التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

فرص اليمن وتهديدات السعودية في العدوان الحالي 

 نجح آل سعود بمال النفط العربي والضغط السياسي والإرهابي في تأمين غطاء عربي وأمريكي للحرب البربرية التي تقودها السعودية على الشعب اليمني، وبدأت بالحرب في ليل دامس، أكثر من أسبوعين من الحرب الجنونية ولم تستطع المملكة من تغيير الإرادة اليمنية قيد أنملة. ما هو واقع الحرب؟ وما هي آفاقها ؟ وما هي النتائج السياسية المحتملة؟ هل سترضخ السعودية لإرادة الشعب اليمني؟ وأين أصبحت مبادرات الحوار وإنهاء الأزمة؟ وماذا تريد أمريكا الآن؟

حصيلة العدوان السعودي علي اليمن

بحسب بيانات الأمم المتحدة قتلت طائرات آل سعود ٥٠٠ شخص في اليمن، وهجرت أكثر من ١٠٠ ألف يمني منازلهم هربا من الموت حسبما قال صندوق الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، وقال إن ٧٤ طفلا قضوا في الحملات الجويّة، ووفق تعبيره قتل أطفال وشوهت جثثهم، وأجبر آخرون على الفرار من منازلهم، وصحتهم مهددة، وتعليمهم متوقّف، وقال مسؤولون يمنيون لـCNN إن ستة عشر مليون يمني باتوا بلا كهرباء، مع إمكانية فقدانهم أيضا فرصة الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، ويحاول الأجانب مغادرة البلاد على وجه السرعة بسبب تراجع الأوضاع الإنسانية والأمنية.

في حين تستمر أكثر من ١٨٦ مقاتلة حربيّة (١٠٠ منها سعودية) تابعة لتحالف عاصفة الحزم، عدا عن طائرات الاستطلاع والسفن الحربية، المشاركة في تدمير اليمن، وإنهاك البلد الفقير والمنهك وقتل شعبه، وبعدما تمكّنت حركة أنصار الله من الانتصار الأول على العدوان، فبحسب محللّون عسكريون تمكّنت الحركة من امتصاص الصدمة واجتنبت التصرف بانفعالية وهذا ما يجعلها في موقع إدارة المعركة، وهذا ما أجج غضب آل سعود فتحوّلت الحرب الى عملية تدمير رسمية لليمن وبنيته التحتية ومرافقه الحيوية حتى انها هدّدته بالإرهاب فقال الباحث السياسي “دحام العنزي” المقرب من عائلة ال سعود انه باستطاعته هو بنفسه تجهيز مليون انتحاري في ربع ساعة قائلاً إن الكثير يريدون أن يدخلوا “الجنة”!

موقع حركة أنصار الله، والموقف السعودي

الانتصار اليمني تمثّل بالقدرة على ضبط النفس وعدم الانجرار الى التصرفات الانفعالية، وكان موقف حركة انصار الله على لسان رئيس المكتب السياسي صالح الصمّاد “نحن لازلنا على موقفنا من الحوار ونطالب باستمراره، رغم كل ما حصل، على أساس الاحترام والاعتراف بالآخر”، مضيفا أن الحوثيين يشترطون وقف العدوان والجلوس إلى طاولة الحوار وفق سقف زمني محدد، هذا رغم القدرة التي يمتلكها اليمنيون وبحسب السيد حسن نصرالله في مقابلته مع الفضائية السورية فإنه هناك مطالب شعبية يمنية بالدخول إلى السعودية لكن القيادة التي تدير المعركة هناك لم تأخذ هكذا قرار”، وأشار الى ان “القيادة التي تدير المعركة في اليمن حتى الآن لم تأخذ قرار إقفال باب المندب أو ضرب أهداف في الداخل السعودي بالرغم من أن لديهم القدرة”.

في مقابل هذا الواقع، الموقف السعودي الرسمي هو ما قاله الملك سلمان بأن الرياض مستعدة لاجتماع سياسي للأطراف اليمنية تحت إشراف خمس دول من دول مجلس التعاون الخليجي الست المشاركة في التحالف العسكري ضد الحوثيين، وكان قد عبر سابقا بأن يكون في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب، وبما يكفل عودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية وإعادة الأسلحة إلى الدولة، وتستمر السعودية في الحشد السياسي والعسكري حيث صرح وزير الدفاع الباكستاني بأن السعودية تريد من بلاده المشاركة بجنود ومقاتلات وسفن حربية في التحالف ضد انصار الله وقوات اللجان الشعبية في اليمن، مما يشير الى أن السعودية ليست بوارد الحوار حاليا، هذا الموقف لا زال هو الرسمي ويعني ان السعودية تريد من الحوثيين الحوار تحت رعايتها فتبقى هي الخصم والحكم، وما يعنيه من إعادة الرئيس المخلوع الى رئاسة اليمن وهذا ما عارضه الحوثيون بصراحة حيث قال الصمّاد ان اليمنيين يرفضون عودة هادي الذي غادر إلى السعودية، وأنه بإمكان أي أطراف دولية أو إقليمية ليس لها مواقف عدائية من اليمن والشعب اليمني أن تشرف على هذا الحوار.

الموقف الدّولي

آخر المواقف الأمريكية ملتبس ومفاجئ للسعودية فقد تدفع الإدارة الأمريكية نحو تهدئة الموقف حيث صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن أكبر خطر يتهدد دول الخليج ليس التعرّض لهجوم من الخارج، وإنما السخط داخل بلادهم، بما في ذلك سخط الشبان الغاضبين والعاطلين والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم. وفي مقابلة مع “نيويورك تايمز”، أضاف أوباما أنه مع تقديم الدعم العسكري ينبغي على أمريكا أن تتساءل كيف يمكن تعزيز الحياة السياسية لهذه الدول، وقال إن الحل يجب ان يكون سياسياً. روسيا من جهة أخرى عبّرت باتصال وزير خارجيتها بسعود الفيصل عن ضرورة وقف الحرب والجلوس الى الحوار، وهناك تباطؤ في التلبية العسكرية من قبل دول التحالف، وكان الرئيس التركي وصل طهرن للقاء المسؤولين الإيرانيين وبحث الوضع اليمني، والزيارة جاءت في خضم الأزمة مما قد يشير الى نوايا تركية بالتهدئة.

الآفاق الحالية للحرب

يبدو أن المشروع الأمريكي أكبر من الخطط السعودية وأكثر خصوصية فهو تقاطع لغاية الآن مع الحرب السعودية ولكن هذا التقاطع انتهى، ومن كلام الرئيس الأمريكي حول تعزيز الأوضاع السياسية في دول الخليج الموال مختلف كثيرا، وهذا ما أشار اليه السيد نصرالله وإن بطريقة أخرى حيث قال أنا منذ البداية توقعت الهزيمة للسعودية وهذا سيكون له انعكاس على كل أحداث المنطقة”، واعتبر ان “العمى أوصل السعودية إلى حماية القاعدة وداعش وإرسال السلاح لهما بالرغم من أنهما يشكلان خطراً على الأمن السعودي”، واكد “انا على يقين ان السعودية ستلحق بها هزيمة في اليمن وهذا الامر سينعكس على بيتها الداخلي”.

على الصعيد الإقليمي سيستمر آل سعود بإرسال الإرهابيين الى اليمن، وبكثافة ذلك أنهم لن يستطيعوا الدخول في الحرب البرية لعدم وجود جيش لديهم أصلا، وعدم تلبية الدول لهذه المشاركة، هذا يعني الإبقاء على حالة سفك الدماء وجعل اليمن نموذجاً ثالثاً لسوريا والعراق وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن التدخل العسكري السعودي في اليمن يهدد بتحويل الأوضاع إلى حرب أهلية”، وصراع إقليمي أوسع، وستتوضّح علاقة السعودية أكثر فأكثر.

يحتفظ اليمنيون بحقهم في الرد اذا لم يستسلم آل سعود لإرادة شعب اليمن في الاستقلال والسيادة والتنمية، وفي حال قرروا الضغط بملف مضيق باب المندب فإن الأمور ستكون أكبر من السعوديّة بكثير، وتبقى هذه الورقة مفتوحة لسيناريوهات إقليمية بل عالميّة.

 

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق