محور المقاومة (الجزء الاول): فلسطين كل الحكاية
لم يعد الحديث عن محور موحد للمقاومة حلم، كحال ربط الجبهات الساخنة من سوريا ولبنان الى العراق فاليمن التي كان الحديث عنها سابقا أمرا خياليا. هذه الدول التي تقع تحت الاستهداف الحالي لداعش والقاعدة والتي يكثر التنظيم تواجده فيها وينشط.
وليست المفارقة ان الدول الملتهبة المذكورة في أغلبها دول تتواجد داخل مكوناتها السياسية والديموغرافية، حركات مقاومة جذرية ترفض رفضا قاطعا الاعتراف بالكيان الاسرائيلي وتقارع السياسات الامريكية التي خيمت فوق المنطقة للالتفاف على مستوى العجز الذي وصل اليه الكيان الصهيوني، والذي بات يتهدده الخطر الوجودي .
فأتاه الأب الحامي، بمشروع يحاول إسعاف الكيان عبر تفتيت الدول المحيطة به الى كيانات متصارعة متداخلة، تستنزف مقدراتها وقدراتها وتدمر كل مقوماتها، وسط حياد الكيان الاسرائيلي الذي يكتفي بحماية حدود كيانه والتدخل الاستخباراتي لتزكية هذه الخلافات .
فكان الشرق الاوسط الجديد، المشروع القائم الذي يسعى من خلاله حلف الأحقاد الى تحقيق ما سلف ذكره، والوكيل الاساسي والمتعهد لهذا المشروع هو داعش والتكفير كيفما تحرك او تنفس .
لكن مع ما يحمله هذا المشروع الخطير الكبير من اهداف، يبقى له الفضل في تسريع عملية دمج الجبهات التي كان يحتاج اليها محور المقاومة المتقطع بين فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن وايران، عبر تأمين فرصة التحدي والتهديد المشترك التي دفعت دول المحور للتكتل والالتحام كردة فعل لحماية وجودها، فكان التهديد فرصة .
فالاستحقاق الخطير شكل فرصة لبروز هذا المحور بقدراته التي لطالما خفف من حجمها الإعلام المأجور خدمة لمصالح الدول التي تسيطر عليه وتجيره تبعا لاهداف تخدم حروب تلك الدول ضد هذا المحور .
وها هو محور المقاومة بسيده الايراني، الذي طالته الهجمات الاعلامية النارية والظالمة، التي اتهمته بمشروع الهلال الشيعي والدولة الصفوية لتقييد حركته في المنطقة وتطويق دعمه المركزي لحركات الممانعة، وها هو محور المقاومة، يخرج للعلن عبر خدمة تاريخية ستكون احمق حماقات امريكا والكيان الاسرائيلي وخدامها العرب، ليصبح الهلال الشيعي قائما لكن باسم الهلال المحارب للارهاب الذي يستقطب السنة والشيعة والمسيحيين وكل الاقليات، ويتوحد خلف الدعم الايراني الذي كان محرما على احد شكره وذكره .
الحديث عن المحور الموحد أستحضره من بين أصوات ازيز الرصاص العراقي والسوري واللبناني واليمني. فمن وحدة الجيش والشعب والمقاومة في لبنان التي كان يصعب على المقاومة ان تحققها لولا تدخل العناية الامريكية والاسرائيلية العربية عبر داعش، التي خدمت محور المقاومة بشكل ساحر، فرغم التضحيات والشهداء والالام، يبقى ما يحصل خدمة جليلة يحملها التآمر في جوفها يقدمها مجانا للمستضعفين الذين يستهدفهم، فتعجيل الصراع حتى ولو أصبح ساخنا واكثر دموية انما هو تعجيل بالنصر المحتوم الذي سيغير وجه العالم .
وما الدم والالم والضيق والصبر الا مفردات اساسية في مفهوم شعب المقاومة وثقافة الجهاد الاصيل، فشعب المقاومة الذي يردد “من الم الفجر يأتي النهار ومن ألم الكي تأتي الحلي” سيشهد ولادة نهار في سمائه لا مكان فيها للغيوم والتلوث، ومسار المواجهات البطولية على مختلف المحاور خير دليل ومصداق.
يتساءل القارئ لماذا لم نشمل فلسطين، التنور الجهادي الذي يحوي مقاومة تتموضع في قلب الكيان الاسرائيلي، وتعتبر الدواء الفتاك للسرطان القابع في عمقه، لكنني اعتبر ان فلسطين هي اللب الذي يشطر المشهد الى نصفين وهي عمود المحور الذي تتشكل حوله المقاومات .
ففلسطين كما هي في حقيقتها القديمة، مهد الحضارات والديانات، وعلى جدرانها تكتب حكايات كثيرة وترسم مشانق ومظالم وذكريات حية، كلها تذم المجرم الاسرائيلي الذي لطالما حلم بها جنة له وأرادها اليوم دولته .
