لي حكمة المرشد وعمق بصيرته؛ فوعد النصر الذي تنبأ به كان إشارةً إلى دحر المحتلين، وهو ما عجزت عن استيعاب أبعاده في حينه.

وعليه، فإن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها المرشد الإيراني الأعلی في خطبة صلاة الجمعة، والتي بشّر فيها بحتمية انتصار الشعبين اللبناني والفلسطيني على الكيان الصهيوني، ستتحقق بلا ريب في المستقبل المنظور، وستتجلى ثمار هذه التوجيهات الحكيمة بوضوح جلي، وبالنظر إلى حالة التصدع السياسي والأمني التي تعصف بالأراضي المحتلة، فإن هذا الوعد بات في حكم المؤكد، بل إن كبار أركان هذا الكيان قد أقروا مراراً، وبنبرة يأس، بأنهم قد لا يشهدون احتفال كيانهم المزعوم بعيده الثمانين.

عملية “الوعد الصادق”: ركيزة راسخة للدفاع عن المقاومة

خلال الشهرين المنصرمين، ذهب بعض المحللين والمسؤولين الصهاينة إلى تفسير الصبر الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية في الرد على اغتيال إسماعيل هنية، الرئيس السابق للمکتب السياسي لحركة حماس، كدليل على عجزها عن توجيه ضربة موجعة للكيان المحتل، بيد أن إطلاق 200 صاروخ باليستي وفرط صوتي إيراني الصنع (ضمن عملية الوعد الصادق 2) على عمق الأراضي المحتلة يوم الثلاثاء الماضي، قد بدّد جميع الشكوك وأسكت كل الأصوات المشككة.

إن تصريحات المرشد الأعلى للثورة الداعمة بقوة لشعبي لبنان وفلسطين، جاءت مسنودةً بالعمليات الصاروخية الأخيرة، والتي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك قدرة إيران الفائقة على استهداف أي نقطة في الأراضي المحتلة، كما أظهرت بجلاء أن إيران لا تهاب مواجهةً شاملةً مع الكيان المحتل، لكنها تنتهج سياسة الرد المدروس والمحسوب بدقة متناهية لتحقيق أقصى تأثير ممكن.

لقد أضفت تصريحات القائد الأعلى للثورة في إيران، التي تؤكد عدم استسلام حزب الله أمام الهجمات الصهيونية على لبنان واغتيال قادته، بُعدًا جديدًا من الثبات والعزيمة، فقد منحت هذه الكلمات قوةً معنويةً استثنائيةً لأولئك المجاهدين في صفوف هذه الحركة المقاومة، الذين اعتراهم القلق عقب اغتيال السيد حسن نصر الله، وهذا الخطاب الملهم حفزهم على مواصلة درب النضال ضد العدو بإرادة أشدّ صلابةً، معتمدين كعهدهم على الدعم السياسي والعسكري الإيراني الراسخ.

رغم التفوق النسبي الذي يتمتع به الكيان الصهيوني في المجالات الاستخباراتية والتكنولوجية المتطورة مقارنةً بمحور المقاومة، إلا أن هذه الإنجازات التكتيكية لا ترقى إلى مستوى النصر الاستراتيجي المنشود، فاغتيال قادة المقاومة ورموزها، مهما بلغت فداحته وتأثيره، لن يكون بديلاً عن الإنجازات الجوهرية للمقاومة على أرض الواقع، ولن يشكّل عاملاً حاسمًا في تغيير ميزان القوى لمصلحة الکيان الصهيوني، وهذا ما أكّده القائد الأعلى للثورة في إيران بقوله إن عمليات الاغتيال لن تزعزع أركان حزب الله الراسخة.

وفي ظل محاولات الجيش الإسرائيلي لبثّ الرعب في قلوب الشعوب عبر هجماته الوحشية والدمار الهائل الذي ألحقه بلبنان وغزة، سعيًا منه لإظهار قوته المزعومة، فإن القائد الأعلى للثورة في إيران، بنظرته الثاقبة للأبعاد الخفية لهذه الإبادة الجماعية، لم يرَ في لجوء قادة تل أبيب إلى اغتيال القادة في لبنان وتدمير البنى التحتية دليلاً على القوة، بل وصفه بأنه تجسيد لضعف هذا الكيان وهلعه، وقد جاء هذا التحليل العميق ليبثّ روح الأمل في نفوس الشعبين الفلسطيني واللبناني ومقاتلي حزب الله وحماس، مؤكدًا أن الكيان الصهيوني يقف على حافة الهاوية.

إن عجز الجيش الصهيوني، المدجج بأحدث الأسلحة، عن تحقيق أي إنجاز ملموس في مواجهة حركتي حماس وحزب الله، رغم الدعم الغربي السخي، يُبرهن بما لا يدع مجالاً للشك أن المقاومة قد بلغت ذروة قوتها، وأوقعت الرعب في قلب العدو، وما لا شك فيه أن “إسرائيل” تفتقر إلى القدرة على مواصلة الحرب لفترة ممتدة، إذ تحول الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية المتردية في الأراضي المحتلة دون ذلك، وعليه، فإن استنزاف هذا الكيان في صراعات متعددة الجبهات، سيؤدي حتمًا إلى انهياره، وهذا هو الوعد الصادق الذي قطعه المرشد الإيراني الأعلى للشعبين الفلسطيني واللبناني.

تتجلى اليوم، بجلاء لا يشوبه غموض، نذُر الوهن المستشري في كيان الاحتلال الصهيوني، فها هو نتنياهو، وقد أفلتت من قبضته دفة القيادة السياسية والميدانية أمام صمود محور المقاومة الباسل، يلوذ بأقبية محصنة لعقد اجتماعاته الأمنية، وإن هذا السلوك المتخاذل لا يعكس مجرد ضعف جسدي عابر، بل يشي بتصدع أركان الكيان الصهيوني، الذي بات محاصرًا بطوق أمني خانق، وفي مسعاه المحموم للفكاك من هذا المأزق الوجودي، يتخبط هذا الكيان كقط محاصر، متشبثًا بأوهى خيوط الأمل.

وفي هذا السياق، جاءت كلمات القائد الأعلى لمحور المقاومة كالبلسم الشافي للمجاهدين الفلسطينيين واللبنانيين، محفزةً عزائمهم على الثبات أمام إرهاب العدو الغاشم، ومؤكدةً أن إيران ستظل درعهم الواقي وسندهم المتين في كل المحن والشدائد.

ولقد برهنت عمليات “الوعد الصادق 1 و2” على جرأة إيران الفائقة في توجيه ضربات موجعة للأراضي المحتلة، ولن تتوانى عن تكرار هذه العمليات بنطاق أوسع وأشدّ وطأةً إذا اقتضت الضرورة ذلك، وهذا الردع العسكري الصارم سيلجم جماح الصهاينة، ويكبح نزعتهم العدوانية في لبنان وفلسطين، إذ باتوا يدركون أن أي تمادٍ في ارتكاب الجرائم، سيكلفهم ثمنًا باهظًا لا قِبَل لهم به.

وأشار المرشد الإيراني الأعلى ببصيرته النافذة، “نحن نعيش في عصر الجنون الذي نسجت خيوطه أيادي أمريكا وإسرائيل الآثمة، ولا سبيل لمواجهة هذا التصعيد الأرعن سوى بمبدأ “النار تُطفأ بالنار”، لإرغام العدو على التقهقر والانكفاء”.

لا مراء في أن الكيان الصهيوني وحلفاءه يبذلون قصارى جهدهم لبسط هيمنتهم على المنطقة وتقويض أركان محور المقاومة، بيد أن ملايين المسلمين قد أصغوا بآذان واعية لنداء القائد الأعلى الملهم، وهم يترقبون بلهفة وشغف تحقق الوعد الإلهي بانتصار المقاومة الحتمي على الكيان الإسرائيلي.

وكما أحدثت فتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني زلزالاً مدويًا في أوساط الشعب العراقي، مغيّرةً بذلك مجرى الحرب ضد زمر “داعش” الإرهابية، فإن تصريحات القائد الأعلى لمحور المقاومة ستُحدث تحولاً جذريًا في المشهد المناهض للصهيونية في ربوع المنطقة بأسرها، وحتمًا، لن يكون مصير هذا الكيان المارق، الذي فاق “داعش” في بربريته ووحشيته، سوى السقوط المدوي والاندثار المحتوم.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق