التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

كيف أن واقع باكستان الداخلي أقوي من تمنيات نواز شريف؟ 

 لعل الكثيرين لم يتوقعوا ردة الفعل الباكستانية تجاه التدخل في اليمن من خلال الحملة البرية. لكن جهوداً يُحكى أنها تمارس في محاولةٍ لإقناع باكستان بتغيير موقفها تجاه “الدمع المرتعد” أو ما يسمى عاصفة الحزم. ويعتبر تصريح وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، مثالاً واضحاً، على حجم المفاجأة الخليجية من الموقف الباكستاني. وهنا يأتي الحديث عن بوادر أزمة سياسية قد تحصل بين باكستان والدول الخليجية، بسبب عقلية دول الخليج الفارسي التي لا ترحم من يخرج عن رأيها. لذلك اعتبر حديث رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، عن العلاقة الإستراتيجية بالسعودية، سعياً لتهدئة التوتر مع حلفائه الخليجيين، وهو ما لقي استياءاً داخلياً، بسبب أن البرلمان الباكستاني رفض الانضمام الى العدوان علي اليمن. فماذا في كلام رئيس الوزراء الباكستاني المواجه لقرار البرلمان؟ ولماذا رفض البرلمان الباكستاني دخول العدوان على اليمن؟

أولاً: كلام رئيس الوزراء الباكستاني

إن رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف وخلال مقابلةٍ نقلها التلفزيون الباكستاني، تحدث عن أن باكستان لا تتخلى عن أصدقائها وشركائها الاستراتيجيين، خاصة عندما يتعرض أمنها لتهديد. وقد يكون رئيس الوزراء الباكستاني، سعى لتهدئة التوتر مع حلفائه الخليجيين بعد رفض البرلمان الباكستاني الانضمام إلى العدوان علي اليمن. وهو الأمر الذي يتوقع أن يتسبب بأزمةٍ مع شركاء إسلام أباد التجاريين، الذين يزودون باكستان بمعظم ما تحتاجه من مواد بترولية. أي بالتحديد السعودية والإمارات اللتين تزودان باكستان بكل احتياجاتها تقريباً من البترول. والدليل على ذلك قد يكون ما صرح به الرجل الثاني في وزارة الخارجية الإماراتية أنور محمد، رداً على قرار البرلمان الباكستاني بالحياد تجاه اليمن، مهددًا بأن إسلام آباد ستدفع الثمن غالياً نتيجة موقفها المتناقض وغير المتوقع .

وكان قد أشار شريف إلى أن حكومته على اتصال مع السعودية وحلفائها في دول مجلس التعاون، لطمأنتهم بأن خيبة أملهم بشأن قرار البرلمان الباكستاني اعتمدت فيما يبدو على تفسير خاطئ للقرار، مؤكدًا على وقوف بلاده جنبًا إلى جنب مع السعودية وتعهد باكستان برد قوي إذا حدث انتهاك للأراضي السعودية .

ثانياً: أسباب رفض باكستان المشاركة

قد يكون اعتماد باكستان على البترول السعودي والإماراتي أمراً صحيحاً، لكن الرياض وأبو ظبي تعرفان أن ملايين من الباكستانيين الذين يعملون في التشييد والبناء، يمثلون أكبر مصدر للتحويلات الأجنبية إلى إسلام آباد، كما أن الإمارات تعتبر وجهة مفضلة للباكستانيين من أجل الاستثمار في العقارات، وهو الأمر الذي يدفع بالدولتين للحذر من أي ردة فعل تجاه باكستان. لكن هناك العديد من الأسباب التي يجب معرفتها والتي توضح لماذا قام البرلمان الباكستاني برفض المشاركة، والتي يمكن سردها على الشكل التالي :

–         إن التاريخ شهد الكثير من المواقف الحيادية لباكستان خلال فترة الصراعات، وبالتحديد تلك التي تأخذ طابعاً دينياً أو مذهبياً. ولا داعي للدخول في التفاصيل فالتاريخ موجود لمراجعة ذلك .

–         تعتبر باكستان ثاني أكبر دولة من حيث عدد المسلمين في العالم، بتعداد بلغ عام ٢٠١٤ نحو ١٨٠ مليون نسمة، وهذا قد يكون أول الأسباب التي دفعت البرلمان لرفض الانضمام إلى الحملة العسكرية، خوفاً من أن التدخل في العدوان على اليمن، قد يشعل حرباً طائفية. على الرغم من أن العدوان على اليمن سياسيٌ بامتياز. لكن أرضية المجتمع الباكستاني، مهيأةٌ لهكذا صراعات، وهو ما كان قد عانى منه الشعب الباكستاني طويلاً.

–         العلاقات التاريخية القوية بين باكستان وإيران، ونجاح إيران في تقديم نموذج الطرف السياسي الذي يستحق الاحترام، لعدم تدخلها في الشؤون الداخلية للدول. ولأن الصراعات اليوم ستنعكس على داخل كافة الدول، وجدت باكستان ضرورة في احترام الجار الإيراني، النافذ في المنطقة اليوم .

–         تميزت باكستان بموقفها عن الدول العربية، لذلك بقيت على الحياد من خلال مواقفها تجاه الأزمة السورية بالتحديد، حيث أنها أبقت على السفارة السورية بإسلام آباد. ولذلك كان التباين واضحاً منذ ذلك الوقت بينها وبين الدول العربية تجاه قضايا المنطقة .

إذاً، لا شك أن رئيس الوزراء الباكستاني، يعبر عن رأيه وحيداً من خلال تصريحه. فالشعب الباكستاني والبرلمان الممثل له، يرفض دخول المستنقع اليمني. ولعل وضع باكستان الاقتصادي، قد يحتاج لأموال الدول الخليجية واستثماراتها. لكن الجميع يدرك أن دخول الحرب على اليمن، سيؤدي الى فقدان الاستقرار في البلاد، الأمر الذي سينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي أيضاً .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق