التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 27, 2024

أهمية انتصارات الجيش العربي السوري في مختلف المناطق 

انتصارات الجيش العربي السوري في الجبهتين الشمالية والجنوبية، أي في حلب والمناطق المتاخمة للحدود مع الأردن والكيان الإسرائيلي، تحمل هذه الرسالة الواضحة للأطراف المتنازعة في الأزمة السورية بل وللعالم، أن النظام السوري ومؤيديه قد قرروا إنهاء الأزمة في بعدها العسكري، ويريدون تطهير سوريا من دنس المجموعات الإرهابية بأسرع ما يمكن. والعمليات التي نفذت في هذين المحورين في الأسابيع الأخيرة، أظهرت أن الجيش والقوات الشعبية في أهبة الاستعداد في الوقت الحالي، وسنوات الحرب الأربع لم تستطع إحداث فجوة في إرادتهم وقدراتهم.

الجيش السوري منذ بضعة أشهر ومن خلال تخطيط وتنفيذ عمليات مثل عاصفة الشمال، أظهر عزمه لتطهير حلب باعتبارها المقر الرئيس للإرهابيين. وتكمن أهمية حلب في أنها تجاور تركيا، وحظيت خلال السنوات الأربع الماضية بدعم هذا البلد عبر الحدود البرية المشتركة، وفي الحقيقة إن الأراضي التركية قد تحولت إلي خلفية داعمة للإرهابيين بطرق مختلفة.

ويريد الجيش السوري عبر العمليات العسكرية التي بدأها في الأسابيع الأخيرة، إكمال حصار حلب وقطع علاقة هذه المدينة بتركيا، وبالتالي إنهاء أمر الإرهابيين كما حدث في مدينة حمص.

والتقارير الميدانية من حلب تشير إلى أن الجيش ينفذ هذه الخطة بشكل سريع، الأمر الذي جعل الدول الداعمة للإرهابيين وخاصة تركيا، تتدخل مباشرة في مسار الأحداث وترسل ضباط المخابرات والعسكريين إلي ميادين القتال، لمنع سقوط أهم مدينة تحتلها الجماعات الإرهابية.

ومن الإجراءات الأخرى لوقف عمليات الجيش السوري في حلب، كان إرسال ممثل الأمم المتحدة الخاص وتقديم خطته لإنهاء القتال في حلب، والتي لم تحقق النتيجة المرجوة منها بسبب الرد الذكي للرئيس بشار الأسد. فالنظام السوري وبسبب تجربته في حمص، لم يعد يقبل أن الأطراف الخارجية وبذريعة مساعدة الناس، تقوم بإنقاذ الإرهابيين المحاصرين.

ويمكننا القول إن عملية تحرير حلب بالنسبة لمستقبل سوريا والأزمة في هذا البلد، هي عملية حاسمة وهامة بشكل كبير جداً. ذلك أن تطهير حلب من الإرهابيين يفقدهم أهم قاعدة لهم، ويقطع طريق تواصلهم مع تركيا التي تمثل أحد أهم داعمي الجماعات الإرهابية. وبذلك يستطيع الجيش إحكام السيطرة علي الحدود مع تركيا ومنع تدفق الإرهابيين منها، وإذا ما تم ذلك، فإن مشهد العمليات العسكرية في سوريا ستتغير إلى حد كبير.

أما المحور الثاني الذي حقق فيه الجيش السوري نجاحات جيدة، فهو جنوب البلاد والمناطق المتاخمة للحدود بين الأردن والكيان الإسرائيلي.

الكيان الإسرائيلي والأردن خلال الأشهر الأخيرة ولأسباب مختلفة، كانا يعملان لفتح جبهة جديدة في منطقة القنيطرة، التي تتاخم الأردن وفلسطين المحتلة ولبنان وسوريا. وبسبب مجاورة هذه المنطقة لهذه البلدان، كانت دائماً تتلقي الدعم منها، وفي حال تطهيرها فإن مصيرها سيكون مختلفاً عن مدينة حمص، وإذا انهزم الإرهابيون فبإمكانهم اللجوء إلي هذه البلدان. ولذلك شاهدنا في الأشهر الأخيرة أن عدة آلاف من الإرهابيين ومعظمهم من جبهة النصرة، قد أرسلوا إلي هذه المنطقة وانتشروا فيها.

والجيش السوري الذي يدرك الخطر الجاد لهذه الخطة علي مستقبل الصراع في سوريا، أقدم علي تنفيذ عمليات لمواجهة الإرهابيين في هذه الجبهة بشكل جدي. وتفيد التقارير الميدانية أن هزيمة الإرهابيين قد تحققت أسرع مما كان يتصور، حيث فقدوا السيطرة علي العديد من الأماكن وانسحبوا منها. وإن استعادة السيطرة علي المرتفعات الاستراتيجية المطلة علي كل هذه الجبهة، لهي إنجاز كبير يسجل للجيش السوري في هذه العمليات، وتستطيع أن تحدد نتيجة الاشتباكات في الأيام المقبلة.

والحقيقة إن الإرهابيين وداعميهم لم يتصوروا امتلاك الجيش السوري القدرة علي تنفيذ عمليات جدية في جبهة الجنوب، نتيجة انشغاله بالعمليات الواسعة النطاق الدائرة حالياً في حلب، ولهذا السبب يبدو أن العمليات قد فاجأتهم وألحقتهم هزيمة غير متوقعة.

وفي هذه المرحلة ومع استمرار عمليات الجيش في هذه الجبهة، فإن النتائج ستكون في حالتين: إما قمع الإرهابيين في هذه المنطقة والقضاء عليهم، وإما سماح الكيان الإسرائيلي والأردن للإرهابيين بدخول أراضيهما، وفي حال حدوث الحالة الثانية وخاصة بالنسبة إلي الكيان الإسرائيلي، فإن عواقب وخيمة واسعة ستكون في انتظاره.

النظام السوري وجيشه وقواته الشعبية استطاعوا بعزمهم الراسخ والتخطيط الذكي في المجال العسكري، تغيير معادلة الأزمة لصالحهم، والأطراف المعادية للنظام السوري قد أدركت هذا الأمر بوضوح أيضاً. وإعلان بعض الدول العربية مثل الكويت عن رغبتها في إعادة فتح سفارتها في دمشق واستئناف العلاقات مع هذا البلد، أو اعتراف مدير المخابرات الوطنية الأميركية جيمس كلابر بالتدخل التركي في الأزمة السورية وفتحها للحدود أمام حركة الإرهابيين بحرية، وعدم نية هذا البلد لمحاربة داعش، كل ذلك أدلة تشير إلى بداية تغيير بعض المقاربات حيال الأزمة السورية.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق