استغلال اللاجئات السوريات في تركيا بالخفاء!
وكالات – سياسة – الراي –
في حيّ عشوائي في مدينة غازي عينتاب التركية وجدت القابلة أميرة مكاناً متواضعاً لتضع فيه عدتها القديمة أو لربما التي لا تعمل لتصبح بذلك طبيبة نسائية بالخفاء، فمع جهاز تصوير ايكو قديم وبعض الأدوات الغير صالحة للتشخيص وأجرة معاينة بخسة ترتزق أميرة من النساء السوريات وتشخّص أمراضهن بعض توقعاتها يصب والآخر يخيب ويبقى الحظ هو العامل الأساسي لشفاء أي امرأة تدخل عيادة أميرة.
تستغلُّ أميرة فقر وعوز النساء السوريات المتواجدات في هذه المدينة التي يقطن فيها آلاف السوريين وتدّعي أنها طبيبة فيتوافد إلى عيادتها يومياً عشرات السوريات اللواتي لا يمتلكن أجرة المعاينة في العيادات التركية أو السورية المرخّصة منها، لا تكتفي أميرة بالتشخيص والعلاج لا بل وجدت طريقةً أخرى لتزيد من دخلها، ففي الصندوق الخشبي لكرسي المعاينة المتهرئ وضعت أميرة أدوية سورية مهرّبة تبيع مريضاتها منها بأسعار عالية وبالظرف بدل العلبة.
تروي لنا (سماح) البالغة من العمر 24 عاماً والتي زارت العيادة قصتها: كنت حامل ولكن تعرضت لنزيف يشبه الإجهاض، فذهبت إلى عيادة الطبيبة لأتأكد ما إذا كنت أجهضت فعلاً أم لا، وعند وصولي إلى العيادة وهي أشبه بمحل تجاري قديم لا يوجد فيه لافتة ولا حتى اسم دخلت فوجدت شاباً ينظم دخول المريضات ويأخذ منهن الأجرة، واكتشفت لاحقاً أنه ابنها، عندما دخلت سألتها إذا ما كانت طبيبة فعلاً أو قابلة لأن شكل العيادة والأدوات لم يكن مريحاً وطريقة التشخيص أيضاً، فأكدت لي أنها طبيبة بدون موافقتها أن تخبرني في أي جامعة قد أتمت دراستها، بعد أن انتهى الفحص الذي لم يستغرق خمس دقائق أكدّت لي أميرة من خلاله أنني قد أجهضت طفلي وأنني بحاجة لبعض الأدوية لكي تساعدني على الشفاء التام، ففتحت صندوق الكرسي الذي كنت أجلس عليه لتخرج لي ظروفاً منفردة من علب دواء سورية، وبأسعار مختلفة وباهظة، حيث يتقاضى ابنها في الخارج ثمن الدواء.
وتتابع (سماح): بعد مرور ثلاثة أيام على تناولي الأدوية ازداد وضعي الصحي سوءاَ، مما دفعني لزيارة عيادة طبيب تركي وبعد الفحص أعلمني أن جنيني مازال موجوداً ولم يحدث إجهاض وأن ما حدث معي هو نزيف طبيعي يحدث مع بعض الحوامل ويستمر الحمل ولكن الدواء الذي أعطتني إياه أميرة قد يتسبّب بتشوهات للجنين فاضطررت إلى إجراء عملية تجريف للتخلص من الجنين الذي تعرّض للخطر جرّاء تناولي للأدوية.
لا تكتفي (أميرة) بإيذاء النساء اللاتي يرتدن عيادتها، بل وجدت وزوجها مصدراً آخر للاستغلال وكسب مزيد من الأموال ففي دكان صغيرة بجانب العيادة يقوم زوج أميرة ببيع أدوية سورية وأردنية مهرّبة تسبب الإجهاض وهي خطيرة جداً ولها آثار جانبية كثيرة لذلك لا تعطى إلا بوصفة طبية، ولكن زوج (أميرة) يبيعها بدون وصفة بسعر مرتفع جداً وبالحبة الواحدة غير مكترث بما سيحدث معهن من أضرار ربما تتسبّب بالنزف الحاد أو الوفاة.
(صباح، 30 عاماً)، كانت حامل وتريد أن تتخلص من الجنين بطريقة سهلة وغير مكلفة وخصوصاً أن عمليات الإجهاض في المستشفيات النظامية تكلفتها عالية تتراوح بين 300 إلى 400 دولار وهي مستشفيات خاصة أما العامة منها فمن الصعب جداً أن تقبل بإجراء مثل هكذا عمليات.
تقول (صباح): علمتُ أن هناك من يبيع مستحضراً طبياً سورياً يسبّب الإجهاض فذهبت لشرائه وبعد قليل من الإلحاح وافق البائع وهو زوج القابلة أميرة على إعطائي إياه بدون وصفة طبية، شريطة أن أوقّع على ورقة مكتوب عليها جملة مفادها (أنا الموقع أدناه أخذت هذا الدواء على مسؤوليتي) مع تسجيل اسمي الثلاثي كما في (الهوية)، وبعد أن تناولت الدواء حصل معي نزيف شديد اضطررت أثره أن أرتاد المستشفى، حيث أجري لي عملية نقل دم جرّاء النزف الشديد الذي أصابني والذي تسبّب لي بفقر شديد في الدم ومازلت حتى الآن أتعالج.
لا يقتصر الأمر على (أميرة) فهنالك الكثير من القابلات السوريات اللواتي وجدن في هذه المهنة النبيلة طريقة للكسب والعيش على حساب أرواح وأجساد أمهات لا ذنب لهن إلا أنهن لا يمتلكن الكثير من المال ليذهبن إلى العيادات التركية المتخصصة، ويبقى السؤال هو كيف بإمكاننا أن نتحدث ونستفيض بالشرح عن استغلال الآخرين لنا كلاجئين مستضعفين في الوقت الذي نقوم نحن السوريون بخداع أنفسنا واستغلالها؟!!