ففي فلسطين حكاية قطع رأس النبي يحيا (ع) ليهدى رأسه لزانية من زانيات بني اسرائيل، وعلى حدودها يحكي الذئب كذب إخوة يوسف ومكر وحقد شمعون، ذاك الذئب المتهم بأكل النبي يوسف (ع)، الذي لو رأى يوسف ببراءته لتحنن عليه اكثر من حقد أصول بني صهيون، الذين رموا يوسف في الجب وادعوا وراثة يعقوب النبي (ع ).
وفي فلسطين، النبي موسى (ع) وآلامه التي شكى بها ربه من ظلم ومكر بني اسرائيل، وسفكهم الدماء بغير حق، وتقلبهم ومكائدهم وتجسسهم، فلسطين التي كلم الله فيها موسى من جانب الصخرة في الطور الايمن في البقعة المباركة، وكلف فيها ذاك النبي المتواضع أن يذهب بعصاه الى فرعون الطاغية ليدخل عليه هو وهارون بحذائه الممزق وعصاه المتكئ عليها ويقلب عرشه ببضع كلمات ويهز جبروته وينتصر، ويكون المعادلة عصا بحق تتبع إلهاً واحدا صادقاً، تسقط جبروت اله مدع يهابه ظلمه البشر والحجر .
وفلسطين بيت لحم وقصص السيد المسيح (ع)، ومكر اليهود بأمه العذراء، وظلم ذوي القربى، وبداية عهد المواجهة اليهودية المسيحية، وصلب نبي السام والمحبة الذي لم يكتمل بمشيئة الله، ليبقى السيد المسيح حجة على واش من بني اسرائيل وشى بنبي الله للسفاح، فرفعه الله اليه .
وفلسطين، قبلة المسلمين الاولى، وبشرى توحيد اسلامي يتساوى فيه الصغير والكبير والفقير والغنى بان ولوا وجهكم قبل المسجد الأقصى، والا لا عمل لكم ولا اجر ولا قبول !!
وفلسطين وإخوة يوسف من جديد، باعوا الارض والعرض مقابل الكرسي، وتحالفوا مع قتلة الانبياء، لكن فاقوهم مكرا وحقدا، وكأن الاصول والجذور تتصل وتخرج من رحم الاسلام، كما خرج من رحم المسيحية يهودا، ادعوا المسيحية لهدمها من داخلها، وكأن الاستهداف يتكرر ليخرج من رحم الاسلام من يشوه صورته ويحرف عقائده، إنهم الصهاينة وقديم فعالهم، فهم واحد من الصهيونية المسيحية الامريكية، الى داعش الظالم الفتاك المنحرف الى مستعمري القدس الذين سيقتلعون بلا أدنى مساومة ومهادنة، لأن امثالهم لا مكان لهم، فهم سرطان فتاك متعدد الرؤوس والصور .
فهي موقع الصراع وأصل النزاع، وحول سياجها ينقسم العالم لمحورين. الأول من القدم والثاني حديث الولادة، ومن ارضها أطلق اول حجر واشتعلت في التاريخ الحديث اطول واعنف الثورات .
فهي ليست المحور انما القاسم الذي يشق المشهد بين الباطل والحق الى محورين، محور اسراامريكي يقف الى جانبه بعض من الغرب والعرب الاتباع، ومحور مقاوم ولد وسطع نجمه، وحول القدس يدور الصراع، فالقدس امن طهران وبيروت وبغداد والقاهرة وعمان والرياض ودمشق وصنعاء وطرابلس وتونس والخرطوم والشرق الاوسط بأكمله .
هو صراع دموي مستمر، من رحم معاناته خرج ابطال، خرج رجال يقولون للحق لا تهاجر، أمكث على ارض لبنان والعراق واليمن وسوريا وايران نحميك، وهم وباطلهم سيرحلون .
ولادة محور المقاومة، خدمة قدمها الجلاد لضحيته، فأبصر النور، ولد المجد وحل زمانه، وآن الاوان لأن يفعل ويتكلم، فمن لبنان وسوريا والعراق، وعبر داعش نفسه الذي يستهدف القدس نفسها ان كان يدري او لا يدري، قصص محور ولد فوحد الجغرافيا الشاسعة وقسم السياسة بين مع وضد، ويبدو انه سيميز كل دول العالم بين إرهابي فاعل او داعم وبين محارب للإرهاب فاعل أو داعم .
محور المقاومة، اكبر من كلماتنا، وصدى فعاله في الزمن الاتي ارفع صوتا من هتافاتنا، سنمر على ساحاته نحكي آخر تموضعاته واخبارها في اجزاء أخرى من محور المقاومة فتابعونا .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق