التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

هجوم السلاطين المترفين علي الحفاة البواسل 

“السعوديون”، هو المصطلح الذي ورد مراراً في كلمات قائد الثورة الاسلامية يوم الخميس الماضي بدلاً من “السعودية” أو “المملكة العربية السعودية”. في الواقع إن نظام آل سعود منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران حتى الآن، نادراً ما تعرض للعتاب بهذا الوضوح والتركيز من قبل قائد الثورة الإسلامية. وقد أشار قائد الثورة في هذا الخطاب نفسه إلي أنه ” كنت أقول دائماً إن السعوديين يظهرون في سياساتهم الوقار والرصانة”. ومن هذا المنظور فإن اتخاذ الموقف الواضح والحاسم واستخدام عبارات مثل “بالتأكيد سيمرغ أنف السعوديين في تراب اليمن”، يعكس الوضع الجديد في المنطقة .

بدأ النظام السعودي منذ أكثر من اسبوعين ومن دون أي عذر، قصف الشعب اليمني المظلوم بطريقة وحشية، مستهدفاً آلاف النساء والأطفال والكبار والصغار في اليمن دون تحقيق نتائج سوي تدمير البني التحتية المتواضعة لهذا البلد الفقير. وهذا هو الحدث الجديد الذي يعد من منظار العالم الإسلامي وقائده، جريمة بربرية لا تغتفر. الموقف الواضح لقائد الثورة الإسلامية يشير إلى أن الدفاع عن الشعب اليمني المظلوم يتخطي الاعتبارات التي عادة ما يتأثر بها الدبلوماسيون. والوجه الآخر للقضية هي أن إيران وللبقاء بعيداً عن سهام أمريكا وعملائها لا تتصرف بسلبية، وتسارع إلي مساعدة إخوانها والشباب المؤمنين والمتحمسين لمنهاج أمير المؤمنين عليه السلام .

بعد أسبوعين من الحملات الجوية ضد الشعب اليمني، تبين أن ذلك التحالف الإقليمي الذي كان يدعيه المسؤولون السعوديون لم يتحقق. كانت الرياض تعتقد أنه من خلال اعتبار هيمنة أنصار الله علي اليمن وتقديم ذلك بأنه يشكل خطراً علي المنطقة، تستطيع أن توجد جبهة عربية إسلامية سنية بحضور الدول العربية والإسلامية القوية نسبياً مثل تركيا وباكستان ومصر والسودان، لتأمين مصالح القوى الغربية والصهاينة وخلق التحدي لجبهة المقاومة الإسلامية وسوقها إلى العزلة. ولكن على الرغم من أن الرياض تلقت في الأيام الأولى وعوداً من هذه البلدان، ولكن في الممارسة العملية قد انسحبت معظم هذه البلدان رابطة مشاركتها بجملة من الشروط .

باكستان التي كانت بسبب العلاقة الخاصة بين نواز شريف وآل سعود، في مركز اهتمام الرياض أكثر من غيرها، أعلنت “الحياد” أخيراً. وأما تركيا فقد رفضت الحل العسكري، وخلال زيارة لإيران تحدثت عن خارطة طريق سياسية تتضمن حقوق القوى الثورية أيضاً. والسودان على الرغم من الحضور الأولي، أصبحت مع سقوط إحدي طائراتها العسكرية غير فاعلة، ومصر على الرغم من تأكيدها علي الاستعداد للعمليات العسكرية ولكنها لم تفعل شيئاً، وهذا في حين أن العديد من الأحزاب والشخصيات المصرية البارزة مثل حسنين هيكل وأبوالفتوح وعمرو موسى ومحمد البرادعي وحمدين صباحي، عارضوا مشاركة مصر في عمليات آل سعود ضد اليمن، والأخبار الآتية من داخل الجيش المصري توحي بانعدام الدافع لدي هذا الجيش للتعاون مع الجيش السعودي. وهكذا فإن الهجوم العسكري السعودي على اليمن إذا كان يهدف إلي تشكيل تيار سني قوي لمواجهة الثورة الإسلامية وجبهة المقاومة فقد هُزم، وإذا تم التخطيط له للتغلب علي حركة أنصار الله اليمنية فلم يحقق أي نتيجة تذكر علي هذا الصعيد أيضاً .

بالتأكيد إن عدم قدرة السعوديين في هذا المشهد، سيصيب القوى السياسية المرتبطة بهذا النظام في المنطقة بالإحباط ويضعف آمالها بالنجاح في بقية الملفات. هذا في حين أن العمليات ضد اليمن قد منحت الشرعية لإجراءات أنصار الله ضد مناطق ومنشآت السعوديين. المشكلة الرئيسية للسعودية في تشكيل جبهة معادية لإيران هي أن العديد من حكومات وشعوب المنطقة تعلم أن إيران فوبيا مشروع أمني خططت له أجهزة الاستخبارات الغربية، بهدف تأمين المناطق والمنشآت التي يهيمن عليه الغرب من خطر الثورة الإسلامية والقوي والتيارات المرتبطة بها. ومعظم الحكومات في المنطقة تعتبر أن هذا المشروع مكلف لها وهو يضر بأمنها ومصالحها .

تشير الأدلة إلي أن العمل العسكري ضد اليمن لا يمكن النظر إليه باعتباره “الحل”. وبالتالي سيضطر السعوديون أخيراً لاختيار واحد من اثنين: إنهاء الحرب دون تحقيق نتيجة خاصة وإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد ، أو تفعيل وسطاء لإيجاد “حل سياسي” والوصول إلي حدود أدني في مواجهة ثورة الشعب اليمني .

ويشير أحد التقارير أن العاهل السعودي في اليوم السادس من الضربات الجوية ضد اليمن قد طرح في اجتماع لمجلس الوزراء في هذا البلد شروطاً لإنهاء العدوان علي اليمن، بما فيها “عودة الحكومة السابقة للحكم علي كل اليمن، إعادة الأسلحة إلى الحكومة، عدم تهديد الحكومة من قبل المجموعات وإحياء محادثات المجموعات والأحزاب مع الحكومة تحت رعاية مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي”. على الرغم من أن هذه التصريحات تعتبر للوهلة الاولى، الجهود السعودية لإعادة اليمن إلي أوضاع ما قبل وقوع الثورة الثانية في اليمن، ومع ذلك فإن مسألة “ضرورة الحوار” والدعوة إلي تشكيل “حكومة شاملة” في هذا الوقت وبعد دخول العمليات العسكرية الجوية أسبوعها الثالث، تشير إلي اهتمام السعودية بضرورة تغيير المسار من الجانب العسكري- الأمني إلي الجانب السياسي .

الجيش السعودي لم يكن “ذكياً” في هذه الهجمات، حيث استهدف جزء من العمليات العسكرية الجوية السعودية الأماكن السياسة العامة مثل منازل بعض الشخصيات والقصور والمراكز الإدارية والطبية، وهذا لا يعد ضربة لقدرة الشعب علي المقاومة. استمرار الهجمات علي الصعدة والحديدة وإب، يعتبر من الناحية العسكرية خطأ استراتيجياً، لأن هذه المحافظات وخاصة مراكزها هي تحت سيطرة أنصار الله بشكل كامل واستهدافها لا يمكن أن يغير الأوضاع .

وبالإضافة إلى ذلك فإن الجيش السعودي ومن خلال استهداف بعض المراكز الطبية، مصانع الأغذية ومخيم “المزرق” للاجئين الأفارقة في شمال اليمن والذي أدي إلى وفاة ٤٥ منهم على الأقل، قد ألحق ضغوطاً شديدة على النظام العسكري والسياسي للسعودية، وهذا يدل بحد ذاته علي عدم ذكاء ووعي القيادة العسكرية .

والنقطة الأخرى هي أن تقدم أنصار الله والجيش اليمني في أربع محافظات جنوبية – عدن، لحج، ابين وضالع- والسيطرة عليها تحت القصف السعودي علي شمال وغرب البلاد، يشير بوضوح إلى أن الغارات الجوية ليس فقط لم تنجح في الحد من حكم أنصار الله، بل أدت أيضاً إلي تقدمهم بسرعة أكثر .

اليمن من بين البلدان التي شهدت التغيرات السريعة في عام ٢٠١٢، يعد الأوفي بالصحوة الإسلامية. وعلى الرغم من أن الثورة اليمنية في عام ٢٠١١ قد شهدت تغييرات جوهرية مثل الثورات في مصر وليبيا وتونس ، ولكن الشعب اليمني قد أنقذ نفسه من خلال النهوض مرة أخرى. إعادة إنتاج الثورة والصحوة الإسلامية في اليمن يمكن أن تكون درساً لشعوب مصر وتونس وليبيا لتشجيعهم علي النهوض والتحرك من جديد. وهذا الأمر بالتأكيد سيجلب القلق الشديد لأمريكا والسعودية .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق