البطلان الواقعي والافتراضي
تمسك الرواية والقصة بتلابيب ” أبطالها” منذ فكرة النشوء حتى واقع الخلود، مرورا بمراحل التحول، ووصولا إلى نهاية مفتوحة أو مفترضة الحلول.. وهي في كل هذا تبحث عن أبطال، نكاد نعرفهم أو نتعرف عليهم في زوايا منعطفات اجتماعية وإنسانية وسرمدية وأحيانا فنطازية سحرية بكل سرياليتها المتعمدة.
اليوم لا بد للبطل الافتراضي من أن ينزوي جانبا، ويحل محله البطل الواقعي “العراقي” الذي يعرف مسار خطواته الواضحة جيدا ويفهم مبدأ مواطنته الحقة، ويعرف من أين يبدأ خط الشروع والوصول والجدوى التي تسلمها متلقيه بمختلف مستوياته. “البطل الواقعي” بكل عراقيته النبيلة يسطر اليوم ملحمة الإنسانية على مشارف الوطن ومدنه وقصباته وسهله وجباله وسمائه وقراه وأقضيته.. هذا البطل الذي يحمل في كل أمكنته التي يتواجد فيها “قصصا” وليس قصة واحدة مستنسخة، تتداخل فيها صور العائلة، الحبيبة، الأم، الابنة، الوطن، فكرة الفداء، المواطنة، الأمل، التضحية، التصدي، الغيرة العراقية، الإصرار على البقاء، تطويع الصعاب، وإيجاد الحلول للملفات الشائكة التي تضرب خاصرة الوطن. لم نعد بحاجة الآن ككتاب وروائيين وكتاب قصة، إلى خلق عوالم افتراضية، ما دام الواقع المحلي يضخ لنا أبطالا وقصصا وحوادث تستحق منا التأمل وسحب التجربة المعاشة إلى عقل المؤلف واستخدامها أنموذجا تحليليا لكل ما مر ويمر ببلدنا من تحديات تعطي مدلولاتها الثرة في أكثر من جانب من الجوانب التي ذكرناها، وتفتح النهايات المغلقة لتصل إلى نهايات تستحق أن تأخذ صفة الملحمة بكل ما تعطيه من انثيالات مميزة. وعبر هذه الثنائية بين المؤلف والواقع المتضخم بالتجربة، سيجد المؤلف أن كل الصور المهمة بإنسانيتها هي صور موجودة أينما تلفتنا، وما علينا إلا معرفة كيف ندخل إليها ونسحبها من صورة الحكاية إلى فن القصة والرواية والشعر والمسرح والعمل الدرامي والملحمة الشعرية.. لنحقق لكلا الطرفين “المؤلف – البطل الواقعي” ما يستحقانه من تخليد إنساني سيكون أنموذجا عربيا وإيمانيا ووطنيا لكل الأجيال اللاحقة، وهي تقرأ قصة البطل العراقي وما قدمه لوطن مر بكل هذه الأدوار تاريخيا واستطاع عبر أبطاله الواقعيين أن يعيد كتابة التأريخ بكل أبهة الفعل الوطني.
اقتراحات كثيرة يمكن أن تقدم للمؤسسة الثقافية العراقية تصب في تشجيع وتمتين العلاقة ما بين المؤلف والمسؤول الراعي لنحصل على نتاجات مميزة تؤرشف وتوثق الأحداث الحالية عبر مؤلفات خالدة في جميع الجوانب الإبداعية.. وهي أفكار تتمحور حول المسابقات وجوائز الدولة الإبداعية وطباعة تلك النتاجات والمشاركة بها في المسابقات العربية والدولية وقيام دار المأمون بترجمتها إلى أغلب اللغات الحية وتواجدها في معارض الكتب الدولية ليعرف العالم ماذا فعل “البطل الواقعي العراقي” من ملاحم وهو يتصدى لأشرس معركة ما بين الحق والباطل والتخلف والتحضر والإصرار على البقاء والعطاء، وهو في كل هذا يترجم صفة العراقي وهويته التي لا يمكن أن تتطابق مع أية هوية أخرى.!!
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق