التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

كيف أن الشعوب العربية أقوي من “القوة العربية المشتركة”؟ 

“القوة العربية المشتركة”، مصطلحٌ أطلق على القوة العربية التي تريد دول مجلس التعاون إنشاءها. وهو ما يمكن القول إنه سابقةٌ لم تحصل من قبل. فهذه الدول لم تجتمع يوماً لتشكيل قوةٍ مشتركة على أي صعيد ولو على الصعيد السياسي، عندما كان الصراع مع الكيان الإسرائيلي في مراحله المحتدمة. فيما تجتمع اليوم لتشكل قوة عسكرية لم يعرف الكثير من المحللين حتى الآن من سيكون عدوها. لذلك يجب الوقوف عند هذه المسألة المهمة والتي تتعلق بوجهة الصراع في المنطقة. ولعل الكثير من الأسئلة تطرح في هذا المجال. وهنا يأتي الحديث عن سبب تشكيل هذه القوة، وفي هذا الوقت بالتحديد. فماذا في مشروع هذه القوة؟ وكيف يمكن تحليلها من الناحية السياسية والإستراتيجية؟

تناقلت وسائل الإعلام خبر مناقشة اللجنة العسكرية العليا لرؤساء أركان دول مجلس التعاون، عدداً من الموضوعات المتعلقة بالعمل الخليجي المشترك وفي مقدمتها مسألة تكوين القوة العربية العسكرية المشتركة، وذلك قبل يومٍ من اجتماع عسكري عربي مماثل دعت إليه الجامعة العربية لمناقشة آليات تأسيس هذه القوة وأبعادها. كما ذكرت أن بيان اللجنة شدد على أهمية صيانة وتطوير ما تحقق من مكتسبات على نطاق العمل العسكري الخليجي المشترك بحسب تعبير البيان، وذلك باعتباره بحسب تعبيرهم، السياج الدفاعي المنيع لدول المجلس ورافداً للعمل العسكري العربي المشترك. وأشاد المشاركون بحسب بيان اللجنة، بقرار العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز بإطلاقه عملية “عاصفة الحزم” بهدف الدفاع عن الشرعية في اليمن، ومواجهة النفوذ الأجنبي الذي يسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، وتقويض الجهود الخليجية والدولية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار والوحدة في اليمن الشقيق على حد تعبيرهم. ويأتي اجتماع رؤساء الأركان في دول مجلس التعاون قبل ساعات من اجتماع رؤساء أركان الدول العربية، الذي دعا إليه الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في ٢٢ نيسان بالقاهرة، لبحث تأسيس القوة العربية المشتركة تنفيذاً لقرار القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ خلال الفترة من ٢٨ إلى ٢٩ آذار الماضي .

ولعل النقاش اليوم بمحتوى البيان قد يجعل الأمور أوضح من ناحية أن البيان بحد ذاته يعبر عن انفصام سياسي تعاني منه هذه الدول الخليجية. فكيف يمكن تحليل هذه الخطوة، انطلاقاً من محتوى البيان؟

إن المراقب للأوضاع السياسية في المنطقة يدرك أن الجميع يعيش حالة قلقٍ من المستقبل المرسوم للمنطقة. فلا يوجد أحد اليوم إلا ويؤمن بأن الأمور أصبحت في مرحلةٍ صعبة. لكن يبدو أن الأطراف العاقلة ليست كثيرة. وهو ما لا يمكن إطلاقه على الدول الخليجية بالتحديد. والمستغرب اليوم هو أن هذه الدول لم تحمل يوماً ما، همّ بناء قوةٍ عربية مشتركة، لقتال الكيان الإسرائيلي والدفاع عن مقدسات الأمة عموماً والعربية خصوصاً. لذلك يجب إيضاح التالي :

–         أثبتت الأحداث الأخيرة ولا سيما العدوان السعودي الخليجي على اليمن، أن الصراع الحاصل في المنطقة هو صراعٌ سياسيٌ بامتياز، ويخدم مصالح أمريكا وبالتحديد أمن الكيان الصهيوني. وإلا فما تفسير عدم قيام هذه الدول ببناء قوةٍ عربيةٍ مشتركة دفاعاً عن القضية الفلسطينية. فهذه الدول المجتمعة اليوم، لم تدفع يوماً مالاً دعماً لقضية القدس، في الوقت الذي تسهر فيه السعودية لإقناع الدول على الانضمام لعدوانها على اليمن، وإعطاء دولٍ عديدة كمصر والسودان والإمارات مثلاً، التزاماتٍ بتأمين تعويضاتٍ مالية تحت عنوان تعويضات الحرب. فأين كان هذا المال الخليجي عندما كان الجميع يدعي الوقوف بوجه الكيان الإسرائيلي؟ أم أن بعض هؤلاء لم يكونوا أصلاً على عداءٍ مع هذا الكيان؟ وهل التفت المجتمعون، للفلسطينيين الذين يقتلون كل يومٍ في فلسطين، كما في اليرموك اليوم؟ أم أن دمهم يستحق أن يسفك؟ إنها أسئلةٌ كثيرة تستحق الإجابة .

–         ولا شك أن هذا ما يمكن الإجابة عليه من خلال فهم حقيقة العدوان على اليمن. فالشعب الفلسطيني أو اللبناني أو السوري، لا يختلف عن الشعب اليمني، وبالتالي فإن السماح للكيان الإسرائيلي بسفك دم الشعوب هذه، هو بحد ذاته مطابقٌ لما تقوم به السعودية اليوم وخلفها الدول الخليجية في اليمن. ولذلك لم يعد يحق لأحدٍ استغراب وضع هذه الدول الخليجية في نفس الخانة مع الكيان الإسرائيلي .

–         ولعل المستغرب الحقيقي هو ما توصي به هذه اللجنة من ضرورة الحفاظ على الاستقرار الداخلي في اليمن، وحماية الشعب اليمني. فكيف يمكن تفسير المجازر البشعة بحق الشعب اليمني الأعزل؟ وأي استقرارٍ أتت به سياسات الدول الخليجية قبل العدوان وبعده على اليمن؟ وأي شرعيةٍ يستحق الملك السعودي الشكر عليها، من خلال عاصفته المدمرة، والتي تشكل جريمة حربٍ بالحد الأدنى؟

–         وهنا تتحمل القاهرة مسؤوليةً كبيرة اليوم في تغافلها عما يجري. ولقد كان الأجدر بالقيادة المصرية أن تنظر لما قامت به حركة BDS)  / (Boycott– Divestment – Sanctions)) ، والتي تأسست عام ٢٠٠٥، والتي تهدف إلى (مقاطعة ـ سحب الاستثمارات ـ فرض عقوبات) على الكيان الإسرائيلي. والتي قامت بتظاهرةٍ في الأول من هذا الشهر في مصر، هدفت من خلالها للتأثير على كل الأفراد والمنظمات والحركات السياسية والاجتماعية بمصر والتي تهتم بالقضية الفلسطينية. وهو ما يعطي بارقة أملٍ بأن الشعوب تعي حقيقة الصراع .

إن ما تقوم به هذه الدول من الإصرار على الحل العسكري، ورفض المبادرات السياسية لا سيما المبادرة الإيرانية والتي تتوافق مع نظيرتها التركية، يدل على حجم التبعية للسياسة الأمريكية. ولعل الخطير هو أن هذه الدول أصبحت مكشوفة السياسة لدى شعوبها. وما هو مهمٌ في هذا الإطار، يتمثل بأن الشعوب بأسرها أصبحت ترى حجم المؤامرة الخليجية على الوطن العربي والمنطقة. وبالتالي فإن هذه الشعوب هي التي يراهن عليها. وعلى هذه الدول ان تدرك أن جيوش أنظمتهم، ليست أهلاً للرهان. فمن يبيع نفسه يبيع شعبه، والشعوب هي التي تقرر اليوم .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق