التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, سبتمبر 20, 2024

كيف تشكل القبائل اليمنية عقدة للسعودية في حربها البرية؟ 

 إن العدوان السعودي على الشعب اليمني، يعد سابقةً خطيرةً لدولةٍ تدعي الإسلام والعروبة. ولعل المنزلق الذي انزلقت اليه السعودية والذي سيهدد كيانها الداخلي وجودياً، كان له نتائج إيجابية على صعيد اليمن داخلياً. وهو ما يمكن وصفه بتوحد اليمنيين رغم اختلافاتهم الطبيعية، ضد العدو الخارجي، الذي أصبح اليوم وللأسف سعودياً. وهنا يأتي الحديث عن القبائل اليمنية، والتي تشكل عنصراً أساسياً في المشهد اليمني. فكيف يمكن إظهار أهمية القبائل في معادلة المشهد اليمني السياسية والعسكرية؟ وكيف سيؤثر ذلك على السعودية ويؤدي الى هزيمتها برياً؟

أولاً: واقع القبائل اليمنية

تعدّ القبائل اليمنية عنصراً هامّاً ومؤثراً في المشهد الأمني والسياسي في البلاد. فعلى الرغم من توزّعها على المناطق المختلفة، إلا أنّ هذه القبائل أصبحت عاملاً فاعلاً، في ظل التطورات الأخيرة التي عاشها اليمن. فنظراً لما تمثله النزعة القبلية في النسيج المجتمعي للبلاد، تعتبر القبائل جزءاً مهماً في المعادلة الراهنة. وهذه القبائل التي تُعرف ببنيتها الفسيفسائيّة، تنقسم إلى قبائل تابعة للشمال وأخرى تابعة للجنوب وتشكّل ٨٠ بالمائة من النّسيج المجتمعي اليمني. وهنا يمكن الحديث عن ما جاء في تقارير إعلامية ودراسات يمنية، حول هذه القبائل وتقسيماتها. ففي عام ٢٠١٣ شكّلت القبائل في حضرموت تحالفاً يضم قبائل الحموم ونوح وسيبان وبلعذيب والشنافر وكندة وبني ظنه. وفي محور آخر تشكَّل تحالف بين قبائل شبوة المتمثل في قبائل العوالق إضافة إلى تكتل آخر هو قبائل بني هلال. أما في محافظة مأرب النفطية والهامة، تتكون القبائل من تحالفات عدة وهي قبائل مُراد وجهم والجدعان وعبيدة. ولذلك تذكر التقارير أن المجتمع اليمني هو مجتمع قبلي بالأساس، يصعب إحصاء عدد القبائل الموجودة فيه. إلا أن هناك ٣ قبائل رئيسية في اليمن تتمثّل في قبيلة بكيل، حاشد ومذحج، تتركّز الأولى والثّانية في الشّمال والثالثة توزّعت على المناطق الوسطى والجنوب والشّرق. إلاّ أنّه على الصعيد العملي تعدّ قبيلتا بكيل وحاشد (في الشّمال) أكثر فاعليّة من قبيلة مذحج نظراً لعوامل اقتصاديّة بالأساس. فيما تتركز قبيلة مذحج في مناطق مستقرّة لديها واقع مختلف نظراً لتميزها بثروات طبيعية يعتمد سكانها على التجارة والزراعة والصناعات الحرفية عكس مناطق الشمال التي يغلب فيها طابع الصراع على الموارد، كما كانت هذه المناطق تستخدم كنقطة لتجنيد افراد الجيش التابع للنظام على امتداد تاريخ اليمن .

ثانياً: واقع القبائل الموحد وأثره في هزيمة العدوان السعودي

لعل السعودية التي تشعر اليوم بعدم قدرتها على تحقيق أي إنجاز سياسي من خلال استخدام العدوان، تقوم بتوسيع بنك أهدافها في اليمن، ليتركز على البنى التحتية والمنشآت الخدمية والمدنية والسكنية، إضافةً الى محاولات بثّ الرعب من خلال القيام بمجازر ضد المدنيين، وتدمير دورة الحياة، ما يجعل البلد، وفق تحذير المنظمات الدولية، في مواجهة كارثة إنسانية. الأمر الذي يذكِّر العالم بالحقد الصهيوني في مجازره في لبنان وفلسطين .

فبعد ثلاثة أسابيع من انطلاق العدوان السعودي على الشعب اليمني، لم تحرز السعودية أي تغييرٍ في ميزان القوى على الأرض. فقوات الجيش وحركة أنصار الله الى جانب القبائل بسطت سيطرتها الميدانية التي تضمن الوحدة الجغرافية السياسية للبلاد. وهو ما يعني أن الواقع الديمغرافي الموجود والذي تشكل القبائل جزءاً أساسياً منه، أدى الى إيجاد معوقاتٍ ميدانية، تساعد في إبقاء تماسك الميدان وتعزيز الدفاعات. كذلك، فقد أدى العدوان السعودي بشكله الهمجي والوحشي، إلى رصّ صفوف القوى الوطنية اليمنية، بدلاً من انجرارها إلى حرب أهلية كما كانت تخطط السعودية والدول الخليجية وبعض الأطراف الداخلية التي تعمل تحت وصايتها. لذلك فإن واقع القبائل في اليمن، ساهم في عدم انشقاق اليمنيين على أنفسهم، وهذا ما يميز النزعة العشائرية والتي تؤمن بالولاء التام للأرض، مما جعلها نقطة قوةٍ في وجه العدوان السعودي. لذلك وفي أول اشتباك برّي واسع على هذه الحدود الطويلة (ما يقارب ٢٠٠٠ كلم)، تمكنت قوات تابعة لقبيلة يمنية، من الاستيلاء على موقع المنارة العسكري داخل الأراضي السعودية. وسقط في هذا الاشتباك جنود سعوديون فيما فرّ آخرون، واستولت القوات القبلية على أسلحة حديثة من الموقع المذكور، ما ينبؤ بنوعية القتال الشرس الذي قد ينشب، في حالة إقدام السعودية على الاجتياح البري لليمن .

إن وحدة اليمنيين وصمودهم الشجاع وسعيهم الى الاستقرار والأمن وتأمين التنمية والعدالة الاجتماعية، تشكّل عناصر مشروع وطني يسعى للاستغناء عن حديقته الخلفية المعتمدة على آل سعود، لتأسيس وطنٍ، للشعب اليمني مستقبل زاهر فيه. وهو ما سيتحقق في المستقبل القريب، في وقتٍ أثبت فيه اليمنيون وعيهم لمخاطر الوصاية الخارجية المتمثلة بالارتهان للسياسة الأمريكية في المنطقة. وهنا يأتي السؤال الأهم: كيف ستحل السعودية عقدة القبائل الصعبة، والتي ستقف سداً منيعاً أمام أي حملة برية؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق